السياحة الصناعية واحدة من أبرز أنواع السياحة العديدة. يمكن رؤية عملية الاستكشاف ومنجزات البناء الصناعي الصيني خلال زيارة المواقع الصناعية الأثرية. تُعتبر منطقة باشو (تشمل مقاطعة سيتشوان ومدينة تشونغتشينغ) منطقة صناعية صينية رئيسية، توجد فيها الكثير من المواقع الصناعية الأثرية التي تُظهر القدرة الصناعية وخصائص المدن الصناعية، وتُعد شاهدا على ازدهار الصناعة في ذلك الوقت، فصارت المفتاح لفتح ذاكرة المدن المتعلقة بالتنمية وتاريخ الحضارة الصناعية.

مع العمل على بناء ممر سياحي لثقافة باشو، فإن تلك المواقع الصناعية الأثرية، التي تحمل مجد وأحلام منطقة باشو، تُظهر سحرها في العصر الجديد.

التغييرات في مصانع قديمة

تعيش ينغ تسي في تشنغدو، وتحب الموضة. عندما زارت ينغ تسي حديقة فانمو الدولية للثقافة والابتكار للمرة الأولى، انتشت ببنايات المصنع والمعارض والسلالم الحلزونية المزينة بأسلوب فني. كانت هذه الحديقة في الأصل مصنعا للطائرات الشراعية في تشنغدو تابعا للإدارة العامة للرياضة الصينية، وله تاريخ مجيد. في الستينات من القرن الماضي، أنتج مصنع الطائرات الشراعية في تشنغدو أول طائرة شراعية مصنوعة من الألياف الزجاجية وأول يخت متعدد اللاعبين مصنوع من الألياف الزجاجية وأول لواح شراعي مصنوع من الألياف الزجاجية في الصين. بعد ذلك، تلاشى مصنع الطائرات الشراعية بتشنغدو من مسرح التاريخ تدريجيا لأسباب مختلفة، وأصبح مكانا متدثرا في المدينة.

في السنوات الأخيرة، تم تحويل مصنع الطائرات الشراعية في تشنغدو إلى حديقة للثقافة والابتكار، على أساس المحافظة على هيكله الصناعي الأصلي، بالإضافة إلى المحافظة على بنايات المصنع المشيدة بالقرميد الأحمر والفولاذ والمداخن من القرن الماضي. تم دمج الأفكار والتصميمات الجديدة مثل السلالم الحلزونية المزينة بألوان الحلوى والبنايات الملونة ومداخل الممرات من القرميد الأحمر. وهكذا، تم دمج البنايات الصناعية مع الثقافة العصرية، مما يعكس العناصر القديمة والجديدة في نفس الوقت.

بعد اتخاذ متاجر الموضة وأندية وشركات التسجيلات الموسيقية وغيرها، هذه الحديقة مقرا لها، اجتذب مصنع الطائرات الشراعية في تشنغدو انتباه الناس، وأضحى مكانا لتجمع أحدث التقنيات ومحبي الموضة. يمكنك التمتع بالتجربة المرئية الجديدة "الإنترنت+ التكنولوجيا+ الثقافة" عبر تقنيتي التصوير الثلاثي الأبعاد دون نظارات في إحدى شركات التكنولوجيا العالية في حديقة فانمو الدولية للثقافة والابتكار. على سبيل المثال، يمكن رؤية صورة الروبوت بامبلبي وشخصيات لعبة "Arena Of Valor" الإلكترونية بنفس النسب وبتقنية التصوير الثلاثي الأبعاد، وعرض "مهري الصغير" بتقنية التصوير الثلاثي الأبعاد.

هناك العديد من المشروعات الناجحة المتعلقة بتحويل المصانع القديمة إلى حدائق صناعية للثقافة والابتكار في تشنغدو. مثلا، تم تحويل مصنع الأنابيب الفولاذية غير الملحومة إلى منطقة فانمو للابتكار والفن، وتم تحويل مصنع هونغقوانغ للصمامات في تشنغدو إلى حديقة دونغجياو جييي للثقافة، وتم تحويل مصنع تشنغدو للمحركات التابع لشركة CRRC المحدودة إلى منطقة سكنية باسم "تشونغتشه قونغشيانغتشنغ"، وتم تحويل المستودع رقم 107 في الموقع الصناعي الأثري في باليتشوانغ إلى المنطقة رقم 107 منغشيانغ شينغتشيو للثقافة والابتكار. استكشفت تشنغدو وظائف جديدة للبنايات القديمة، وخلقت فرصا لتطوير الاقتصاد الجديد، مما أوجد أنماط استهلاك جديدة في المساحات القديمة.

تحتل تشونغتشينغ مكانة هامة في تاريخ الصناعة الحديثة لمنطقة جنوب غربي الصين، بل في تاريخ الصناعة الحديثة الصينية، منذ ظهور الصناعة الحديثة في عام 1891 وحتى تطوير إستراتيجية الصناعة الحديثة في عام 1982، احتضنت تشونغتشينغ العديد من مواقع التراث الصناعي في أماكن متناثرة متدثرة في الجبال أو بالقرب من المجاري المائية. تُعد المنطقة الحضرية المركزية في تشونغتشينغ محور التراث الصناعي. من أجل المحافظة على المواقع الصناعية الأثرية والبحث فيها وعرضها واستخدامها، أنشأت حكومة تشونغتشينغ المحلية الكثير من المتاحف المتعلقة بالتراث الصناعي ومجمعات الصناعة الإبداعية للثقافة الصناعية ومنتزهات التراث الصناعي، إلخ.

أنشئ متحف تشونغتشينغ للصناعة على أساس بعض المواقع الأثرية لمصنع تشونغتشينغ للصلب، وهو أول متحف صناعي شامل كبير يضم أكبر عدد من التحف التاريخية والسجل الأكثر شمولا في تشونغتشينغ. من بين مقتنيات المتحف، طائرة زرقاء كبيرة تجتذب الكثير من الزوار، ويمكنك التقاط الصور أمامها عندما يكون الطقس جيدا، وكأنك في مشهد من فيلم ((قلعة هاول المتحركة)). في الواقع، هذه الطائرة طائرة حقيقية خرجت من الخدمة. لا شك أنها كنز لهذا المتحف، كونها طائرة مدنية صنعتها الصين بنفسها.

حديقة ألينغ آرتشانغ للثقافة والابتكار، وهي مقصد سياحي لا بد من زارته في تشونغتشينغ، أنشئت على أساس مصنع لطباعة الأوراق النقدية بني قبل تأسيس الصين الجديدة. تضم هذه الحديقة للثقافة والابتكار مطاعم خاصة ومسرحا تجريبيا وأستوديوهات المعرفة المبتكرة ومنطقة للمكاتب التشاركية وغيرها، كما اجتذبت العديد من طواقم تصوير الأفلام. حافظت حديقة ألينغ آرتشانغ للثقافة والابتكار على المواقع الأثرية خلال إعادة البناء. معظم الجدران الخارجية لبنايات حديقة ألينغ آرتشانغ للثقافة والابتكار مزخرفة بالقرميد الأبيض الذي كان سائدا في ثمانينات القرن العشرين، لكن بعضها غير آمن. من أجل المحافظة على البنايات وضمان السلامة في نفس الوقت، حافظ المصممون على القرميد بطريقة مرنة. قام العمال بفحص قرميد الجدران الخارجية، وبالنقر عليها واحدة تلو الأخرى، فسقط القرميد ذو الالتصاق الضعيف من الجدران، بينما حُفظ القرميد ذو الالتصاق الجيد على الجدران. ثم قام العمال بتجصيص الجدران الخارجية بدون قرميد، مما شكل صورة مثيرة على الجدران الخارجية.

إعادة بناء مصانع المستلزمات اليومية

تتمتع منطقة باشو بموارد وفيرة وحياة سعيدة، فحُفظت فيها الكثير من المواقع الأثرية لمصانع المستلزمات اليومية. حاليا، تُظهر تلك المواقع الصناعية الأثرية حيوية جديدة بعد دمجها مع عناصر العصر الجديد. بحلول يناير عام 2021، تم إدراج أحد عشر موقعا صناعيا أثريا متعلقا بالأطعمة في سيتشوان على قائمة التراث الصناعي على المستوى الوطني ومستوى المقاطعة، بما في ذلك خمس ورشات قديمة للخمر الأبيض، التي يمثلها قبو تخزين الخمر لمجموعة ووليانغيه وورشاتها، وأربعة مصانع للملح، التي يمثلها مصنع الملح القديم في تسيقونغ.

مصنع الملح القديم رقم 1957، واحد من المواقع الصناعية الأثرية لمصنع الملح القديم في تسيقونغ، توجد فيه رافعة انزلاقية خشبية يدوية عالية وورشات صنع الملح بالفراغ لإظهار ثقافة صناعة الملح في تسيقونغ في العصر الحديث. في الوقت الحاضر، تم تحويل مصنع الملح القديم رقم ١٩٥٧، كأكبر مصنع للملح في تسيقونغ في الماضي، إلى معلم ثقافي جديد في المدينة. وتم إنشاء الدفعة الأولى من القواعد الوطنية للتصدير الثقافي ومتحف الحضارة الصناعية في تسيقونغ ومطاعم ومنطقة ترفيهية ومؤسسات الثقافة والابتكار في مصنع الملح القديم رقم 1957، مما يشكل الحديقة الصناعية الثقافية التي تدمج المواقع الصناعية الأثرية والفن الحديث والثقافة المحلية، ويظهر عملية تطوير وتجديد تقنية صنع ملح الآبار خلال الألفي سنة الماضية، فباتت مكانا مهما للبحث في صناعة الملح.

المنتجات الكيماوية اليومية بالعلامة التجارية "بايماو" (القطة البيضاء)، محفورة في ذاكرة العائلات في سيتشوان وتشونغتشينغ. في عام 2016، تم تحويل مصنع بايماو القديم للمنتجات الكيماوية اليومية في تشونغتشينغ إلى منطقة مياوآرشي للابتكار والفن، حيث تم إدخال الموسيقيين المستقلين وأستوديوهات الفن والشركات الإبداعية المتقدمة ومبدعي التراث الثقافي غير المادي والرياضات الخطيرة، فتشكلت منطقة خاصة تدمج الثقافة والفن وتحتضن الشركات الإبداعية ونمط "الإنترنت+ ريادة الأعمال والاستثمار"، فصارت منطقة ثقافية سياحية بدرجة 4A على المستوى الوطني في تشونغتشينغ. ثقافة القطط هي سمة منطقة مياوآرشي للابتكار والفن، ويستخدم شعار الحديقة القط كرمز رئيسي، كما تُقام حفلات بموضوع القطط وأنشطة ممتعة متعلقة بالقطط. لا شك أن تلك الأنشطة تجتذب الكثير من الزوار الذين يحبون القطط، كما تجعل مصنع بايماو القديم للمنتجات الكيماوية اليومية يجذب انتباه الناس.

التراث الصناعي وروح وثروة ومشاهد رائعة. لا بد من المحافظة على التراث الصناعي وإحيائه للاحتفاظ بالذاكرة وتوارث الروح، وجعل نور التاريخ يعيد تشكيل روح الصناعة. تطوير السياحة الصناعية وإحياء التراث الصناعي هما مفتاحا بناء ممر السياحة الثقافية في منطقة باشو. بهذه الطريقة، ستزدهر الثقافة الصناعية وستبزغ نقطة جديدة للنمو الاقتصادي فيها.

--

لي تسوي هوا، صحفية في مجلة ((ثقافة تيانفو)) الصينية.