رياضة < الرئيسية

الرياضات المتطرفة في الصين

: مشاركة
2025-04-14 17:38:00 الصين اليوم:Source نان بي باو:Author

مع تطور المجتمع وتحسن مستوى معيشة المواطنين، أصبحت الرياضة جزءا مهما في حياة الناس، فمنهم من يلعبون كرة القدم أو يركبون الدراجات أو يمارسون التمارين في مركز اللياقة البدنية. لكن هذه الرياضات العادية لا ترضي البعض ويرون أنها مملة وتفتقر إلى الإثارة، ويرغبون في اكتشاف رياضات جديدة. الرياضات المتطرفة أو الرياضات الحرة أو رياضات الإثارة تعد اختيارا جديدا لعشاق الرياضة، لأنها تتميز بالسرعة والارتفاع والمستوى العالي من الجهد البدني والأجهزة المتخصصة.

في السنوات الأخيرة، حظيت الرياضات المتطرفة بإقبال متزايد في العالم وخاصة بين الشباب، وأدرج كل من التسلق على الجدار والتزلج على اللوح وسباق الدراجات الهوائية (بي إم إكس) وركوب الأمواج في قائمة الألعاب الأولمبية رسميا، وذلك يرمز إلى حدث مهم في تاريخ الرياضات المتطرفة. وفي الصين، حققت هذه الرياضات التي لم تكن معروفة تطورا سريعا أيضا، ويزداد عدد الشباب المفتونين بها.

فوائد الرياضات المتطرفة  

لماذا يفضل الناس تجربة الرياضات المتطرفة؟ ألا يخافون من مخاطرها المحتملة؟ أعتقد أن هناك عدة أسباب.

أولا، تلبية الاحتياجات النفسية. وفقا لنظرية هرم ماسلو لاحتياجات الإنسان، فإنه بعد إشباع الحاجات المادية، تظهر الحاجة لتحقيق الذات. نشأت أغلبية الرياضات المتطرفة في النصف الثاني من القرن العشرين في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، التي شهدت تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية كبيرة، وانتشرت فيها أفكار تسعى إلى التعددية والحرية. على عكس الرياضات التقليدية، لا توجد معايير موحدة وجامدة للرياضات المتطرفة التي تهدف إلى تحرير الذات وتحدي النفس والتعبير عن المشاعر بدون تردد واستكشاف الطبيعة من خلال الحركات المتغيرة.

ثانيا، التعامل مع الضغوط. تؤدي وتيرة العمل والحياة السريعة في المجتمع والتنافس الشديد بين الناس إلى القلق والتوتر والإحباط وغيرها من المشاعر السلبية في عصرنا الحالي. إن كيفية معالجة الضغوط العالية أصبحت قضية مهمة للجميع.

أثناء ممارسة الرياضات المتطرفة، يرتفع مستوى الأدرينالين في الجسم، مما يؤدي إلى تمدد الأوعية الدموية وسرعة تدفق الدم، وهذا ما يمنح الشخص شعورا بـ"الروعة". لذلك، في الوقت الذي يشعر فيه بالخطر، فإنه يشعر أيضا بالتحرر من الضغوط. بالإضافة إلى ذلك، فإن الإحساس بالإنجاز الناتج عن تحدي الذات بنجاح غالبا ما يساعد الشخص على نسيان الهموم والضغوط. الرياضات المتطرفة، بالإضافة إلى تحفيز إفراز الأدرينالين، تساعد أيضا في إفراز كميات كبيرة من "الدوبامين"، الذي يساعد في التغلب على الخوف، ويمنح المرء شعورا بالنشاط العقلي ويخفف من الضغوط. يمكن القول إن الرياضات المتطرفة وسيلة مهمة ومفيدة لتخفيف الضغوط الناتجة عن العمل والحياة.

ثالثا، تكوين الصداقات بسرعة. تعد الرياضات المتطرفة طريقة مهمة للتعرف على الآخرين وتكوين صداقات معهم. على سبيل المثال، تسلق الجبال من الرياضات المتطرفة المعروفة. لكن، حسب النصائح المتخصصة، من الأفضل ألا تتسلق وحدك لأن الحركات الخطيرة في عملية التسلق والبيئة غير المتوقعة داخل الجبال، قد تؤدي إلى حوادث ومخاطر. في هذه الحالة، التعاون الكثيف والإخلاص بين المتسلقين يساعدانهم كثيرا، مما يشكل صداقة مميزة بينهم.

مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، يفضل بعض عشاق الرياضات المتطرفة نشر مقاطع الفيديو حول تجاربهم على وسائل التواصل الاجتماعي، ويجذبون عديدا كبيرا من المتابعين من أماكن مختلفة، ويعبرون عن إعجابهم ويكتبون تعليقات ويتبادلون الآراء مع ناشري مقاطع الفيديو عبر الإنترنت مما يشكل صداقات افتراضية بينهم.

ومع تطور الرياضات المتطرفة، أنشأ بعض الشغوفين فرقا أو أندية تجمع الشباب ذوي الهوايات المشتركة فيها، وهم ينظمون نشاطات في عطلات نهاية الأسبوع والإجازات. لا تقدم هذه الأنواع من التجمعات منصة لتبادل الخبرات الفنية وتنظيم الفعاليات فحسب، وإنما أيضا أصبحت موطنا روحيا للشباب للتعبير عن شخصياتهم.

الباركور

دخلت الرياضات المتطرفة إلى الصين منذ تسعينيات القرن العشرين وحققت تطورا تدريجيا، إذ يتزايد الإقبال عليها ويزداد عدد ممارسيها. من هنا، نقول إن الرياضات المتطرفة التي تعرضت للشكوك والانتقادات، تحولت إلى وسيلة جديدة للترفيه وتقوية الجسم والاقتراب إلى الطبيعة.

رياضة الباركور أو الوثابة، تشمل مجموعة من حركات الوثب وهدفها انتقال الممارس من نقطة إلى نقطة أخرى بأكبر قدر ممكن من السرعة والسلاسة، بعد تجاوز الحواجز والموانع المختلفة مثل الأشجار والصخور والقضبان الحديدية والجدران. ابتكر هذه الرياضة المثيرة شخص فرنسي يدعى دفيد بيل. وبفضل الحركات المتنوعة والسرعة الكبيرة لرياضة الباركور، جذبت مجموعة من الشباب في أنحاء العالم.

في عام 2006، أنشأ تشو هونغ، والملقب بـ"نايلوه" الذي يعمل في شركة للإنترنت في بكين، موقع الباركور الصيني على الإنترنت مع زملائه لتطوير وترويج هذه الرياضة في البلاد. كان تشو هونغ رائدا في ممارسة الباركور في الصين. وبعد سنتين، أنشأ سون بينغ بانغ وشابان في مدينة تشينغداو بمقاطعة شاندونغ "فرقة يوييي" للباركور. قال سون، إنه تعرض للسخرية والاستهزاء ممن حوله في الأيام الأولى، حيث أحاط به وأصدقائه كثير من المتفرجين كأنهم يشاهدون العروض الهزلية في السيرك. بفضل إصرار سون بينغ بانغ والتغطية الإعلامية، قبل السكان المحليون هذه الرياضة الجديدة وأقبل بعضهم على ممارستها.

وأنشأ محبو الباركور في مدن أخرى بالصين فرقا وأندية لتنظيم التدريب مما دفع تطور هذه الرياضة في البلاد. على سبيل المثال، أنشأ تشانغ لي "نادي جيشيانمنغ للباركور" في بكين في عام 2012 وانخرط في تصوير العديد من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية مثل ((الحراس والقتلة)) و((جينغوو تشن تشن)) وقدم أداء مذهلا لرياضة الباركور. فضلا عن ذلك، شارك تشانغ لي في وضع أول معيار جماعي لرياضة الباركور في الصين في عام 2023. وقد درب آلافا من المتدربين.

وفي نانجينغ، حاضرة مقاطعة جيانغسو بشرقي الصين، بدأ تشو جيون ممارسة الباركور في عام 2007 على يد طالب وافد في الصين وأنشأ فرقة للباركور لاحقا. من أجل ترويج هذه الرياضة، نظم تشو جيون فعاليات وأنشطة متنوعة للباركور في الأماكن السياحية في نانجينغ. في عام 2022، تولى تشو جيون منصب المدرب الرئيسي للفريق الصيني للباركور وساعد الرياضيين على كسب الميدالية الفضية في سباق الباركور الحر للرجال والمركز السادس في سباق الباركور للسيدات في البطولة العالمية للباركور، مما أكد على قوة الصين في هذه الرياضة الحديثة.

اليوم، أصبحت رياضة الباركور تيارا جارفا بين الشباب الصينيين بفضل إثارتها وحماستها. أظهر إحصاء الجمعية الصينية للرياضات المتطرفة أن الصين بها 150 ناديا للباركور وأن عدد الممارسين غير الاحترافيين مائة ألف، وهذا العدد مستمر في الزيادة.

 ركوب الأمواج

رياضة ركوب الأمواج أو الركمجة، هي ركوب الأمواج بواسطة ألواح خاصة. غالبا ما يمارس هذه الرياضة من يعيشون بالقرب من شواطئ المحيطات والبحار. بيد أن هذا لا يمنع لعبها في البحيرات والأنهار أو حتى المسابح. كان ركوب الأمواج نشاطا مهما في الثقافة البولينيزية ومن المعروف أن رياضة ركوب الأمواج الحديثة نشأت في ولاية هاواي الأمريكية، وأقيمت الدورة الأولى للبطولة العالمية لركوب الأمواج في عام 1962 في مانلي بأستراليا.

تمتلك الصين مساحة بحرية شاسعة ويمتد طول خطوطها الساحلية 32 ألف كيلومتر، منها 18 ألف كيلومتر لسواحل البر الرئيسي و14 ألف كيلومتر لسواحل الجزر البالغ عددها أكثر من 7600، مما يوفر بيئة جيدة لممارسة ركوب الأمواج. وتشتهر جزيرة هاينان- أكبر جزيرة في الصين- بصناعة السياحة، حيث يمكن للسياح أن يتمتعوا بأشعة الشمس والشواطئ والبحيرات وخاصة في الشتاء القارس، الذي تنخفض فيه درجة الحرارة بشمالي الصين إلى تحت الصفر. من أجل زيادة المتعة، أدخلت هاينان ركوب الأمواج في السنوات الأخيرة، فأُنشئت في خليج رييويه بواننينغ وخليج هوانغهو في سانيا وخليج تشينغشوي في لينغشوي كثير من الأندية والشركات التي تؤجر المعدات للتدرب على ركوب الأمواج. يمكن لكل من المبتدئين والمتمرسين أن يستمتعوا بركوب الأمواج هنا. كما طورت المقاطعات الساحلية الأخرى، مثل شاندونغ وفوجيان وقوانغدونغ، الموارد البحرية وأنشأت مرافق ركوب الأمواج، مما ساهم في ترويج هذه الرياضة بين عامة الناس.

مع تطوير ركوب الأمواج في الصين، ظهرت مجموعة من الممارسين المتميزين الذين حققوا اختراقات في السباقات الدولية، مما شجع مزيدا من الشباب الصينيين على ممارسة هذه الرياضة الرائعة، ومنهم يانغ سي تشي. ولدت يانغ في عام 2009 بمقاطعة سيتشوان في جنوب غربي الصين، وأظهرت موهبة استثنائية في الرياضة في صغرها وبدأت التدريب الرياضي. في عام 2018، تأسس الفريق الصيني لركوب الأمواج، وفي نفس السنة بدأت يانغ سي تشي التدرب على ركوب الأمواج بعد سماع نصائح مدربها. بفضل قدرتها الجيدة في الحفاظ على التوازن والجرأة الكبيرة، حققت يانغ سي تشي تقدما سريعا في ركوب الأمواج. في عام 2019، تم ضمها إلى الفريق الوطني وخضعت لتدريبات أكثر تخصصا. وفي العام ذاته، حصلت يانغ مع زميلتين لها على المركز الثاني في سباق اللوح القصير الجماعي للسيدات في الفئة الثانية في الدورة الثانية لألعاب ركوب الأمواج للشباب في الصين. وفي ديسمبر عام 2020، توجت يانغ سي تشي بلقب سباقي اللوح القصير للسيدات لفئة تحت 15 سنة وفئة تحت 18 سنة على التوالي في البطولة الوطنية لركوب الأمواج. وفي يونيو عام 2023، في الألعاب العالمية لركوب الأمواج، على الرغم من عدم تأهل يانغ سي تشي للمسابقات الأولمبية، إلا إن أداؤها الجيد لقى تقديرا عاليا على الساحة الدولية، وذكر الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لركوب الأمواج أن "الأداء المذهل ليانغ سي تشي يبرز تقدمها الكبير". وبعد شهر واحد، في سباق التتابع لكأس ألوها لبطولة آسيا لركوب الأمواج لعام 2023، فازت يانغ سي تشي مع زملائها بأول ميدالية ذهبية لتلك الدورة من البطولة. اكتسبت يانغ سي تشي خبرات ثمينة من خلال التدريبات الروتينية والمشاركة في السباقات الدولية، وفي مارس عام 2024، نجحت في خطف بطاقة التأهل لأولمبياد باريس في الألعاب العالمية لركوب الأمواج لعام 2024، فأصبحت أول رياضية صينية تشارك في المسابقات الأولمبية لرياضة ركوب الأمواج.

فضلا على الباركور وركوب الأمواج، تشتهر رياضات متطرفة أخرى في الصين حيث يركب شباب صينيون الدراجات الخاصة ذات العجلتين الصغيرتين ويؤدون حركات صعبة في الحدائق، ويلعبون كرة سلام بول في الساحات ويرقصون بريك دانس في الشوارع. دخلت كثير من الرياضات المتطرفة الغربية إلى الصين وتحولت إلى محتوى مهم للتمارين الرياضية للشباب الصينيين، بل وأسلوب حياة لهم.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4