مجتمع < الرئيسية

يوندانغ.. ثلاثون عاما من جهود تحسين البيئة الإيكولوجية في شيامن

: مشاركة
2024-01-05 11:58:00 الصين اليوم:Source شيا يوان يوان:Author

يعيش سكوت باتريك وزوجته في مدينة شيامن منذ أكثر من عامين، حيث يعمل معلّم موسيقى بمدرسة دولية في المدينة الواقعة بمقاطعة فوجيان. قبل الانتقال إلى شيامن، جمع سكوت باتريك وزوجته العديد من الصور لشيامن، وجذبت انتباههما صور بحيرة يواندانغ في المدينة. قال سكوت باتريك: "عندما رأينا صور بحيرة يوندانغ، شعرنا أن شيامن مدينة ملائمة للعيش فيها." وبعد أن عاش في شيامن، تأكد سكوت باتريك أن اختياره كان صائبا. صار التجول حول بحيرة يوندانغ للتمتع بالمياه الصافية والأشجار الخضراء وطيور البلشون الأبيض، عادة يومية لمعلم الموسيقى وزوجته.

يوندانغ هي البحيرة الداخلية الاصطناعية الوحيدة في شيامن، وتبلغ مساحتها 6ر1 كيلومتر مربع. تتخلل البحيرة أرجاء شيامن، مما جعل هذه المدينة الساحلية توصف بـأنها "مدينة على البحر والبحر في المدينة". ومع ذلك، قبل ثلاثين سنة، كان من المستحيل التمتع بمنظر بحيرة يوندانغ الجميل الذي يراه سكوت باتريك الآن.

قبل سبعينيات القرن الماضي، كانت مياه الصرف لمئات الآلاف من السكان وأكثر من ثلاثمائة مصنع حول البحيرة تُصرف إلى بحيرة يوندانغ مباشرة من دون معالجة، مما أدى إلى تراكم النفايات ونمو الأعشاب الضارة بها، فساءت بيئتها الإيكولوجية إلى حد بعيد.

في الثمانينات، شرعت شيامن في مكافحة التلوث في بحيرة يوندانغ، وبعد أكثر من ثلاثين عاما من الحوكمة الإيكولوجية الشاملة، صارت مياه بحيرة يوندانغ صافية ونظيفة. إن تحسين البيئة في بحيرة يوندانغ هي ممارسة حية لبناء الحضارة الإيكولوجية في شيامن.

البحيرة النتنة صارت "الرئة الخضراء لشيامن"

فو شيون يي، وهو مهندس كبير في مركز شيامن لحماية بحيرة يوندانغ، ويسكن بجانب ضفة بحيرة يوندانغ منذ طفولته، قال إن بحيرة يوندانغ كانت معروفة في الماضي بلقب "الخندق النتن".

تقع بحيرة يوندانغ، المعروفة سابقا باسم ميناء يوندانغ، في غربي جزيرة شيامن، وكانت تُستخدم كمربط للسفن بسبب اتصالها بالبحر. في السبعينات من القرن العشرين، تم بناء سد شيدي بين قرية فويوي وميناء دونغدو من أجل استصلاح الأراضي على البحر لتكون حقولا زراعية، مما أدى إلى تحول ميناء يونغدانغ إلى بحيرة شاطئية اصطناعية مغلقة، مما أدى إلى إضعاف قدرة تبادل المياه في البحيرة. علاوة على ذلك، تم إنشاء العديد من المصانع حول البحيرة، وصارت تلك المصانع تصرف مياهها المستعملة، إضافة إلى مياه الصرف المنزلية، في البحيرة، مما أدى إلى تلوث البحيرة بشكل خطير.

قال فو شيون يي: "كانت الحشائش الضارة والقمامة منتشرة في كل مكان بالبحيرة، وكانت مياهها سوداء ورائحتها كريهة، ومن المستحيل رؤية الأسماك والروبيان والبلشون الأبيض فيها. عانى السكان الذين عاشوا على طول البحيرة من البيئة السيئة."

في منتصف وأواخر الثمانينات من القرن الماضي، من أجل مكافحة تلوث بحيرة يوندانغ، بدأت حكومة شيامن حملة ضد تلوث بحيرة يوندانغ اعتمادا على فكرة "إدارة البحيرة وفقا للقانون ومنع مياه الصرف ومعالجتها وإزالة الوحل، وبناء شاطئ البحيرة وتعزيز تبادل المياه وتحسين البيئة".

قال فو شيون يي: "من أجل تحسين مياه البحيرة، كان لا بد من السيطرة على مصادر التلوث أولا." من أجل منع مياه الصرف، قامت حكومة شيامن بإغلاق ونقل أكثر من مائة شركة ملوثة وأربعة عشر مصنعا شديد التلويث بعيدا عن البحيرة. كما نفذت الحكومة المحلية مشروعات، مثل مشروع بناء محطة معالجة مياه الصرف ومشروع منع صرف المياه العادمة في بحيرة يوندانغ بشكل شامل، وحققت الهدف المتمثل في عدم تصريف مياه الصرف في الأيام المشمسة.

من أجل إزالة الملوثات المترسبة على مر السنين، عملت الحكومة المحلية على إزالة الوحل على نطاق واسع. وبعد ذلك، قامت ببناء الضفاف وجزيرة في وسط البحيرة. هذه الجهود لم تحسن جودة المياه فحسب، وإنما أيضا نجحت في تحسين قدرة البحيرة على السيطرة على الفيضانات.

من أجل تحسين تدفق المياه، استفادت الحكومة المحلية من اختلاف المد والجزر بشكل مبتكر، لربط بحيرة يوندانغ بالبحر. تم بناء سد على شاطئ البحر لاستيعاب المياه عند ارتفاع المد وتصريف المياه عند تراجع المد، مما حسن القدرة على التحكم في الفيضانات وتبادل المياه بين البحر والبحيرة في منطقة بحيرة يوندانغ.

من أجل استعادة النظام الإيكولوجي في منطقة بحيرة يوندانغ، قامت الحكومة المحلية منذ عام 1999 بزراعة أشجار المانغروف، وشرعت في بناء المناظر الطبيعية في حديقة بجانب بحيرة يوندانغ. في الوقت الراهن، تنمو أشجار خضراء حول بحيرة يوندانغ، وتمت استعادة النظام المائي الإيكولوجي، وعادت الطيور إلى هنا تلهو بين الأشجار فرحا ومرحا.

وفقا لبيانات مركز شيامن لحماية بحيرة يوندانغ، شهدت منطقة بحيرة يوندانغ تحسنا ملحوظا، وانخفض تركيز نيتروجين الأمونيا في المياه من 4ر39 ملليغرام/ لتر في عام 1987 إلى 076ر0 ملليغرام/ لتر في عام 2022؛ ويوجد في البحيرة حاليا 63 نوعا من السابحات و123 نوعا من العوالق النباتية و73 نوعا من العوالق الحيوانية و14 نوعا من الكائنات القاعية، فضلا عن 95 نوعا من الطيور. كما تجذتب العديد من الطيور المهاجرة، ومنها الغاق، لقضاء الشتاء فيها كل عام.

بعد أكثر من ثلاثين عاما من العمل الشاق، يمكن للزوار التجول في الطريق المحيط ببحيرة يوندانغ للتمتع بالمياه الصافية وأضحت الطيور المهاجرة تحلق، وأصبح المنظر الطبيعي جميلا وتحولت بحيرة يوندانغ إلى "رئة خضراء لشيامن" و"قاعة استقبال ضيوف شيامن".

موطن جميل

حاليا، يمكنك رؤية أشجار المانغروف بجانب سد بحيرة يوندانغ، حيث تحط على أغصانها طيور البلشون الأبيض أحيانا، وتحلق فوق البحيرة وتبحث عن الطعام أحيانا أخرى، مما يظهر التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة.

أشجار المانغروف، المعروفة بأنها "الرئة الخضراء للبحر" و"حارس السواحل"، هي نباتات خشبية تنمو في المناطق الشاطئية والمناطق الساحلية الاستوائية وشبه الاستوائية، وهي قادرة على امتصاص الملوثات، فهي تساعد في تنقية المياه وتحسين النظام الإيكولوجي لبحيرة يوندانغ، وتلعب دورا مهما في تجميل المناظر الطبيعية في منطقة البحيرة وعزل الكربون وتخزينه وصون التنوع البيولوجي. في الماضي، كانت أشجار المانغروف تنمو حول بحيرة يوندانغ، لكنها اختفت بسبب استصلاح الأراضي الزراعية من البحر في ثمانينات القرن العشرين.  

في عام 1999، تعاون مكتب إدارة بحيرة يوندانغ، الذي كان يعرف في السابق باسم "مركز شيامن لحماية بحيرة يوندانغ"، مع فريق الأستاذ لو تشانغ يي من كلية البيئة والإيكولوجيا في جامعة شيامن لإجراء تجارب زراعة أشجار المانغروف على ضفاف البحيرة من أجل استعادة النظام الإيكولوجي فيها.

قال لو تشانغ يي إن زراعة أشجار المانغروف تحتاج إلى توفير مسطحات طينية عالية، غير أن ارتفاع منطقة زراعة الأشجار في بحيرة يوندانغ لم يكن كافيا. لذا، قام العمال بزيادة ارتفاع المسطحات الطينية للبحيرة عن طريق ملئها بالطمي. ولأن كمية الطمي البحري القريب من السد لم تكن كافية، كان على العمال أن يجلبوا الطمي من مناطق أخرى قريبة من ضفاف البحيرة، واستخدام السفن لنقل الطمي إلى المسطحات الطينية، ثم نثر الطمي في المياه حتى يصل إلى مستوى الركبة والخصر.

قال لو تشانغ يي إن حملة إعادة زراعة أشجار المانغروف واستعادة النظام الإيكولوجي في بحيرة يوندانغ استمرت لأكثر من عشرين عاما، وشارك فيها ما يزيد عن ألفي شخص لزراعة أشجار المانغروف في بحيرة يوندانغ وسدها والجزيرة في وسط البحيرة. وعلى وجه الخصوص، بذل موظفو المكاتب المسؤولة عن حماية وإدارة بحيرة يوندانغ جهودهم المشتركة والمستمرة، فوصلت مساحة أشجار المانغروف إلى 26 ألف متر مربع حاليا. بالإضافة إلى ذلك، قامت حكومة شيامن بزراعة أشجار المانغروف في حديقتي شياتانوي للأراضي الرطبة بحي شيانغآن وهايتسانغوان ومنطقة هواندونغ هاييوي أيضا، وبلغت مساحة أشجار المانغروف في شيامن أكثر من خمسة ملايين متر مربع.

تحسن النظام الإيكولوجي في بحيرة يوندانغ بشكل كبير، خاصة بعد زراعة أشجار المانغروف، وتحقق الهدف المتمثل في استخدام أشجار المانغروف لتقوية ودعم السد وتحسين المنظر. باتت بحيرة يوندانغ واحة للطيور في المدينة، وتجتذب العديد من طيور البلشون الأبيض لتستوطن فيها. قال لو تشانغ يي: "بعد استيطان العديد من طيور البلشون الأبيض بالجزيرة الخضراء في وسط البحيرة، غيرنا اسم الجزيرة إلى ’جزيرة البلشون‘."

صارت الحوكمة الإيكولوجية لبحيرة يوندانغ نموذجا للاستعادة الإيكولوجية في الصين، بعد تحويل يوندانغ من بحيرة رائحتها كريهة إلى "قاعة استقبال ضيوف شيامن". في عام 1993، صنف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هذا النموذج باعتباره "مشروعا نموذجيا لمكافحة وإدارة التلوث في بحار شرقي آسيا". 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4