في قصيدته "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، يقول الشاعر الفلسطيني محمود درويش: على هذه الأرض ما يستحقّ الحياةْ: على هذه الأرض سيدةُ الأرض، أم البدايات أم النهايات. كانت تسمى فلسطين. صارتْ تسمى فلسطين. سيدتي: أستحق، لأنك سيدتي، أستحق الحياة.
القضية الفلسطينية قضية جوهرية في منطقة الشرق الأوسط وتتعلق بالسلام الاستقرار الإقليميين والعدالة والنزاهة، وتتطلب من المجتمع الدولي التضامن وبذل جهود دؤوبة لإيجاد حل شامل وعادل ودائم. والصين، باعتبارها صديقا وأخا وشريكا عزيزا للشعب الفلسطيني، لها موقف ثابت وواضح من القضية الفلسطينية حيث يدعم الجانب الصيني بثبات القضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة ويقف إلى جانب فلسطين من دون تردد. في عام 2017، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ أربع نقاط لدفع حل القضية الفلسطينية خلال زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للصين، وأرسل الرئيس شي رسائل تهنئة لاجتماع الأمم المتحدة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني على مدى عشر سنوات متتالية، وقال خلال مراسم افتتاح القمة الصينية- العربية الأولى التي عقدت في ديسمبر عام 2022 في الرياض بالسعودية، إنه يتعين على المجتمع الدولي أن يظل حازما في التزامه بحل الدولتين ومبدأ الأرض مقابل السلام، من أجل السعي الجاد لتحقيق تسوية عادلة للقضية الفلسطينية في وقت قريب. كل ذلك يؤكد على الدعم الصيني القوي للشعب الفلسطيني مهما كانت التغيرات الدولية والإقليمية.
وفضلا عن ذلك، على مدار أكثر من نصف القرن، قدم الصينيون من كل دروب الحياة، دعما فعالا غير مشروط لفلسطين من أجل تنمية الاقتصاد الفلسطيني وتحسين معيشة الشعب.
في العشرين من فبراير عام 2023، تحت رعاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قام سفير دولة فلسطين لدى الصين فريز مهداوي بتسليم شهادة التكريم الوطنية للدبلوماسية الأكاديمية المناصرة للحقوق الفلسطينية، إلى ثلاثة باحثين صينيين وهم: البروفيسور خليل لوه لين عميد كلية دراسات الشرق الأوسط بجامعة بكين للغات والثقافة؛ البروفيسور محفوظ وانغ قوانغ دا مدير تنفيذي لمركز الدراسات الصيني- العربي للإصلاح والتنمية بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية؛ ود. منصور باي يه محاضر اللغة العربية بجامعة بكين للغات والثقافة، تقديرا لمساهماتهم الشخصية في دعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني. إن هذا يجسد الصداقة الراسخة بين الصين وفلسطين والرغبة المشتركة لدى الجانبين في الدفاع المشترك عن العدالة والإنصاف الدوليين.
تعد شهادة التكريم الوطنية للدبلوماسية الأكاديمية المناصرة للحقوق الفلسطينية أعلى شهادة تكريم للدبلوماسية الأكاديمية في فلسطين للباحثين والمناصرين العرب والأجانب الذين يساهمون في دعم حقوق الشعب الفلسطيني، وخاصة حقه في تقرير المصير وإقامة الدولة المستقرة، من خلال أعمالهم البحثية والسياسية والصحفية. في عام 2022، فاز بشهادة التكريم الوطنية سبعة عشر أكاديميا وناشطا من أكثر من عشر دول، وهذه أول مرة يفوز بها الأكاديميون الصينيون.
قال السفير فريز مهداوي في كلمته، إن الصداقة الممتدة بين الصين وفلسطين، تشبه كتابا لم ينته بعد ويتضمن فصولا كثيرة. وأضاف أن موقف الصين من القضية الفلسطينية ظل ثابتا لم يتغير منذ مؤتمر باندونغ في خمسينات القرن الماضي. وعلى الصعيد الأكاديمي، بذل الأكاديميون الصينيون كل ما في وسعهم لجعل الرواية لفلسطينية في متناول الصينيين المهتمين بقضايا الشرق الأوسط. شجع السفير فريز مهداوي الأكاديميين الصينيين والعرب على تعزيز جهودهم، لضمان أن تبقى الرواية الفلسطينية سليمة وتُنقل بأمانة من دون تزييف للحقائق والتاريخ إلى الأجيال القادمة.
ألقى تشاي جيون، مبعوث الحكومة الصينية الخاص لقضية الشرق الأوسط، كلمة، أعرب فيها عن أمله في أن يواصل الأكاديميون الفائزون تكريس روح الصداقة الصينية المتمثلة في المساندة والتسامح والمساواة والمنفعة والاستفادة المتبادلة، ولعب دور خاص في مواصلة دعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني، وتقديم المزيد من المساهمات لتعزيز التضامن والتعاون والتنسيق بين الصين وفلسطين وغيرها من الدول العربية، وإعلاء صوتهم في سبيل الدفاع عن العدالة والإنصاف والدوليين وبذل جهود دؤوبة في بناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية.
وبالنسبة للفائزين بتلك الشهادة الوطنية، يعد ذلك تشجيعا كبيرا لهم لتقديم المزيد من المساهمات للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في المستقبل. قال البروفيسور خليل لوه لين، الذي يعمل في دراسات الشرق الأوسط لأكثر من ثلاثة عقود وساهم في إطلاق البحوث الدولية والإقليمية في الجامعات الصينية، إن هذا العام يصادف الذكرى السنوية الخامسة والثلاثين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الصين وفلسطين، فهذا التكريم يشجع على تعميق الدراسة لنصرة الشعب الفلسطيني في نضاله العادل وتحقيق التعاون الأوثق مع الشخصيات الأكاديمية والدبلوماسية الفلسطينية والعربية.
وعبر البروفيسور محفوظ وانغ قوانغ دا، الذي ترجم عددا كبيرا من الكتب الصينية إلى اللغة العربية وشارك في كثير من المشروعات البحثية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، عن سعادته قائلا إنه لا يمكن نسيان قضية فلسطين أو تهميشها في سياق القضايا الساخنة الأخرى التي تظهر على الساحة الدولية اليوم. وأكد أنه في المستقبل، سيركز ويتعمق في البحوث والدراسات حول قضية فلسطين العادلة، والتضامن مع الفلسطينيين ودعمهم في سبيل استعادة حقوقهم المشروعة.
وقال د. منصور باي يه، الذي يعمل على تعزيز التبادلات الثقافية بين الشعبين الصيني والفلسطيني وتوثيق الصداقة بينهما عبر قنوات مختلفة، إنه كمعلم جامعي شاب في الصين، أهم رسالة له هي زيادة التفاهم بين الشباب الصينيين والفلسطينيين لأن الشباب هم مستقبل الدولتين. وأكد أنه سيواصل العمل على تزويد طلابه بالمزيد من روائع الآداب والثقافة والفنون التراثية الفلسطينية، وذلك لدفع تحقيق الحوار والتبادل الودي بين شباب فلسطين والصين.
يلعب الأكاديميون والمثقفون دورا مهما في إنتاج المعرفة وصناعة وتوجيه الرأي العام الإنساني، فمن المؤكد أن عددا متزايدا من الأكاديميين الصينيين المهتمون بالشرق الأوسط بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص، سيبذلون جهودا علمية أكبر لنصرة الحقوق الفلسطينية العادلة والمشروعة وتحقيق التفاهم المتبادل مع الشعب الفلسطيني في المستقبل، بفضل التحفيز الكبير من شهادة التكريم الوطنية.