كلنا شرق < الرئيسية

د. حسن رجب: معاهد كونفوشيوس حلقة وصل مهمة للتبادلات الصينية- العربية

: مشاركة
2024-02-06 13:45:00 الصين اليوم:Source جين ري:Author

الأستاذ الدكتور حسن رجب، أستاذ الدراسات الصينية وخبير الشؤون الصينية، له إسهامات كبيرة في نشر وتعليم اللغة والثقافة الصينية في مصر، فهو مؤسس كلية الألسن بجامعة قناة السويس وأول عميد لها (عام 2016) ومدير معهد كونفوشيوس بالجامعة، ومؤسس قسم اللغة الصينية بكلية الألسن في جامعة المنيا (عام 2006)، ومؤسس قسم اللغة والثقافة الصينية بكلية الآداب في الجامعة البريطانية بمصر (عام 2019). وهو أيضا عضو اللجنة العلمية لترقيات الأساتذة بالمجلس الأعلى للجامعات في مصر، وعضو الجمعية الدولية لتدريس اللغة الصينية، وعضو جمعية الصداقة المصرية- الصينية. في التاسع والعشرين من أكتوبر 2022، منحه المركز الثقافي الصيني في القاهرة جائزة التكريم للتعاون الثقافي، بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لتأسيس المركز.

((الصين اليوم)) أجرت معه الحوار التالي:

((الصين اليوم)): شاركتم في نهاية عام 2023، في المؤتمر السنوي لمعاهد كونفوشيوس في العالم الذي عقد في الصين. كيف كانت أجواء هذا اللقاء، وما هي آخر مستجدات تدريس اللغة الصينية في مصر والدول العربية؟

د. حسن رجب: شاركت في الفترة من السابع إلى التاسع من ديسمبر، في المؤتمر العالمي السنوي للغة الصينية الذي عقد في مركز الصين الوطني للمؤتمرات ببكين، حيث تم تنظيم المؤتمر من قبل المؤسسة الصينية الدولية لتعليم اللغة الصينية والجمعية العالمية لتعليم اللغة الصينية. شارك في هذا المؤتمر ممثلون لأكثر من 160 دولة ومنظمات دولية ورؤساء جامعات، وقد شاركت في هذا المؤتمر ممثلا لمعهد كونفوشيوس بجامعة قناة السويس، كما شارك من مصر أيضا الدكتورة رحاب محمود صبيح ممثلة لمعهد كونفوشيوس بجامعة القاهرة والدكتور ناصر عبدالعال ممثلا لمعهد كونفوشيوس بجامعة عين شمس.

وقد اتسمت فعاليات المؤتمر ومنتدياته بالتنوع، خلال طرح الموضوعات التي تتعلق باللغة والثقافة الصينية، ومن بينها المنتدى الصيني- الخليجي الثاني للغة والثقافة الصينية الذي عُقد بمركز الصين الوطني للمؤتمرات وبمشاركة العديد من الخبراء والباحثين من الصين ودول مجلس التعاون الخليجي. وقد حظي معرض التعليم الذي صاحب انعقاد المؤتمر بالترحاب من قبل خبراء التعليم الأجانب، وكان فرصة سانحة للتواصل المباشر مع نظرائهم لإقامة شراكات علمية وبحوث في مجال الترجمة وتبادل الطلاب والأساتذة.

أما عن مستجدات اللغة الصينية في مصر، فيعتبر عصر الرئيس عبد الفتاح السيسي والجمهورية الجديدة العصر الذهبي للغة والثقافة الصينية في مصر، خاصة بعد الزيارة التي قام بها الزعيم الصيني شي جين بينغ إلى مصر في يناير 2016، حيث تم تدشين "عام الثقافة الصيني في مصر"، وقد أعطى هذا الحدث زخما كبيرا لنشر اللغة الصينية. وتم في عام 2019 إدراج اللغة الصينية في منظومة التعليم في مصر كلغة ثانية من بين مقررات المرحلة الثانوية، بالإضافة إلى أن اللغة الصينية أصبحت الاختيار الأول في أقسام تدريس اللغات في مصر، حيث وصل عدد أقسام اللغة الصينية في مصر إلى أكثر من عشرين قسما للغة والثقافة الصينية في مختلف الجامعات المصرية، بالإضافة إلى دخول اللغة الصينية إلى منظومة التعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.

 ((الصين اليوم)): يصادف هذا العام الذكرى السنوية العشرين لتأسيس منتدى التعاون الصيني- العربي. كيف ساهم المنتدى في تطوير العلاقات الصينية- العربية بشكل عام، وتعزيز العلاقات الثقافية والتعليمية بوجه خاص؟

د. حسن رجب: العلاقات العربية- الصينية هي علاقات متميزة ومثمرة وليست وليدة اليوم ولكنها ضاربة ومتجذرة في التاريخ عبر طريق الحرير البحري والبري القديم، حيث لعب هذا الطريق دورا كبيرا في تعميق التواصل بين الصين والبلدان العربية. ومع تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949 والاستقلال المتعاقب لمعظم الدول العربية في تلك الفترة، دخلت العلاقات العربية- الصينية مرحلة زخم ودفع جديدة، بدأت في عام 1956 مع اعتراف مصر بجمهورية الصين الشعبية وإقامة علاقات دبلوماسية معها، ثم توالى اعتراف الدول العربية بجمهورية الصين الشعبية تباعا حتى وصل عدد الدول العربية في عام 1990 التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين إلى 22 دولة. وقد توج هذا التمثيل السياسي بقيام جامعة الدول العربية بتدشين مكتب تمثيل لها في العاصمة الصينية بكين في عام 1993. وفي عام 2004 تأسس منتدى التعاون العربي- الصيني الذي أصبح منصة جديدة للتعاون الصيني- العربي في القرن الحادي والعشرين. وفي عام 2005، قامت الصين بتعيين سفيرها لدى مصر مندوبا لها لدى جامعة الدول العربية.

وفي يناير عام 2016، خلال الزيارة التاريخية للرئيس الصيني شي جين بينغ إلى مصر، تم إعلان تدشين "عام الثقافة الصينية في مصر" و"عام الثقافة المصرية في الصين"، بعد التطور والزخم الكبير الذي شهدته العلاقات المثمرة بين البلدين لتصل إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية الشاملة أثناء الزيارة الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الصين في عام 2014.

في عام 2016، تم تدشين برنامج إعداد المترجمين العرب من وإلى اللغة الصينية بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية، حيث تأسس المشروع من قبل وزارة الخارجية الصينية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وقد عقدت الدورة الأولى بنجاح عام 2017 وشارك فيها 13 طالبا من دول عربية، وتلتها الدورة الثانية والثالثة في عام 2018، لإعداد جيل من المترجمين العرب ليصبحوا جسرا بين الثقافتين العربية والصينية. وفي شهر أغسطس عام 2022، تم افتتاح مركز الدراسات الصيني- العربي للتعاون الثقافي والسياحي بجامعة الدراسات الدولية في بكين للمساعدة في بناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية.

((الصين اليوم)): كما تعلمون، صادف عام 2023 مرور عشر سنوات على إطلاق مبادرة "الحزام والطريق". كيف ترون تطور حركة الترجمة والنشر بين الصين والدول العربية خلال السنوات العشر الماضية؟

د. حسن رجب: بدأت حركة الترجمة والنشر بين الصين والدول العربية في ثلاثينات القرن العشرين، على يد المسلمين الصينيين الذين وفدوا إلى مصر للدراسة في الأزهر. واستمرت حركة الترجمة والنشر من الصينية إلى العربية مع تخرج الرعيل الأول للدراسين المصريين في فترة الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن العشرين، وكانت مقتصرة على جهود فردية، مثل ترجمة مسرحية "شروق الشمس" للكاتب الصينى تساو يوي وقد ترجمها إلى العربية الدكتور عبد العزيز حمدي ونشرت عبر سلسلة "عالم المعرفة" في الكويت.  ثم تحولت حركة الترجمة بعد ذلك إلى شكل مؤسسي في بداية عام 2000، مع اهتمام المؤسسات الحكومية بالترجمة الصينية، مثل المركز القومي للترجمة في مصر واهتمامه بترجمة الأعمال التراثية الصينية إلى اللغة العربية، فتمت ترجمة رواية "الذرة الرفيعة الحمراء" للكاتب الصيني موه يان الحاصل على جائزة نوبل في الآداب، وقد ترجمها الدكتور حسنين فهمي، وكتاب "فن الحرب"، وترجمه الدكتور محسن فرجاني.

 وكان لظهور ((بيت الحكمة)) كمؤسسة ثقافية على يد الدكتور أحمد السعيد دور مهم في دفع حركة الترجمة من الصينية إلى العربية، حيث شجعت الباحثين الشباب على ترجمة عيون الأدب الصينى إلى اللغة العربية، فأسهموا بشكل كبير في تقريب الفجوة الثقافية وزيادة الفهم والوعي بين الشعبين العربي والصيني.

((الصين اليوم)): كيف تقيمون التعاون بين جامعة قناة السويس والجامعات الصينية في السنوات العشر الماضية، وما هي أبرز الإنجازات التي حققها معهد كونفوشيوس بجامعة قناة السويس في تعزيز الفهم المتبادل بين الثقافتين الصينية والمصرية؟

د. حسن رجب: جامعة قناة السويس هي جامعة حكومية مصرية تأسست في عام 1975 بمدينة الإسماعيلية، وهي أيقونة التعاون العلمي والثقافي مع الجامعات الصينية، وتُعتبر أول وأكبر جامعة مصرية لها تعاون علمي وثقافي مع الصين. فرئيس الجامعة الحالي الأستاذ الدكتور ناصر مندور هو ابن الثقافة الصينية، وهو أول رئيس جامعة مصرية يحصل على درجة الدكتوراة في الصين، بجامعة جنوب الصين للزراعة في عام 2004، وتقديرا من وزارة التعليم الصينية فقد وجهت له الدعوة لتمثيل مصر في منتدى رؤساء جامعات العالم الذي أقيم في بكين في الفترة من 28 أغسطس وحتى 1 سبتمبر 2023. وهي الجامعة الوحيدة التي يوجد بها قسمان لتعليم اللغة والثقافة الصينية، الأول قسم اللغة الصينية وآدابها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية الذي أُنشئ في عام 2008، والثاني قسم اللغة الصينية بكلية الألسن والذي أُنشئ في عام 2016. بالإضافة إلى إنشاء معهد كونفوشيوس في عام 2008 ومعهد بحوث الأسماك والأحياء المائية الذي أُنشئ في عام 2013 بالتعاون مع جامعة شانغهاي للمحيطات، والكلية المصرية- الصينية للتكنولوجيا التطبيقية والتي أُنشئت في عام 2016 بالتعاون مع جامعة بكين لتكنولوجيا المعلومات ومؤسسة مصر الخير، وهي كلية فريدة من نوعها في مصر تربط بين العلم بالتدريب، حيث قامت الكلية بتخريج أول دفعة من الطلاب في عام 2022 والتي سرعان ما رحبت بهم الشركات التكنولوجية في مصر. بالإضافة إلى برنامج الترجمة الصينية بكلية اللغات وإدارة الأعمال في جامعة الإسماعيلية الأهلية.

أما بالنسبة لمعهد كونفوشيوس بجامعة قناة السويس، فهو يُعتبر بيت اللغة والثقافة الصينية ورمزا للصداقة المصرية- الصينية في إقليم القناة، وتتم إدارته بشكل مشترك بين جامعة قناة السويس وجامعة بكين للغات والثقافة. في عام 2019، حصل المعهد على لقب معهد كونفوشيوس النموذجي وجائزة التميز الأولى في مجال نشر اللغة والثقافة الصينية على مستوى 550 معهد كونفوشيوس في مختلف بقاع العالم. يُنظم المعهد دورات لتعليم اللغة الصينيةHSK  وHSKK، وكذلك تنظيم اختبارات دولية لتحديد مستوى إجادة اللغة الصينيةHSK  وHSKK بمستوياتها المختلفة، وذلك بالتنسيق مع المقر العام لمعاهد كونفوشيوس بالصين. ويحصل معهد كونفوشيوس بجامعة قناة السويس على المستوى الأول دائما بين معاهد كونفوشيوس على مستوى العالم في مستوى نتائج امتحان إجادة وقياس مهارات اللغة الصينيةHSK  وHSKK، مما يدل على ارتفاع مستوى طلاب جامعة قناة السويس الدارسين للغة الصينية. ويقوم المعهد بدوره المهم في التعريف بالثقافة الصينية لدارسي اللغة الصينية والجمهور عامة بإقليم القناة، من خلال تنظيم العديد من الأنشطة والفعاليات الثقافية التي تعبر عن الثقافة الصينية. كما يُقدم المعهد للطلاب المتفوقين في كل عام المنح الدراسية في الجامعات الصينية في مجال اللغة والثقافة الصينية والأدب والفلسفة، تتجاوز أحيانا 100 منحة. ويوفر المعهد فرص التدريب والتوظيف لطلاب الجامعة في مختلف التخصصات العلمية في كبرى الشركات الاستثمارية الصينية العاملة في مصر، من خلال تنظيم ملتقى التوظيف والتدريب في كل عام بالجامعة للشركات الصينية. ويقدم معهد كونفوشيوس دورات مجانية عن "الاهتمامات الصينية" المختلفة في موضوعات مثل "الإرشاد السياحي باللغة الصينية" و"الخط الصيني" و"تعلم الصينية بمشاهدة الأفلام والاستماع للأغاني" و"رياضة الووشو"، وغيرها من الفصول الدراسية الشيقة.

 ((الصين اليوم)): كيف يمكن للطلاب المصريين الاستفادة بشكل أفضل من برامج تعليم اللغة الصينية والثقافة الصينية المقدمة في معاهد كونفوشيوس؟

د. حسن رجب: يهدف معهد كونفوشيوس إلى تنمية قدرات الطلاب المصريين في اللغة الصينية، والتعرف على ثقافة المجتمع الصيني بشكل أعمق. وقد قدمت معاهد كونفوشيوس الكثير من الإسهامات في هذا المجال. ولكن أعتقد أن علينا أن نطور برامج التعليم الحالية إلى التعليم التفاعلي، مثل اللغة الصينية للسياحة لتأهيل مرشد سياحي متمكن من ناصية اللغة، واللغة الصينية كلغة المال والتجارة من خلال زيارات ميدانية للشركات الصينية العاملة في مصر بهدف إعداد مترجم محترف ليكون جسرا للتواصل بين البلدين. والحمد لله، فمعهد كونفوشيوس بجامعة قناة السويس له السبق والريادة في هذا المجال، حيث ينظم زيارات شهرية إلى مواقع العمل والإنتاج للشركات الصينية في مصر، من خلال اتفاقيات تدريب مع شركات مثل "هواوى" عملاق التكنولوجيا الصينية، وشركة "جوشي" عملاق صناعة الفايبر غلاس في العالم، وشركة "فامسون" لصناعة معدات الأعلاف والإنتاج الزراعي. بالإضافة إلى قيام معهد كونفوشيوس بترتيب زيارات ميدانية لطلاب اللغة الصينية من خلال معسكر الثقافة الصيفي في الصين، حيث تتاح الفرصة للطلاب للتعرف على الصين والشعب الصيني وممارسة اللغة على أرض الواقع عن كثب.  كما أن معهد كونفوشيوس بجامعة قناة السويس بصدد استخدام تكنولوجيا الرقمنة، من خلال بث البرامج التعليمية على الإنترنت.

((الصين اليوم)): ما هي التحديات التي تواجهونها في تعزيز التبادل الثقافي بين الطلاب الصينيين والمصريين، وكيف يمكن التغلب عليها؟

د. حسن رجب: بالرغم من أن الحضارة المصرية والحضارة الصينية قدمتا للبشرية الكثير من الإسهامات العظيمة وأثرت مخزون كنز الثقافة العالمية، نجد أن البعد الجغرافي واختلاف الأنظمة الاجتماعية والعادات والتقاليد أحدثت فجوة كبيرة في التواصل وسوء الفهم بين الشعبين. أعتقد أن حاجز اللغة هو التحدي الأول، لأنه من المعروف أن كلا من اللغة الصينية واللغة العربية من أصعب اللغات في التعلم بالنسبة للطالب الأجنبي، وكل من الطالب المصري والطالب الصيني قد تعلم ودرس لغة الآخر عن طريق لغة وسيطة وهي الإنجليزية. أنا على ثقة من أن هذا التحدي سوف يزول سريعا مع برامج التعليم التفاعلية الجديدة، ومع التبادل الثقافي للتعريف بالآخر والتواصل معه، ومع كثرة أعداد أقسام اللغة الصينية في الجامعات المصرية والعربية وانتشار اللغة العربية في الجامعات الصينية. التحدي الثاني، هو الصورة السلبية المضللة في الإعلام الغربي عن كل ما يتعلق بالصين، والذي بدأ مع انتشار وباء كوفيد- 19. وأعتقد أنه مع الدور الفاعل لقناة CGTN  الصينية الناطقة بالعربية وصفحة السفارة الصينية في مصر على وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك الطبعة العربية لمجلة ((الصين اليوم))، فإن هذه الصورة السلبية سوف تتلاشى كما ذهب وباء كوفيد- 19 بلا رجعة.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4