وانغ وان نا، فنانة الأوبرا الشهيرة، تؤدي دائما دور شياو شنغ (الشاب في الأوبرا الصينية) على خشبة المسرح، ولهذا الغرض، قصت هذه الفتاة الجميلة الرقيقة شعرها الطويل وتبقي عليه قصيرا. لقد باتت أوبرا شاوشينغ المسماة بأوبرا يويهجيوي جزءا من حياة وانغ وان نا، ذات السبعة والعشرين ربيعا والتي أمضت نصف عمرها في عروض هذه الأوبرا التقليدية. تتميز أوبرا شاوشينغ بسحرها وأناقتها على خشبة المسرح، وتستند قصصها الخيالية إلى أحداث حقيقية وقعت في زمن بعيد. تجتهد وانغ وان نا في فهم المحتويات العميقة لأوبرا شاوشينغ لتطور من نفسها باستمرار وتبرز شخصيتها، وتدمجها في أحلامها وتعبر من خلالها عن مشاعرها وأفكارها.

انخرطت وانغ وان نا في فن أوبرا شاوشينغ منذ أربعة عشر عاما، حيث تلعب دور شياو شنغ التابع لمدرسة شيوي يوي لان، وقد أهلها لذلك صوتها العذب الرنان الذي يجمع بين الصلابة والنعومة، ومظهرها الجميل والأنيق. قبل خمس سنوات، تخرجت وانغ وان نا في أكاديمية شانغهاي للمسرح وكان عمرها اثنتين وعشرين سنة، وحققت بعض الإنجازات البارزة في أوبرا شاوشينغ، والآن أصبحت ممثلة شابة في مسرح شانغهاي لأوبرا شاوشينغ.

مسيرة تعلّم أوبرا شاوشينغ

وانغ وان نا، التي ولدت ونشأت في مدينة نينغبوه بمقاطعة تشجيانغ، أحبت الغناء والرقص منذ صغرها، وعرفت أوبرا شاوشينغ لأول مرة عندما كانت في المدرسة الإبتدائية. كانت قد عرفت من معلّمتها أن مسرح أوبرا شاوشينغ يرغب في قبول ممثلين، فشاركت في الاختبارات المعنية. كانت وانغ وان نا آخر طالبة شاركت في اختبار قراءة قصيدة ((في صمت الليل)) وأداء أغنية فريق رواد الصين الشباب. قبل أن تتمكن من استيعاب الأمر، اختارها المحكمون، وقال أحدهم: "عيون الفتاة الصغيرة تتحدث."

بتشجيع من والديها، غادرت وانغ وان نان، البالغة من العمر 13 عاما آنذاك، مدينتها لدراسة أوبرا شاوشينغ في شانغهاي. قالت إنها لم تكن تعرف ما هي أوبرا شاوشينغ في البداية عندما التحقت بالمدرسة الثانوية، وفي العام الثاني، عندما شاهدت بروفة عرض مسرحية ((قصة حب في المقصورة الغربية)) (شي شيانغ جي) للمعلمتين تشيان هوي لي وفانغ يا فِنغ، تأثرت بها، ووقعت في حب هذا الفن التقليدي. بذلت وانغ وان نا جهودها للتدرب بصورة مكثفة على أوبرا شاوشينغ، فقد كانت الأكبر سنا بين الأطفال في نفس الصف. كان زملاؤها يؤدون تمارين الصباح في الساعة السابعة إلا ربع، لكنها كانت تستيقظ أبكر منهم. لا تزال وانغ وان نا تتذكر الرياح الباردة ويديها المتجمدتين، لكنها كانت تؤمن أن من جد وجد، وتشبه نفسها بطائر ضعيف يجب يبدأ الطيران قبل غيره.

المدرسة، التي التحقت بها وانغ وان نا في شانغهاي، هي أول مدرسة طبقت نظام التعليم المتكامل الثانوي والجامعي. بعد التخرج في المدرسة الثانوية، التحق أقل من نصف الطلاب في فصل وانغ وان نا بأكاديمية شانغهاي للمسرح لمواصلة دراسة أوبرا شاوشينغ، وكانت وانغ وان نا واحدة منهم. التحقت وانغ وان نا بأكاديمية شانغهاي للمسرح بنجاح لتواصل مسيرتها على خشبة مسرح. عندما تحدثت عن مسيرة تعلّمها أوبرا شاوشينغ في سن المراهقة، ضحكت وقالت إنها لم تكن تشعر بالتعب، وقالت إنها فتاة منفتحة، وكلما شعرت بالضغط، كانت تبكي وتجعل دموعها تتدفق بحرية، وبعد البكاء تقول لنفسها إن الدموع لا فائدة منها، بل يجب عليها التدريب بجد واجتهاد على مهارات الغناء والنطق وحركات التمثيل والمعارك التمثيلية.

بفضل موهبتها واجتهادها، اغتنمت وانغ وان نا كل فرصة اتيحت لها. في إبريل عام 2018، لعبت دور "المحلّف رقم 8" في مسرحية التخرج الرئيسية لأكاديمية شانغهاي للمسرح، وهي ((اثنتا عشرة شخصية)، وفازت بجائزة ماغنوليا لفن الأوبرا للممثلين الشباب الجدد، وتم اختيارها في "برنامج شانغهاي لتدريب الفنانين الشباب" في عام 2019، فأصبحت الحياة المهنية لوانغ وان نا مشرقة.

"أوبرا شاوشيانغ هي التي اختارتني"

أوبرا شاوشينغ، وهي أوبرا محلية في مقاطعة تشجيانغ، معروفة بأنها "الأوبرا المحلية الأكثر شهرة" في الصين. تنغيم لهجة تشجيانغ عامل مهم للغاية في أوبرا شاوشينغ، فيُعد أبناء مقاطعات جيانغسو وتشجيانغ وشانغهاي هم الاختيار الأول لتدريب الممثلين الجدد المتخصصين في أوبرا شاوشينغ. فاللهجة المحلية، التي يجيدها الأطفال من مقاطعات جاينغسو وتشجيانغ وشانغهاي في حياتهم، هي الخطوة الأولى لتعلّم أوبرا شاوشينغ.

عندما التحقت وانغ وان نا بالمدرسة الثانوية، تم توزيعها إلى مجموعة دور شنغ، لذلك، أخذته دائما كاتجاه لها. أشارت وانغ وان نا إلى أن دور شنغ في أوبرا شاوشينغ يختلف عما في أوبرا بكين، فلا يحتاج ممثلو شنغ في أوبرا شاوشينغ إلى خفض الصوت بشكل متعمد لإصدار الصوت الذكوري، بل يكفي إجراء بعض التعديلات على الصوت. تهتم أوبرا شاوشينغ بالتعبير عن المشاعر، وتصف قصص "حب رجل موهوب وامرأة جميلة"، وتكون خشبة المسرح وأزياء الأوبرا بديعة ورائعة. يتميز أداء أوبرا شاوشينغ بالإيقاع البطيء الهادئ، لإظهار الأناقة والروعة، مما يعكس روح منطقة جنوب نهر اليانغتسي.

بالإضافة إلى التدريب على أداء ((قصة حب في المقصورة الغربية)) و((حلم القصور الحمراء)) وغيرهما من مسرحيات الأوبرا الكلاسيكية الصينية، حاول مسرح شانغهاي لأوبرا شاوشينغ أيضا إعادة توزيع المسرحيات الكلاسيكية الغربية مثل ((روميو وجولييت)) لشكسبير و((حلم ليلة منتصف الصيف)) لعرضها على خشبة أوبرا شاوشينغ.

تتطلب إعادة توزيع المسرحيات الكلاسيكية الغربية لتحويلها إلى شكل أوبرا شاوشينغ استكشافا مستمرا. الحب في مسرحيات الأوبرا الكلاسيكية الصينية مثل ((قصص الغرفة الغربية)) هو مشاعر متحفظة ولطيفة، بينما الحب في مسرحيات شكسبير ساخن ومباشر. عندما تدربت وانغ وان نا على مسرحية ((روميو وجولييت))، تحت توجيه المعلّمين، حاولت مع زملائها التمسك بالتعبير عن الحب في المسرحية الأصلية بجرأة قدر الإمكان على أساس الإبقاء على المشاعر المتحفظة في أوبرا شاوشينغ. كما حاولت وانغ وان نا وزملاؤها تعديل تفاصيل ترتيب الشخصيات، فعلى سبيل المثال، يوجد قزم واحد فقط في مسرحية ((حلم ليلة منتصف الصيف))، أما في نسخة أوبرا شاوشينغ لهذه المسرحية، فقد تم تغييره إلى قزمَيْن وفقا لترتيب الشخصيات لمسرحيات الأوبرا الكلاسيكية الصينية. في أوبرا شاوشينغ ((اثنتا عشرة شخصية)) مأخوذة عن الفيلم الكلاسيكي الأمريكي ((12 رجلا غاضبا))، استخدمت وانغ وان نا وزملاؤها تقنية مسرحية داخل المسرحية لحث المشاهدين على التفكير مرارا وتكرارا.

وانغ وان نا مولعة بالاستكشاف والابتكار. لا تزال تتذكر أنها كانت تفكر في تجربة التخصصات الأخرى مثل الإذاعة والتمثيل في الأفلام والدراما وغيرها قبل التخرج في المدرسة الثانوية والالتحاق بالجامعة، لكن آمال معلميها تجاهها قد أثرت عليها، وبالتفكير في نيتها الأصلية وعملية التعليم التي تلقتها في الماضي، قررت البقاء على خشبة مسرح أوبرا شاوشينغ أخيرا، وتواصل القيام بهذا العمل حتى الآن.

بعد مواصلة دراسة أوبرا شاوشينغ، تطورت مهارات وانغ وان نا بسرعة تحت دعم ومساعدة معلّمي أوبرا شاوشينغ مثل السيدة تشيان هوي لي. قبل التخرج في الجامعة، لعبت وانغ وان نا دور جيا باو يوي في ((حلم القصور الحمراء))، وحظي أداؤها الممتاز بالثناء من قبل المشاهدين.

قالت وانغ وان نا إنها أرادت فقط تقديم عرض جيد على خشبة المسرح، وأضافت: "قد يدخل المسرح من يشاهد عروض أوبرا شاوشينغ لأول مرة، لذلك، بمجرد أن تظهر عيوب في أداء الممثل، فسيؤثر ذلك على انطباع المشاهدين عن أوبرا شاوشينغ بأكملها."

فتح باب أوبرا شاوشينغ للمزيد من المشاهدين

تدرك وان وان نا أنها تواجه فرصة جيدة للتطوير، نظرا لأن المزيد من المشاهدين الشباب يولون اهتماما بأوبرا شاوشينغ الآن. لكن لا تزال أوبرا شاوشينغ تُعد فنا بعيدا عن حياة المشاهدين العاديين مقارنة مع الأشكال الفنية الأخرى، مثل العروض المسرحية والبرامج الحوارية التي تحظى بشعبية كبيرة بين الشباب الآن. أشارت وانغ وان نا إلى أن تكلفة عرض أوبرا شاوشينغ أكثر من العروض المسرحية الأخرى بسبب خشبة المسرح الكبيرة والأزياء الأنيقة والموسيقى الحية، لذلك، لا يمكن أن تكون التذاكر رخيصة مثل المسرحيات الصغيرة. في نفس الوقت، لا تزال أوبرا شاوشينغ محدودة في اختيار موضوعات المسرحيات وإعادة توزيعها، حيث تستخدم أوبرا شاوشينغ الألحان الهادئة الجميلة للتعبير عن المشاعر وقص القصص، لذلك فإن بعض الأعمال الواقعية ليست مناسبة لإعادة توزيعها على خشبة مسرح أوبرا شاوشينغ. لكن تم إعادة توزيع بعض الأعمال الدرامية القديمة مثل ((أسطورة تشن هوان))، وبعض أعمال الكاتب المسرحي الحديث با جين التي تتحدث عن الحب والكراهية، وعُرضت على مسرح أوبرا شاوشيغ، وحظيت بشعبية كبيرة.

تحاول وانغ وان نا وزملاؤها، كجيل شاب من فناني أوبرا شاوشينغ، نشر أوبرا شاوشينغ بأشكال أداء وطرق ترويج جديدة لجذب المزيد من الشباب لمشاهدة أوبرا شاوشينغ في المسرح. كما يحاولون تقديم بعض العروض في المسارح الصغيرة لتخفيض أسعار التذاكر، وتمكين المزيد من طلاب الجامعات والخريجين من الاستمتاع بأوبرا شاوشينغ وسحر الثقافة التقليدية.

حاليا، قررت وانغ وان نا وزملاؤها القيام بتصوير وتحرير مقاطع الفيديو لنشرها على موقع بيليبيلي، فيمكنهم تقديم فن أوبرا شاوشينغ للجميع من ناحية، ومن ناحية أخرى، يمكنهم استكشاف قوة محركة جديدة لهذا الفن التقليدي من خلال التواصل والتفاعل على الإنترنت.

قالت وانغ وان نا: "لا تزال أوبرا شاوشينغ نوعا شابا من أنواع الأوبرا التقليدية. لديّ أمنيتان الآن، الأولى هي توراث المسرحيات الكلاسيكية لأوبرا شاوشينغ وتحقيق الابتكار والاختراقات في هذا الفن. والثانية هي أن نصنع أعمالا كلاسيكية تنتمي إلى جيلنا في هذا العصر، وفتح باب أوبرا شاوشينغ للمزيد من المشاهدين.