كلنا شرق < الرئيسية

نجاحات عدة للدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي- الصيني

: مشاركة
2024-07-10 17:06:00 الصين اليوم:Source أحمد باتميرا:Author

عقدت الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي- الصيني في نهاية شهر مايو 2024 في العاصمة الصينية بكين، بمناسبة الذكرى السنوية العشرين لتأسيس المنتدى وبعد أول قمة عربية- صينية عقدت في الرياض في ديسمبر عام 2022.

وخلال الاجتماع أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ في كلمته الافتتاحية، على أهمية العلاقات بين الجانبين داعيا إلى التضامن والتآزر والاستفادة من المنافع المشتركة والمتبادلة بين الصين والدول العربية، خاصة وأن العلاقات بين الجانبين تمتد بجذورها في أعماق التاريخ وعبر قرون من التواصل التجاري والثقافي.

فالتقارب العربي- الصيني سيكون له تأثير مهم، خاصة وأن الصين تؤيد الدول العربية في قضاياها العادلة المشروعة وحماية مصالحها الوطنية، كما أن الدول العربية تؤيد مبدأ الصين الواحدة، لذا نحن اليوم بصدد توحيد الجهود العربية من أجل استرجاع الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية المشروعة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وبفضل نمو حجم التجارة الثنائية بين الصين والدول العربية، وبالنظر إلى المستقبل، فإن العلاقة بين الجانبين ستزداد قوة ومتانة خاصة مع مبادرة "الحزام والطريق" التي تجعل للصين الريادة في مختلف المجالات في المستقبل القريب. لذا، علينا التحرك كمجموعة عربية لتطوير هذه العلاقات الثنائية ودعم الصين في إقامة نظام دولي جديد بمساعدة روسيا والدول التي تعمل من أجل السلام والاستقرار العالمي مع المحافظة على المصالح الجوهرية لكل الأطراف.

واليوم، فإن الدول العربية ترى الصين الدولة الأكثر مصداقية في التعامل والأكثر قربا من المنطقة العربية وأكبر شريك تجاري لها في السنوات الأخيرة برقم قياسي يصل لحوالي 400 مليار دولار أمريكي.

وهناك تعاون صيني- عربي مثمر في معظم الدول العربية في مجالات مختلفة وشراكات إستراتيجية متبادلة والسير للأمام من خلال "الحزام والطريق"، بما يحقق منافع مشتركة من خلال ترسيخ التعاون في مجالات الطاقة والذكاء الاصطناعي والاستزراع السمكي والهيدروجين الأخضر والعمل على تكوين الصناعات المتقدمة والحديثة التي أصبحت الصين من أوائل الدول فيها.

وفي الاجتماع الأخير ظهر جليا التوافق والتقارب بين الجانبين، من خلال حضور بعض القادة العرب وكلماتهم التي تؤكد قوة العلاقات العربية- الصينية وإيمانهم العميق بتطوير هذه العلاقات من أجل السلام والتنمية. إن دعوة ملك البحرين إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية للاعتراف بفلسطين ومنحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وهو ما أكد عليه وأعلنه الرئيس الصيني شي جين بينغ عندما جدد دعمه لحصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، مؤشر لهذا التقارب مع الدول العربية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والرغبة المشتركة في الحد من سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية والقطبية الأحادية على العالم.

فنحن اليوم علينا أن نثني على مسيرة التعاون المشترك والشراكة الناجحة بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية الصديقة وبمستوى العلاقات بينهما، والتي نأمل أن تزداد زخما ونجاحا على كافة المستويات والأصعدة في القريب العاجل بما يحقق تطلعات شعوبها نحو السلام والأمن والتنمية.

وكلنا يعلم ان هذه العلاقات ترسخت بشكل لافت منذ مطلع تسعينات القرن العشرين، بعد أن أصبحت جميع الدول العربية تقيم علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية. وفي مارس عام 2000، أقر الجانبان إنشاء منتدى للتعاون العربي- الصيني والذي يشمل التعاون بين الجانبين في مختلف المجالات حتى أنها أصبحت شراكة إستراتيجية، خاصة وأن الصين قوة عظمى ولها شأن كبير على الساحة الدولية.

عُمان والصين.. علاقات تاريخية وشراكة إستراتيجية عبر طريق الحرير

في مايو 2023، احتفلت سلطنة عُمان وجمهورية الصين الشعبية بمرور الذكرى السنوية الخامسة والأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، على الرغم من أن علاقاتهما التاريخية الوطيدة لها مئات السنين، وهي علاقات متجذرة وموثقة لا يمكن نكرانها إطلاقا ومحفورة في كتب التاريخ وقصص الأساطير، والتي استلهمت من نصوص السجلات الصينية التي تعود إلى أكثر من ألف عام.

بدأت العلاقات الدبلوماسية بين مسقط وبكين في 25 مايو عام 1978، ومنذ ذلك اليوم وهي تزداد نضجا وتطورا بشكل متواصل يعكس العلاقات التجارية والبحرية التي تضرب جذورها في أعماق التاريخ وتمتد لآلاف السنين، وهذه العلاقات أسهمت في توطيد بعض المشروعات في سلطنة عُمان. وهناك توجه كبير من رجال الأعمال والمستثمرين من الصين لعمل مصانع في سلطنة عُمان، لموقعها الإستراتيجي وقربها من قارات العالم الخمس. فسلطنة عُمان دولة مهمة على طريق الحرير البحري القديم، ودخل الإسلام إلى الصين منذ القرن الثاني الهجري، وذلك عن طريق التجار العُمانيين الذين كانوا يتاجرون بالحرير واللبان وغيرهما من السلع التي كانت تعبر عُمان بحكم موقعها الإستراتيجي على طريق التجارة بين الشرق والغرب.

تناسق بين رؤية عُمان ومبادرة "الحزام والطريق"

أكد سعادة السفير ناصر بن محمد البوسعيدي سفير سلطنة عُمان لدى الصين، في كلمته التي ألقاها بمناسبة مرور خمسة وأربعين عاما على إنشاء العلاقات الدبلوماسية العُمانية- الصينية، أن تاريخ وتطور العلاقات بين البلدين الصديقين يعود للعصور القديمة، وبفضل التناسق بين "رؤية عُمان 2040" ومبادرة "الحزام والطريق" فإن العلاقات السياسية والاقتصادية بينهما تتطور في شتى المجالات. وذكر سعادته أن الصداقة الصينية- العُمانية تستقبل جولة تاريخية جديدة وفرص تنمية مشتركة وإستراتيجية.

كما أكد سعادة الشيخ خليفة بن علي الحارثي وكيل وزارة الخارجية العُمانية للشؤون السياسية، في حفل سفارة الصين لدى عُمان، على أن الاحتفاء بهذه المناسبة هو مؤشر على عمق وأهمية هذه العلاقات، وقال: "نسعى جميعا من الجانبين العُماني والصيني لتعزيزها خاصة على المستوى الاقتصادي لتحقيق الفائدة للبلدين والشعبين الصديقين."

من جانبها أشادت سعادة لي لينغ بينغ، سفيرة جمهورية الصين الشعبية السابقة لدى سلطنة عُمان، بعمق العلاقات الثنائية بين سلطنة عُمان وجمهورية الصين الشعبية، مؤكدة على أن التعاون الثنائي بين الجانبين تطور بشكل سريع ومتنام وشمل الكثير من المجالات.

هناك واقع مؤثر في العلاقات الصينية- العُمانية، فلا بد من الإشارة إلى أن عُمان هي أول دولة خليجية تربطها علاقات تاريخية وتجارية مع الصين، ومن أوائل الدول التي وقعت على وثائق البناء المشترك لـ"الحزام والطريق". لذا، لا غرابة أن نجد تدفق عدد من كبار المستثمرين ورجال الأعمال الصينيين لسلطنة عُمان للاستثمار في مجالات مختلفة، خاصة وأن سلطنة عُمان أصدرت العديد من القوانين والأنظمة ووفرت تسهيلات للمستثمرين مما جعلها قبلة للكثيرين الذين يسعون لتطوير تجارتهم في مسارات عدة ومتنوعة، منها التنمية الاقتصادية والبنية التحتية والغذاء وغيرها، وأصبح وجودها حاضرا ومشرقا ومنتجاتها وصناعاتها تنتشر في قرى ومدن العالم، وسفنها تعبر كل موانئ العالم لتنقل صناعات الصين المختلفة إلى موانئ أفريقيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية وأستراليا والوطن العربي الكبير.

واليوم، أصبح من الواضح أن سلطنة عُمان وجمهورية الصين يسعيان إلى رفع مستوى التبادل التجاري بينهما لمستوى يليق بمستوى العلاقات التاريخية بينهما، خاصة وأن الصين تعد من الدول الأكثر إنتاجا وتصديرا في العالم.

فكلنا يعلم أهمية المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بسلطنة عُمان، لكونها تقع بين مضيق هرمز وباب المندب وقريبة جدا من آسيا وأفريقيا، والتي تعتبر من أهم المناطق الاقتصادية الواعدة في العالم، وأصبحت تستقطب الدول والشركات ورجال الأعمال في العالم للاستثمار فيها، فهي منطقة اقتصادية تعطي تسهيلات وإعفاءات ودعم من الحكومة العُمانية لكل من يأتي لها للاستثمار أو فتح مشروعات عملاقة بها، وفي الآونة الأخيرة تم افتتاح أكبر مصفاة لتكرير النفط وهي مصفاة الدقم، وهي شراكة كويتية- عُمانية وسبقتها مشروعات عُمانية- قطرية وعُمانية- صينية وغيرها الكثير.

في الماضي ركز التجار الصينيون على تطوير التجارة واستفادوا من الأمن والاستقرار الذي وفره المسلمون على مسارات طرق الحرير البرية والبحرية، وبالمقابل سهلوا للتجار العرب المسلمين الوصول إلى بلادهم والإقامة بها ومزاولة التجارة في حرية وعدل وأمان، وأصبحت السفن العربية تصل بدورها مباشرة إلى ميناء كانتون.

وخلال هذه الرحلات التجارية استقرت أعداد كبيرة من الجاليات العُمانية وغيرها من الجاليات العربية في موانئ الملايو وإندونيسيا والصين. ويعد أبو عبيدة عبد الله بن القاسم من الأوائل الذين اشتغلوا بالدعوة للإسلام في الصين في بدايات القرن الثاني الهجري، بل تشير المصادر الصينية بوجود سجل اسمه "السجل العُماني"، وهو يحتوي على أخبار العلاقات التجارية الصينية مع عُمان في القرن الثامن الميلادي، وأشار ذلك السجل إلى أن رحلة أبي عبيدة هي أقدم رحلة عربية إلى الصين.

ومن التجار العُمانيين المشهورين الذين عاشوا فترة طويلة بالصين الشيخ عبد الله الصحاري (القرن الـ11 م) فكان يتبنى أعمال الخير كبناء المساجد والمدارس والبيوت، والشيخ عبد الله كان أحد أفراد جالية عُمانية كبيرة كانت تعيش في الصين ولديها إسهامات إدارية واضحة.

وعندما كان التبادل بين عُمان والصين في أوج ازدهاره، قام البحار الصيني المسلم الشهير تشنغ خه بزيارة عُمان عبر خمس رحلات من أصل سبع رحلات قام بها الأسطول الصيني. وتشير الوثائق الصينية الى زيارات لكل من مسندم ومسقط ومصيرة وظفار، كما زار جنوبي وغربي آسيا وسواحل أفريقيا.

الصين تعزز مكانتها عالميا من خلال السلام

واليوم على المستوى السياسي والدبلوماسي، فالصين تعزز حضورها من خلال السلام والتعايش السلمي مع الجميع، وسلطنة عُمان لديها نفس المبدأ في علاقاتها الخارجية، وهذا سيساعد في تطوير العمل السياسي بينهما بشكل كامل، مع سياسة عُمان والتي تدعو دائما للانفتاح على الآخر وتعزيز الروابط المشتركة مع الجميع. وتمر العلاقات العُمانية- الصينية اليوم بنقطة انطلاق تاريخية جديدة وتنتظرها فرص جديدة للتنمية في مختلف المجالات، بما يعود بالخير على شعبي البلدين.

وسيأتي اليوم الذي نرى الصين قد أزاحت الدول المتقدمة عن عرش اقتصاد العالم، رغم ما تعانيه من صعوبات أحيانا بسبب تراجع الصادرات وتآكل ثقة المستثمرين وتباطؤ النمو، وأزمة القِطاع العقاري، وتراجع الاستهلاك، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، ومع ذلك يتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني بشكل ملحوظ وفق رؤية الرئيس الصيني شي جين بينغ الجديدة.

لذا، فإن ما بين الدول العربية والصين شراكة إستراتيجية نموذجية في الآونة الأخيرة، ونقلة نوعية تمثلت في رفع الصين مستوى العلاقات بينهما إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية بينها وبين بعض الدول، حرصا منهما على تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات، بما يخدم مصالحهما المشتركة ويحقق التنمية المستدامة.

وقد عبر سعادة سفير سلطنة عُمان لدى جمهورية الصين الشعبية بهذا التطور التاريخي، مؤكدا على عمق العلاقات العربية- الصينية التي تمتد جذورها إلى الحضارة العربية الإسلامية الراسخة في الصين، مشيرا إلى أن إنشاء منتدى التعاون الصيني- العربي في عام 2004 شكّل منصة مهمة لتعزيز التعاون بين الجانبين على مدار العشرين عاما الماضية. وأكد أن هذه العلاقات ستشهد المزيد من التطور والازدهار في السنوات المقبلة، بما يحقق مصالح جميع الأطراف.

يعد المستقبل المشترك للبشرية هدفا ساميا تسعى إليه الدبلوماسية الصينية، وقد أوضح الرئيس الصيني أكثر من مرة مفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية في مناسبات مختلفة، وبادر بتطبيق القيم المشتركة للبشرية لبناء عالم منفتح وشامل ونظيف وجميل يسوده السلام الدائم والأمن العالمي والازدهار المشترك، عن طريق التشاور والتعاون والمنفعة للجميع. لذا، فإن الرؤية التي وضعها الرئيس الصيني للعلاقات الصينية- العربية وللعالَم برمته هي النقيض المباشر لكل ما يؤمن به الغرب وما عمل على تنفيذه في العالم العربي وآسيا وأفريقيا طوال القرون الماضية.

--

أحمد باتميرا، صحفي من سلطنة عُمان يكتب في عدة صحف عربية وبعض المواقع الإلكترونية العربية والأفريقية والأسترالية.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4