مجتمع < الرئيسية

عيد الربيع على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي.. العالم يشاركنا عيدنا النفيس

: مشاركة
2025-01-22 12:03:00 :Source لو تشونغ:Author

يعد عيد الربيع أهم الأعياد التقليدية للشعب الصيني، وله مكانة مهمة في تاريخ الحضارة الصينية. في الرابع من ديسمبر عام 2024، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) "عيد الربيع، وهو من الممارسات الاجتماعية للشعب الصيني في الاحتفال برأس السنة الصينية"، في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.

قال قاو وي، رئيس جمعية بكين للتقاليد الشعبية وخبير التقاليد الشعبية: "إدراج عيد الربيع في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، هو اعتراف من العالم بثقافة الأمة الصينية، الأمر الذي يوسع تأثيرها في العالم. يعكس عيد الربيع صفات الصينيين الجميلة، بما فيها احترام الأقرباء وحب الحياة." وقالت يانغ لي هوي، رئيسة مركز بحوث وتنمية التراث الثقافي غير المادي في جامعة بكين للمعلمين: "إن تقديم الحكومة الصينية طلب إدراج عيد الربيع في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، يجسد الأهمية الكبيرة لعيد الربيع بالنسبة للصينيين. علينا الحرص عليه ومشاركته مع العالم."

ووفقا للإحصاءات، يعد عيد الربيع من الأعياد الرسمية في عشرين دولة ومنطقة، وتقام فعاليات تقليدية للاحتفال بعيد الربيع في حوالي مائتي دولة ومنطقة، فقد أصبح حدثا ثقافيا عالميا.

عيد الربيع أكثر "تدويلا" بعد إدراجه على قائمة التراث الثقافي غير المادي

عندما سئلت يانغ لي هوي عن سبب تقديم طلب إدراج عيد الربيع على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، وما إذا كان ذلك لأن ثقافة عيد الربيع مهددة بالإنقراض، فننقذها ونحميها بهذه طريقة، قالت إن ثمة سوء فهم لدى البعض حول سبب تقديم طلب إدراج عيد الربيع على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي. هذه الخطوة لا تعني أن التراث الثقافي المادي وغير المادي يفتقر إلى الحيوية في العصر الحديث، بل على العكس، فإن هذا يساعد في إبراز القيمة التاريخية والثقافية للحضارة الصينية ويجسد السعي الروحي للأمة الصينية. وأضافت: "إن موافقة التجمعات السكنية وسكانها على تقديم طلب إدراج عيد الربيع، كونه جزءا من الثقافة التي تبرز الشعور بالهوية، على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، يعني أن عيد الربيع له أهمية كبيرة لنا. علينا الحرص عليه ومشاركته مع العالم."

بعبارة أخرى، أصبح عيد الربيع أكثر "تدويلا" بعد إدراجه على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي. تعتقد يانغ لي هوي أن عيد الربيع كان في السابق يخص الصينيين وحدهم، أما الآن فإن تأثيره يمتد إلى العالم كله تقريبا، وتنتشر المفاهيم الثقافية التقليدية الصينية، بما فيها التعايش المتناغم بين الطبيعة والبشر والصلاة طلبا للبركة والمحبة الأخوية واللقاءات العائلية، إلى مختلف أنحاء العالم.

قال دنغ تشاو، رئيس إدارة التراث الثقافي العالمي في الهيئة الوطنية للتراث الثقافي في الصين، إن تعزيز عمل التراث الثقافي العالمي هو قوة محركة مهمة للتنمية المستدامة لمواقع التراث الثقافي. إن تقديم طلب الإدراج في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، من شأنه إثارة الدور الإيجابي للتراث الثقافي العالمي في بناء التحديث الصيني النمط الذي يهتم بالتناسق بين الحضارة المادية والحضارة الروحية، وإثارة الدور الإيجابي لحماية الآثار في إفادة جماهير الشعب ودفع التطور الشامل للبشرية.

التراث الثقافي العالمي إنجازات مهمة لتطور الحضارة البشرية، وهو أيضا حامل مهم لتعزيز التواصل والتعلم المتبادل بين الحضارات المختلفة. يعتقد قاو وي أن النجاح في إدراج عيد الربيع على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي أتاح فرصة ممتازة لتعظيم وتوارث الأعياد التقليدية الصينية. إن الأعياد التقليدية الصينية ليست موارد ثقافية يتشاركها الصينيون معا فحسب، وإنما أيضا حامل مهم لنشر الثقافة الصينية.

"سويشو" و"تشنغدان" و"يواندان"

قديما، كان عيد الربيع يسمي بـ"سويشو وتشنغدان ويواندان" (بدء السنة)، وباعتباره نقطة أصلية لنظام التقويم القمري الصيني، يعني رأس السنة الجديدة. أشار نائب رئيس الجمعية الصينية للتقاليد الشعبية تشانغ بوه، إلى أن أصل عيد الربيع يرتبط ارتباطا وثيقا بتشكيل مفهوم "نيان" ("السنة" في اللغة الصينية).

"السنة" هي مقياس الوقت في المجتمع الزراعي، وتجسد إيقاع وقانون حياة القدماء. قال شياو فانغ، الأستاذ في كلية علم الاجتماع بجامعة بكين للمعلمين، إن نشاطات تقديم القرابين للآلهة والاحتفال بعد الحصاد الوافر أصبحت بشكل طبيعي معلما بين كل سنتين. غالبا ما يقام الحفل الكبير التقليدي لتقديم القرابين للآلهة أو الأسلاف في الشتاء أو الربيع في نهاية السنة أو بداية السنة الجديدة، وهو المصدر الأصلي لعيد الربيع.

كان أبناء أسرة تشو (القرن الـ11- 256 ق.م) يعتبرون الشهر الحادي عشر من التقويم القمري الصيني هو الشهر الأول لبدء السنة الجديدة، وكان الناس يحتفلون بعيد الربيع في نهاية الشهر العاشر أو في بداية الشهر الحادي عشر من التقويم القمري. وفي عام 104 ق.م، حدد الإمبراطور وو دي (ليو تشه) لأسرة هان الغربية (206 ق.م- 24م)، الشهر الأول في التقويم القمري كالبداية للسنة الجديدة. رغم تعديل وتغيير التقويم القمري باستمرار بعد ذلك، لم يتغير وقت بدء السنة الجديدة في التقويم القمري.

وفقا للسجلات التاريخية، خلال فترة ما بين أسرة تشين (221- 207 ق.م) وأواسط أسرة هان الغربية (206 ق.م- 24م)، تم تحديد الشهر العاشر للتقويم القمري كبداية للسنة الجديدة، واليوم الأول من هذا الشهر هو عيد رأس السنة الجديدة. ومنذ أواسط عهد أسرة هان الغربية، تم تحديد اليوم الأول من الشهر الأول كعيد رأس السنة القمرية الجديدة، ويسمي هذا اليوم بـ"تشنغيويدان" أو "تشنغدان" أو "تشنغري". كان هذا اليوم هو يوم احتفال مهم للأسرة الإمبراطورية في فترة أسرة هان الغربية، وكان الإمبراطور يعقد اجتماعا كبيرا في ذلك اليوم.

أشار كتاب ((المدينة والنصوص والحياة، بحوث وثائق السنة وأعياد السنة لبكين)) الذي ألفه شياو فانغ وتشانغ بوه، إلى أن بداية السنة الجديدة كانت تسمىي بـ"يوانتشنغ" أو "يوانري" أو "يوانهوي" في فترة الأسر الجنوبية والشمالية (420- 589م)، و"يوانري" أو "سويري" أو "يوانتشنغ" في فترة أسرة سوي (581- 618م) وفترة أسرة تانغ (618- 907م)، و"يوانري" أو "يواندان" أو "شيننيان" في فترات الأسر اللاحقة حتى أسرة تشينغ (1644- 1911م). وظل الاجتماع الذي يعقد في هذا اليوم حفلا مهما للأسرة الإمبراطورية.

بعد تولي صون يات صن منصب الرئيس المؤقت لجمهورية الصين (1912- 1949م) في مدينة نانجينغ في عام 1912، حدد اليوم الأول من يناير عام 1912 عيد رأس السنة الجديدة للعام الأول لجمهورية الصين. وبعد سنتين، وافقت حكومة بكين على اقتراح بجعل عيد رأس السنة الجديدة القمرية عيد الربيع. ومنذ ذلك الوقت، تسمى بداية السنة الجديدة القمرية بـ"عيد الربيع" رسميا على المستوى الحكومي.

في السابع والعشرين من سبتمبر عام 1949، قررت الدورة الأولى للمجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني أن جمهورية الصين الشعبية تحديد اليوم الأول من يناير للتقويم الغريغوري كـ"يواندان"، أي عيد رأس السنة الجديدة رسميا، واليوم الأول من الشهر الأول للتقويم القمري الصيني كـ"تشونجيه"، أي "عيد الربيع". وفي الثالث والعشرين من ديسمبر عام 1949، اعتمد الاجتماع التنفيذي الثاني عشر لمجلس الدولة الصيني ((لائحة العطلات الرسمية للأعياد السنوية وأيام الذكرى الوطنية))، وحدد عيد الربيع عطلة رسمية.

عادات وتقاليد عيد الربيع

قال الباحث الثقافي المشهور فنغ جي تساي، إن أكبر تراث ثقافي مادي للصين هو سور الصين العظيم وأكبر تراث ثقافي غير مادي للصين هو عيد الربيع. بالمعنى الضيق، عيد الربيع هو اليوم الأول من الشهر الأول القمري، وبالمعنى الواسع، عيد الربيع هو سلسلة من مهرجانات الأعياد محورها نهاية السنة القديمة القمرية وبداية السنة الجديدة القمرية، وتغطي تحول الدورة من سنة إلى أخرى.

أشار تشانغ بوه إلى أن عيد الربيع، باعتباره نقطة تحول من سنة إلى أخرى، يشمل مجموعة من الأعياد والمناسبات مثل "لابا" (اليوم الثامن من الشهر الثاني عشر القمري) و"شياونيان" (اليوم الثالث والعشرين من الشهر الثاني عشر حسب التقويم القمري الصيني) و"تشوشي" (عشية السنة الجديدة القمرية) واليوم الأول من الشهر الأول القمري وعيد الفوانيس (ليلة اليوم الخامس عشر من الشهر الأول حسب التقويم القمري الصيني) وغيرها. يعتبر عيد الربيع أعظم عيد للصينيين وفيه العادات والتقاليد الأكثر وفرة، ويقوم خلاله أبناء مختلف القوميات الصينية في كل المناطق باحتفالات مختلفة، تشمل تقديم القرابين للآلهة والأسلاف، ووداع السنة القديمة واستقبال السنة الجديدة، والتجمعات العائلية وزيارة الأصدقاء فهو وقت للترفيه والراحة.

تقول أناشيد الأطفال الصينية التقليدية: "بعد عيد 'لابا' يأتي عيد الربيع." يوم عيد "لابا" هو أكثر الأيام برودة في السنة، ومن عادة معظم الصينيين أن يعدوا عصيدة لابا في ذلك اليوم، ثم يبدؤون في تنظيف بيوتهم. وفي بعض المناطق الصينية، يصنع المحليون جبن فول الصويا في اليوم الخامس والعشرين من الشهر الثاني عشر حسب التقويم القمري الصيني، وهو تقليد يعني الصلاة طلبا للبركة؛ كما يشترون اللحوم في اليوم السادس والعشرين من الشهر الثاني عشر حسب التقويم القمري الصيني استعداد لمأدبة عيد الربيع.

يسهر الصينيون في عيد رأس السنة حتى وقت متأخر من الليل، ويقول المثل الصيني القديم: "عشية السنة القمرية الجديدة تربط بين سنتين". وفي تلك الليلة، تضاء المصابيح في كل البيوت، ولا ينام الناس في انتظار توديع السنة القديمة واستقبال السنة الجديدة، كما يقومون بلصق دوبيتات الشعر ورسوم السنة الجديدة على الأبواب وتعليق الفوانيس وإعداد وجبة ليلة رأس السنة القمرية الجديدة. لا شك أن وجبة ليلة رأس السنة القمرية الجديدة هي الحدث الأهم في ذلك اليوم. بالنسبة للصينيين، هذه الوجبة هي الوليمة الأكثر فخامة والأعمق مغزى في كل السنة. وبجانب ذلك، يعتبر تقديم القرابين للأسلاف أمرا مهما للغاية، فهو جزء من مراسم وداع السنة القديمة واستقبال السنة الجديدة، وحفل مهم للتعبير عن شكر الصينيين للأسلاف على منحهم الحياة.

في اليومين الرابع والخامس من الشهر الأول حسب التقويم القمري الصيني، يحتفل الصينيون باستقبال آلهة المطبخ وآلهة المال على التوالي، ويؤدون الصلاة بطرق مختلفة طلبا للبركة في السنة الجديدة وتطلعا إلى مستقبل جميل. يعبر الصينيون عن احترامهم الكبير لعيد الربيع ويعلقون عليه آمالا كبيرة. يعد عيد الربيع جزءا من المسيرة التاريخية التي أنشأت الثقافة الصينية عبر جميع القوميات الصينية، ويبين بوضوح المغزى العميق للنظرة التاريخية الصحيحة للأمة الصينية، ولهذا أصبح الرمز الأكثر تميزا للثقافة الصينية.

قال قاو وي، إن عادات وتقاليد عيد الربيع قد تتغير مع تطور المجتمع، لكن ثمة أشياء يجب أن تبقى وتستمر عبر الأجيال. بعبارة أخرى، يجب توارث هذه العادات حتى وإن تغيرت مع الزمن.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4