رياضة < الرئيسية

الرماية بالسهم.. رياضية جديدة للشباب الصينيين

: مشاركة
2023-09-20 14:03:00 الصين اليوم:Source نان بي باو:Author

مع ارتفاع مستوى معيشة الصينيين وزيادة اهتمامهم بالصحة واللياقة، يتوجه مزيد من الصينيين وخاصة الشباب إلى الأندية الرياضية ويمارسون تمارين متنوعة لتقوية العضلات والتخلص من الضغط العصبي الناجم عن العمل والدراسة. الرماية بالسهم باتت من الرياضات المرغوبة لشباب الصين في السنوات الأخيرة ويمارسونها خارج أوقات الدوام والدراسة.

أسباب زيادة الرغبة في الرماية بالسهم

الرماية بالسهم ليست رياضة جديدة أو قادمة من خارج الصين، وإنما رياضة لعبت دورا كبيرا في تاريخ الصين. في العصور القديمة وخاصة في عصر الأسلحة الباردة، كان القوس والسهم من أهم الأسلحة للدفاع عن النفس وصد هجوم قوات العدو، وكانت مهارة الرماية بالسهم معيارا رئيسيا لتقييم أداء الجنود في الجيش، بل كانت اختبارا مهما في اختيار الموظفين للحكومة. لذلك، اهتم الصينيون في تلك العصور برفع مهارات الرماية بالسهم منذ صغرهم. كانت الرماية بالسهم من بين ست مهارات مهمة للأشخاص المتعلمين جيدا. وإجمالا، يمكن القول إن الرماية بالسهم مكون مهم للثقافة الصينية التقليدية.

مع تقدم تكنولوجيا الدفاع في العصر الجديد ودخول العالم إلى عصر الأسلحة الحرارية، يُستخدم القوس والسهم كأدوات رياضية في المسابقات، وأدرجت الرماية بالسهم في المنافسات الرسمية للدورة الثانية للأولمبياد الحديثة في باريس بفرنسا في عام 1900 وأدرجت في مسابقات الألعاب الآسيوية منذ عام 1978. بدأت الصين تطور هذه الرياضة من جديد منذ خمسينات القرن العشرين وشارك الرياضيون الصينيون في مسابقات الرماية الأولمبية لأول مرة في أولمبياد لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية في عام 1984 وحصلت لي لينغ جيوان على الميدالية الفضية في تلك الدورة. بعد ذلك، في أولمبياد بكين في عام 2008، قدمت تشانغ جيوان جيوان أداء ممتازا وفازت بأول ميدالية ذهبية للصين في هذه الرياضة. مع تطور الرماية بالسهم في الصين والإنجازات التي حققها الرياضيون الصينيون، يرغب كثير من الصينيين في ممارستها كمتعة وهواية.

اليوم، مع التطور السريع للمجتمع وزيادة أعباء العمل والدراسة، يشعر كثير من الناس وخاصة الشباب بالإرهاق الجسدي والعقلي ويحتاجون إلى ممارسة الأنشطة الرياضية الترفيهية لتقوية الجسم والتخلص من التعب. في هذا السياق، تعد الرماية بالسهم رياضة مثالية تحقق الفوائد الجسدية والعقلية. أصدرت شركة ميتوان لمبيعات التجزئة "عشرة وسائل جديدة لتقليل الضغط النفسي في عام 2022" بحسب بيانات الاستهلاك ومنها الرماية بالسهم وهذا يعكس شعبية الرماية بالسهم بين الصينيين.

 اختلافا عن ألعاب الكرة وألعاب القوى وغيرهما من الرياضات التنافسية الشديدة، تتطلب الرماية بالسهم قدرة عالية على التركيز والتحكم والقوة البدنية في نفس الوقت. يجب على ممارس الرماية بالسهم أن يقف ساكنا ويحدد الهدف في اللوحة البعيدة بعينه ويطلق السهم بيده. وفي هذه العملية، ينبغي له أن يركز في حركاته بكل دقة وقوة. هكذا، يمكنه أثناء ذلك أن ينسى هموم وضغوط العمل والحياة. بعد ممارسة الرماية بالسهم لفترة، تتعزز صحة الممارس الجسدية في الذراع والصدر واليدين والظهر والأكتاف، ومهارته في ضبط النفس، مما يساعده على تحسين أدائه في العمل والدراسة بإمكاناته وبالطريقة الأنسب لتحقيق النجاح الأكبر.

انتشار الرماية بالسهم بين الشباب

مع تطور رياضة الرماية بالسهم في الصين وفوائدها الكثيرة، يرغب كثير من الشباب في ممارستها كوسيلة لتقوية الجسم أو كرياضة ترفيهية في حياتهم. ومن أجل تنويع الدروس وزيادة متعتها وإثراء حياة طلاب المدارس والجامعات، دخلت الرماية بالسهم في المدارس والجامعات الصينية. تشينغداو، بمقاطعة شاندونغ، تعتبر من المناطق الرائدة في انتشار هذه الرياضة بالصين، حيث دعت عدة مدارس محلية أبطال الرماية المشهورين لتدريب طلابها على هذه الرياضة، ومنهم تشانغ جيوان جيوان الفائزة بالميدالية الذهبية الأولمبية في الرماية بالسهم، التي عادت إلى تشينغداو بعد اعتزالها اللعب، لإلقاء محاضرات على الطلاب حول المعلومات الأساسية للرماية بالسهم وتاريخ تطورها في العالم والصين، وتعليمهم التقنيات البسيطة لهذه الرياضة. فضلا عن ذلك، دمجت بعض المدارس الرماية بالسهم في المناهج المدرسية، وأنشأت ملاعب التدريب المتخصصة، فيمكن للطلاب تلقي تدريبات أكثر تخصصا وعلما، لتعزيز رغبتهم في ممارسة هذه الرياضة وتقوية جسمهم ورفع معنوياتهم وعزمهم في آن واحد.

الرماية بالسهم ليست درسا ممتعا للطلاب في المدارس فحسب، وإنما أيضا رياضة شائعة بين طلاب الجامعات في الصين. من أجل زيادة مشاركة طلاب الجامعات في النشاطات الرياضية، وضعت جامعات صينية عديدة دروسا اختيارية، ومنها الرماية بالسهم. في جامعة دونغنان بنانجينغ في مقاطعة جيانغسو، تحظى الرماية بالسهم بشعبية بين الطلاب، وقد تم اختيار درس الرماية بالسهم خلال 14ر0 ثانية في بداية الفصل الدراسي في أكتوبر عام 2022. بالإضافة إلى ذلك، أنشأت جامعة بكين وجامعة تشجيانغ وجامعة جياوتونغ بشانغهاي وغيرها من الجامعات الصينية، فرق الرماية بالسهم وشارك فيها كثير من الطلاب لتجربة هذه الرياضة الممتعة.

بالنسبة للشباب الذين يعملون في مجالات مختلفة، تعد ممارسة الرماية بالسهم وسيلة جديدة لتخفيف حدة الإرهاق الذهني وتقوية العضلات والأعصاب. على سبيل المثال، تعمل تشانغ لينغ في شركة للاستثمار المخاطر في شانغهاي. أعمالها كثيرة وتقضى ساعات طويلة في المكتب كل يوم، فتشعر بإرهاق العضلات والضغط النفسي الشديد، مما جعلها تعاني من صعوبة في النوم والقلق أحيانا. بعد تلقي العلاج الطبي، تحسنت صحتها بصورة تدريجية. ومن أجل تقوية الجسم وتخفيف التوتر، قررت تشانغ لينغ ممارسة الرياضة. قالت إنها تأثرت بمشهد الرماية في المسلسلات التلفزيونية وقرأت بعض الكتب حول فوائد الرماية بالسهم، فقامت بالتسجيل في أحد أندية الرماية حيث تعلمت أنواع الأقواس المستخدمة في البطولات والأنشطة والمهارات الأساسية للرماية. لم تكن الرماية بالسهم رياضة سهلة لها، لأنها ليست لديها قوة كافية لشد وتر القوس ولا تتمكن من إصابة الهدف. بعد تلقي التمارين في عطلة الأسبوع لمدة نصف سنة، تعززت قوة الجزء العلوي لجسدها وقدرتها على التحكم في التنفس والتركيز بعمق. هكذا، وجدت تشانغ لينغ المتعة الخاصة للرماية بالسهم وجعلتها وسيلة مهمة لممارسة اللياقة البدنية والمحافظة على السلامة النفسية، وصارت توصي أصدقاءها وزملاءها بممارسة الرماية بالسهم.

بالإضافة إلى ذلك، الرماية بالسهم طريقة للتعرف على الأصدقاء الجدد ذوي الهواية المشتركة. على سبيل المثال، انتقل وانغ هونغ يه البالغ من العمر 29 عاما إلى شنتشن بمقاطعة قوانغدونغ في بداية عام 2023 لريادة الأعمال، بعد أن عمل في بكين لمدة خمس سنوات. شعر بالوحدة في البداية، وعندما رأى عدة أندية للرماية بالسهم في المناطق التجارية سجل اسمه فيها. يحب وانغ هونغ يه الرياضة ولعب كرة القدم وكرة السلة والتزلج على اللوح والصحن الطائر وغيرها. بعد إتقان المعلومات والتقنيات الأساسية للرماية بالسهم تحت إرشاد المدرب والمناقشة مع المتدربين الآخرين، تقدم وانغ هونغ يه في مهارات الرماية بسرعة، وشعر بمتعة النجاح كلما أصاب السهم في مركز لوحة هدف الرماية. قال وانغ هونغ يه إن الرماية بالسهم لا تفيد الصحة فحسب، وإنما أيضا وسيلة مهمة لبناء روابط الصداقة من خلال تبادل الخبرات وتقديم المساعدات. لقد تعرف على أصدقاء لهم نفس الهواية في نادي الرماية، وتعاونوا في تأسيس شركة سياحة صغيرة.

مسابقات وأنشطة متنوعة لتحفيز الشباب في ممارسة الرماية بالسهم

الرماية بالسهم، باعتبارها رياضة قديمة ومفيدة، حققت شعبية متزايدة بين الشباب الصينيين الذين يمارسونها لتقوية الصحة العامة وتقليل الضغط النفسي وتوسيع دائرة العلاقات الاجتماعية. ولتعزيز مشاركة الشباب في هذه الرياضة، تنظم الصين في السنوات الأخيرة مسابقات وأنشطة مختلفة للرماية. تهتم مقاطعة قوانغدونغ بتنمية هذه الرياضة، وأقامت سلسلة من المسابقات. ففي قوانغتشو، حاضرة المقاطعة، أقيمت دورتان من بطولة الرماية بالسهم المفتوحة لكأس هايتشو منذ عام 2022، وجذبت أكثر من ثلاثمائة ممارس لهذه الرياضة من المدن المختلفة بمقاطعة قوانغدونغ، ومن بكين ومقاطعة آنهوي وغيرهما من المناطق بالصين، بل ومن دول أجنبية مثل بريطانيا وإيران. وجدير بالذكر أن عدد المشاركين تحت 18 عاما في الدورة الثانية للبطولة بلغ 62 مشاركا، يمثلون حوالي 30% من إجمالي عدد المشاركين في تلك الدورة. وهذا يشير إلى الانتشار السريع لهذه الرياضة بين اليافعين في مقاطعة قوانغدونغ.

في عام 2006، أقامت شانغهاي بطولة كأس العالم للرماية بالسهم لأول مرة وبعد ذلك، واصلت شانغهاي استضافة هذه البطولة لمدة اثنتي عشرة سنة ابتداء من عام 2009. وشارك فيها عدد كبير من الرياضيين الممتازين من الصين والدول الأخرى، الأمر الذي جذب المشاهدين المحليين لمتابعة البطولة كل عام. مع زيادة الاهتمام بهذه الرياضة في شانغهاي، أقامت الجهة المنظمة للبطولة سلسلة من الأنشطة، وتقوم بترويج الرماية بالسهم منذ عام 2018 خلال فترة إقامة البطولة. ‏في عام 2023، تمت إقامة اثني عشر نشاطا، حيث يمكن للسكان الراغبين المشاركة في الأنشطة الرائعة في أندية الرماية المحددة. ومن بين المشاركين في الأنشطة عدد كبير من الشباب، الذين تعلموا مهارات جديدة وتبادلوا الخبرات مع الرياضيين العالميين. هكذا، تعززت حماسة الشباب المحليين في تجربة هذه الرياضة بشكل كبير.

الرماية بالسهم، التي تعد سلاحا رئيسيا ومهارة مهمة في العصور القديمة، ورياضة مهمة في البطولات العالمية ووسيلة مفيدة لتقوية الجسم وتقليل الضغط في العصر الحديث، حققت انتشارا كبيرا في الصين في السنوات الماضية، فزاد عدد الشباب الصينيين من كافة مراحل العمر الذين يمارسون هذه الرياضة ويتمتعون بفوائدها. وفي نفس الوقت، مع تعزيز رغبتهم في الرماية بالسهم، ظهرت مجموعة من المسابقات والأنشطة التي تتيح لهم إبراز مهارتهم في هذه الرياضة. مع انتشارها بصورة سريعة، من المتوقع أن تصبح الرماية بالسهم واحدة من الرياضات الأكثر شعبية في الصين في المستقبل القريب. 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4