في السنوات الأخيرة، صارت المتاحف والآثار تستهوي المزيد من الشباب والناشئين الصينيين، فأضحوا يذهبون إلى المتاحف ويصبحون مرشدين صغارا، ويستكشفون الحضارات القديمة في فصول علم الآثار بالمدارس، ويبنون جسور التبادل الثقافي مع الشباب الأجانب. إن "انتشار علم الآثار والمتاحف" في مختلف الأماكن، أتاح للناشئين التمتع بالتاريخ العريق والاستفادة من الثقافة الصينية، وفي الوقت نفسه، ساهم في نشر الثقافة الصينية.
سفيرة صغيرة لنشر الثقافة الصينية
خلال عطلة عيد العمال لعام 2024، كان متحف مقاطعة قانسو يعج بالزوار. كانت ليو تشن روي، وهي طفلة متطوعة في متحف مقاطعة قانسو، وتبلغ من العمر 12 عاما، ترتدي سترة صفراء وتشرح للزوار في قاعة الأواني الفخارية المزخرفة في الطابق الثالث للمتحف، قصة زجاجة مزخرفة بنقوش السلمندر العملاق. قالت: "عندما صنع الأجداد الأواني الفخارية الملونة، رسموا جسم السلمندر ببضعة خطوط، ولم يكتفوا بذلك، بل استخدموا أيضا خيالهم الواسع لإضافة تعبيرات مبالغ فيها..." بأسلوبها الحي والمثير للاهتمام، حصلت ليو تشن روي على إعجاب الزوار.
في العديد من قاعات ذلك المتحف، هناك متطوعون صغار مثل ليو تشن روي. عندما سمعت ليو تشن روي إشادة الجميع، شعرت بسعادة غامرة، وقالت: "كان حلمي أن أصبح مرشدة في المتحف." بدأ هذا الحلم عندما زارت ليو تشن روي وهي في الرابعة من عمرها، المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي مع والدتها. قالت ليو تشن روي: "الشاب الذي شرح لنا ذلك اليوم كان في الصف الخامس أو السادس الابتدائي، وكانت لديه معارف كثيرة، وأسلوب شرح محترف، وصبره جذبني بشدة. قضيت معه صباحا كاملا من دون أن أشعر بالتعب." ومنذ ذلك الحين، نمت بذرة حب المتاحف وعلم الآثار في قلب ليو تشن روي.
في عام 2023، عندما علمت ليو تشن روي من خلال الإنترنت بأن متحف مقاطعة قانسو يقوم بتوظيف متطوعين، قدمت طلبا مع والدتها. وبدأت رحلة اختيار المتطوعين بالتسجيل عبر الإنترنت، ثم اجتازت المقابلة الشخصية وشاركت في التدريب والتعليم.
في نظر ليو تشن روي، ليس من السهل أبدا أن تصبح متطوعا. قالت: "كانت نصوص الشرح صعبة الفهم في البداية، لكن مدربي المتطوعين في المتحف كانوا صبورين ومشجعين، مما ساعدني على فهم المحتوى تدريجيا." بعد اجتياز اختبار المرشد، كان على ليو تشن روي ووالدتها استكمال عدد محدد من الزيارات والخدمات في المتحف ضمن فترة زمنية معينة، لكن في نهاية الأمر شجعت كل منهما الأخرى، ونجحتا معا في اجتياز الاختبار النهائي.
الآن، تدرك ليو تشن روي أهميتها كسفيرة لنشر ثقافة قانسو وتاريخها، كما لاحظت تزايد عدد الزوار الأجانب الذين يأتون إلى المتحف لمعرفة الثقافة الصينية، فهم يستمعون باهتمام، ويطرحون الأسئلة بجدية، مما أتاح لها فرصة للإجابة عليهم باللغة الإنجليزية، وزيادة فهمهم للثقافة الصينية. أضافت: "أصبح لدي إصرار أكبر على أن أكون سفيرة للثقافة الصينية، وأن أروي قصص الصين للعالم." في الآونة الأخيرة، تسعى ليو تشن روي لمواصلة تحدي نفسها من خلال اختبارات الإرشاد في قاعات العرض الأخرى بالمتحف بدعم من والدتها، وقالت: "من خلال شرحنا، يمكننا أن نقدم للزوار تجربة غامرة لسحر الثقافة والتاريخ الصيني، مما يعزز الثقة الثقافية لدى الجمهور."
ليو تشن روي ليست الوحيدة؛ فهناك العديد من الأطفال المتطوعين الذين يسهمون في نشر الثقافة الصينية، ليصبحوا سفراء صغارا للتراث والثقافة الصينية، ويضيفوا لمسة مميزة لمتحف مقاطعة قانسو.
انتشار أنشطة علم الآثار في مدارس الصين
في شهر إبريل عام 2024، أُقيم حفل إطلاق برنامج "مدرسة الآثار الابتدائية" في مقاطعة تشجيانغ، وإطلاق مسار البحث الأثري في مدرسة شيلونغ الابتدائية في محافظة آنجي بمدينة هوتشو في مقاطعة تشجيانغ. قدم شيوي شين مين، الباحث في معهد تشجيانغ للآثار الثقافية وعلم الآثار، محاضرة رائعة بعنوان "من أين جئنا؟" لأخذ الأطفال في رحلة عبر ملايين السنين لاستكشاف أسرار أصل الإنسان.
استمعت شي تشنغ شيوان، وهي طالبة بالصف السادس في مدرسة شيلونغ الابتدائية، إلى المحاضرة بشغف وقالت: "تعلمت الكثير عن قصص موقع شانغماكان الأثري وأصل الإنسان." وأكثر ما أسعد شي تشنغ شيوان هو عرض الكتاب المصور الأصلي ((كتاب علم الآثار للعصر الحجري القديم))، الذي شاركت في رسمه وتحريره، في الحفل لأول مرة. في هذا الكتاب، قامت شي تشنغ شيوان والعديد من أصدقائها في مدرسة شيلونغ الابتدائية برسم ما فهموه حول عصور ما قبل التاريخ وعلم الآثار، بألوان زاهية وخطوط حية. كما أعربت شي تشنغ شيوان عن حماستها الشديد للأنشطة القادمة في "مدرسة الآثار الابتدائية" قائلة: "آمل أن أتعلم المزيد عن تاريخ الصين وكنوزها الأثرية من خلال 'مدرسة الآثار الابتدائية'."
قال تشانغ بوه، نائب رئيس مدرسة شيلونغ الابتدائية: "من خلال إنشاء 'مدرسة الآثار الابتدائية'، يمكن للطلاب تجربة غموض البحث الأثري، والشعور بالإنجاز عند اكتشاف القطع الأثرية، مما يعزز اهتمامهم بالتاريخ وعلم الآثار. وفي الوقت نفسه، تقدم المدرسة برامج دراسية أثرية، فيمكن للطلاب مراقبة العمل الأثري عن كثب والمشاركة في أنشطة الحفر الأثرية الميدانية، مما يتيح لهم تجربة ممتعة خارج الكتب الدراسية."
قال أحد المسؤولين في معهد تشجيانغ للآثار الثقافية وعلم الآثار، إنه تم اختيار 11 مدرسة في إحدى عشرة مدينة مقسمة إلى أحياء لتشكيل الدفعة الأولى من المدارس في برنامج "مدرسة الآثار الابتدائية". سيتم تحقيق تبادل الموارد بين المدارس ومشاركة المحاضرات والكتب الجيدة، من خلال المراقبة الميدانية والزيارات المتبادلة والتعلم المتبادل، مما يعزز التطور المشترك للمدارس. لتحقيق ذلك، تم اختيار فريق من اثنين وعشرين خبيرا ليكونوا مرشدين في "مدرسة الآثار الابتدائية"، وسوف يستخدمون منصات الوسائط الجديدة لإطلاق مقاطع فيديو للدروس المتعلقة بالموضوعات الأثرية، كما سيتم إنشاء أول اتحاد بين المدارس المشاركة في برنامج "مدرسة الآثار الابتدائية" في تشجيانغ لتبادل الموارد بينها.
في السنوات الأخيرة، أصبحت أنشطة علم الآثار منتشرة في المدارس الابتدائية الصينية، فقد قام معهد هونان للآثار الثقافية وعلم الآثار بتنظيم "نشاط علم الآثار" في الفصل رقم 265 بمدرسة يويينغ الابتدائية في مدينة تشانغده بمقاطعة هونان، لفتح باب معرفة علم الآثار أمام الأطفال. وأقيمت الدورة الثالثة من محاضرة "اكتشاف التاريخ المجيد ونقل الحضارة الرائعة" في مدرسة تونشيلو الابتدائية بمدينة خفي في مقاطعة آنهوي، مما أتاح للناشئين فهم التاريخ الغني لمقاطعة آنهوي من خلال الحفريات الأثرية المحلية. تم تقديم المحاضرة العامة لمتحف شنشي للتاريخ بعنوان "قصة عن أسرة تانغ" في مدرسة دونغتشنغ الابتدائية رقم 3 في حي باتشياو بمدينة شيآن، فتمتع أكثر من مائتي معلّم وطالب بدرس شيق حول التاريخ والثقافة. إن تلك الأنشطة لا تثري حياة الطلاب فحسب، وإنما أيضا تفتح لهم نافذة لمعرفة التاريخ، وتجعل الناشئين يجربون سحر الآثار التاريخية في أجواء مريحة وممتعة، مما يعزز شعورهم بالانتماء والفخر بالتاريخ والثقافة الصينية.
بعد حضور حفل إطلاق "مدرسة الآثار الابتدائية"، عبرت شي تشنغ شيوان عن أملها في أن تتمكن من المشاركة في العمل الأثري في المستقبل، لاكتشاف ونشر الحضارة الصينية القديمة من خلال دراستها.
منصة لتبادل الثقافات بين الشباب الصينيين والأجانب
في الثامن عشر من مايو عام 2024، أطلق متحف شنشي للتاريخ فعالية بعنوان "يوم المتاحف العالمي في الصين" في قاعة أسرتي تشين وهان بالمتحف. قاعة أسرتي تشين وهان معلم ثقافي مهم على طول طريق الحرير، وستكون درة ساطعة على تاج الثقافة لمبادرة "الحزام والطريق"، مما يعزز العلامة الذهبية لـ"آثار شنشي". في يوم المتاحف العالمي، قام المرشدون الصغار في قاعة أسرتي تشين وهان بشرح الإنجازات الرائعة لحضارتي تشين وهان أمام القطع الأثرية المهمة في معرض "العالم للجميع". شرح فان شياو يي، الطالب في مدرسة هوتسايمن الابتدائية في حي شينتشنغ بمدينة شيآن، قطعة أثرية لزوار أجانب في مشهد مؤثر لتبادل الثقافات بين الصينيين والأجانب، مما جذب الكثير من الاهتمام.
في الواقع، متحف شنشي للتاريخ ملتزم دائما ببناء جسر جيد لتبادل الثقافة ونقل الصداقة بين الشباب الصينيين والأجانب، ليصبح نافذة مهمة لتبادل الثقافات ونقل الحضارات. في فعالية بعنوان "الأزياء الصينية التقليدية لأسرة تانغ" أقيمت خلال عيد تشينغمينغ في متحف شنشي للتاريخ، ارتدى معلمون وطلاب من القسم الثانوي التابع للمدرسة الفرنسية الأمريكية الدولية في سان فرانسيسكو، أزياء تقليدية من أسرة تانغ لتجربة حياة المحليين في مدينة تشانغآن خلال فترة تلك الأسرة. كما شارك المعلّمون والطلاب من القسم الإعدادي التابع للمدرسة الفرنسية الأمريكية الدولية في سان فرانسيسكو، في فعالية لتعليم صنع الورق بالطريقة الصينية التقليدية. لم يزوروا الآثار التاريخية الثمينة للتمتع بعمق بالثقافة التقليدية الصينية الرائعة فحسب، وإنما أيضا شاركوا بأنفسهم في عملية صنع الورق، التي شملت خطوات مثل تحضير لُب الورق وصنع الورق والتزيين والتجفيف والتأطير، مما أتاح لهم تجربة فرحة العمل والإنجاز.
فتحت هذه الأنشطة نافذة للشباب الأجانب لفهم الثقافة التقليدية الصينية المتميزة. إن الأنشطة التفاعلية المصممة بعناية لا تثري تجربة التعلم للشباب الأجانب فحسب، وإنما أيضا هي محاولة جديدة لنشر التعليم المتحفي دوليا. في المستقبل، سيواصل متحف شنشي للتاريخ تطوير أنشطة التبادل الثقافي والتعليم عبر الثقافات، وإطلاق المزيد من المشروعات التعليمية العالية الجودة ولعب دور الجسر في نشر الثقافة ونقل الحضارات بشكل أقوى، مما يوفر منصة أوسع لنشر الثقافة التقليدية الصينية الممتازة.