مجتمع < الرئيسية

تأثير النمو السكاني السلبي على الصين

: مشاركة
2023-05-16 13:51:00 الصين اليوم:Source تشن سي جيا:Author

أشارت أحدث البيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء، إلى أنه بحلول نهاية عام 2022، بلغ عدد سكان بر الصين الرئيسي 41175ر1 مليار نسمة، مسجلا انخفاضا بلغ 850 ألفا مقارنة بنهاية العام السابق، وأصبح معدل النمو الطبيعي للسكان 6ر0-. وهذه تعتبر المرة الأولى التي تشهد فيها الصين نموا سلبيا منذ عام 1962. إضافة إلى ذلك، بلغ عدد المسنين فوق 60 عاما في الصين 280 مليونا، وهو ما يمثل 8ر19% من إجمالي عدد السكان. يتزامن وصول مجتمع الشيخوخة في الصين مع نقطة انعطاف ديموغرافية، فما هي التغييرات التي سيحدثها ذلك في التنمية الاجتماعية، وما هي انعكاسات ذلك علينا كأفراد؟

لمناقشة هذا الموضوع، أجرت ((الصين اليوم)) مقابلة مع يوان شين، الأستاذ بكلية الاقتصاد في جامعة نانكاي ونائب رئيس جمعية السكان الصينية.

وصول عدد سكان الصين إلى الذروة

وفقا للسيد يوان، وصل معدل الخصوبة الكلي في الصين (متوسط ​​عدد الولادات لكل امرأة) في خمسينات وستينات القرن الماضي، إلى أكثر من 6؛ ثم تراجع في السبعينات فكان حوالي 7ر2؛ وتأرجح بين 5ر2 صعودا وهبوطا في الثمانينات؛ ثم بدأ معدل الخصوبة في الانخفاض إلى ما دون 1ر2 في عام 1992. قال يوان شين: "المعدل 1ر2 يسمى بمستوى الإحلال، فمعدل الخصوبة الأقل من 1ر2، يعتبر منخفضا، وهو ما يعني الضغط على فرامل النمو السكاني." وأضاف: "على الرغم من تنفيذ الصين سياسة ’الطفلين‘ (السماح للزوجين بإنجاب طفلين) في عام 2016، لا يزال معدل الخصوبة يسجل تراجعا متواصلا."

وفقا لنتائج التعداد السكاني الوطني السابع لعام 2020، بلغ معدل الخصوبة الكلي في الصين 3ر1، وهو أقل بكثير من متوسط ​​مستوى الخصوبة في الدول ذات الدخل المرتفع، مما يجعل الصين من الدول ذات أدنى معدل خصوبة في العالم.

هذا يعني أنه منذ عام 1992، أصبح مستوى الخصوبة في الصين يتأرجح إلى ما دون مستوى الإحلال، ولكن نظرا لأن النساء في سن الإنجاب كن يمثلن نسبة كبيرة من التركيبة السكانية في الصين في ذلك الوقت، ظل إجمالي عدد السكان في وضع النمو الإيجابي. ولكن معدل الخصوبة المنخفض لمدة 31 عاما قد استنفد القصور الذاتي للنمو السكاني الإيجابي." يعتقد يوان شين، أن ظاهرة النمو السكاني السلبي في الصين هي مظهر موضوعي لقانون التنمية السكانية، لم يتجاوز التوقعات، فهذه هي النتيجة الحتمية لمعدل الخصوبة المنخفض منذ 31 عاما.

يستمر معدل الخصوبة في الصين في الانخفاض، وذلك يرجع بشكل أساسي إلى التأثير المشترك للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الضخمة منذ الإصلاح والانفتاح وسياسة الانجاب المتمثلة في "السيطرة على عدد السكان ورفع نوعية السكان". وأوضح يوان شين قائلا: "أثبتت تجربة الدول المتقدمة أنه كلما كان الاقتصاد أكثر تطورا، وارتفع مستوى الدخل ومستوى المعيشة، وخاصة كلما ارتفع مستوى تعليم المرأة، وارتفع معدل توظيفها، فإن رغبة الناس في إنجاب الأطفال تقل تباعا. وفضلا عن ذلك، فمع التحسن المستمر لمستوى التحديث في الصين، يتلقى المزيد من الناس التعليم العالي، وزاد بذلك عدد سنوات التعليم، مما يؤدي حتما إلى تأخير وقت الإنجاب وتقليص مساحة الخصوبة."

وفقا لاستطلاع أجرته اللجنة الوطنية للصحة في عام 2021، اتضح أن رغبة النساء في سن الإنجاب في إنجاب الأطفال مستمرة في الانخفاض. وأصبحت النساء من مواليد التسعينات والألفية الجديدة واللواتي يعتبرن المصدر الرئيسي للإنجاب حاليا، تنوي إنجاي 54ر1 و48ر1 طفل فقط في المتوسط. وتبين من الاستطلاع الوطني لرصد ديناميات السكان والأسر لعام 2019، أن أقل من نصف النساء اللائي يخططن لإنجاب طفل ثان أو أكثر قد حققن ولادة جديدة. والآن، معدل عدم الإنجاب مدى الحياة للنساء في الصين يقترب من 10%. وأصبح التعليم والإسكان والتوظيف وغيرها العوامل الاقتصادية والاجتماعية الرئيسية التي تؤثر على قرارات الأسرة للإنجاب، والعقبات الثلاث الأكثر تأثيرا هي: "العبء الاقتصادي الثقيل" و"رعاية الأطفال الصغار" و"صعوبة تحقيق المرأة التوازن بين الأسرة والعمل".

هناك أيضا حقيقة موضوعية أخرى لا يمكن تجاهلها، وهي أن عدد النساء في سن الإنجاب في التركيبة السكانية الحالية في الصين مستمر في الانخفاض. قال يوان شين: "خلال فترة تنفيذ ’الخطة الخمسية الثالثة عشر‘، انخفض ​​عدد النساء اللواتي في فترة الخصوبة وتتراوح أعمارهن بين 20 و34 عام بنحو 4ر3 ملايين كل عام، وفي عام 2021 انخفض العدد ​​بمقدار 73ر4 ملايين، مقارنة بما كان قد بلغ 140 مليونا في عام 2020، ومن المتوقع أنه بحلول عام 2050، سيكون هذا العدد أقل من 100 مليون. فالوضع العام الآن هو أن ظاهرة انخفاض معدل الإنجاب، وضعف الرغبة في الإنجاب، وتأخر سن الزواج والإنجاب ستزيد صعوبات زيادة معدل الخصوبة في المستقبل."

ومع ذلك، قال يوان شين إن عام 2022 ليس إلا البداية لظاهرة النمو السكاني السلبي في الصين، وإنه من السابق لأوانه استنتاج أن النمو السكاني في الصين قد دخل في "مرحلة النمو السلبي". وهو يعتقد أنه فقط عندما يصبح النمو السلبي وضعا طبيعيا جديدا، يمكن تعريفه على أنه "مرحلة نمو سلبي". ووفقا لتحليل يوان شين، فإنه مع الضعف التدريجي لتأثير وباء كوفيد- 19 وتنفيذ عدد من السياسات والتدابير الإيجابية لزيادة الخصوبة على المستويين الوطني والمحلي، سيتأرجح النمو السكاني حول "صفر" في السنوات القليلة المقبلة في الصين، وسيكون في "المرحلة الانتقالية من النمو الصفري". ومن منظور تاريخ عدد سكان الصين، فإن ذورة عدد سكان الصين تتراوح بين 41ر1 مليار و42ر1 مليار نسمة.

اغتنام الفرصة الديموغرافية

على الرغم من أن ظاهرة النمو السكاني السلبي في الصين ظهرت في عام 2022، فإن هذا لا يعني أن العائد الديموغرافي الذي يعزز التنمية الاقتصادية السريعة للصين قد اختفى. بل يعني فقط أن الفرصة الديموغرافية للتنمية الاقتصادية القائمة على النمو السكاني قد ولت، وأن مرحلة التنمية السكانية قد دخلت في مرحلة النمو السلبي، أي حدوث بعض التغيرات في القاعدة الديموغرافية للتنمية الاقتصادية، وكذلك في الفرص الديموغرافية، ونحن بحاجة إلى استكشاف نماذج وأشكال جديدة لازدهار الاقتصاد.

تبين التجارب الدولية أن النمو السكاني السلبي، لا يعني بالضرورة نموا اقتصاديا سلبيا. في الوقت الحاضر، هناك 38 دولة ومنطقة في العالم في مرحلة النمو السكاني السلبي، ولا تزال الغالبية العظمى منها تحافظ على نموها الاقتصادي، ومن بينهم ألمانيا واليابان وإيطاليا وغيرها.

علاوة على ذلك، فإن تطور النمو السكاني السلبي يكون على شكل مراحل، حيث يكون التراجع السكاني في المرحلة المبكرة معتدلا للغاية، ولكن المرحلة الطويلة الأجل يكون الانخفاض فيها حادا للغاية. قال يوان شين: "وفقا للتوقعات الديموغرافية العالمية للأمم المتحدة لعام 2022، سيكون عدد سكان الصين 25ر1 مليار نسمة على الأقل بحلول عام 2050. لذلك، فإنه من الواضح أن إجمالي عدد السكان الذي سينخفض ​​في الثلاثين عاما القادمة محدود للغاية. ولكن بحلول نهاية هذا القرن (عام 2100)، إذا ظل معدل الخصوبة ما بين 4ر1 و5ر1، فلن يتبقى سوى 700- 800 مليون نسمة في الصين."

في هذه المرحلة المبكرة، لا يزال سكان الصين في حالة التحكم الأوتوماتيكي بالقصور الذاتي، فما زال يمكنهم التمتع بالنمو السكاني السريع للأجيال السابقة والعائد الديموغرافي. فعلى الرغم من أن القوة العاملة في الصين مستمرة في الانخفاض، لا يزال حجمها هائلا، ويتوقع بعض الخبراء أنه بحلول عام 2050، ستظل القوة العاملة الصينية تضم 700 مليون شخص، وهو عدد أكبر بكثير من إجمالي عدد سكان الكثير من الدول المتقدمة. فالحجم السكاني الهائل للصين ومساحة أرضها يمثلان قدرة إنتاجية قوية جدا. إن استمرار تطور اقتصاد الدولة، وارتفاع دخل الفرد والقدرة الاستهلاكية، سيؤدي حتما إلى جلب سوق واسعة النطاق.

في السنوات الأخيرة، تحسن المستوى التعليمي للصينيين بشكل ملحوظ، واستمرت نوعية السكان في الارتقاء. حيث أن عدد الأشخاص الحاصلين على التعليم العالي زاد من 5ر6 ملايين إلى 220 مليونا، وذلك بالمقارنة مع إحصاءات التعداد السكاني الثالث الذي أجري خلال بداية فترة الإصلاح والانفتاح عام 1982، فقد دخلت الصين مرحلة تعميم التعليم العالي. قال يوان شين: "وهذا يرسي الأساس للموارد البشرية للتحول المستقبلي للهيكل الاقتصادي بأكمله من كثافة العمالة إلى كثافة استخدام التكنولوجيا ورأس المال والمعرفة." وأضاف: "تحسين نوعية السكان العاملين من خلال التعليم يمكن أن يخلق عائدا ديموغرافيا جديدا، وطالما تم ذلك بشكل جيد، فإنه يمكن أن يتحوط بشكل كامل من الانخفاض في عدد السكان العاملين." وطالما يتم ذلك بشكل جيد، يمكن أن يعوض تماما انخفاض عدد السكان العاملين."

الجدير بالذكر أنه وفقا لآخر البيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء، فإن شيخوخة السكان في الصين تتزايد بشكل كبير. وعدد السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و69 سنة تحتل نسبة كبيرة، وسيزداد العدد من 150 مليونا إلى 210 ملايين في عام 2050. ولكن، مع التطور السريع للتكنولوجيا الحديثة والطب، مازال كبار السن في بداية الشيخوخة يتمتعون بصحة جيدة ويمكنهم مواصلة مساهماتهم المجتمعية بنشاط، يمكنهم من خلال التقاعد المتأخر والعمل النشيط المرن، الاستمرار في المشاركة رسميا في الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية، والمشاركة أيضا في الأنشطة الاجتماعية غير المباشرة مثل أنشطة المنفعة العامة، والعمل التطوعي، والخدمات الاجتماعية. وذلك سيعزز حتما صناعة الشيخوخة لتصبح نقطة نمو اجتماعي واقتصادي جديدة، وبناء أشكال جديدة لصناعة الشيخوخة مثل المساهمات الثقافية والصحية والمعيشية والخدمية والتصنيعية والتمويلية، لإعطاء دفعة جديدة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.

قال يوان شين: "إجمالا، يمكن القول إن الفرص الديموغرافية في الصين تشهد تحولا، وستكون السنوات الثلاثون القادمة فترة حرجة بالنسبة للصين، حيث إنها ستتحول من دولة بها عدد كبير من السكان إلى قوة موارد بشرية. وتتمثل مسؤولية الجيل الآن ومهمته في اغتنام هذه الفرصة الثمينة لخلق عائد ديموغرافي جديد."

رفع معدل الخصوبة

 في الوقت الحالي، يقل معدل الخصوبة الإجمالي لأكثر من نصف البلدان أو المناطق في العالم عن مستوى الإحلال، ويشكل انخفاض معدل الخصوبة وشيخوخة السكان بالفعل تحديين شائعين يواجهان العالم.

ستواجه الصين أيضا وضعا ديموغرافيا صعبا جدا، بشكل تدريجي في المستقبل. قال يوان شين: "إذا كنت ترغب في الحد من النمو السكاني السلبي أو الشيخوخة السكانية، فإن العامل الوحيد الذي يمكن تغييره هو رفع معدل الخصوبة إلى مستوى معتدل. واقترح يوان شين "أن نبدأ من الآن فصاعدا في الاهتمام برفع معدل الخصوبة. فخلال عملية بناء نظام لرفع معدل الخصوبة، يجب التركيز على تحسين قدرات تنمية الأسرة، وتقليل الأعباء الأسرية من حيث إعانات الولادة، ورعاية الأطفال الشاملة، وإدراج المساعدة على الإنجاب في الضمان الاجتماعي، وصرف الحوافز ومنح الإجازات والضمانات لحماية حقوق عمل المرأة، والإصلاح التعليمي، وغيرها من المميزات لتهيئة الظروف اللازمة لوقف الأزمات المترتبة على انخفاض معدلات الخصوبة."

في السنوات الأخيرة، قامت الصين بتحسين وتعديل سياستها لتحديد النسل عدة مرات. ففي عامي 2013 و2016 على التوالي، نفذت كل من سياسة "الطفلين بدلا من الطفل الواحد، للزوجين اللذين يكون أحدهما طفلا وحيدا" وسياسة "الطفلين للجميع". وفي عام 2021، بدأ تنفيذ سياسة "ثلاثة أطفال لكل زوجين"، وتقديم التدابير الداعمة لهذه السياسة. حيث طرح التقرير المقدم للمؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني بوضوح أهمية تقليل تكاليف الولادة وتربية الأطفال وتعليمهم، عند تنفيذ مثل هذا النظام.

في عام 2021، قررت مدينة بانتشيهوا بمقاطعة سيتشوان، إعطاء الأسر التي تنجب "طفلين" و"ثلاثة أطفال" إعانة شهرية لرعاية الأطفال بقيمة خمسمائة يوان لكل طفل لحين بلوغ الطفل ثلاث سنوات من عمره. وأصبحت بانتشيهوا لذلك أول مدينة في الصين تمنح إعانات نقدية لتشجيع الإنجاب.

منذ ذلك الحين، شرعت كل من مدينة شنتشن وداتشينغ وونتشو ومدن أخرى في جميع أنحاء الصين، تتخذ السياسات والتدابير اللازمة لتشجيع الإنجاب، مثل تمديد إجازة الوضع، وزيادة معدل تصفية حساب تكاليف تأمين الأمومة، وإصدار إعانات الإسكان، وإلحاق الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وثلاث سنوات برياض الأطفال.

وأعلن أيضا مكتب التأمين الطبي الوطني مؤخرا، أنه أدخل الأدوية الداعمة للخصوبة، مثل أدوية تنشيط التبويض، في نطاق المدفوعات التي يغطيها التأمين الطبي. ومن الآن فصاعدا، سيتم إدخال مسكنات الولادة وعملية التلقيح الاصطناعي بشكل تدريجي في نطاق مدفوعات التأمين.

أشار يوان شين إلى أن سياسات وتدابير تشجيع الإنجاب، يجب أن تستند إلى احتياجات من يرغبون في إنجاب الأطفال، ويجب تنفيذ هذه السياسات في الوقت المناسب، فلا ينبغي أن تكون هذه السياسات مؤقتة. وينبغي توحيد السياسات المجزأة في مختلف المناطق، لإنشاء نظام طويل الأجل ومستقر يدعم نظام رفع معدل الخصوبة. وقال: "استعادة معدل الخصوبة عامل متغير بطيء. استنادا إلى تجربة رفع معدل الخصوبة في الدول الغربية المتقدمة في نصف القرن الماضي، فإن إجراءات تحفيز الخصوبة بطيئة للغاية وذات تأثير محدود. وبالتالي، فإن تكاليف رفع معدل الخصوبة عالية للغاية، بما في ذلك كل من التكاليف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعاطفية.

واستجابة للسياسة الحالية المتمثلة في تقديم إعانات نقدية للطفل الثالث فقط في بعض الأماكن، قال يوان شين: "سياسة تنظيم الأسرة الآمنة تعتبر جزءا لا يتجزأ من نظام السياسة العامة الوطنية، والتي يجب أن تكون منصفة وعادلة. فلا ينبغي أن تكون الحوافز والإعانات المقدمة مختلفة اختلافا جذريا باختلاف المناطق الحضرية والريفية وترتيب الطفل. يمكن أن تكون هناك بعض الاختلافات، لكن لا ينبغي أن تكون كثيرة للغاية."

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4