في أواخر إبريل عام 2024، ظهرت فرقة ووشو آمي للفتيات رسميا على الساحة، وذلك في الدورة الرابعة لملتقى توارث ووشو آمي بمدينة آميشان في مقاطعة سيتشوان بجنوب غربي الصين. في أول عرض لبرنامجها الترويجي على مسرح العرض الواقعي، قدمت الفرقة عرضا بعنوان "روعة ووشو آمي". حيث عرضت الفتيات مهارات الووشو (الكونغ فو) بقوة ورشاقة، مرتديات الزي التقليدي الأخضر لووشو آمي، فأخذن المشاهدين إلى عالم الووشو المميز. حصل مقطع الفيديو لهذا العرض على مليار مشاهدة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أسبوع واحد من أول عرض رسمي للفرقة، لدرجة أن وانغ ون بين، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، أعاد نشره مشيدا بهؤلاء الفتيات بوصفهن "بطلات في رواية ألعاب الووشو الصينية".
فتيات آمي.. من هن؟
أصدر السيد رن قانغ، الوارث التمثيلي لووشو آمي على المستوى الوطني ورئيس جمعية الووشو في مقاطعة سيتشوان، إعلان إنشاء فرقة ووشو آمي للفتيات. وقد ساهمت تلميذته لينغ يون، وارثة ووشو آمي، في إنشاء هذه الفرقة أيضا. يمتلك كلاهما مهارات عالية وخبرات تدريس وافرة في مجال ووشو آمي على مدار سنوات، كما يتمتعان بروح الابتكار والأفق الثاقب. قالت لينغ يون إنها تفهم قيمة ومغزى فنون الووشو الصيني التقليدية في المجتمع الحديث، وتعمل على دمج هذه الفنون مع عناصر العصر الحديث. إن إنشاء فرقة ووشو آمي للفتيات تجربة جيدة.
بعد الاختيار وفقا لمعايير صارمة وتدريبات قوية، تم تشكيل فرقة ووشو آمي للفتيات في نهاية المطاف. تكونت هذه الفرقة من لينغ يون المولودة في عام 1998 وثماني فتيات من جيل الألفية الثالثة. جاءت الفتيات من كل أنحاء البلاد، وكل منهن لديها مهارات أساسية في ألعاب الووشو أو الرقص، فضلا عن قوة التعاون وقدرة العرض على المسرح، مما يمكنهن من عرض حركات ووشو آمي بقوة وجمال وأناقة، لإبراز الملامح المميزة لهذا الفن التقليدي في الصين.
إلى جانب مقطع الفيديو الترويجي للفرقة، أحدثت مقاطع الفيديو الأخرى للعرض صدى واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، فقال بعض المتابعين إن أداء الفتيات الرائع يذكرهم بحلم الطفولة ليكونوا أبطالا كبارا في الووشو، وأعرب البعض الآخر عن ثنائهم على جهودهن في ممارسة الووشو. قالت لينغ يون إنها متأثرة للغاية بالتعليقات الإيجابية من قبل مستخدمي الإنترنت، الأمر الذي سيشجعها وبقية الفتيات على إبداع المزيد من الأعمال الممتازة.
الووشو ليس مجرد لعبة رياضية، بل وسيلة لنقل وتوارث الثقافة أيضا، ويجب علينا أن ننظر إليه من منظور العصر الذي نعيش فيه. في هذا السياق، تعمل لينغ يون وزميلاتها على توارث التراث الصيني غير المادي، من خلال نقل ثقافة ووشو آمي.
جهود كبيرة خلف إنجازات بارزة
فرقة ووشو آمي للفتيات أول فرقة للتراث غير المادي للنساء في مجال الووشو في الصين. باستثناء لينغ يون، التي تعد الأخت الكبيرة في هذه الفرقة، فإن بقية الفتيات من مواليد القرن الحادي والعشرين، وبعضهن طالبات في الجامعة. بفضل الجهود الكبيرة والعزيمة القوية، أتقنت الفتيات حركات الووشو، مما يظهر حيوية فتيات الصين في العصر الجديد وإقدامهن على الكفاح.
قالت لينغ يون إن الفتيات يعشن داخل جبل آمي طول الوقت، ويتدربن لمدة ست ساعات على الأقل كل يوم، وأحيانا يتدربن في الغابات. وأضافت، أنهن يقمن بالتدريبات البدنية الأساسية لمدة ساعتين في الصباح، مثل الجري والتمدد وتدريبات القوة. بعد ذلك، تبدأ التدريبات الأساسية للووشو، ومنها حركات الملاكمة وحركات الساقين وحركات القدمين، وخاصة الحركات التي تتميز بها مدرسة آمي. ومن أجل تحسين المهارات الفنية والأداء على المسرح، تعلمت الفتيات الفروسية والرماية واستخدام سلك الواير، وتمثيل الأدوار.
بسبب التدريبات الصعبة والشاقة للغاية، تتعرض الفتيات للإصابة دائما. قالت لينغ يون إن الكدمات كانت تغطي جسدها، حتى لا تقوى على رفع ذراعيها بعد التدريبات طول اليوم. والأسوأ من ذلك، أنه بسبب التمرينات الشديدة والإمساك بالأسلحة لأوقات طويلة، صار جلد يديها خشنا وباتت مفاصل أصابعها أكثر بروزا. على الرغم من الإصابات فإنها تشعر بالفخر كثيرا، إذ تعتقد أن الإصابات تشبه أوسمة لامعة ترمز إلى جهودها.
واجهت بعض الفتيات الصغيرات تحديات، بسبب افتقارهن لمهارات الووشو. قالت لي نوه فيْ، وهي طالبة في السنة الثالثة بالجامعة، إن زميلاتها ساعدنها بكل صبر كلما واجهت مشكلة في التدريبات أو إذا كانت حركاتها ليست صحيحة.
قالت الفتيات إن التضامن هو أبرز ميزة للفرقة. مهما كانت الصعوبات التي تواجههن، فهن يدعمن ويشجعن بعضهن البعض. وفي وقت الاستراحة، تعلم بعضهن الأخريات الرقص، مما يجعل ساحة التدريب مفعمة بالفرح والسعادة. قالت لينغ يون إنه بفضل التدريبات الشاقة، تتقدم هي وزميلاتها خطوة خطوة. وأضافت، أن الدعم المتبادل يعزز روح التضامن بينهن. بفضل الثقة المتبادلة والتعاون الوثيق، قدمت الفتيات أداء مدهشا على المسرح.
بالإضافة إلى التدريبات المتعلقة بالووشو، تدرس الفتيات الثقافة الصينية التقليدية وبعض النصوص المسرحية من أجل رفع المستوى الثقافي الشامل لهن.
الووشو على المسرح العالمي
يتميز ووشو آمي بالتاريخ العريق والثقافة الغنية. يرجع تاريخه إلى فترة الربيع والخريف في جبل آمي، ثم انتشر في منطقة جنوب غربي الصين ويعرف باسم "ووشو باشو". شهدت مقاطعة سيتشوان هجرات سكانية كبيرة عدة مرات عبر التاريخ، الأمر الذي أتاح فرصة للتبادل والتداخل مع المدارس الأخرى للووشو. لذا، يتسم ووشو آمي بالتنوع والشمول، وقد أدرج ضمن الدفعة الثانية لقائمة التراث الثقافي غير المادي على المستوى الوطني في عام 2008، وأصبح من ضمن ثلاث مدراس رئيسية للووشو في الصين. المدرستان الأخريان هما مدرسة شاولين ومدرسة وودانغ.
قال مسؤول فرقة ووشو آمي للفتيات، إن الفرقة تستهدف استكشاف الميزات الخاصة لووشو آمي بعمق لدفع تطوير السياحة الثقافية المحلية من جانب. ومن جانب آخر، تعمل على نشر ووشو آمي إلى العالم عبر وسائل الإعلام الجديدة، لتكون الفرقة رمزا ثقافيا لترويج فنون الووشو في العالم.
في يوليو عام 2024، صورت الفرقة سلسلة من مقاطع الفيديو لنشر ثقافة ووشو آمي خلال فترة أولمبياد باريس، بفرنسا، وذلك عن طريق دمج ووشو آمي مع المنافسات الأولمبية مثل المبارزة، والجمباز الإيقاعي وسباق الحواجز. قدمت فرقة آمي للفتيات عروض سيف آمي أمام متحف اللوفر، والقفزات الخلفية في ساحة برج إيفل وقفز الحواجز تحت قبة قوس النصر، مما أظهر الروعة الخاصة لووشو آمي وعكس الروح الرياضية للفرقة، وأبرز الثقافة الصينية في الخارج.
قالت لينغ يون إنها ستواصل نقل ووشو آمي بإبداع عن طريق البرامج القصيرة والعروض الدرامية القصيرة، وعروض التجمع الخاطف، فضلا عن البرامج الترفيهية. وفي نفس الوقت، ستدخل في برامجها فن الخط الصيني والرسم الصيني التقليدي، لإظهار الثقافة الصينية المتنوعة. كما عبرت عن تفاؤلها تجاه ووشو آمي في المستقبل، قائلة إن هذا الفن سيكون أكثر تنوعا وحيوية.