يبلغ عدد سكان كاراماي أربعمائة وتسعين ألف نسمة، من بينهم ألفان مزارع فقط، ما يعني أن نسبة التحول الحضري في هذه المدينة الواقعة على الحافة الشمالية الغربية لحوض جونقار في منطقة شينجيانغ، قد وصلت إلى 2ر99%.
كاراماي، التي يعني اسمها في لغة الويغور"النفط الأسود"، مدينة صناعية حديثة نموذجية تعتمد على الموارد الطبيعية، وتساهم الصناعة بنحو 70% من الناتج المحلي الإجمالي لها. تم تطوير أول حقل نفط رئيسي في البلاد بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية في كاراماي، التي كان النفط سببا في نشأتها وازدهارها. لم تجلب الموارد النفطية الازدهار الاقتصادي لكاراماي فحسب، وإنما أيضا قدمت مساهمات كبيرة في إمدادات الطاقة والتنمية الاقتصادية في الصين.
معظم المدن القائمة على الموارد تواجه تحدي "لعنة الموارد" المتمثل في "الازدهار بفضل النفط والموت بسبب نفاد النفط". حاليا، تبلغ نسبة النفط المثبت في كاراماي 7ر33% فقط، ما يعني أن هناك إمكانات تطوير هائلة. لا تتوقف جهود كاراماي في استكشاف التحول الحضري. واستجابة للمتطلبات الإستراتيجية للدولة ومنطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم، طرحت كاراماي أفكارا تنموية متمثلة في الارتقاء بالصناعة التقليدية وتطوير قوى منتجة حديثة النوعية.
التحول الأخضر لشركة بتروكيماويات
تقع كاراماي في شمال غربي حوض جونقار، حيث المناخ القاسي والغطاء النباتي المتناثر والمياه الشحيحة للغاية، وكما يقال منذ أكثر من ستين سنة، "لا يوجد عشب ولا ماء، حتى الطيور لا تطير هنا". ومع ذلك، فإن كاراماي مدينة ميمونة، فهي غنية بالنفط والغاز والرمال النفطية والملح والفحم، وغيرها من الموارد غير المتجددة.
يحتوي حوض جونقار، حيث يقع حقل كاراماي النفطي، على حوالي عشرة مليارات طن من الموارد النفطية و3ر2 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي. في الوقت الحاضر، تبلغ نسبة النفط المثبت 7ر33% فقط، والغاز الطبيعي 5ر7%. لا تزال كاراماي، كمدينة قديمة للصناعات الثقيلة، تتمتع بإمكانات كبيرة بعد سنوات من التطوير. على وجه الخصوص، يعد زيت النفثين الثقيل موردا مهما لإنتاج زيوت التشحيم العالية الجودة والأسفلت العالي الجودة، ويبلغ إجمالي الاحتياطيات الجيولوجية المؤكدة من النفط الثقيل 580 مليون طن.
نشأت كاراماي من أجل النفط، ولا يمكن فصل ازدهارها عن موارد النفط الغنية في أرضها. منذ اكتشاف حقول النفط في خمسينات القرن العشرين، ظلت صناعة البترول والبتروكيماويات الصناعة الأساسية لهذه المدينة. وخلال فترة "الخطة الخمسية الرابعة عشرة (2021- 2025)"، حددت الصين بوضوح شينجيانغ كقاعدة كبيرة لإنتاج ومعالجة وتخزين النفط والغاز، مما أعطى شينجيانغ مكانة إستراتيجية خاصة في تنمية الطاقة الوطنية. إن هذا لا يسلط الضوء على الدور الرئيسي لشينجيانغ في أمن الطاقة الوطني وتحسين هيكل الطاقة فحسب، وإنما أيضا يوفر فرصا كبيرة للتنمية الاقتصادية والتحديث الصناعي في منطقة شينجيانغ.
في مسيرة التحول من الصناعة التقليدية إلى التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون والعالية الجودة، تعمل شركة كاراماي المحدودة للبتروكيماويات التابعة لشركة بتروتشاينا وغيرها من شركات تكرير البترول والكيماويات على تحسين كفاءة وجودة استخراج البترول ومعالجته من خلال الابتكارات التقنية والتحديث الصناعي، واستكشاف طرق جديدة للمعالجة العميقة والاستخدام الشامل للبترول، مثل تطوير سلاسل المنتجات البتروكيماوية وبناء مشروعات الكيمياويات الدقيقة، لتوسيع السلسلة الصناعية وزيادة القيمة المضافة للمنتجات.
بفضل البحث التقني المستمر، أصبحت شركة كاراماي المحدودة للبتروكيماويات أكبر قاعدة في العالم من حيث القدرة الإنتاجية لزيوت التشحيم النفثينية العالية الجودة، وهي أيضا قاعدة تبلغ قدرتها الإنتاجية مليون طن من زيوت التشحيم المتطورة والأسفلت المميز، وأكبر قاعدة محلية لإنتاج الزيت الأبيض العالي الجودة. وقد وصلت تقنيات معالجة النفط الثقيل لدى الشركة إلى المستوى العالمي المتقدم بشكل عام، وتمثل المنتجات المميزة أكثر من 34% من كل منتجاتها، ووصلت تقنياتها في بعض المجالات إلى المستوى الرائد عالميا، ونجحت في إنتاج زيت المحولات والزيت المبرد واللدائن المطاطية والزيت الأبيض العالي الجودة، وسلسلة أخرى من المنتجات "العملاقة الصغيرة"، وقد ملأ عدد من منتجاتها الفجوة المحلية.
إن شركات تكرير البترول والكيماويات والتي تعتبر تقليديا عالية الاستهلاك للطاقة وعالية الانبعاثات، تتحول بنشاط لتحقيق الإنتاج المنخفض الكربون والأخضر من خلال الابتكارات التقنية وتحسين العمليات، مع زيادة الاهتمام بالتنمية المستدامة على مستوى العالم وهدف الصين المتمثل في الوصول إلى ذروة انبعاثات الكربون وتحقيق الحياد الكربوني. والأهم من ذلك، أن شركات تكرير البترول والكيماويات التي تدعم التنمية الاقتصادية في كاراماي، لديها قدرة قوية على استيعاب الطاقة الجديدة والبحث العلمي، وهي أيضا قاعدة مهمة لكاراماي للانتقال إلى طاقة الهيدروجين كاتجاه رئيسي.
تعد موارد طاقة الرياح والطاقة الشمسية الوفيرة في كاراماي الأساس الرئيسي لإنتاج الهيدروجين الأخضر. النقطة الأساسية هي أن كاراماي لديها سيناريو واسع لتطبيق استبدال الهيدروجين الرمادي، والذي يوفر إمكانات سوقية ضخمة وطلبا فعليا لتطوير صناعة طاقة الهيدروجين.
على وجه الخصوص، لدى شركتي البتروكيماويات المحليتين الرئيسيتين طلب كبير على الهيدروجين. قال ين هونغ، نائب مدير قسم التخطيط والعلوم والتكنولوجيا في شركة كاراماي المحدودة للبتروكيماويات: "كمية الهيدروجين المستخدمة في المصنع تصل إلى ما يقرب من 50 ألف متر مكعب في الساعة." هذا يوفر مجالا واسعا لتعميم واستخدام الهيدروجين الأخضر. هذا تفوق فريد لكاراماي. وقال قه بن ليانغ، نائب مدير لجنة إدارة منطقة كاراماي للتنمية الصناعية العالية التقنية، إن اختيار كاراماي لصناعة طاقة الهيدروجين ليس انسياقا أعمى في الاتجاه السائد، وإنما قائم على أساس مزايا الموارد والهيكل الصناعي، ويتفق مع الاحتياجات الواقعية وأسس التطبيق وإمكانيات التنمية.
صناعة حجمها ثلاثون مليار يوان
الهيدروجين ليس وقودا فحسب، وإنما أيضا مادة خام مهمة في تكرير البترول، ويستخدم على نطاق واسع في عمليات الإنتاج لشركات البتروكيماويات. في الوقت الحاضر، نظرا لعوامل مثل تكلفة الإنتاج واستقراره، فإن الهيدروجين المستخدم في الإنتاج هو الهيدروجين الرمادي وجزء صغير من الهيدروجين الأزرق.
تنقسم طاقة الهيدروجين إلى الهيدروجين الرمادي والهيدروجين الأزرق والهيدروجين الأخضر، وفقا لطريقة الإنتاج وحجم انبعاثات الكربون. يتم إنتاج الهيدروجين الرمادي بشكل أساسي من خلال تحويل الوقود الأحفوري، ويشتق الهيدروجين الأزرق من الغاز الطبيعي من خلال عملية إعادة تشكيل الميثان بالبخار، فيتم حبس غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث، ثم تتم إعادة استخدامه أو يتم تخزينه، ولكن تكلفة الحبس والتخزين مرتفعة. يتم إنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق للماء، ولا تصدر غازات الدفيئة أثناء عملية إنتاجه، لذلك يعتبر اتجاها مهما لتحول الطاقة في المستقبل.
إن تحقيق استبدال الهيدروجين الرمادي ليس فقط أكثر ملاءمة للبيئة، وإنما أيضا هو سيناريو استهلاك مهم لتطوير طاقة الهيدروجين. قال قه بن ليانغ: "المهمة الأساسية لكاراماي، كمدينة نفطية، هي استبدال الهيدروجين الرمادي التقليدي من أجل تحقيق خفض الانبعاثات، وهذا الجزء من كمية الاستبدال هو المطلب الأساسي لتطوير طاقة الهيدروجين في كاراماي. من خلال هذا المطلب الأساسي، يتم حل مشكلة ارتفاع تكلفة الهيدروجين في عملية الإنتاج المبكرة، وزيادة الحجم الإجمالي لإنتاج واستخدام الهيدروجين، وذلك يساعد في تقليل تكلفة الهيدروجين." وقال يوي شينغ قوه، نائب رئيس مدينة كاراماي: "تطوير صناعة الطاقة الهيدروجينية يعتمد على سيناريو تطبيقها." لذلك، بالإضافة إلى طلب صناعة البترول والبتروكيماويات على "الهيدروجين الأخضر"، من أجل تحقيق سيناريوهات تطبيق طاقة الهيدروجين، تستفيد مدينة كاراماي استفادة كاملة من مزايا مواردها في طاقة الرياح والطاقة الشمسية، فضلا عن أساسها العميق في مجال صناعة البتروكيماويات، لبناء سلسلة صناعية متمثلة في "إنتاج الهيدروجين عن طريق الرياح وأشعة الشمس، واستخدام الهيدروجين في عملية إنتاج البتروكيماويات وإمداد طاقة كهربائية من خلال التفاعل الكيميائي للهيدروجين".
تشتمل صناعة الطاقة الهيدروجينية في كاراماي على إنتاج الهيدروجين وتخزينه ونقله واستخدامه، أي تعزيز التطبيق المبتكر لـ"إنتاج الهيدروجين عن طريق الرياح وأشعة الشمس+ الطاقة الخضراء لمراكز البيانات"، وبناء أول مركز بيانات للكهرباء الخضراء النقية الخالية من الكربون في شينجيانغ، وتعزيز التطبيق التوضيحي لمركبات بطاريات وقود الهيدروجين في الطرق الخضراء الحضرية، واستكشاف النموذج الجديد مثل "الميثانول الأخضر+ مُركّبات الميثانول".
وبحلول عام 2025، ستتجاوز الطاقة الإنتاجية لـ"الهيدروجين الأخضر" في كاراماي مائة ألف طن كل سنة، وسيتجاوز حجم الصناعات المعنية ثلاثين مليار يوان (الدولار الأمريكي يساوي 1ر7 يوانات تقريبا حاليا).
اقتصاد الحوسبة.. عينة خضراء من كاراماي
تتبنى كاراماي، كونها قاعدة صناعة النفط في شمال غربي الصين، الاقتصاد الرقمي لتحقيق التحول والارتقاء بالهيكل الاقتصادي. بالاعتماد على أساس صناعي متين وبنية تحتية متقدمة لتكنولوجيا المعلومات، تسعى كاراماي لتعزيز التحول الرقمي للصناعات التقليدية، مع التركيز على بناء مركز حوسبة جديد وقاعدة خدمات لمعلومات البرمجيات وقاعدة خدمات لمعلومات الجغرافيا الفضائية، بجانب تطوير قطاع التصنيع الذكي.
في عام 2012، أنشئت في كاراماي حديقة الحوسبة السحابية الصناعية، وفي عام 2015 تأسس بها أول مركز بيانات خدمة سحابية. يوجد حاليا في هذه الحديقة ستة مراكز بيانات ضخمة وأكثر من 60 ألف خزانة بيانات، وهي بذلك تحتل المرتبة الأولى في شمال غربي الصين في هذا المجال، مما يوفر منصة لتطوير الاقتصاد الرقمي في كاراماي.
اقتصاد الحوسبة، كشكل صناعي جديد، يعد من القطاعات العالية الاستهلاك للكهرباء. وقد أصبحت كاراماي مكانا مثاليا لتوليد الكهرباء بالطاقة الجديدة وتنمية اقتصاد الحوسبة، بفضل مزاياها في مجال الطاقة والمناخ والأرض والجيولوجيا ومجموعة واسعة من سيناريوهات تطبيقات البترول والبتروكيماويات. من خلال الاستخدام الفعال للطاقة الخضراء الوفيرة في كاراماي، يتم تنفيذ مشروع "التعاون بين الحوسبة والكهرباء" بالكامل، لدعم بناء "شبكة الحوسبة الخضراء والمنخفضة الكربون والفعالة" في منطقة شينجيانغ. قال يه توان يوان نائب مدير حديقة الحوسبة السحابية الصناعية في كاراماي: "سنستخدم المزايا المحلية بشكل فعال لتقديم الخدمات إلى المناطق ذات الطلب المرتفع على الحوسبة." لا يحل هذا النموذج بشكل فعال مشكلة الاستهلاك المحلي للكهرباء المولدة بالطاقة الجديدة فحسب، وإنما أيضا يقلل من تكاليف نقل الكهرباء واستهلاك الطاقة، كما يوفر فرصا تنموية جديدة للاقتصاد الرقمي في كاراماي.
وإلى جانب الحوسبة، تستكشف كاراماي أيضا تطبيق تقنية التبريد السائل في مركز الحوسبة، لتحسين كفاءة التبريد وتقليل استهلاك الطاقة. يمكن لتقنية التبريد السائل امتصاص الحرارة ونقلها بشكل أكثر فعالية من أنظمة تبريد الهواء التقليدية باستخدام السائل كوسيط للتبريد، خاصة لبيئات الحوسبة العالية الكثافة. يمكن أن يؤدي تطبيق هذه التقنية، بجانب مصادر كاراماي الطبيعية الباردة، مثل الظروف المناخية الباردة، إلى تحسين كفاءة الطاقة بشكل كبير في مركز البيانات.