ثقافة وفن < الرئيسية

متحف الفنون الوطني الصيني.. قاعة فنية تواكب العصر

: مشاركة
2023-09-20 13:57:00 الصين اليوم:Source تشانغ شياو:Author

في الثالث والعشرين من مايو عام 1963، افتتح متحف الفنون الوطني الصيني، الذي كتب الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ اسمه على لافتته بخط يده. وشهد هذا المتحف التطور المزدهر لقضية الفنون الصينية خلال الستين عاما الماضية، وجسّد ممارسته الحية في جمع التحف للبلاد، وعرض صورة العصر، ومساعدة الحضارات على التعلم من بعضها البعض.

الأعمال الكلاسيكية والإبداعية

في الساعة التاسعة صباحا، بدأ مكتب التذاكر لمتحف الفنون الوطني الصيني أعماله في الموعد المعتاد، ودخل الزوار المصطفون إلى المتحف واحدا تلو الآخر لزيارة "جمال في العصر الجديد.. سلسلة من المعارض لإحياء الذكرى السنوية الستين لإنشاء متحف الفنون الوطني الصيني".

تشمل هذه السلسلة من المعارض "تقديم الاحترام للأعمال الكلاسيكية" و"روعة الحبر والسياق الثقافي" و"جبل باوتا ونهر يانخه" و"جمع ومزج الجمال من الجميع"، تُعرض فيها نحو 600 قطعة من الأعمال الفنية الكلاسيكية. العدد المسموح لدخول المتحف كل يوم هو ستة آلاف شخص، يتم حجز كل تذاكر الزيارة يوميا تقريبا.

في معرض "تقديم الاحترام للأعمال الكلاسيكية" بالطابق الأول، تنبهر عيون الزوار أمام لوحات ((الحصان الراكض)) لشيوي بي هونغ و((الثلج الربيعي)) لوو قوان تشونغ و((أشجار الصنوبر في الضباب)) لهوانغ بين هونغ و((الأب)) للوه تشونغ لي، وغيرها من الأعمال المشهورة المعلقة على الجدران الحمراء بالمتحف.

في خزانة العرض الطويلة وسط القاعة الدائرية، تتوهج لفيفة ((الخيزران والأحجار)) لسو شي الشاعر من أسرة سونغ (960- 1127 م) والتي يرجع تاريخها إلى أكثر من تسعمائة سنة. وبجانب جدار العرض، يجذب الزوارَ عمل النحت ((عبور نهر اليانغتسي وتحرير الصين كلها)) الذي أبدعه ليو كاي تشيوي، بعد مسح نسخته الأصلية ضوئيا وتقليصها وجمعها، باستخدام التكنولوجيا الحديثة.

بالإضافة إلى أعمال الفنانين الكبار الصينيين، يُعرض أكثر من مائة عمل لبابلو بيكاسو وكاتي كولفيتس وأنسل آدمز وغيرهم من الفنانين الكبار الأجانب، والتي جمعها المتحف أو قدمت كهدايا له. هذه الأعمال شاهدة على التطور المزدهر للفن في الصين والثمار الوافرة للتبادلات الفنية الدولية لمتحف الفنون الوطني الصيني.

يقع معرض "روعة الحبر والسياق الثقافي" في الطابق الثالث والطابق الخامس ومقصورة تسانغباو في الطابق السادس. تتقسم الأعمال المعروضة إلى جزأين قديم وحديث، والأعمال القديمة الرئيسية هي أعمال تشو دا وتشو روه جي، أما الأعمال الحديثة الرئيسية فهي الأعمال التي أُبدعت منذ بداية القرن العشرين، وتعرض التحول الإبداعي والتطوير الابتكاري للفنانين الصينيين على أساس التقاليد. يهدف هذا الانتقال من الماضي إلى الحاضر إلى تسليط الضوء على التزام الفنانين الصينيين بكل من التقاليد والابتكار وإبراز الحيوية الدائمة للثقافة الصينية.

يحتضن متحف الفنون الوطني الصيني أكثر من 130 ألف عمل فني من مختلف الأنواع، تشتمل على الأعمال النموذجية للفنانين الصينيين المشاهير في الماضي والحاضر، ونحو 4000 تحفة فنية دولية، منها عدد غير قليل يعتبر أعمالا كلاسيكية في تاريخ الفن الحديث والمعاصر، وقدمت كهدايا للمتحف من فنانين وأسرهم وهيئات فنية وأفراد.

قال وو وي شان، مدير متحف الفنون الوطني الصيني ونائب رئيس جمعية الصين للفنانين، إن هدف هذا المعرض هو التعبير عن الاحترام لهؤلاء الفنانين العظماء، والامتنان لذوي الحكمة والبصيرة والفنانين وذويهم الذين تبرعوا بالتحف للمتحف. سيبذل المتحف مزيدا من الجهود في دفع عرض وبحث وإبداع الأعمال الفنية الكلاسيكية، وتوسيع مجال نشرها من خلال الطرق الفعالة للعرض والنشر، وتعزيز جاذبيتها وتأثيرها بين الشباب باستخدام السبل المعلوماتية، لإعادة حيوية هذه التحف.

توارث روح الثورة

يسعى معرض "جبل باوتا ونهر يانخه" إلى تجسيد روح الثورة في المسيرة الكبرى للشيوعيين الصينيين وأيامهم في يانآن في ثلاثينات - أربعينات القرن الماضي.

جوهر هذا المعرض هو مجموعة أعمال النحت بعنوان ((المسيرة الكبرى)) لفرقة فنية يرأسها مدير المتحف وو وي شان. وعلى جدار المعرض صور تسجل رحلات الاستطلاع للنحاتين الشباب بالفرقة الفنية في سيتشوان وفوجيان وقويتشو وغيرها من الأماكن في الصين.

صادف الثالث والعشرون من مايو 2023 الذكرى السنوية الستين لإنشاء متحف الفنون الوطني الصيني والذكرى السنوية الحادية والثمانين لإصدار ((كلمة في ندوة الأعمال الأدبية والفنية في يانآن)) للرفيق ماو تسي تونغ والتي حددت سياسة الأعمال الأدبية والفنية للحزب الشيوعي الصيني. إن رسالة متحف الفنون الوطني الصيني في كل مراحل تاريخه، هي توارث روح الثورة وترسيخ الإيمان الشيوعي.

أقيمت في متحف الفنون الوطني الصيني سلسلة معارض تحت عنوان "الجمال في العصر الجديد" للاحتفاء بانعقاد المؤتمرين الوطنيين التاسع عشر والعشرين للحزب الشيوعي الصيني كل على حدة، حيث تجاوز عدد الزوار 20 ألف شخص/ مرة كل يوم، وكان ذلك يعتبر حدثا كبيرا هز العاصمة.

في الحقيقة، يشجع متحف الفنون الوطني الصيني الناس من خلال المعارض الشاملة الضخمة في كل حدث تاريخي مهم، مثل الذكرى السنوية الأربعين لانتهاج سياسة الإصلاح والانفتاح والذكرى السنوية السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية والذكرى السنوية المائة لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني. وفي هذه المعارض، وجد الناس الجمال والتضامن والإلهام، وشعروا بنبض العصر.

قال وو وي شان: "متحف الفنون الوطني الصيني ليس قاعة للجمال فحسب، وإنما أيضا يشبه قاعة الاستقبال في بيوت الزوار، حيث يتمتع المسنون بالجمال، ويبحث ويناقش متوسطو العمر والشباب حول الجمال، ويتعلم الأطفال الجمال." ومن أجل تقديم تسهيلات للأطفال في تقليد وتعلم الرسوم، صمّم المتحف "مقاعد مبطنة خاصة"، طُبعت عليها عناصر أعمال الفنانين الكبار مثل وو تشانغ شوه وتشي باي شي ووو قوان تشونغ لتكون أنيقة وعملية.

بالإضافة إلى ذلك، أقام المتحف نشاطات متنوعة لتوعية الجماهير، مثل نحت التماثيل لأعضاء الحزب الشيوعي الصيني الممتازين والمعلمين والممرضات، ودعوة المشاهير الصينيين والأجانب لإلقاء المحاضرات حول الجمال، وإقامة مسابقة الرسم التي تتميز بمشاركة الأطفال ذوي الإعاقة، وإجراء المشروعات الثقافية والمفيدة لأبناء الشعب بالتعاون مع المنظمات الثقافية المحلية. في عام 2021، تمت تسمية متحف الفنون الوطني الصيني كقاعدة وطنية نموذجية للتوعية الوطنية.

قال السيد وو: "نقدم الغذاء المعنوي العالي الجودة من خلال الحب والفنون الجميلة، ونسعى إلى مساعدة جماهير الشعب على تعزيز القوة الروحية بالاستفادة من الجمال وترسيخ الثقة الذاتية ثقافيا."

جمع ومزج الجمال من الجميع

اللوحة الزيتية لنهر الفولغا الذي ينساب بهدوء للفنان الروسي فالنتين ميخائيلوفيتش سيدوروف، ولوحة عباد الشمس الزاهي في بكين للنحات والرسام الجورجي زوراب كونستانتينوفيتش تسيريتيلي، والرسم المحفور للفنان السلوفيني ألجا كوسا، وغيرها من  سبعين تحفة فنية دولية وأكثر، قد عُرضت في معرض "جمع ومزج الجمال من الجميع"، والتي تعرض الملامح الثقافية والفنية التعددية في العالم.

وانغ روه شان، فتاة عمرها عشر سنوات من مقاطعة لياونينغ، شغوفة بالرسم. وقفت تنظر إلى اللوحات واحدة تلو الأخرى. ربما هي لا تفهم المعاني العميقة لهذه الأعمال، غير أن جمال الحضارات في العالم ترك انطباعات عميقة في قلبها. وتأثر بالأعمال الفنية في المعارض أيضا شياو شان، وهو طالب جامعي من مقاطعة خبي، إذ قال: "من خلال هذه الأعمال، شعرت بالرغبة المشتركة للفنانين من مختلف الدول في إقامة رابطة المصير المشترك للبشرية. الفنون الجميلة يمكن أن تعزز الرابطة بين مختلف الدول والشعوب."

باعتباره نافذة مهمة للتبادلات الفنية الدولية، يواصل متحف الفنون الوطني الصيني دفع الحوار بين أوساط الفنون الجميلة في الصين والدول الأخرى، حيث أقام أكثر من ثمانين معرضا لتبادلات الفنون الجميلة الدولية خلال أكثر من عشر سنوات، وجمع 711 عملا لـ178 فنانا من 101 دولة ومنطقة. وأقام نشاط "ليلة متحف الفنون الوطني الصيني" الخاص للضيوف الأجانب، لتقديم الثقافة الصينية إلى مزيد من الزوار الأجانب، وتقديم الثقافة العالمية إلى مزيد من الزوار الصينيين.

منذ طرح الصين لمبادرة "الحزام والطريق"، اقترح متحف الفنون الوطني الصيني إنشاء اتحاد المتاحف الفنية الدولية على طريق الحرير واتحاد المتاحف الفنية لدول بريكس. منذ عام 2015، أقيم "معرض الرسم التعبيري الصيني التقليدي.. فن من متحف الفنون الوطني الصيني" في دول عديدة. وفي عام 2019، حقق معرض الأعمال الفنية الآسيوية، الذي أقامه المتحف، نجاحا كبيرا. علاوة على ذلك، أقام المتحف سلسلة من النشاطات المهمة للتبادلات الأكاديمية، مثل الندوة الدولية لحفظ وترميم التحف الفنية الوطنية، مما يجسد التبادل الثقافي والتعلم المتبادل بين الصين والدول الأخرى.

خلال الستين سنة المنصرمة، ظل متحف الفنون الوطني الصيني يقوم بوظائفه المتعددة المتمثلة في جمع التحف الفنية للدولة، وخدمة الشعب من خلال المعارض الرائعة، وتنظيم النشاطات المتنوعة لإلهام الجماهير، وسرد قصص الصين من خلال التبادلات الفنية الدولية الواسعة. قال السيد وو إن متحف الفنون الوطني الصيني يعمل على بناء نفسه قاعة فنية على مستوى وطني وحتى دولي في العصر الجديد، ليتمتع أبناء الشعب بالأعمال الفنية الممتازة وتحسين معارفهم الجمالية والثقافية.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4