قوانغشي، باعتبارها منطقة ساخنة للتنوع البيولوجي في العالم وحاجزا إيكولوجيا مهما في جنوبي الصين، تقدم خبرات الصين لقضية حماية البيئة العالمية، من خلال دفع تحقيق هدف ذروة الكربون والحياد الكربوني بنشاط وتطوير الصناعة الخضراء بقوة وغيرهما من المجالات.
دفع أعمال حماية التنوع البيولوجي بشكل عميق
في المحمية الطبيعية الوطنية لقرد لانغور الأبيض الرأس في مدينة تشونغتسوه بمنطقة قوانغشي الذاتية الحكم لقومية تشوانغ، ظهرت مجموعة من تلك القرود في الغابات الجبلية، استجابة لنداء مفعم بالحيوية، حيث يقوم حارس المحمية تانغ لي فنغ وزملاؤه بتصوير القرود وعدها. قال السيد تانغ: "كلما أنادي القرود تأتي إلينا، وقد وجدنا تسعة منها حتى الآن."
بفضل هذه المهارة، يقول الناس إن تانغ لي فنغ "يتحدث" مع القرود. باعتباره عضوا من الدفعة الأولى لحراس المحمية الطبيعية الوطنية لقرد لانغور الأبيض الرأس، بدأ تانغ لي فنغ يتعامل مع قرود لانغور نهارا وليلا منذ عام 1982 وكان عمره تسع عشرة سنة. منذ ذاك، يتجول في الغابات والجبال، ويسجل ويراقب حركات مجموعات القرود. قال السيد تانغ: "عندما أنشئت محطة حماية قرد لانغور الأبيض الرأس، كان يوجد أكثر من أربعين مجموعة من القرود وبلغ إجمالي عدد القرود أكثر من ثلاثمائة قرد فقط. أما الآن، فتجاوز عددها ألفا وأربعمائة قرد من مائة وخمسين مجموعة. أنا سعيد بأن عدد القرود يتزايد." من خلال الكلام البسيط من تانغ لي فنغ، تبرز الصورة الحيوية للتعايش المتناغم بين الإنسان والقرود. يرجع التفاعل الودي بين الناس ومجموعات القرود الآن إلى جهود جيل بعد جيل من "حراس القرود" مثل تانغ لي فنغ، كما يرجع الفضل إلى دفع أعمال حماية التنوع البيولوجي بشكل عميق في منطقة قوانغشي.
تتمتع منطقة قوانغشي بموارد بيولوجية وافرة وأنظمة إيكولوجية متعددة وكثير من أجناس الحيوانات، فهي منطقة مهمة للأعمال العالمية لحماية التنوع البيولوجي. من أجل حماية هذه النعمة الطبيعية، أصدرت حكومة منطقة قوانغشي خمسين قانونا ولائحة وإجراء إداريا محليا متعلقا بحماية التنوع البيولوجي، وأصدرت أول لائحة لحماية موطن الحيوانات من المرتبة الأولى وأول قانون محلي لحماية موارد الأصول الوراثية في الصين، وتواصل إكمال نظام حماية التنوع البيولوجي بشكل مطرد، فاستطاعت حماية 90% من أنواع الأنظمة الإيكولوجية البرية وعدد كبير من أجناس الحيوانات النادرة المهددة بالانقراض في منطقة قوانغشي.
كل سنة، خلال الفترة من ديسمبر إلى إبريل في العام التالي، تقفز مجموعة من حيتان بريدي فوق سطح البحر القريب من جزيرة ويتشو وجزيرة شييانغ في مدينة بيهاي بمنطقة قوانغشي، الأمر الذي يجذب عددا لا يُحصى من السياح إلى الجزيرتين لمشاهدتها. كان يُعتقد أن هذا الحوت الكبير الحجم قد انقرض في سواحل بر الصين الرئيسي. بالإضافة إلى ذلك، حققت منطقة قوانغشي منجزات مثمرة في حماية التنوع البيولوجي، حيث عثر الباحثون في أكاديمية قوانغشي للعلوم على حوت بريدي في المياه القريبة من جزيرة ويتشو في عام 2016، وقاموا بالاستطلاع العلمي والدراسة بشكل منهجي في عام 2018. والآن أصبحت جزيرة ويتشو المجال البحري الوحيد الذي تظهر فيه الحيتان الكبيرة الحجم بشكل منتظم.
في الوقت نفسه، تنمو مختلف الحيوانات على أراضي منطقة قوانغشي استفادة من البيئة الإيكولوجية الطيبة. في إبريل 2024، اكتشف الباحثون سمك أوريونيكتس أندونغ (Oreonectes andongensis) في كهف عند ملتقى نهري هونغشوي وليوجيانغ في منطقة قوانغشي، مما أضاف نوعا جديدا إلى جنس أوريونيكتس. وفي الإحصاء الصيني العام الرابع لموارد العقاقير الصينية والإحصاء العام الأول لموارد الأصول الوراثية للغابات والأعشاب في منطقة قوانغشي، تم الكشف عن ستة أجناس جديدة من النباتات العليا.
في السنوات الخمس الأخيرة، اُكتشف في منطقة قوانغشي أكثر من خمسين جنسا جديدا من النباتات، و136 جنسا جديدا من الحيوانات الفقرية البرية التي تعيش في البر. ووفقا للإحصاءات من الأجهزة المعنية، اُكتشف أكثر من ستين حوت بريدي وأكثر من 380 دلفينا أبيض صينيا في المياه القريبة من سواحل منطقة قوانغشي. وازداد عدد قرود لانغور البيضاء الرأس من نحو ثلاثمائة في ثمانينات القرن العشرين إلى أكثر من 1400 الآن، وحصلت أعمال حماية قرد لانغور الأبيض الرأس على لقب "من أفضل مائة نموذج عالمي لحماية التنوع البيولوجي". حظيت مساهمات منطقة قوانغشي في دفع بناء "الصين الجميلة" على نحو شامل بالتقدير والثناء داخل الصين وخارجها.
دفع تحقيق هدف ذروة الكربون والحياد الكربوني
مع حماية التنوع البيولوجي، وجدت منطقة قوانغشي نقطة التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة. في السنوات الأخيرة، دفعت منطقة قوانغشي أعمال تحقيق هدف ذروة الكربون والحياد الكربوني بنشاط، وحققت نتائج ملحوظة من خلال تحسين هيكل الطاقة وتطوير الطاقة النظيفة ودفع التقنيات الصديقة للبيئة والمنخفضة الكربون وغيرها من الإجراءات. أنشأت منطقة قوانغشي مصانع وحدائق صناعية صديقة للبيئة، ودفعت تحول الصناعات نحو نمط تنمية أكثر خضرة مع الارتقاء بمستواها. وجدير بالذكر أن منطقة قوانغتشي احتلت المرتبة الأولى في الصين من حيث عدد المؤسسات التي حصلت على تصديق المنتجات المنخفضة الكربون وعدد شهادات التصديق، مما يعكس الخطوات الثابتة لمنطقة قوانغشي في طريق التنمية الخضراء.
في مصنع بيهاي لتكرير البترول التابع لشركة سينوبك، الذي يقع في حي تيشانقانغ بمدينة بيهاي بمنطقة قوانغشي، تجذب صفوف من لوحات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية أنظار الناس، حيث تسطع لوحات توليد الكهرباء ذات اللون الأزرق الداكن تحت أشعة الشمس، وتنقل الطاقة الكهربائية الخضراء المنخفضة الكربون بشكل مطرد.
قالت السيدة لي هاي جياو، وهي موظفة في سينوبك، إن مشروعات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح قد بدأ تشغيلها، ويمكن أن تولد الكهرباء بالطاقة الخضراء بسعة حوالي 23 مليون كيلووات/ ساعة سنويا، مما يحقق ترشيد استخدام الفحم القياسي بنحو 7000 طن سنويا، وتخفيض انبعاثات الكربون بنحو 20 ألف طن.
في الوقت نفسه، تتمسك منطقة قوانغشي بمفهوم "الجبال الخضراء والمياه النقية هي جبال من الذهب وجبال من الفضة"، وتنفذ مطالب تحقيق هدف ذروة الكربون والحياد الكربوني بجد، وتساعد التنمية الصناعية على السير بخطوات ثابتة في حماية البيئة الإيكولوجية.
في عام 2017، أصبحت محافظة شانغلين، المعروفة بأنها موطن المعمرين في العالم، أول منطقة نموذجية وطنية لبناء الحضارة الإيكولوجية في منطقة قوانغشي. الآن، تركز محافظة شانغلين القوة على تعزيز تنمية الزراعة الإيكولوجية لبناء سلسلة صناعية دورية تناسب حماية البيئة الإيكولوجية مع تحقيق الثراء للجماهير، اعتمادا على المزايا الإيكولوجية للمحافظة، وتعمل على تنمية الزراعة العضوية الخضراء لتحقيق الوحدة بين البيئة الإيكولوجية والزراعة والأرياف والفلاحين. أما محافظة لينغيون القديمة التي يرجع تاريخها إلى أكثر من ألف سنة، فتركز على تطوير الزراعة الإيكولوجية، وتولي اهتماما لتطوير زراعة شاي بايهاو وتربية دود القز وزراعة الفواكه المحلية الخاصة وتربية الدجاج في الغابات، لتشجيع الجماهير من مختلف القوميات على تطوير الصناعات وتحقيق التوظيف في مسقط رأسهم، ولهذا حصلت المحافظة على ألقاب "من أفضل عشر محافظات منتجة للشاي الإيكولوجي في الصين" و"قاعدة المنتجات الزراعية العضوية في الصين" و"موطن تربية دود القز وزراعة أشجار التوت" وغيرها.
وفقا للإحصاءات، أنشأت قوانغشي ست قواعد لتطبيق وابتكار "الجبال الخضراء والمياه النقية هي جبال من الذهب وجبال من الفضة" وتسع عشرة منطقة نموذجية وطنية لبناء الحضارة الإيكولوجية و49 بلدة نموذجية للسياحة الثقافية ذات الخصائص الإيكولوجية في المنطقة الذاتية الحكم و399 قرية نموذجية للسياحة الثقافية ذات الخصائص الإيكولوجية في المنطقة الذاتية الحكم وأقامت دفعة من النماذج المثالية للتنمية الخضراء.
مساهمة الحكمة الصينية في بناء الحضارة الإيكولوجية العالمية
لا تحقق الممارسات الخضراء لمنطقة قوانغشي الكسب المزدوج للفوائد الإيكولوجية والفوائد الاقتصادية للمنطقة فحسب، وإنما أيضا تقدم تجارب مفيدة لحماية البيئة في العالم. في نشاط "يوم 5 يونيو لحماية البيئة" لعام 2024، حضر مسؤولون حكوميون من بعض دول رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، وقالت السيدة بونكام فوراشيت، وزيرة الموارد الطبيعية والبيئة في لاوس، إن بلادها تتعاون مع الصين بشكل وثيق في مجال تعافي الأراضي وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيره من غازات الاحتباس الحراري، من خلال مشروعات التعاون الثنائي مثل تعاون لانتسانغ- ميكونغ وتعاون آسيان في البيئة وتعاون الجنوب- الجنوب، الأمر الذي يبرز تعهد البلدين بتعزيز التنمية المستدامة ومواجهة التحديات البيئية والتصحر.
كما أن وفد كمبوديا الذي حضر نشاط "يوم 5 يونيو لحماية البيئة" لعام 2024، ذهب إلى حي تيانيانغ بمدينة بايسه لزيارة مشروع المعالجة الشاملة للنفايات المعيشية لجعلها غير ضارّة، حيث عرف أعضاء الوفد أن هذا المشروع يستخدم التقنيات المتكاملة لتقليل حجم النفايات المعيشية وتحويلها إلى موارد جديدة وجعلها غير ضارّة، لحل مشكلة إعادة التلويث، وعبّر أعضاء الوفد عن تقديرهم للفعالية المرتفعة وحماية البيئة والتنمية المستدامة للمشروع.
قال السيد سوك توتش، رئيس معهد كمبوديا الملكي للعلوم: "جئنا إلى هنا، ورأينا التصنيف العلمي لمعالجة النفايات باستخدام هذه الأجهزة والتقنيات، حيث يتم تحويل النفايات إلى سماد عضوي ومواد بناء وغيرها. إن تقليل التلوث من خلال تحويل النفايات إلى موارد جديدة وإعادة استخدامها، يعكس حكمة البشرية."
بفضل التمسك بـ"منح الأولوية للبيئة الإيكولوجية والتنمية الخضراء"، لا تحفظ منطقة قوانغشي "الجبال الخضراء والمياه النقية" فحسب، وإنما أيضا تبلور فيها مفهوم "جبال من الذهب وجبال من الفضة". ستواصل منطقة قوانغشي لعب دور مهم في بناء الصين الجميلة في المستقبل، للمساهمة بحكمة الصين وحلول الصين في بناء الحضارة الإيكولوجية العالمية.