ثقافة وفن < الرئيسية

الفنون الصينية القديمة تكتسب شعبية بين الشباب

: مشاركة
2022-03-30 13:29:00 الصين اليوم:Source نيو منغ دي ودونغ تشنغ ليانغ:Author

راجت في السنوات الأخيرة، دراسات الثقافة الصينية التقليدية في الصين، ويعود الفضل في ذلك إلى البرامج التلفزيونية الناجحة، مثل "الكنز الوطني" و"مراسم الموسيقى الصينية التقليدية" و"مسابقة الشعر الصيني" وغيرها، مما أدى إلى إطلاق الاتجاه الجديد المتعلق بالثقافة الصينية التقليدية. تتمحور تلك البرامج التلفزيونية حول الثقافة الصينية التقليدية لابتكار سبل جديدة لشرح وتقديم العديد من الفنون الصينية القديمة الأقل شهرة، وذلك لكي يعرفها المشاهد مباشرة.

الموسيقى الصينية التقليدية جزء مهم من دراسات الثقافة الصينية التقليدية، وقد صار المزيد من الشباب يقبلون عليها حاليا. على سبيل المثال، أبدعت قناة "قوتشين تشنسوه" أعمالا فريدة لآلة قوتشين، وهي آلة موسيقية وترية نقرية، ومنها برنامج ((اثنتا عشرة ساعة من الموسيقى في تشانغآن)) على موقع بيليبيلي، مما دفع انتشار قوتشين في عالم الإنترنت، وجعل المزيد من الشباب يعرفون هذه الآلة الموسيقة القديمة لتصبح جزءا من ثقافة الجيل الجديد.

برنامج تلفزيوني يعزز انتشار الآلات الموسيقية التقليدية

صار البرنامج التلفزيوني "موسوعة الموسيقى الوطنية" مفضلا لدى المشاهدين الشباب بعد بث الموسم الثالث له، وارتفع عدد مشاهدات هذا البرنامج على موقع بيليبيلي أيضا. ومؤخرا، أطلق الموسم الرابع من البرنامج طلب توظيف عالمي لدعوة الموسيقيين للمشاركة في تسجيل الموسم الجديد. لماذا يجذب البرنامج مشاهدين كثيرين؟ كيف يجلب هذا البرنامج التلفزيوني حيوية جديدة للآلات الموسيقية التقليدية؟ قد نجد شيئا عن ذلك من فريق البرنامج والموسيقيين المشاركين في البرنامج.

قال لين وي هوا، المخرج العام لبرنامج "موسوعة الموسيقى الوطنية": "الموسيقى التقليدية هي جذور لنا لا ينبغي أن نفقدها. نأمل، من خلال برنامجنا، أن نكتشف المزيد من الموهوبين الذين يجيدون الموسيقى الصينية التقليدية كما نسعى لتحفيز رغبة المزيد من الناشئين في هذه الموسيقى، بحيث تنتقل من جيل إلى جيل. نحن والموسيقيون نقوم بالإبداع في الموسيقى الصينية التقليدية الأنيقة، وإعادة توزيعها ليقبل عليها المزيد من الشباب. علينا بذل جهود أكثر لتعزيز توارث الثقافة التقليدية وابتكارها." كما قال لين وي هوا: "يتمحور البرنامج حول الموسيقى التقليدية الشعبية، التي تعد مكونا مهما للثقافة الصينية. في الصين، التي تسمى بـ"بلاد الشعائر والموسيقى"، تلعب الموسيقى الصينية التقليدية دورا مهما في تنمية الشخصية والحياة الثقافية وآداب السلوك الصينية. لقد نشأت الموسيقى الصينية التقليدية بمختلف أنواعها ومضامينها الغنية وألحانها الجميلة وتطورت عبر تاريخ الصين الطويل وفي كنف مجتمعها الثري المتنوع، وتعد مصدر ثقة للشعب الصيني وثروة ثقافية له. تلك العوامل، تحفز فريق برنامج "موسوعة الموسيقى الوطنية" على تسجيل هذا البرنامج التلفزيوني بثقة.

إذا كانت الموسيقى الصينية التقليدية هي محور البرنامج التلفزيوني "موسوعة الموسيقى الوطنية"، فإن تنويع أشكال البرنامج التلفزيوني والأفكار المبتكرة هما مفتاحان وميزتان بارزتان تمنحان هذا البرنامج التلفزيوني الشهرة والنجاح. قال لي يو، المخرج التنفيذي للبرنامج: "يعزز البرنامج باستمرار التحول الإبداعي والتطوير المبتكر للموسيقى الشعبية الصينية، ملتزما بغايته الأصلية المتمثلة في توارث الثقافة التقليدية الممتازة للصين وإعلائها، وقد تحديث شامل لمكانة البرنامج ونظام المنافسة والمتسابقين." حيث قام فريق البرنامج بمحاولات لاستخدام الأساليب الجديدة لتسجيل البرنامج وسرد القصص، من خلال التحول من تقنية التلفزيون الفائق الدقة K4 في الموسم الأول إلى المنظور المتعدد الأبعاد للمساحات الثلاث "مسابقة المسرح+ المراقبة في الوقت الفعلي في منطقة المشاهدة+ التسجيل الطبيعي في غرفة التدريب" في الموسم الثالث، ومن عناصر الحركة الحية في الموسمين الأول والثاني إلى محتوى القصة "المتمحور حول الناس" في الموسم الثالث، ومن الأوركسترا الكاملة نسبيا في الموسمين الأول والثاني إلى الشكل الجماعي للموسيقيين الفرديين في الموسم الثالث. يتمسك فريق البرنامج باستكشاف التغيرات الجديدة على أساس المحافظة على الموسيقى الصينية التقليدية، مما يجعل برنامج "موسوعة الموسيقى الوطنية" يحافظ دائما على شعبيته.

يبذل الموسيقيون الشباب المتخصصون في الموسيقى الصينية التقليدية جهودهم لدمج العناصر الموسيقية الحديثة في عروض الموسيقى الصينية التقليدية، سعيا إلى التعبير عن فهمهم المتعلق بالتقاليد بلغة موسيقية جديدة. تخلق الأنماط الموسيقية في "موسوعة الموسيقى الوطنية"، التي تجمع بين العناصر القديمة والحديثة والصينية والغربية، تأثيرات صوتية ومرئية فريدة، مما يجعل هذا البرنامج التلفزيوني محبوبا من قبل المشاهدين، كما يحظى بجم غفير من المعجبين الشباب بفضل محتواه الممتع.

نشر الموسيقى الصينية التقليدية عبر دمج العناصر القديمة والحديثة

المتعة والأعمال الرائعة ميزتان فريدتان لأعمال قناة "قوتشين تشنسوه" على موقع بيليبيلي. بفضل استخدام هذه الطريقة المبتكرة لإعادة ترتيب الموسيقى، تجذب آلة قوتشين الموسيقية الصينية القديمة انتباه المشاهدين على الإنترنت، مما يوسع دائرة الثقافة التقليدية غير الشائعة، ويوفر طريقة مقبولة لنشرالثقافة التقليدية. تتجذر وسائل إعلام المواطن في شبكة الإنترنت، وتعتمد على بيئة شبكية نشيطة، فقد قامت كثير من وسائل إعلام المواطن مثل قناة "قوتشين تشنسوه" بدمج موسيقى قوتشين مع الموسيقى الإلكترونية وموسيقى الراب والبوب، لابتكار نمط موسيقي جديد يدمج العناصر القديمة والحديثة.

مزج موسيقى البوب والثقافة الصينية التقليدية هو الموضوع الجديد لتأليف الموسيقى التقليدية في السنوات الأخيرة، كما أنه طريقة مفيدة لجذب انتباه الشباب لمعرفة الثقافة التقليدية. فتح فريق "تسيده تشينشه" الإبداعي قناة "قوتشين تشنسوه" على موقع بيليبيلي كقاعدة لنشر أعماله على الإنترنت، ويشكل فرقا موسيقية تضم عازفي قوتشين وبيبا (عود رباعي الأوتار) وديتسي (مزمار أفقي) وآلة شياو الموسيقية والطبل لإعادة توزيع موسيقى الأغاني الشائعة بين الشباب الصيني. على سبيل المثال، قامت قناة "قوتشين تشنسوه" بإعادة توزيع موسيقى الأغاني الرئيسية للأعمال الدرامية التلفزيونية المفضلة لدى الشباب وأغنيات الرسوم المتحركة، التي تستحضر ذكريات الطفولة لأبناء جيل ما بعد الثمانينات، و"نشيد الأممية"، وبذلك تم إبداع أعمال موسيقية ممتازة تجذب انتباه المشاهدين على الإنترنت. في التعليقات السريعة (دانمو) التي تظهر على الشاشة مثل الرصاصة، نقرأ مثلا، "لم أكن أتوقع استخدام الآلات الموسيقية القديمة لعزف هذه الأغنية، وهي تبدو رائعة جدا". وهذا يعكس أن المشاهدين يتمتعون بسحر قوتشين من خلال مشاهدة تلك الأعمال. لا يزال تانغ بين، مؤسس قناة "قوتشين تشنسوه"، يتمسك بمفهوم "دع ’التراث الثقافي‘ يصبح ثروتنا بدلا من جعله 'أثرا' في متحف".

بالإضافة إلى عزف موسيقى الأغنيات الشعبية بالآلات الموسيقية الصينية القديمة، تعمل قناة "قوتشين تشنسوه" على دمج قوتشين مع الموسيقى الإلكترونية لإبداع أعمال ممتازة مثل "داشيا 2049". هذا الشكل الجديد من الموسيقى الشعبية الذي يدمج السايبربانك مع الموسيقى الصينية التقليدية، لا يبرز سحر ألحان قوتشين القديم فحسب، وإنما أيضا يعكس العناصر الحديثة عبر الألحان التقليدية القديمة سعيا إلى التعبير عن فكرة التقدم مع العصر نحو المستقبل.

بعد أن أتمت دراستها في المرحلة الإعدادية، بدأت ليو تشي تتعلم العزف على قوتشين على يد السيد دينغ تشنغ يون، الأستاذ في معهد ووهان للموسيقى، وهو من الجيل الرابع لمدرسة فانتشوان قوتشين. تشاهد ليو تشي مقاطع فيديو وسائل إعلام المواطن على موقع بيليبيلي مثل قناة "قوتشين تشنسوه" وقناة "السيد نان يي" في وقت فراغها، وقد شاهدت جولة عروض فريق "قوتشين تشنسوه". ترى ليو تشي أن الدمج بين الموسيقى الصينية التقليدية والموسيقى الإلكترونية لا يزال مثيرا للجدل. وقالت: "توجد دائما تباينات بين المدرسة الجديدة والمدرسة القديمة في توارث الثقافة الصينية التقليدية ونشرها. لكننا نعيش في عصر توجد فيه ثقافات متنوعة. طالما أن التأثيرات الصوتية لآلة قوتشين لم تتغير، وأن الهدف الأصلي هو نشر قوتشين على نطاق واسع، فإن الأفكار الشيقة تستحق المحاولة."

مزج العناصر القديمة والجديدة لا يعني التخلي عن التقاليد للتوافق مع الاتجاهات الجديدة، وإنما هو السعي للتفاعل مع الجمهور عبر إتقان التقاليد ودمجها مع فهم المبدع الخاص. هذا هو أسلوب التطوير الذي ينبغي استكشافه خلال توارث الثقافة التقليدية في العصر الحديث. لا شك أن "قوتشين تشنسوه" حققت هذا الهدف بنجاح.

مواصلة الروح الإنسانية في التقاليد القديمة

جاء في فصل الموسيقى بكتاب الطقوس ((ليجي))، ما يلي: "أفضل ما في الصوت هو الانسجام، وأقصى ما في الآداب هو الطاعة"، وهذا يثبت أن الموسيقى الصينية التقليدية لعبت دورا مهما في تثقيف الناس، وذلك هو الأساس لبناء حياة المرء وترسيخ الأخلاق. ما يقوم به برنامج "موسوعة الموسيقى الوطنية" ووسائل إعلام المواطن مثل "قوتشين تشنسوه" هو إظهار المحتوى الثقافي الأساسي للآلات الموسيقية التقليدية ودمجه مع الجماليات الحديثة، مما يجعل الموسيقى الشعبية تلعب دورا جديدا في الحياة الروحية للمعاصرين.

بدأ تشنغ هاو وي، نائب رئيس نادي يونتساي لآلة قوتشين الموسيقية في جامعة ووهان، دراسة قوتشين بعد تخرجه في المدرسة الثانوية، بعد أن جعلته المصادفة يهتم بهذه الآلة الموسقية القديمة. يعتقد تشنغ هاو وي أن المحتوى الأساسي لثقافة قوتشين هو مبدأ الوسطية والمِزاج الهادئ. وعن ذلك قال: "في الثقافة الكونفوشية، تلعب الموسيقى دورا مهما في تثقيف الناس. وفي رأيي، تشتمل الموسيقى الصينية التقليدية على المشاعر بالطبع، ولكنها مشاعر غير جياشة وغير حادة. لذا، أرى أنها تعبر عن مبدأ الوسطية والمِزاج الهادئ." أما السيدة ليو تشي، فترى أن العزف على قوتشين وسيلة للاسترخاء والسكينة. قالت: "بعد تعلّم عزف قوتشين لمدة ست سنوات، أصبحتُ أكثر هدوءا وانضباطا ذاتيا. حاليا، من الصعب أن يبقى الشخص هادئا في الحياة المتسارعة، لكن يمكنني أن أفعل ذلك عن طريق العزف على قوتشين."

علاوة على التركيز على التعلّم، تبذل ليو تشي، كطالبة جامعية متخصصة في تعليم الموسيقى، جهودها في نشر ثقافة قوتشين. في وقت الفراغ، تُعلّم ليو تشي الأطفال والبالغين العزف على قوتشين، حيث يتأثرون بالمِزاج الهادئ في ثقافة قوتشين، ويريدون التحرر من صغائر الأمور في الحياة اليومية والعودة إلى القديم.

لا شك أن تكنولوجيا الإنترنت تحفز الناس على ابتكار الثقافات الصينية التقليدية، مما يحقق تطورات غير مسبوقة. يعتمد الشباب المتحمسون لآلة قوتشين ومبدعو تحميل مقاطع الفيديو والعاملون في صناعة الموسيقى، على منصة الإنترنت، سعيا إلى نقل الروح الإنسانية وخلق الحيوية الجديدة مع المحافظة على التقاليد القديمة. يحاول الجميع استخدام الموسيقى الصينية التقليدية لنشر الثقافة الصينية التقليدية، مما يجعل المزيد من الناس يعرفونها، ويتأثرون بها.

--

نيو منغ دي، صحفية في جريدة ((قوانمينغ اليومية))، وطالبة دكتوراه في كلية الفنون والإعلام بجامعة بكين للمعلمين.

دونغ تشنغ ليانغ، طالب في معهد الرسوم المتحركة بجامعة الاتصالات الصينية.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4