مجتمع < الرئيسية

تشن يي تشي.. حامية الحيوانات البرية بالأفلام الوثائقية

: مشاركة
2023-01-06 15:14:00 الصين اليوم:Source لو جيا جيون:Author

الأفلام الوثائقية عن الطبيعة والحيوانات البرية جزء مهم من الأعمال الفنية الوثائقية. مع تطور الاستقصاء العلمي وعلم الجمال البيئي باستمرار، توسع هذا النوع من الأفلام الوثائقية تدريجيا من كونه يقدم محتوى علميا وتعليميا تقليديا، إلى مجال للسرديات الإنسانية، مستكشفا باستمرار العلاقة بين الاثنين في التفاعل بين الإنسان والطبيعة.

 في الصين، توسعت تدريجيا منصات إنتاج وبث الأفلام الوثائقية الصينية حول الطبيعة من محطات التلفزيون إلى الوسائط المتدفقة (أي توصيل الوسائط المتعددة مثل الفيديو والصوت عبر الإنترنت بشكل مضغوط). تواصل فرق إنتاج الأفلام الوثائقية سعيها وإبداعها في استكشاف الموضوعات الطبيعية. تشن يي تشي، وهي مخرجة ومنتجة أفلام وثائقية، معتادة على حمل الكاميرات الكبيرة والثقيلة في أعماق الجبال والغابات في جميع أنحاء العالم، برغم رقة بنيتها وقصر قامتها، وتبحث دائما وتفكر في العلاقة بين الإنسان والطبيعة.

التعاطف مع الطبيعة

في عام 2011، تخرجت تشن يي تشي في جامعة الاتصالات الصينية، حيث تخصصت في التحرير والإخراج الإذاعي والتلفزيوني. في وقت لاحق، أدى عملُها في القناة الوثائقية لمحطة تلفزيون بكين إلى دخولها إلى مجال الأفلام الوثائقية التي تتمحور حول المغامرات في الأجواء المفتوحة، حيث التقت ببعض مصوري الحيوانات البرية. حرص هؤلاء المصورون، الذين يعملون بدوام جزئي، على تسجيل الحيوانات البرية لتقديم مراجع للبحث العلمي، ولفت انتباه الناس إلى حالة الحيوانات البرية والمحميات الطبيعية في الصين. تأثرت تشن يي تشي بشدة بموقفهم وتفانيهم.

في عام 2016، أسست تشن يي تشي ومجموعة من الأصدقاء ذوي التفكير المماثل شركة "أفلام الطبيعة الملونة"، التي تسعى إلى حماية الطبيعة بالصور، من خلال تصوير أفلام وثائقية عن الحياة البرية الصينية. قالت تشن يي تشي: "ترعرعنا جميعا ونحن نشاهد البرنامج التلفزيوني الصيني الشهير ’عالم الحيوان‘. عندما يتحدث الناس عن الحيوانات البرية، قد يفكر معظمهم في الأسد والزرافة في السافانا الأفريقية فقط. قلة من الناس يعرفون عن الحيوانات البرية في الصين. في الحقيقة، الصين لديها تنوع بيولوجي فريد من نوعه."

اختارت تشن يي تشي قرد الجيبون "تيانشينغ" كأول حيوان بري لتصويره. جذبتها دراسة للجيبون استمرت عقدا من الزمن أجراها فان بنغ فيّْ، الأستاذ في كلية علوم الحياة بجامعة صون يات صن. هذا النوع من الجيبون، الذي لم يكن موجودا منه حتى عام 2016 سوى نحو 150 قردا فقط، يشبه البشر بنسبة 99% من حيث الجينات وبنية الأسرة والعلاقات الاجتماعية. بالإضافة إلى الشمبانزي في أفريقيا، هذه أيضا هي المرة الأولى التي تسمع فيها عن وجود إنسان الغابة (الأنثروبويد) في الصين. وقد زاد هذا من فضولها عن أصل الأنثروبويد وعلاقته بالحضارة الإنسانية.

استنادا إلى بحوث ودراسة الأستاذ فان، تم التخطيط للفيلم الوثائقي في الأصل لتصوير أنثى قرد جيبون تيانشينغ تبلغ من العمر تسع سنوات تقريبا (ما يعادل 18 سنة بشرية)، وهي الابنة الكبرى لعائلة جيبون مكونة من أربعة أفراد. بشكل عام، تغادر أنثى الجيبون والديها على الفور عندما تبلغ سن الرشد لتأسيس منطقتها الخاصة والعثور على شريك لها، ولكن هذه القردة ماتت قبل التصوير.

زواج الأقارب شائع بين قرود جيبون تيانشينغ بسبب حجم السكان وعزلة الموائل، مما يؤدي إلى حدوث عيوب في وظائف الأعضاء بين العديد من القرود الحديثي الولادة. أدى موت أنثى الجيبون الصغيرة إلى اكتئاب فريق فان وتشن لفترة طويلة، ولكنه عزز أيضا نيتهما الأصلية: توعية المزيد من الناس بالوضع الحالي لأنواع قرود جيبون تيانشينغ، مما يقوي جهود حمايتها والبحث عنها.

في وقت لاحق، أجرى د. فان والفريق تجربة علمية على أصوات قرود جيبون تيانشينغ. واستخدموا أدوات البث المباشر البشري في الوقت الفعلي لتوجيه قرود جيبون المتناثرة على نطاق واسع للمغامرة للمرة الأولى في حياتها. تم تصوير الفيلم الوثائقي ((أغنية الحب لجيبون تيانشينغ)). يبدأ الفيلم الوثائقي باكتشاف قرود جيبون تيانشينغ في الصين ويركز على حياتها الحالية في جبال قاوليقونغ في جنوبي الصين. تمكن الفريق من العثور على "الرفيق المناسب" لأنثى جيبون في الجبال من خلال بثها المباشر وهي تغني.

 قالت تشن يي تشي: "هذه قصة حقيقية، وقد استغرقت عملية البحث وقتا طويلا. هناك حاجة إلى الاهتمام المستمر. لحسن الحظ، في بعض الأماكن، بدأت قرود جيبون في الهجرة تلقائيا للعثور على شركاء، وهناك أيضا ظهور لمواليد جدد."

بعد ثلاث سنوات ونصف من الإنتاج، بمجرد بث الفيلم الوثائقي ((أغنية الحب لجيبون تيانشينغ))، حصل على درجة عالية بلغت 8ر9 على موقع بيليبيلي (منصة فيديو صينية). وحاز الفيلم على جائزة أفضل قصة في مهرجان NaturVision السينمائي لعام 2020، وأدرج في قائمة اختيار عام 2020 للمهرجان الدولي لأفلام الحيوانات البرية. كان أيضا فيلما وثائقيا رابحا ومرشحا في أكثر من 20 مهرجانا سينمائيا دوليا.

المشي مع الأفيال

في مارس عام 2020، غادر ستة عشر فيلا آسيويا بريا موطنهم في الغابات الاستوائية في شيشوانغباننا وتجولت شمالا في مقاطعة يوننان بجنوب غربي الصين. لفتت الأخبار انتباه الرأي العام على نطاق واسع. انتبهت تشن يي تشي لقطيع الأفيال المتجول، وخططت لتصوير فيلم وثائقي لها. ولكن مع احتشاد المزيد والمزيد من صانعي الفيديو، رفضت مؤسسات حماية الحيوانات المحلية المزيد من التغطية الإعلامية من أجل سلامة قطيع الأفيال.

سنحت الفرصة في أغسطس عام 2020، عندما التقت تشين مع أستوديو جيدو تشونغقوه وقسم القيمة الاجتماعية المستدامة لفيديو تنسنت، قررت الأطراف الثلاثة العمل معا لإنتاج فيلم وثائقي، على أمل استكشاف الحلول المستدامة لحماية الحيوانات من خلال تسجيل هجرة قطيع الأفيال. وحصل فريق تصوير مكون من الأطراف الثلاثة على موافقة من المؤسسات المعنية المحلية لتتبع القطيع وتسجيل هجرته.

لا يزال مشهد لقاء قطيع الأفيال لأول مرة حيا في ذهن تشن يي تشي. كانت طائرات المراقبة بدون طيار تصور قطيع الأفيال على جبل، ولكن فقدت هدفها بسبب الضباب. كان من الواضح أنها قريبة، حسب الآثار التي تركها القطيع. خوفا من اقتحام الأفيال للقري المجاورة، ذهبت سيارة البحث إلى الغابة للعثور عليه. فجأة، ظهر اثنان من الأفيال الصغيرة وأمهما والفيلة الجدة على بعد أقل من 50 مترا أمام سيارة البحث. عندما كان الناس لا يزالون قلقين بشأن الصدام بين البشر والفيلة، قام فيلان بالغان كانا يرافقان الأفيال الصغيرة، بانعطافة حادة وفروا بعيدا.

قالت تشن يي تشي إنها لن تنسى هذا المشهد أبدا. فالأفيال، على الرغم من حجمها الكبير، حاولت تجنب الصراع مع البشر لحماية أطفالها. قال تشن: "ربما لأنني أنثى، يمكنني أن أشعر بصبر محبة الأم، وهو شعور خفي للغاية."

تجول القطيع في الجبال والغابات. كان قطيع الأفيال يأكل المحاصيل ويسبب المتاعب للقرويين. لحماية قطيع الأفيال بشكل أفضل، قررت المؤسسة المحلية المعنية مرافقتها إلى موائلها. وبعد فهم عادات قطيع الأفيال، قاموا بتأسيس فهم ضمني وثقة مع قطيع الأفيال، ألا وهو دع الأفيال تدرك أن البشر لن يتسببوا في ضرر لها، ثم ابدأ رسميا العمل الإرشادي للعودة إلى الجنوب.

أخيرا، عاد القطيع إلى موطنه في شيشوانغباننا في الثامن من أغسطس عام 2021 بعد قطع أكثر من 500 كيلومتر. في الفيلم الوثائقي، التقطت كاميرا تعمل بالأشعة تحت الحمراء مشهد عبور قطيع الأفيال جسر نهر يوانجيانغ. قالت تشن يي تشي إن الكاميرات التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء التي تم وضعها من قبل دمرتها الأفيال لأنها اعتقدت خطأ أنها ألعاب. تعتقد تشن أن الثقة التي تم تأسيسها مع القطيع سمحت لفريق التصوير بتسجيل اللحظات الثمينة في هذه المرة.

بعد عام من الإنتاج، تم إصدار الفيلم الوثائقي ((مسيرة الأفيال)) في الثاني عشر من أغسطس 2022. التفاعل الذي استمر لمدة عام مع قطيع الأفيال ساعد تشن على معرفة المزيد عن الأفيال الآسيوية والتفكير في العلاقة بين الإنسان والحيوانات البرية.

قالت تشن يي تشي: "على الرغم من أن حجم الإنسان صغير جدا مقارنة مع الفيل الذي يبلغ طوله ثلاثة أمتار، يمكن للإنسان توجيه الأفيال كمجموعة منظمة ومنهجية. لذلك، تعتمد العلاقة بيننا نحن البشر والحيوانات البرية أكثر على مبادرتنا. إن مهمة حماية الطبيعة عظيمة، لكن المطلوب هو تحسين وعي الناس العاديين وسلوكهم اليومي، نحن في الواقع نعوض الضرر الذي حدث في الماضي، ونجمع المزيد من الموارد المستدامة للمحافظة على التنوع البيولوجي لأجيالنا القادمة."

 

التفاعلات مع العديد من الحيوانات مكنت تشن يي تشي من الحصول على الإلهام من هذه العلاقة الدقيقة، من الاحترام المتبادل مع الحيوانات. قالت إن تصوير الحيوانات البرية يمنحها إحساسا بالبساطة، إلى جانب الشعور بأن جميع المشكلات لها حلول. ستواصل تشن وفريقها حماية تنوع الحيوانات البرية في الصين عن طريق تصوير الأفلام الوثائقية، وستسرد المزيد من القصص عن الصينيين وتفاعلهم مع الحيوانات البرية. قالت تشن يي تشي: "كما قالت الدكتورة جين جودال البريطانية المتخصصة في الرئيسيات وعلم السلوك والأنثروبولوجيا، فإنه فقط من خلال الفهم يمكننا أن نهتم؛ فقط من خلال الاهتمام يمكننا العمل؛ فقط من خلال العمل، يمكن أن يكون لدينا الأمل."

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4