في الرابع والعشرين من سبتمبر عام 2023، تم تتويج تسو جيا تشي وتشيو شيو بينغ بالميدالية الذهبية في الدورة التاسعة عشر للألعاب الآسيوية (آسياد) في هانغتشو، وذلك في سباق التجديف الزوجي للوزن الخفيف للسيدات، وهي أول ميدالية ذهبية في آسياد هانغتشو.

في الجولة النهائية للسباق، تقدمت تسو جيا تشي وتشيو شيو بينغ، وفازتا بالميدالية الذهبية بفارق 71ر9 ثوان. وبينما كان المتفرجون يهتفون مع اقتراب الفتاتين من خط النهاية، كان تركيز تسو جيا تشي وتشيو شيو بينغ فائقا حتى الثانية الأخيرة.

قالت تشيو شيو بينغ: "أخبرنا المدرب أنه سواء كنا في المقدمة أو الخلف، لا ينبغي لنا الاستسلام حتى نصل إلى خط النهاية، وعلينا بذل كل جهودنا لإكمال السباق. لذلك، لم أشعر بالارتياح إلا بعدما سمعت الصافرة عند خط النهاية."

قالت تسو جيا تشي وتشيو شيو بينغ بصراحة إنهما تشعران بالضغط والثقة في نفس الوقت، لأنهما تتحملان مهمة الفوز بالميدالية الذهبية الأولى في هذه الدورة للألعاب الآسيوية. وأوضحتا أنه بالإضافة إلى الاستعداد للألعاب الآسيوية، قامتا بالتدريب للاستعداد لبطولة العالم أيضا. تستيقظان في الساعة الخامسة ونصف كل صباح للمشاركة في التدريبات بالمياه وعلى الشاطئ والتعافي البدني. يستمر التدريب ست أو سبع ساعات كل يوم. قالت تشيو شيو بينغ: "سواء في التدريب أو في المنافسة، طالما أبذل قصارى جهدي في التجديف، يمكنني تحقيق الهدف."

في الجولة النهائية للسباق، امتلأت المدرجات بالجمهور واكتظت الطرق بجانب النهر بالمتفرجين. عندما رأت تسو جيا تشي الكثير من المتفرجين يهتفون لهما، شعرت بالتشجيع والمسؤولية المهمة التي تقع على عاتقيها.

قالت تسو جيا تشي: "لم يكن هناك الكثير من الأشخاص الذين يهتمون بالتجديف من قبل، أما الآن، فبدأ الجمهور يعرف هذه الرياضة بفضل جهود الرياضيين السابقين." وأضافت أن الرياضيين السابقين حققوا نتائج ممتازة، مما حفز الناس لمعرفة التجديف والمشاركة فيه وأكدت أنه يجب عليها الحصول على ميداليات أكثر، مما يجعل المزيد من الناس يعرفون أكثر عن رياضة التجديف.

تشيو شيو بينغ.. عشرة سنوات من التدريب من أجل الفوز بالبطولة

في عام 1999، وُلدت تشيو شيو بينغ في بلدة بينغتيان بمدينة شاوقوان التابعة لمقاطعة قوانغدونغ. وقد ظهرت موهبتها الرياضية وهي طالبة في مدرسة شييان الإعدادية بمدينة نانشيونغ، فتم اختيارها للالتحاق بمدرسة نانشيونغ لهواة الرياضة اليافعين. في مارس عام 2013، التحقت تشيو شيو بينغ بمدرسة شاوقوان لهواة الرياضة، من أجل التدرب على التجديف.

قال وو شياو يونغ، وهو عضو بفريق التجديف في مدرسة شاوقوان لهواة الرياضة: "كان طول تشيو شيو بينغ 69ر1 متر، وتميزت بذراعيها وقدميها الطويلة. كانت مقاييس الأطفال، الذين تم اختيارهم للالتحاق بالمدرسة متشابهة نسبيا، لم يستطع بعضهم الالتحاق بالمدرسة."

وو شياو يونغ هو أول مدرب لتشيو شيو بينغ. في رأيه، كانت تشيو شيو بينغ خجولة، لكنها تمتعت بقدرة قوية على التعلم. أحرزت تشيو شيو بينغ تقدما سريعا، واستغرقت فترة قصيرة للتغلب على الخوف من انقلاب الزورق وأبدت رغبتها في التجديف.

في سبتمبر عام 2013، شاركت تشيو شيو بينغ في فريق التجديف لمدرسة قوانغدونغ للرياضة، وبعد ذلك، انضمت إلى فريق التجديف لمقاطعة قوانغدونغ. كانت المشاركة في فريق التجديف لمقاطعة قوانغدونغ قفزة كبيرة بالنسبة للفتاة التي كانت تسعي إلى أهداف أكبر.

في ذلك الوقت، اعتقد المدربون أن تشيو شيو بينغ لا تتمتع ببنية جسدية مميزة مقارنة مع الرياضيين الآخرين، لكنها تتميز بقدرة غير عادية على المثابرة. قال قوه شياو بينغ، المدرب الرئيسي لفريق التجديف لمقاطعة قوانغدونغ: "في الواقع، عندما شاركت تشيو شيو بينغ في فريقنا في البداية، لم تكن حالتها البدنية جيدة، فلم تكن قوية بالقدر الكافي، وعانت من إصابات في الخصر ومفاصل الركبة، لذا، لم يكن فريق التجديف متفائلا بقدرتها. لكنني غيرت رأيي لاحقا، إذ وجدت أن لدى تشيو شيو بينغ ميزة كبيرة تتمثل في أنها تستطيع الالتزام بالخطة التي يضعها المدرب خطوة بعد خطوة."

قام دنغ دونغ بوه، مدرب مدرسة قوانغدونغ للرياضات التنافسية للشباب، بتدريب تشيو شيو بينغ لمدة سنتين تقريبا. قال: "غالبا ما يعاني الرياضيون، الذين يقومون بالرياضات الخارجية، من الرياح والشمس والأمطار، ويقومون بالتدرب على التجديف بالزورق لمسافة تزيد عن عشرة كيلومترات بحركات متكررة. عندما يستعد الرياضي للمنافسة، يحتاج إلى التجديف لمسافة أربعين أو خمسين كيلومترا يوميا، وهو اختبار كبير لقدرة الرياضي على التحمل وقوته البدنية."

في الحقيقة، متطلبات زوارق التجديف الخفيفة الوزن صارمة فيما يتعلق بوزن الرياضيين، فلا بد أن يكون في حدود 57 كيلوغراما وبحد أقصى 59 كيلوغراما. من أجل تعويض النقص في قوة تشيو شيو بينغ، لم يضع فريق قوانغدونغ للتجديف خطة للتحكم بالوزن، بل ركز على زيادة قوتها أولا. كان وزن تشيو شيو بينغ أكثر من 65 كيلوغراما، بعد تحقيق هدف زيادة القوة، بدأ تنفيذ خطة إنقاص وزنها.

منذ عام 2019، تم إلغاء منافسات الزوارق ذات الثمانية مجاديف لأربعة لاعبين، فتخلى الكثير من الرياضيين عن التجديف، لكن تشيو شيو بينغ ظلت تتدرب باستمرار.

في عام 2021، فازت تشيو شيو بينغ بالميدالية الذهبية في دورة الألعاب الوطنية الصينية، وتم اختيارها في الفريق الوطني، لتشارك تسو جيا تشي. منذ ذلك، حققت تشيو شيو بينغ مع تسو جيا تشي إنجازات كثيرة، فقد فازت الفتاتان ببطولة التجديف الزوجي للوزن الخفيف للسيدات في بطولة آسيا للتجديف في ديمسبر عام 2021؛ وفازتا بالمرتبة الثانية في منافسات التجديف الزوجي للوزن الخفيف للسيدات في المحطة الأولى لكأس العالم للتجديف في مايو عام 2022؛ وفي إبريل 2023، فازتا بالمرتبة الأولى في بطولة الربيع الوطنية للتجديف.

تسو جيا تشي.. رحلة شجاعة للفوز بالبطولة

وُلدت تسو جيا تشي في محافظة تونغلو بمدينة هانغتشو التابعة لمقاطعة تشجيانغ في عام 2001. عرفت تسو جيا تشي التجديف في إحدى الدورات الرياضية وهي في الصف الرابع بالمدرسة الإبتدائية. في ذلك الوقت، كان مدرب التجديف يبحث عن طلاب موهوبين في المدرسة الإبتدائية، ورأى تسو جيا تشي وهي تلعب كرة القدم، ثم دعا هذه الفتاة الطويلة للمشاركة في معسكر تدريبي للتجديف في تشجيانغ. بسبب كثافة التدريب في معسكر التدريب، شعرت تسو جيا تشي بصعوبة كبيرة، فترددت قليلا، بيد أن والدها شجعها على مواصلة التجديف، فثابرت على التدريب. آنذاك، واصلت تسو جيا تشي التدريب بينما كانت تذرف الدموع من شدة التدريبات. قال مدربوها: "إنها جادة في التدريبات، وهو أمر مهم للغاية." شاركت تسو جيا تشي مع 17 رياضية أخرى في فريق التجديف، لكن تسو جيا تشي هي الوحيدة التي ثابرت حتى الآن.

في عام 2018، تم اختيار تسو جيا تشي للفريق الوطني، لكنها اضطرت إلى التوقف عن التدريب بشكل غير متوقع بسبب الإصابة بعد ذلك، رغم أنه كانت تستمر في جهودها لتحقيق نتيجة جيدة في الاختبار الأول بعد الانضمام للفريق الوطني. تكررت إصابة تسو جيا تشي في أسفل ظهرها بسبب التدريبات الكثيرة لسنوات عديدة، ولم تخبر مدربيها وعائلتها، وتحملت الألم، وواصلت التدريب حتى أصيب ظهرها بألم شديد لدرجة أنها لم تستطيع الوقوف. قالت تسو جيا تشي: "إذا انضممت إلى الفريق الوطني، فسأتمكن من المشاركة في المسابقات الأكبر من أجل تحقيق المجد لوطني، لذلك، لا أريد أن أفرط في هذه الفرصة." لكنها غادرت الفريق الوطني في النهاية، ثم واصلت التدريب بعد أن تعافت من إصاباتها في فريق تشجيانغ للتجديف. بفضل مثابرتها غير العادية، تم اختيار تسو جيا تشي في الفريق الوطني مرة أخرى في عام 2020، وشاركت في المنافسات العالمية.

من أجل الاستعداد للألعاب الآسيوية، بدأت تسو جيا تشي التدريب مسبقا. تساو ميان ينغ هي مدربة تسو جيا تشي، وتحمل لقب "المدربة الشيطانة"، نظرا لصرامتها الشديدة وعدم تسامحها مع أي خطأ. قامت تسو جيا تشي بالتدريب المغلق لمدة 11 يوما، خلال هذه الفترة، أجرت ثلاث دورات تدريبية، وكانت مدة التدريب يوميا أكثر من ثماني ساعات. قالت تسو جيا تشي: "إذا أردت الفوز بميدالية ذهبية، وتصبح أفضل من الآخرين، فعليك أن تتدرب أكثر من الآخرين."

كانت هذه أول مشاركة لتسو جيا تشي في دورة الألعاب الآسيوية. عندما مثلت تسو جيا تشي الصين في المنافسة، شعرت بحماسة كبيرة، ولم تفكر إلا في تحقيق المجد لبلدها، وقد فعلت.