ثقافة وفن < الرئيسية

سوق الأفلام الصينية تتعافى

: مشاركة
2023-04-18 12:11:00 الصين اليوم:Source يان رن:Author

بعد ثلاث سنوات من الركود، شهدت سوق الأفلام الصينية تعافيا مرة أخرى في عام 2023. وبعد تحقيق أفضل عائد لشباك التذاكر منذ سنوات خلال فترة عيد الربيع لعام 2023، شاركت الأفلام الصينية في الدورة الثالثة والسبعين لمهرجان برلين السينمائي الدولي للمنافسة على الجوائز الرئيسية والفرعية.

طرق جديدة للسرد في الأفلام الصينية

مع عرض ستة أفلام ذاع صيتها في فترة عيد الربيع، وهي: "مانجيانغ هونغ (نهر كامل أحمر)"، "ليولانغ ديتشيوي 2 (الأرض الهائمة 2)، "شيونغتشوموه بانوو شيونغشين (الدببة بوني: رمز الحارس)"، "وومينغ (الشفرة المخفية)"، "شنهاي (البحر العميق)"، و"جياوهوان رنشنغ (خمسمائة ميل)"، انتشر تيار ساخن لمشاهدة الأفلام منذ بداية لعام 2023.

تدور أحداث فيلم "مانجيانغ هونغ" في عام 1147، وهو العام الخامس بعد وفاة الجنرال الشهير يويه في في فترة أسرة سونغ الجنوبية (1127- 1279). ذهب تشين هوي كبير وزراء أسرة سونغ الجنوبية، سرا إلى الحدود بين أسرة سونغ وأسرة جين (1115- 1234) لمقابلة مبعوث أسرة جين، لكن هذا المبعوث قُتل في مساء اليوم الذي التقى فيه الاثنان. فمن هو القاتل؟ شارك العديد من ممثلي الكوميديا ذوي مهارات التمثيل الرائعة في أداء قصة تبدو سخيفة، وتظهر الحبكة الدرامية مختلفة المستويات في الغرفة السرية، وفي كل مرة يُعتقد أنه تمت معرفة القاتل، يتبين أن الحقيقة لم تظهر بعد. أخرج المخرج الصيني الشهير تشانغ يي مو هذا الفيلم، وأضفى روعة على الأحداث من خلال دمج التشويق بالكوميديا والرومانسية والمشاعر الوطنية، الأمر الذي جعل هذا الفيلم الاختيار الأول للمشاهدين.

"الأرض الهائمة 2"، أتي بعجيبة أخرى لعشاق أفلام الخيال العلمي، استنادا إلى درجة عالية من استعادة محتوى الرواية التي كتبها الأديب الصيني المعروف ليو تسي شين. عندما يظهر على الشاشة مصعد فضائي يربط بين الكون ومحرك كوكبي شاهق، تبرز عناصر الخيال العلمي. حقق فيلم "الأرض الهائمة 2" الفخر للمشاهدين ونال إعجابهم لأنه يمثل ارتقاء بمستوى أفلام الخيال العلمي الصينية مرة أخرى، وترك أثرا مهما في تاريخ تطور أفلام الخيال العلمي الصينية. ويرمز ذلك إلى أن أفلام الخيال العلمي الصينية تسعى إلى تحقيق تطورات واختراقات جديدة باستمرار لاستكشاف المزيد من الإمكانات.

أمضى المخرج الشهير تيان شياو بنغ سبع سنوات لتصوير فيلم الرسوم المتحركة "البحر العميق"، بعد أن أخرج فيلم الرسوم المتحركة "الملك القرد: عودة البطل" الذي لاقى رواجا كبيرا، ويمكن القول إن "البحر العميق" يجسد أعلى مستويات تقنيات أفلام الرسوم المتحركة الصينية حاليا. إن تقنية "حبر الجسيمات" تدمج الرسم الصيني التقليدي بالفرشاة بتقنية الأبعاد الثلاثية الرئيسية بشكل أفضل، مما أثار إعجاب عدد لا يحصى من الجماهير.

أظهرت إحصاءات الإدارة الوطنية الصينية للأفلام، أن عائدات الأفلام الصينية في يناير عام 2023 تجاوزت عشرة مليارات يوان (الدولار الأمريكي يساوي 9ر6 يوانات تقريبا حاليا) حتى الساعة الثامنة عشرة في الحادي والثلاثين من يناير، محققة بذلك رقما قياسيا جديدا لعائدات الأفلام في يناير من كل عام. إن هذا الإنجاز لا يعكس شغف المشاهدين الصينيين بهذه الأفلام فحسب، وإنما أيضا يعزز ثقة العاملين في الأوساط السينمائية مرة أخرى.

قال رئيس جمعية نقاد الأفلام السينمائية الصينية راو شو قوانغ: "تتفق عائدات الأفلام في عطلة عيد الربيع لعام 2023 مع التوقعات عموما، وتتجاوز التوقعات في بعض الجوانب. الأفلام المتنوعة ترضي مطالب مشاهدي الأفلام، وتزيد الثقة بإحياء سوق السينما."

من القصة إلى التكنولوجيا، اكتسب ارتقاء الجودة في صناعة الأفلام الصينية تقدير المشاهدين عموما. ويعكس كل من "الشفرة المخفية" و"البحر العميق" استكشاف الأفلام الصينية في سرد القصص بطرق جديدة.

أعمال المخرج تشنغ أر، وهو مخرج فيلم "الشفرة المخفية"، رائعة. كان تقييم الجماهير لفيلمه "الأوقات الضائعة" مختلفا كثيرا. أمضى سبع سنوات لإخراج عمله الجديد "الشفرة المخفية"، مما يعني أن قدراته الإبداعية لا تزال رائعة، إذ يحكي قصة صغيرة في إطار بيئة كبيرة بطريقة وصف فريدة، ويزيد من تنوع أفلام الجاسوسية الصينية، ويستكشف بشكل مفيد طرقا جديدة لاستخدام الصور في سرد القصص.

من السهل للمشاهدين فهم قصة الفيلم حسب الترتيب الذي تتطور به القصة. لكن هذا الفيلم يتحدي عادات المشاهدين، إذ يحكي القصة بشكل جديد، وإعادة تنظيم مقاطع مهمة في الزمان والمكان التاريخيين عن طريق كسر أدلة الوقت، مما يجعل الفيلم بأكمله أكثر تشويقا ويوفر للجمهور مساحة أوسع للتفكير. إن حصول أفلام الجاسوسية على حب المشاهدين، يعكس نضج وشمول سوق الأفلام الصينية.

اختلافا عن فيلم "الملك القرد: عودة البطل"، لا يتناول "البحر العميق" الموضوعات التقليدية لأفلام الرسوم المتحركة الصينية، بل يتابع قصص بعض الأشخاص ذوي المكانة في المجتمع الحديث، ويتناول الأمراض الحضرية الحديثة مثل الاكتئاب والتوحد.

قال تيان شياو بنغ مخرج "البحر العميق" في مقابلة، إن هذا الفيلم هو عمل تجريبي نسبيا، فبعض الأجزاء في الفيلم استُخدمت فيها طريقة إخراج أكثر ذاتية. بلغت إيرادات "البحر العميق" حوالي 800 مليون يوان، مما يعكس بشكل كاف تطور تعددية الأفلام الصينية. كما قال تيان شياو بنغ، إن حب المشاهدين لفيلم "الملك القرد: عودة البطل"، شجعه على إخراج هذا العمل الأكثر ابتكارا.

العصر الجديد للأفلام الصينية

بجانب الإيرادات الكبيرة التي حققتها الأفلام في عطلة عيد الربيع، نال العاملون في الأوساط السينمائية الصينية ثناء واستحسانا كبيرين في الدورة الثالثة والسبعين لمهرجان برلين السينمائي الدولي.

يمكن القول إن مهرجان برلين السينمائي الدولي هو مهرجان الحظ للعاملين في الأوساط السينمائية الصينية. فاز المخرج الشهير تشانغ يي مو بجائزة الدب الذهبي في عام 1988 عن فيلمه "الذرة الحمراء"، وفاز وانغ تشيوان آن بنفس الجائزة عن فيلمه "زواج تويا" في عام 2007، وفاز دياو يي نان بهذه الجائزة عن فيلمه "الفحم الأسود" في عام 2017، وفاز الممثلون الصينيون بجوائز أفضل ممثل وأفضل ممثلة في عام 2019. وفي هذا العام، شارك فيلم "بايتا تشيقوانغ (برج بلا ظل)" في المسابقة الرئيسية للدورة الثالثة والسبعين لمهرجان برلين السينمائي الدولي، وشاركت أفلام صينية أخرى في ثماني مسابقات فرعية أيضا، مما يؤكد تقدير الأوساط السينمائية الدولية للأفلام الصينية، ويرمز إلى التطور المتوازن والشامل لصناعة السينما الصينية.

في الوقت ذاته، الأفلام التي عرضت في السينما في عطلة عيد الربيع تبين لنا ماضي وحاضر ومستقبل السينما الصينية: الجيل الخامس من المخرجين الصينيين بقيادة تشانغ يي مو، أبدع عصرا باهرا للأفلام الصينية على ساحة السينما العالمية في الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين، اليوم، لا تزال عائدات أفلامهم تحقق أرقاما كبيرة في عائدات شباك التذاكر. المخرجون تشنغ أر وقوه فان وتيان شياو فان، وهم في بداية العقد الخامس من العمر، يمثلون حاضر ومستقبل الأفلام الصينية. لقد عانوا من ركود صناعة السينما الصينية من قبل ويعيشون الآن أفضل عصر لها، فلا ينبغي لهم توارث التراكم التاريخي للأفلام الصينية فحسب، وإنما أيضا عليهم أن يبدعوا مستقبلا أفضل للأفلام الصينية في مختلف المجالات بجهودهم الخاصة. على هذا الطريق زهور وأشواك، فلا يجب أن يستمتعوا بشعور الفخر في المهرجانات السينمائية الدولية وقائمة عائدات الأفلام فحسب، وإنما أيضا يحتاجون إلى كسر العديد من الحواجز التقنية والحواجز المفاهيمية.

حصل فيلم "الأرض الهائمة 2" على استحسان كبير بعد عرضه في سوق أمريكيا الشمالية، إذ بلغ التقييم الإيجابي له 94% والتقييم السلبي له كان 6% فقط على موقع روتن توميتوز المتخصص في تقييم الأفلام. وجاء تقييم منصة IMDb لهذا الفيلم 0ر8 نقاط، ليعتبر بذلك واحدا من أفضل الأفلام الصينية خلال السنوات العشر الماضية. وقالت مجلة ((أوستن كرونيكل))، إن الفيلم يجمع بين المبالغة والقدرية ولأضداد الثنائية لشخصيات الفيلم، مما يجعله فيلما ممتعا. وقال أحد المشاهدين: "رغم أن مدة ’الأرض الهائمة 2‘ ثلاث ساعات، فإننا استشعرنا التقدم الملحوظ مقارنة مع ’الأرض الهائمة 1‘، إذ استطاع العمل إيجاد توازن بين الإثارة والعاطفة. يثيرني هذا الفيلم كثيرا. هذا الفيلم يعبر عن تطلعات الناس إلى المستقبل." الجدير بالذكر أن هذا الفيلم أثار اهتمام صحيفة ((نيويورك تايمز)) الأمريكية أيضا.

الأفلام هي منتجات ثقافية، والإصدارات عبر الحدود هي تبادلات ثقافية طبيعية، مثل أفلام هوليوود الرائجة التي تعرض في الصين منذ سنوات عديدة، مما يتيح الفرصة للشعب الصيني لفهم الثقافة الغربية من خلال هذه الأفلام. إن ولادة كل ثقافة لها تربتها الخاصة، والشمول والبحث عن التوافق مع وضع الاختلافات جانبا هما المعنى الحقيقي للتبادل الثقافي.

من السوق إلى الفن، ومن عائدات الأفلام في عطلة عيد الربيع إلى مهرجان برلين السينمائي الدولي، فإن الحيوية التي تبرزها الأفلام الصينية تزيد تطلعات الناس إليها.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4