في مقهى دافئ وفريد من نوعه يحمل اسم "ديلي وديا" بأحد الأزقة المتعرجة في البلدة القديمة بمدينة كاشغر في منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم، لا يستمتع الزبائن بنكهة قهوته العطرة والغنية فحسب، وإنما أيضا يعرفون القصة الرومانسية العابرة للحدود لاسمه الفريد. عندما تذكر هذا المقهى، يخبرك التجار والسكان في المنطقة عن شاب من كاشغر وزوجته الأفريقية اللذين يبيعان القهوة، ويشاركان السياح قصتهما. أصبحت هذه الحكاية تُروى بين الناس، مما جعلها جزءا من حكايات البلدة القديمة.
"ديلي وديا" زوجان من جنسيتين مختلفتين، فالزوج هو الشاب الكاشغري ديليشات تورسون من الصين والزوجة هي هاديا من تنزانيا. بدأت قصة حبهما في الحرم الجامعي، حيث جاءت هاديا إلى جامعة فوجيان الطبية في عام 2012 للدراسة، بينما التحق ديليشات بجامعة فوتشو في العام التالي. التقى الاثنان بعيدا عن موطنيهما، وتعارفا وجمع الحب بينهما. رغم الاختلافات الثقافية الكبيرة، جعلت العناية والحنان المتبادل قلبيهما يتقاربان تدريجيا. في عام 2020، تزوجا في مسقط رأس ديليشات في كاشغر، ودخلا عش الزوجية. وفي عام 2022، قرر الزوجان الاستقالة من عمليهما في فوتشو والعودة إلى كاشغر لبدء مشروعهما، وبهذا وُلد هذا المقهى المليء بالمحبة والأحلام.
اليوم، إلى جانب هذا المقهى، فإن ثمرة حب الزوجين العابر للحدود هي طفل يبلغ من العمر سنة وثمانية أشهر.
مقهى "ديلي وديا" يديره الشاب الكاشغري ديليشات تورسون والفتاة التنزانية هاديا
تجسد الديكورات البسيطة لمقهى "ديلي وديا" الواقع في زقاق بويي بحي ووسيتانغ في مدينة كاشغر القديمة، طراز المدينة القديمة، حيث الباب الخشبي المحفور عليه اسما الزوجين. كما يضيف الباب الصغير ذو اللون الأزرق، المعلق عليه صور زفافهما، لمسة دافئة ومليئة بالمشاعر الأدبية والفنية.
داخل المقهى، ترى امتزاج العناصر الثقافية للصين وتنزانيا بذكاء، مما يجعلك تشعر وكأنك في ملتقى بين البلدين. حبوب البن في المقهى تأتي من تنزانيا، مسقط رأس هاديا، بينما الحليب الطازج يأتي من كاشغر. يمكنك أيضا مشاهدة هاديا وهي تعلم الموظفين كيفية طحن القهوة وتحضيرها، مما يضيف لمسة شخصية ومهنية إلى تجربة الزوار. يعكس كل جانب في المتجر الحرفية والتفاني في تحضير القهوة، حيث يمكنك أن تشاهد ميلاد فنجان من القهوة بنفسك وتستمتع بنكهته الغنية والصافية. يبقى عبق الفهوة في فمك، فهو مذاق لن تنساه أبدا.
مهارة هاديا ليس تقديم المذاق فريد لحبوب القهوة فحسب، وإنما أيضا تمتاز بفهم عميق وحب لأنواع مختلفة من القهوة. لذلك، يوفر المقهى مجموعة متنوعة من حبوب القهوة الأفريقية المنتقاة بعناية، حيث أصبحت القهوة العالية الجودة بمثابة التوقيع الذهبي للمتجر. إلى جانب ذلك، يقدم المتجر منتجات خاصة من كاشغر، وهدايا رائعة، ومشغولات يدوية من أفريقيا، مما يوفر للعملاء تجربة غنية ومتنوعة.
على الرغم من أن مساحة المقهى ليست كبيرة، فإن أسلوب الديكور يبرز اندماج الثقافتين الصينية والأفريقية بشكل واضح.
بالنسبة لديليشات وهاديا، هذا المقهى الخاص بهما هو حلمهما المشترك. خلال ذروة الموسم السياحي، يبلغ متوسط عدد السياح اليومي في مدينة كاشغر القديمة أكثر من 50 ألفا، ويقدم هذا المقهى ا أكثر من مائة فنجان قهوة يوميا، وبذلك حقق شهرة كبيرة في المنطقة.
الآن، لم يصبح الحلم حقيقة فحسب، بل أصبح أيضا أكثر ازدهارا. يأمل ديليشات وهاديا في أن يستخدما هذا المقهى كجسر لنقل الثقافتين الصينية والتنزانية إلى عدد أكبر من الناس من خلال القهوة اللذيذة والمشغولات اليدوية الرائعة والأنشطة اليومية. كما يطمحان إلى أن تتجذر بذور التبادلات الثقافية وتنمو في هذا المكان.
ابن ديليشات وهاديا (اليمين) يلعب مع صديق له في المقهى
بمرور الوقت، أصبح مقهى "ديلي وديا" تدريجيا مقصدا معروفا لمشاهير الإنترنت في مدينة كاشغر القديمة، ويظهر بشكل متكرر على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ومنصات مقاطع الفيديو القصيرة ومواقع السفر. يأتي السياح إلى هنا ليس لتذوق القهوة التي تجمع بين الثقافتين الصينية والأفريقية فحسب، وإنما أيضا تأثرا بقصة الحب والتفاهم التي تجمع بين ثقافتين عبر الحدود.
تتحدث هاديا عدة لغات، بما في ذلك التنزانية والصينية والإنجليزية والهندية والأردية، مما يمكّنها من التواصل بطلاقة مع العملاء من جميع أنحاء العالم. وعندما يكون هناك العديد من الزبائن، تأخذ الميكروفون وترتجل أغاني شعبية تنزانية، مما يضيف لمسة خاصة وممتعة لتجربة الزوار.
أصبحت ابتسامة هاديا وغناؤها مشهدا مؤثرا في هذا الزقاق، برفقة زوجها ديليشات وابنهما. هذه اللحظات تضيف سعادة وحيوية إلى أجواء الزقاق، مما يؤثر بعمق في قلوب المارة.
هاديا تنشد أغنية شعبية تنزانية للسياح، بينما زوجها ديليشات تورسون يحمل طفلهما الجميل بجانبها. تغني هاديا وعيناها المليئتان بالسعادة لا تفارق ابنها.
مع تزايد شعبية المقهى، يعمل ديليشات بنشاط على توسيع نموذج أعماله. بدأ في دراسة كيفية تطوير الأعمال التجارية على أساس إدارة المقهى بفعالية، وابتكر طرقا لبيع حبوب البن الأفريقية العالية الجودة من خلال البث المباشر ووسائل أخرى. يهدف إلى توزيعها في جميع أنحاء الصين وتعزيز منتجات كاشغر في أفريقيا والعالم.
في مدينة كاشغر القديمة الساحرة، تنتشر قصة "ديلي وديا" على نطاق واسع، حيث أصبحت تجارة القهوة التي يديرها الزوجان قوية بقدر قوة حبهما.
أثناء التجول في المدينة القديمة، يمكننا ملاحظة ازدهار كاشغر والتغيرات السريعة التي تشهدها المنطقة، حيث تتجذر قصة "ديلي وديا" بشكل متزايد هنا. يأتي الزوار من قوميات مختلفة ومناطق متنوعة، يحملون خلفيات وعادات مختلفة، مما يساهم في إثراء تجربة المدينة ويدعم تنوعها الثقافي. لكنهم يشتركون في نفس المثابرة والأهداف، ويعملون جميعا بلا كلل من أجل حياة أفضل. هذه الشخصيات المتنوعة تتضافر لتشكل صورة حية لكاشغر اليوم، مصحوبة بقصص ملهمة لكل فرد، ومرتبطة معا في فصل مؤثر من كتاب "الحياة"، الذي يسعى نحو تحقيق الأفضل.