في عام 2004، بلغت سعة أجهزة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في الصين 77 ميغاوات. وبعد عشرين سنة، بلغت سعة أجهزة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في الصين 609 غيغاوات في عام 2023، أي ازدادت 7900 مرة. في مجال سلسلة توريد الكهرباء المولدة بالطاقة الشمسية، احتل حجم إنتاج الشركات الصينية من الشرائح السيليكونية والبطاريات الشمسية والوحدات 97% و85% و75% من القدرة الإنتاجية العالمية، على التوالي.
يشكل عدد سكان الدول المشاركة في بناء مبادرة "الحزام والطريق" حوالي 60% من سكان العالم، ويمثل الحجم الاقتصادي لها حوالي 30% من حجم الاقتصاد العالمي. مع توسع حجم التعاون الاقتصادي وارتفاع الوعي بحماية البيئة، ازداد طلب هذه الدول على الطاقة الجديدة. معظم الدول المشاركة في بناء مبادرة "الحزام والطريق" هي دول نامية، والبنية التحتية للطاقة في كثير منها ضعيفة، ولا يزال عدد كبير من سكانها لا تتوفر لهم الكهرباء. أصبحت التقنيات الكهروضوئية اختيارا مهما لتحويل نمط الطاقة لهذه الدول، بفضل نضوجها وانخفاض تكاليفها وقدرتها القوية على التكيف مع الظروف المحلية.
في أفريقيا، يشكل تأخر تطور صناعة الطاقة الشمسية ووفرة موارد الطاقة الشمسية تناقضا جليا. وفقا لخريطة توزيع موارد الطاقة الشمسية العالمية الصادرة عن البنك الدولي، تتلقى قارة أفريقيا الإشعاع الشمسي المباشر الأكثر في العالم، ويبلغ متوسط قوة الإشعاع السنوية في معظم المناطق ما بين 2000 و3000 كيلووات ساعة/ متر مربع.
في 21 سبتمبر عام 2021، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ في الدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن الصين ستدعم التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون للطاقة في البلدان النامية بقوة، ولن تبني مشروعات جديدة لتوليد الكهرباء بالفحم في خارج الصين. وهذا يعكس أن الصين تعمل على تحويل نمط الطاقة العالمي والتنمية المنخفضة الكربون، باعتبارها دولة كبيرة مسؤولة، مما يبشّر بمستقبل مشرق للتعاون الكهروضوئي بين الصين والدول المشاركة في بناء مبادرة "الحزام والطريق". في الوقت الحالي، أنشأت شركات صينية حدائق صناعية كهروضوئية بأشكال تعاون متنوعة في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب شرقي آسيا وغيرها، وأقامت شبكات بيع ومحطات خدمات نقل وتوزيع البضائع في أكثر من 140 دولة ومنطقة، وعززت الارتقاء بمستوى الصناعات المحلية من خلال بناء سلسلة صناعية رقمية وذكية، للمساعدة في التحول الأخضر والمنخفض الكربون في الدول المشاركة في بناء مبادرة "الحزام والطريق".
باعتبارها نموذجا لاستثمار الصين في محطات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في الدول المشاركة في بناء مبادرة "الحزام والطريق"، تُعد محطة غاريسا للطاقة الكهروضوئية التي استثمرت فيها الصين وأنشأتها في كينيا، من أكبر محطات الطاقة الكهروضوئية في شرقي أفريقيا، وبدأ تشغيلها في عام 2019. تبلغ سعة المولدات الكهربائية لهذه المحطة 50 ميغاوات، مما يحل مشكلة نقص الكهرباء في كينيا بشكل فعال، ويضيف قوة محركة جديدة في التنمية الخضراء في كينيا. يتجاوز متوسط حجم توليد الكهرباء لهذه المحطة 76 مليون كيلووات ساعة سنويا، مما يقلل حوالي 64 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويا، ويلبي احتياجات الكهرباء لحوالي 380 ألف فرد من 70 ألف أسرة. لم يرفع هذا المشروع إمدادات الكهرباء المحلية فحسب، وإنما أيضا يدفع تطور الصناعة والتجارة محليا، ويوفر مزيدا من فرص العمل للسكان، وأحدث تأثيرا إيجابيا على تحسين جودة حياة السكان المحليين. ويُعد إنجاز بناء وتشغيل محطة غاريسا للطاقة الكهروضوئية ثمرة مهمة للتعاون الصيني- الأفريقي في مجال الطاقة النظيفة، ويجسد دور الصين النشيط في تعزيز التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون في أفريقيا.
في شمالي أفريقيا، يعد مجمع بنبان للطاقة الشمسية، الذي تم بناؤه بالتعاون بين الصين ومصر، من أكبر حدائق الطاقة الكهروضوئية في العالم بعد تشغيله الكامل. وتبلغ مساحة هذا المجمع 37 كيلومترا مربعا، ومن المخطط أن يتم بناء 40 محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية بإجمالي سعة مولدات حوالي 2 غيغاوات، وقد تم بناء 32 محطة لتوليد الطاقة وبدأ تشغيلها. لا يوفر بناء هذا المجمع قاعدة مهمة للطاقة النظيفة لمصر فحسب، وإنما أيضا يساعد في دفع التنمية الاقتصادية المحلية والتوظيف المحلي، كما يعزز تحسين هيكل الطاقة والارتقاء بمستواه في مصر.
على أساس إنجازات التعاون الكهروضوئي القائمة لمبادرة "الحزام والطريق"، ستكثف الصين جهودها لدعم صناعة توليد الطاقة الكهروضوئية وغيرها من الطاقات المتجددة في الدول النامية. تُعد صناعة توليد الطاقات المتجددة أمرا في غاية الأهمية للتنمية الاقتصادية للدول النامية، لأنها يمكن أن تحفز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، مع تحسين الميزان التجاري والتنمية الاجتماعية والاقتصادية. إن كل مليون دولار أمريكي يستثمر في تقنيات تحويل أنماط الطاقة يخلق وظائف أكثر بثلاث مرات من الاستثمار في الوقود الأحفوري. وبالتالي، فإن دفع الصين لتنفيذ صناعة توليد الطاقات المتجددة في الدول النامية المشاركة في بناء مبادرة "الحزام والطريق" له مغزى مهم. نظرا للظروف الحالية، لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه تنفيذ صناعة توليد الطاقات المتجددة في الدول النامية. على سبيل المثال، في الطاقة الكهروضوئية، ثمة صعوبات وتحديات لاتجاه الصناعة الكهروضوئية الصينية نحو الخارج في ثلاثة جوانب، وهي السياسات والتكنولوجيا والتمويل.
من زاوية السياسات، تحتاج المرحلة الأولية من التطبيق الكهروضوئي إلى دعم السياسات من قبل الحكومة، وخاصة في جوانب أراضي محطات الطاقة الكهروضوئية والضرائب والدعم لأسعار الكهرباء وغير ذلك. ومن زاوية التقنيات، فإن القاعدة الصناعية وسلسلة التوريد والقوة التقنية والمرافق المتعلقة بتنفيذ صناعات الإنتاج الأخرى، والتي تحتاجها صناعة الطاقة الكهروضوئية، ما زالت غير كافية. ومن زاوية التمويل، بسبب عدم نضوج السوق الكهروضوئية والقاعدة الصناعية الضعيفة في الدول النامية، فإن تكلفة التمويل لمشروعات توليد وتطبيق الطاقة الكهروضوئية مرتفعة، وتلك واحدة من عقبات توسيع الاستثمار.
نظرا للتحديات المذكورة أعلاه، يمكن للدول النامية المشاركة في بناء مبادرة "الحزام والطريق" أن تستفيد من تجربة التنمية الصينية، حيث تنشئ مناطق تصنيع الصادرات والحدائق الصناعية، وتشيد مرافق بنية تحتية وتخلق بيئة تجارية صالحة لجذب التجار والاستثمارات. ومن ناحية التمويل، من المتوقع أن يقلل نموذج الحديقة الصناعية للطاقات المتجددة من المخاطر، وأن يحصل على مزيد من الدعم من قبل صندوق طريق الحرير وبنك التنمية الصيني وبنك التصدير والاستيراد الصيني وغيرها من المؤسسات المالية. وفي الوقت نفسه، ولأن الطاقة الكهروضوئية هي طاقة خضراء، فمن الممكن أن يتلقى المستثمرون الصينيون دعما للتمويل الأخضر من قبل المؤسسات المالية الدولية، مثل البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي وبنك التنمية الآسيوي والبنك الآسيوي للاستثمار في المنشآت التحتية وبنك التنمية الجديد لدول بريكس، وأن يتعاونوا مع المستثمرين من الدول المتقدمة الأخرى لتوسيع سوق التصدير لمنتجاتهم.
بالإضافة إلى دفع بناء الحدائق الصناعية لتوليد الطاقات المتجددة، يشمل تعاون الصين مع الدول المشاركة في بناء مبادرة "الحزام والطريق" في التنمية الخضراء المشروعات الصغيرة لكن النافعة. في المناطق الريفية الشاسعة التي يصعب أن تغطيها شبكات الكهرباء في أفريقيا، يتمتع نظام إمداد الطاقة الكهروضوئية الصغيرة خارج الشبكة بمزايا خفض تكلفة توليد الكهرباء وسهولة الاستخدام. في السنوات الأخيرة، قامت الشركات الصينية بأعمال للطاقة الكهروضوئية الصغيرة خارج الشبكة في كينيا وزامبيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا. في سبتمبر عام 2023، أعلنت الصين عن تنفيذ مشروع "الحزام الشمسي لأفريقيا" في قمة المناخ الأفريقية الأولى، والذي سيساعد 50 ألف أسرة فقيرة في أفريقيا على حل مشكلة الإضاءة الكهربائية. يركز مشروع "الحزام الشمسي لأفريقيا" على الموارد الكهروضوئية واحتياجات التعاون في تنمية الطاقة النظيفة في أفريقيا، ويستفيد من السياسات والمعدات والتقنيات والأكفاء لتنمية الطاقة الكهروضوئية في الصين والمزايا الأخرى، ليساعد على تطوير صناعة الطاقة الكهروضوئية في أفريقيا على مستويات شاملة وبشكل متنوع من خلال طريقة "المساعدة المادية+ التبادل والحوار+ البحث المشترك+ بناء القدرات".
الأخضر هو اللون الخلفي لتعاون الصين مع الدول النامية المشاركة في بناء مبادرة "الحزام والطريق"، أما الأكفاء الخضر فهم العامل الرئيسي في تعزيز التنمية الخضراء. وسواء كان الأمر يتعلق بتنفيذ صناعة توليد الطاقات المتجددة على نطاق واسع أو المشروعات الصغيرة لكن النافعة لمعيشة الشعب، ينبغي أن يشتمل على موضوعات تعليم التقنيات المتقدمة المطبقة في هذه المشروعات، ويعزز التعاون والتبادل بين الصين والدول النامية المشاركة في بناء مبادرة "الحزام والطريق" في إعداد الأكفاء الخضر والأكفاء المتخصصين والمتميزين بالمفاهيم والمهارات الخضراء، للمساهمة في التنمية المستدامة العالمية والتحديث العالمي الصديق للبيئة.
--
يوي جيا، مديرة قسم التعاون الإنمائي الدولي في معهد الاقتصاد الهيكلي الجديد بجامعة بكين.