أخبار < الرئيسية

قراءة في أفكار شي جين بينغ.. حول علاقات الصين الخارجية في ظل دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية

: مشاركة
2022-12-19 12:00:00 الصين اليوم:Source عادل علي:Author

مقدمة: دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية

باعتبارها دولة كبرى، تنتهج جمهورية الصين الشعبية في سياساتها الخارجية وعلاقاتها الدولية، بمختلف مستوياتها (الثنائية، المتعددة الأطراف)، وبتنوع مجالاتها (السياسية، الاقتصادية، العسكرية، الثقافية، العلمية والتكنولوجية، البيئية... إلخ)، ما بات يُعرف في الأدبيات الفكرية والسياسية والإعلامية الصينية والأجنبية بنظرية "دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية". والتي تُعد من الأفكار والمفاهيم والنظريات الرئيسية المهمة التي طرحها وصاغها السيد شي جين بينغ، الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية، في المجلد الثالث من كتابه الموسوعي ((شي جين بينغ.. حول الحكم والإدارة))، والذي صدرت طبعته العربية في أواخر عام 2021، ويغطي الفترة من الثامن عشر من أكتوبر عام 2017 إلى الثالث عشر من يناير عام 2020.

وتستمد هذه الفكرة منطلقاتها النظرية من أفكار شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، حيث طرح الرئيس شي في ضوء رؤيته الثاقبة لقواعد تطور المجتمع البشري، وقراءته الشاملة لتطورات الأوضاع الدولية والمكانة التاريخية للصين، طرح سلسلة من المفاهيم والرؤى والمبادرات الجديدة التي تتسم بالخصائص الصينية وتجسد روح العصر وتقود تقدم البشرية، وأجاب بكل وضوح على سلسلة من الأسئلة الهامة نظريا وواقعيا، وفي مقدمتها: ما هو العالم والعلاقات الدولية التي يجب على الصين إقامتها، وما هي الدبلوماسية التي تحتاج الصين إليها وكيفية تنفيذ دبلوماسيتها في العصر الجديد؟ الأمر الذي شكل فكر شي جين بينغ بشأن الدبلوماسية الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، ووفر مرجعية أساسية لها، ويأتي على رأسها أفكاره بشأن دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية، التي لعب دورا كبيرا في تدشينها منذ توليه مسؤولية القيادة في الصين.

إن دراسة وتحليل واستقراء ما طرحه وصاغه شي جين بينغ من أفكار ومفاهيم بشأن علاقات الصين الخارجية في ظل دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية، يقدم الإجابة عن الأسئلة المشار إليها، والتي تتعلق ليس فحسب بمصالح الصين، وإنما أيضا بمصالح جميع البلدان، وبمستقبل ومصير البشرية. وتشير في الآن ذاته، إلى رؤية شاملة وإدراك واعي بكافة أبعاد وجوانب علاقات الصين وتفاعلها مع العالم، ترتكز إلى إحاطة واسعة بطبيعة سمات وخصائص السياقات المحلية والدولية والإقليمية التي تؤثر في رؤيته لعلاقات بلاده الخارجية ودورها العالمي، استنادا إلى مجموعة من الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، عبر آليات ووسائل محددة لتنفيذها، تجسدت مخرجاتها في مكانة متميزة ومحورية للصين في النظام الدولي الحالي.

أولا، السياقات المحلية لأفكار شي جين بينغ حول دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية:

يُدرك الرئيس شي جين بينغ أن الدبلوماسية الصينية، أو ما يُطلق عليه الأعمال الخارجية، لا تنطلق من فراغ، وإنما توجد في ظل بيئة وسياق محلي (داخلي)، يُعد محددا رئيسيا لتحركها. فالدبلوماسية عند شي جين بينغ تجسد إرادة الدولة، ما يحتم ضرورة خضوعها لسلطة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني. وهو يرى أن الأعمال الخارجية مشروع منهجي يحتاج إلى التخطيط الموحد والتنسيق بين الأحزاب السياسية والحكومة والجيش والمحليات وأبناء الشعب، لتشكيل وضع التعاون المتناسق الكبير المتمثل في قيادة الحزب للوضع الكلي وتنسيق جميع الأطراف للأعمال الخارجية، وضمان تنفيذ المبادئ والسياسات والترتيبات الإستراتيجية للجنة المركزية للحزب بشأن الأعمال الخارجية.

وقام شي جين بينغ بطرح وصياغة نظرية دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية، كإطار نظري وعملي لإدارة الأعمال الخارجية للصين. حيث تحدث عن أهمية وضرورة إتقان الأعمال الدبلوماسية في العصر الجديد، وأكد على ضرورة الاستيعاب العميق لروح المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، وأفكار الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، والفهم الصحيح لتيار تقدم العصر والاتجاه الدولي العام.

كذلك، شدد شي على أهمية تعزيز القيادة المركزية الموحدة للجنة الحزب المركزية للأعمال الخارجية. كما أكد أيضا على ضرورة تعميق التخطيط الدبلوماسي، وتطبيق خطط الأنشطة الدبلوماسية الرئيسية، وتعزيز الوعي بالمخاطر، وحماية سيادة الدولة وأمنها ومصالح تنميتها بشكل حازم. كما أشار إلى أن الأعمال المحلية الخارجية تُعد جزءا هاما من الأعمال الخارجية للحزب والدولة، وذات أهمية كبيرة لتعزيز التعاون والتبادلات الخارجية وحفز الإصلاح والتنمية المحليين. ومن هنا، يؤكد على ضرورة إتقان الأعمال الخارجية المحلية بتخطيط موحد تحت القيادة المركزية والموحدة للجنة الأعمال الخارجية للجنة المركزية للحزب، وكذلك ضرورة التنظيم المركزي للموارد في المناطق المختلفة وتوزيعها بشكل منطقي إنطلاقا من الوضع العام، لدفع الأعمال ذات الصلة وفقا للأهداف المحددة.

ورأى أن القيام بالأعمال الخارجية في الوضع الجديد بشكل جيد يتطلب ضرورة قيام لجنة الأعمال الخارجية للجنة الحزب المركزية بلعب دور صنع القرار والمناقشة والتنسيق، ودفع الابتكار النظري والعملي للأعمال الخارجية، وتقديم إرشاد قوي لفتح وضع جديد للأعمال الخارجية باستمرار.

وقد حدد شي جين بينغ الأفكار الدبلوماسية للاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، في الجوانب "التمسكات" العشرة التالية: التمسك بتعزيز قيادة الحزب المركزية والموحدة للأعمال الخارجية باتخاذ حماية سلطة لجنة الحزب المركزية كقائد، التمسك بدفع دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد باتخاذ تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية كرسالة، التمسك بدفع بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية باتخاذ حماية السلم العالمي وتعزيز التنمية المشتركة كغرض، التمسك بتعزيز الثقة الذاتية الإستراتيجية باتخاذ الاشتراكية ذات الخصائص الصينية كأساس، التمسك بدفع بناء "الحزام والطريق" باتخاذ التشاور والتشارك والتنافع كمبدأ، التمسك بانتهاج طريق التنمية السلمية باتخاذ الاحترام المتبادل والتعاون والفوز المشترك كأساس، التمسك ببناء شراكة عالمية باتخاذ تعميق ترتيب الأعمال الخارجية كركيزة، التمسك بقيادة إصلاح منظومة الحوكمة العالمية باتخاذ الانصاف والعدالة كمفهوم، التمسك بحماية سيادة الدولة وأمنها ومصالح تنميتها باتخاذ مصالح الدولة الجوهرية كخط أساس، إضافة إلى التمسك بتشكيل الأسلوب المتميز للأعمال الخارجية الصينية باتخاذ الجمع بين التقاليد الحميدة للأعمال الخارجية وخصائص العصر كاتجاه.

ثانيا، السياقات الدولية والإقليمية لأفكار شي حول دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية:

مثلما تتحرك الدبلوماسية الصينية في ظل سياقات محلية (داخلية)، فإنها تتحرك أيضا في ظل بيئة وسياق خارجي دولي وإقليمي، يُعد محددا رئيسيا لتحركها. حيث يُدرك الرئيس شي جين بينغ ما تتسم به البيئة الخارجية (الدولية والإقليمية) التي تتحرك في سياقها السياسة الخارجية الصينية، وبالتالي علاقاتها الدولية، من سمات وخصائص في الوقت الراهن. وتتبلور رؤيته للعالم في النقاط الرئيسية التالية:

- أن العالم يشهد في الوقت الحالي مرحلة تنمية سريعة وتغييرات متواصلة وتعديلات كبيرة، وما زال السلام والتنمية موضوعين رئيسيين للعصر الحالي.

- التطور العميق الذي تشهده التعددية القطبية العالمية والعولمة الاقتصادية والمعلوماتية في المجتمع والتنوع الثقافي.

- تسارع عملية تغيير منظومة الحوكمة العالمية والنظام الدولي.

- تنامي التواصل والاعتماد المتبادل بين مختلف الدول بشكل متزايد.

- تحول ميزان القوى الدولية إلى شكل أكثر توازنا، بحيث لا يتراجع الاتجاه العام للتنمية السلمية.

- تنامي التحديات المشتركة التي تواجهها البشرية، مثل بروز مشاكل عدم الاستقرار وعدم اليقين في العالم، ونقص القوة المحركة للنمو الاقتصادي العالمي، وتفاقم ظاهرة "زيادة الثري ثراء والفقير فقرا" مع مرور الأيام، وتعاقب القضايا الساخنة الإقليمية، وتواصل ظهور التهديدات الأمنية غير التقليدية التي تشمل الإرهاب والأمن السيبراني والأوبئة الخطيرة والتغير المناخي.

وكنتيجة لما سبق، يؤكد الرئيس شي جين بينغ على أهمية إدراك الوضع الدولي، وذلك عبر ضرورة تبني وجهات النظر الصحيحة حول التاريخ والوضع العام والدور. حيث يشير إلى أن التاريخ الصحيح لا يعني فقط فهم ماهية الوضع الدولي الحالي، ولكن يتطلب أيضا استعراض الماضي، وتلخيص القوانين التاريخية، والتطلع إلى المستقبل، وإدراك الاتجاه التاريخي العام. أما الوضع العام الصحيح، فهو لا يقتصر فقط على رؤية الظواهر والتفاصيل، ولكن يتطلب أيضا فهم الجوهر والوضع الكلي، وإدراك التناقضات الرئيسية والجوانب الرئيسية لها، لتجنب فقدان الاتجاه والاهتمام بالفروع دون الأصول في الظواهر المتغيرة والاضطرابات الدولية. وبالنسبة للدور الصحيح، فهو لا يعني- من وجهة نظر شي- تحليل مختلف الظواهر الدولية بهدوء فحسب، وإنما أيضا وضع أنفسنا فيها، لاكتشاف المشكلات في علاقات الصين مع العالم، وتوضيح مكانتها ودورها في تغيرات هيكل العالم، حتى يمكن صياغة المبادئ والسياسات الخارجية الصينية بشكل علمي.

ويذهب شي جين بينغ في أفكاره ورؤيته بشأن الوضع الدولي إلى مدى زمني أوسع، في رؤية استباقية تستشرف المستقبل، وكيفية التعامل مع تطوراته وما تنطوي عليه البيئة الخارجية للصين من قيود أو تتيحه لها من فرص. حيث يرى أن الفترة الممتدة من المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني إلى المؤتمر الوطني العشرين للحزب، تُعد فترة الالتقاء التاريخي لتحقيق أهداف "المئويتين" الكفاحية، وهي ذات أهمية خاصة في المسيرة التاريخية لتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية. مؤكدا على مجموعة أساسية من الحقائق تتمثل في:

- ضرورة تحليل قانون تغير الوضع الدولي خلال الفترة الانتقالية لتحول العالم، بهدف إدراك خصائص البيئة الخارجية للصين خلال هذه الفترة، وتخطيط ودفع الأعمال الخارجية بشكل موحد.

- ضرورة إدراك الاتجاه العام للتقدم المتسارع للتعددية القطبية العالمية، مع الاهتمام بالوضع المتمثل في التغيرات العميقة للعلاقات بين الدول الكبيرة.

- ضرورة إدراك الاتجاه العام للتنمية المستدامة للعولمة الاقتصادية، والاهتمام بحركات تغير الهيكل الاقتصادي العالمي.

- ضرورة إدراك الاتجاه العام للاستقرار العام للبيئة الدولية، والاهتمام بالوضع المعقد للتحديات التي يواجهها الأمن الدولي.

- ضرورة إدراك الاتجاه العام للتبادلات والاستفادة المتبادلة بين الحضارات المختلفة، والاهتمام بواقع التأثير المتبادل بين الأيديولوجيات والثقافات المختلفة.

إن الأفكار التي طرحها الرئيس شي جين بينغ حول دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية، تشير إلى إدراكه العميق لمحددات التحرك الصيني على المستوى الخارجي، سواء المحددات المحلية أو تلك الدولية والإقليمية، وذلك على مستوى التخطيط والتنسيق الداخلي للمبادئ والسياسات والترتيبات الإستراتيجية المرتبطة بالأعمال الخارجية، و"التمسكات العشرة" لأفكار الدبلوماسية الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، فضلا عن أهمية تعزيز القيادة المركزية للجنة الحزب المركزية للأعمال الخارجية. وكذلك على مستوى أهمية إدراك سمات وخصائص الوضع الدولي الراهن على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية، وما تواجهه البشرية من تحديات مشتركة، وتبني وجهات النظر الصحيحة بشأن التاريخ والوضع العام والدور، وطرح رؤية مستقبلية استشرافية حول كيفية تعامل الصين مع تطورات الوضع الدولي، وما تتيحه لها من قيود أو فرص.

ثالثا، أهداف دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية:

طبقا لأفكار الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد وبرنامجها الشامل، فإن الدبلوماسية الصينية، تسعى إلى تحقيق حزمة أهداف رئيسية ترتبط بكافة مجالات تحرك الصين على المستوى الخارجي، سياسيا، اقتصاديا، عسكريا، ثقافيا.. إلخ. وهو ما يمكن رصده في النقاط التالية:

1- في المجال السياسي:

- رفع راية السلام والتنمية والتعاون والفوز المشترك عاليا.

- حماية السلام العالمي وتعزيز التنمية المشتركة، ودفع بناء نمط جديد للعلاقات الدولية يتسم بالاحترام المتبادل والانصاف والعدالة والتعاون والفوز المشترك.

- حماية الانصاف والعدالة الدوليين، والدعوة إلى دمقرطة العلاقات الدولية، ومعارضة فرض الآراء على الآخرين، ومعارضة التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، ومقاومة تنمر الأقوياء على الضعفاء.

- ضرورة قيام الصين بأداء دورها كدولة كبيرة مسؤولة، وتدعيم تنمية الدول النامية، والمشاركة بنشاط في إصلاح وبناء منظومة الحوكمة العالمية، والكفاح في سبيل بناء عالم نظيف وجميل يسوده السلام الدائم والأمن الشامل والرخاء المشترك وكذلك الانفتاح مع الشمول.

- مواصلة دفع بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية يدا بيد، من خلال إستراتيجية التنمية السلمية. وذلك في ظل الارتباط الوثيق بين حلم الشعب الصيني وأحلام شعوب مختلف البلدان، وارتباط تحقيق حلم الصين بالظروف الدولية السلمية واستقرار النظام الدولي.

- ضرورة التخطيط والتنسيق الجيد للعلاقات بين الدول الكبيرة، ودفع بناء إطار مستقر ومتوازن للعلاقات بين الدول الكبيرة.

- ضرورة القيام بالأعمال الخارجية تجاه الدول المجاورة بشكل جيد، ودفع البيئة المجاورة لتكون أكثر إيجابية.

- ضرورة تعميق التعاون والتضامن مع البلدان النامية، ودفع تشكيل وضع جديد يتسم بالتقدم والتنمية المشتركة، خاصة وأن البلدان النامية تعتبر حليفا طبيعيا للصين في الشؤون الدولية.

- الحفاظ على الازدهار والاستقرار الطويلي الأمد في هونغ كونغ وماكاو، ودفع إعادة التوحيد السلمي للوطن الأم، باعتباره مطلبا حتميا لتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية. وذلك عبر التمسك بمبدأ "دولة واحدة ونظامان"، والتمسك بمبدأ "الصين الواحدة" و"توافق 1992"، ودفع التنمية السلمية للعلاقات بين جانبي مضيق تايوان.

2- في المجال الاقتصادي الدولي:

- التمسك بتوسيع الانفتاح على العالم الخارجي، ودفع تشكيل نمط جديد للانفتاح الشامل، وتطبيق إستراتيجية الانفتاح المتسمة بالمنفعة المتبادلة والفوز المشترك. حيث كان للالتزام بالانفتاح دور كبير في تحقيق الصين لتنميتها الاقتصادية. وكذلك، لا يمكن تحقيق تنمية عالية الجودة لاقتصاد الصين في المستقبل إلا بمزيد من الانفتاح. الانفتاح هو خيار إستراتيجي اتخذته الصين بناء على حاجتها إلى التنمية، فضلا عن أنه إجراء ملموس اتخذته الصين لدفع العولمة الاقتصادية إلى الأمام بهدف إفادة شعوب مختلف دول العالم.

- التشارك في بناء اقتصاد عالمي يتسم بالانفتاح والابتكار والشمول، وضرورة دعم النظام التجاري المتعدد الأطراف وتعزيز التجارة الحرة، ودفع تطور العولمة الاقتصادية نحو اتجاه أكثر انفتاحا وشمولا ومنفعة عامة وتوازنا وفوزا مشتركا.

- احترام حقوق شعوب مختلف بلدان العالم في اختيار طرق تنميتها حسب رغبتها.

- ضرورة التشارك في بناء "الحزام والطريق"، والعمل مع جميع الأطراف لبناء منصة جديدة للتعاون الدولي، وإضافة قوة محركة جديدة للتنمية المشتركة في العالم.

3- في المجال العسكري:

- تبني سياسة دفاع وطني حذرة، وجعل تنمية الصين لا تشكل تهديدا لأي دولة، فضلا عن عدم سعيها للهيمنة مهما كان مدى تطورها. وتبني الأفكار الإستراتيجية العسكرية في العصر الجديد، بهدف بناء جيش الشعب على أعلى مستوى عالمي، والاستعداد لمواجهة المخاطر والتحديات المحتملة.

4- في المجال الثقافي:

- تعزيز التبادلات الثقافية المتصفة بالوئام بين الصين والدول الأجنبية، مع إبقاء الاختلاف وضم كل ما يفيد من الأفكار.

- توسيع انفتاح التعليم، وتعزيز تأثير التعليم الصيني في العالم.

- ضرورة تقوية بناء قدرة الإعلام الدولي، وإجادة رواية قصص الصين، وعرض صورة الصين الحقيقية والثلاثية الأبعاد والشاملة، مما يرفع القوة الناعمة الثقافية الوطنية.

5- في المجال العلمي والتكنولوجي:

- العمل على أن تصبح الصين مركزا عالميا رئيسيا للابتكار في العالم. ورفع مكانتها في الهيكل العالمي للابتكار، وتعظيم تأثيرها وقدرتها على وضع قواعد الحوكمة العلمية والتكنولوجية العالمية.

- تعزيز بناء دولة قوية في مجال الفضاء السيبراني بالابتكار الذاتي، ودفع إصلاح منظومة حوكمة الانترنت العالمية.

6- في المجال البيئي:

- إنشاء منظومة إيكولوجية تقضي بإجلال الطبيعة والدعوة إلى التنمية الخضراء.

- السعي لبناء الحضارة الإيكولوجية العالمية في العصر الجديد بالتعاون مع دول العالم، وذلك باعتبار الصين مشاركا ومساهما ورائدا هاما لبناء الحضارة الإيكولوجية العالمية.

- المشاركة بنشاط في الحوكمة البيئية العالمية والوفاء بتعهد خفض الانبعاثات.

وبصفة عامة، يمكن القول إن الصين تهدف انطلاقا من دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية إلى إنجاز هدف الحلم الصيني بتحقيق النهضة العظيمة للأمة العظيمة، بجانب بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية عبر إستراتيجية التنمية السلمية.

رابعا، آليات ووسائل تحقيق أهداف دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية:

تتضمن أفكار شي جين بينغ حزمة من الآليات والوسائل اللازمة والكفيلة بنقل أهداف دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية من خانة الأفكار النظرية إلى خانة الأفعال الملموسة على أرض الواقع. ويمكن إيضاح ذلك على النحو التالي:

1- هدف الحفاظ على الازدهار والاستقرار الطويلي الأمد في هونغ كونغ وماكاو:

- ضرورة التطبيق الشامل والصحيح لمبادئ "دولة واحدة ونظامان" و"أهالي هونغ كونغ يديرون شؤون هونغ كونغ" و"أهالي ماكاو يديرون شؤون ماكاو" ودرجة عالية من الحكم الذاتي.

- التطبيق الدقيق للدستور والقانون الأساسي للمنطقتين، وإكمال أنظمة تطبيق القانون الأساسي.

- ضرورة دعم الحكومة والرئيس التنفيذي في كل من منطقتي هونغ كونغ وماكاو في ممارسة الإدارة وفق القوانين، والتعاون مع شخصيات المنطقتين في قيادة جهود التنمية وتعزيز الانسجام وضمان معيشة الشعب وتحسينها.

- دفع العملية الديمقراطية إلى الأمام بصورة منتظمة، وحماية الاستقرار الاجتماعي، وأداء المسؤولية الدستورية عن حماية سيادة الدولة وأمنها ومصالحها التنموية.

وفي ظل الارتباط الوثيق بين تنمية منطقتي هونغ كونغ وماكاو وتنمية المناطق الداخلية في الصين، فإنه يجب العمل على:

- دعم اندماج المنطقتين في المصلحة العامة لتنمية البلاد، ودفع التعاون المتبادل المنفعة بينهما وبين مناطق البلاد الداخلية على نحو شامل، باعتبار منطقة خليج قوانغدونغ وهونغ كونغ وماكاو الكبرى والتعاون بين مقاطعة قوانغدونغ ومنطقتي هونغ كونغ وماكاو والتعاون الإقليمي في منطقة دلتا نهر اللؤلؤ الكبرى وغير ذلك نقطة جوهرية.

- وضع وإكمال سياسات وإجراءات للتسهيل على مواطني هونغ كونغ وماكاو في تنمية أعمالهم بمناطق الصين الداخلية.

وبجانب ما سبق، فقد أكد شي جين بينغ على ضرورة الحفاظ على خصائص هونغ كونغ وماكاو كمدينتين دوليتين، واستخدام ظروفهما المؤاتية للاتصالات الخارجية الواسعة في نشر الثقافة الصينية الممتازة، وتقديم وتعريف مبادئ وسياسات الصين، وسرد حكاياتها المعاصرة بشكل رائع، وسرد حكايات هونغ كونغ وماكاو الناجحتين في ممارسة مبدأ "دولة واحدة ونظامان" بشكل رائع، وإظهار دورهما المتميز في تعزيز التبادل الثقافي الشرقيالغربي، والاستفادة والتعلم المتبادلين بين الحضارات وتواصل قلوب الشعوب.

2- هدف حل مسألة تايوان وإعادة التوحيد السلمي للوطن الأم:

يمثل هذا الهدف هدفا مشتركا لجميع أبناء الأمة الصينية، ومكمنا لمصالحها الأساسية، وتتمثل آليات تحقيقه في الآتي:

- ضرورة مواصلة التمسك بمبدأ "إعادة التوحيد السلمي، ودولة واحدة ونظامان"، ودعم التنمية السلمية للعلاقات بين جانبي مضيق تايوان، ودفع عملية التوحيد السلمي للوطن الأم إلى الأمام.

- الحوار والتشاور بين جانبي المضيق بشأن تسوية القضايا التي يهتم بها المواطنون في جانبي المضيق، وعدم وجود أي عائق أمام اتصال أي حزب أو منظمة في تايوان مع البر الرئيسي، طالما يعترف كل من الطرفين بالوقائع التاريخية التي تم التوصل إلى "توافق 1992" بشأنها، ويوافق على أن جانبي المضيق ينتميان إلى الصين الواحدة.

- مشاركة المواطنين في تايوان في تقاسم فرص التنمية في البر الرئيسي بالتمسك بمفهوم "المواطنون على جانبي مضيق تايوان هم عائلة واحدة"، مع احترام النظام الاجتماعي القائم في تايوان.

- توسيع التبادلات والتعاون الاقتصادي والثقافي بين جانبي المضيق، وتحقيق المنفعة المتبادلة.

- تشجيع المواطنين في جانبي المضيق على التشارك في تطوير الثقافة الصينية وتعزيز التوافق والتفاهم الروحي بينهم.

- التصميم على حماية سيادة الدولة وسلامة أراضيها، وتأكيد امتلاك الصين للإرادة الثابتة والثقة التامة والقدرة الكافية لإحباط أي شكل من أشكال المحاولة الانفصالية الرامية إلى "استقلال تايوان"، وعدم السماح بفصل أي شبر من أراضي الصين عنها.

3- هدف بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية يدا بيد:

يقصد بمجتمع المصير المشترك للبشرية ربط مستقبل ومصير كل أمة وكل بلد ربطا وثيقا معا. حيث يؤكد شي جين بينغ على ضرورة تحويل تطلع شعوب مختلف بلدان العالم إلى حياة سعيدة إلى حقيقة واقعة. ولتحقيق هذا الهدف، تدعو الصين العالم إلى الآتي:

- ضرورة الاحترام المتبادل والتشاور المتكافئ ونبذ عقلية الحرب الباردة وسياسة القوة بحزم، وسلوك طريق جديد للتواصل بين دولة وأخرى، يتمثل في "الحوار لا المجابهة والشراكة لا الانحياز".

- حل النزاعات عبر الحوار وإزالة الخلافات عبر التشاور، والتخطيط الشامل لمواجهة التهديدات الأمنية التقليدية وغير التقليدية ومعارضة الإرهاب بكافة أشكاله.

- الوحدة خلال الأزمات لتعزيز عملية تحرير وتسهيل التجارة والاستثمار، ودفع تطور العولمة الاقتصادية نحو اتجاه أكثر انفتاحا وشمولا ومنفعة عامة وتوازنا وفوزا مشتركا.

- احترام تنوع حضارات العالم، وتجاوز الحاجز الحضاري بالتبادل الحضاري، وتجاوز الصراع الحضاري بالاستفادة المتبادلة بين الحضارات وتجاوز التفوق الحضاري بالتعايش الحضاري.

- ضرورة الرفق بالبيئة، والتعاون في مواجهة التغير المناخي وحُسن صيانة الكرة الأرضية التي تعتمد عليها حياة البشرية.

ومن جانبها، فإن الصين ستعمل على الآتي:

- انتهاج سياسة خارجية سلمية مستقلة، واحترام حقوق شعوب العالم في اختيار طريقها التنموي حسب رغبتها، وحماية الانصاف والعدالة الدوليين، ومعارضة فرض إرادة أية دولة على غيرها، وتدخلها في شؤون غيرها، واستغلال القوة لاضطهاد الضعفاء.

- انتهاج سياسة ذات طابع دفاعي، والعمل على ألا تمثل تنمية الصين تهديدا على أية دولة أخرى، وعدم السعي وراء الهيمنة، وعدم قيامها بالتوسع الخارجي مهما بلغ مستواها في التنمية.

- تطوير الشراكة العالمية بنشاط، وتوسيع ملتقى مصالحها مع مصالح الدول الأخرى، والعمل على تعزيز التنسيق والتعاون بين الدول الكبيرة، وتشكيل إطار يتميز بالاستقرار العام والتنمية المتوازنة للعلاقات بين الدول الكبيرة.

- تعميق العلاقات بينها وبين الدول المجاورة على ضوء مفهوم "المودة والصدق والمنفعة المتبادلة والشمول"، ومبادئ دبلوماسية الجوار المتمثلة في "اتخاذ الجيران أصدقاء وشركاء".

- توطيد التضامن والتعاون مع سائر الدول النامية بالتمسك بوجهة النظر الصحيحة إلى العدالة والمنفعة، ومفهوم "الإخلاص والصدق والمودة والصراحة".

- تعزيز التبادل والتعاون مع الأحزاب والمنظمات السياسية في مختلف الدول، وتشجيع مجالس نواب الشعب ومجالس المؤتمر الاستشاري السياسي والجيش والحكومات المحلية والمنظمات الشعبية على إجراء الاتصالات الخارجية.

- السعي إلى بناء عالم يتسم بما يلي: بعيد عن الخوف ويسوده الأمن العام، خال من الفقر ويسوده الرخاء المشترك، منفتح وشامل وغير منغلق، نظيف وجميل ذي جبال خضراء ومياه نقية.

- قيام الحزب الشيوعي الصيني بما يلي: المساهمة في تحقيق السلم والاستقرار العالميين، المساهمة في التنمية المشتركة العالمية، المساهمة في التبادل والتعلم المتبادل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات بالعالم.

- دعوة دول بريكس إلى لعب دور بنّاء في بناء نمط جديد من العلاقات الدولية وبناء مجتمع المصير المشترك للبشرية، وذلك عبر: التمسك بالتعاون والفوز المشترك، بناء اقتصاد منفتح. التمسك باتخاذ الابتكار كالقائد، اغتنام فرص التنمية، التمسك بالشمول والمنفعة العامة، تحقيق المنافع لشعوب جميع البلدان، التمسك بتعددية الأطراف، علاوة على تحسين الحوكمة العالمية.

- مواصلة بناء مجتمع المصير المشترك لمنظمة شانغهاي للتعاون، وبناء مجتمع المصير المشترك الأوثق للصين وأفريقيا، وبناء مجتمع المصير المشترك الآسيوي، علاوة على بناء مجتمع المصير المشترك بين الصين والدول العربية، كجزء مهم من مجتمع المصير المشترك للبشرية.

- إقامة مجتمع بحري ذي مصير مشترك، حيث قدمت الصين مبادرة التشارك في بناء طريق الحرير البحري في القرن الحادي والعشرين، بهدف تعزيز الترابط والتواصل والتعاون العملي في المجالات البحرية، وتنشيط تنمية الاقتصاد الأزرق، وتعزيز التمازج بين الثقافات البحرية، وبذل الجهود المشتركة في زيادة السعادة التي يحققها البحر. وترغب القوات البحرية الصينية في التعاون مع القوات البحرية من مختلف الدول لتقديم إسهامات إيجابية في تحقيق تنمية البحر وازدهاره.

4- الأهداف المرتبطة بالعلاقات الاقتصادية الدولية للصين:

· هدف العمل على دفع تشكيل نمط جديد للانفتاح الشامل، وتوسيع الانفتاح على العالم الخارجي:

في سبيل تحقيق هذا الهدف، طرح الرئيس شي جين بينغ العديد من الأفكار والخطوات المهمة. تتمثل في الآتي: استمرار الصين في تبني وتنفيذ السياسات التالية: توسيع انفتاح السوق، إكمال وتحسين هيكل الانفتاح، تحسين بيئة ممارسة الأعمال، تعميق التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف، علاوة على تعزيز التشارك في بناء "الحزام والطريق".

· هدف التمسك بطريق التنمية السلمية:

لتحقيق هذا الهدف، ستعمل الصين على الآتي:

- مواصلة تمسكها بسياسة الدولة الأساسية للانفتاح على العالم الخارجي، والمثابرة على فتح أبوابها لاتقان البناء، وتعزيز التعاون الدولي في إطار مبادرة "الحزام والطريق".

- تحقيق "تناسق السياسات وترابط المنشآت وسلاسة القنوات التجارية وتداول الأموال وتفاهم الشعوب"، لإنشاء منصة جديدة للتعاون الدولي، مما يضفي قوة محركة جديدة على التنمية المشتركة.

- زيادة المساعدات إلى الدول النامية الأخرى، وخاصة الدول الأقل نموا لتقليص الفجوة التنموية بين الشمال والجنوب، ودعم النظام التجاري المتعدد الأطراف، وحفز بناء مناطق تجارة حرة ودفع بناء الاقتصاد العالمي المنفتح.

· هدف الحوكمة الاقتصادية الفعالة للمجتمع الدولي:

طرح شي جين بينغ عدة أفكار ورؤى بشأن كيفية السيطرة على الاتجاه الصحيح للتنمية الاقتصادية العالمية، وكيفية إيجاد فكرة الحوكمة الاقتصادية الفعالة للمجتمع الدولي، تتمثل في الآتي: التمسك باتخاذ الانفتاح كموجه، وتوسيع مجال التنمية. التمسك باتخاذ التنمية كموجه، وزيادة رفاهية الناس. التمسك باتخاذ الشمول كموجه، وتعزيز التمازج والتعلم المتبادلين. التمسك باتخاذ الابتكار كموجه، واكتشاف مصادر النمو. التمسك باتخاذ القواعد كموجه، وإكمال وتحسين الحوكمة العالمية.

وقد أكد شي جين بينغ أن عدالة وفعالية منظومة الحوكمة الاقتصادية العالمية، ترتبط بمجموعة من الأمور، تتمثل في: ضرورة مواكبة الزمن، ضرورة تبني مفاهيم التشاور والتشارك والتنافع لتعزيز تغير منظومة الحوكمة الاقتصادية العالمية، ضرورة أن تجسد عملية التغير روح المساواة والانفتاح والشفافية والشمول، وضرورة زيادة تمثيلية الدول النامية وحقها في التعبير عن الرأي، وحل الخلافات عبر التشاور، ورفض تشكيل كتل وزمر أو فرض الإرادة الشخصية على الآخرين.

· هدف بناء مبادرة "الحزام والطريق":

دعت الصين إلى دفع التشارك في بناء "الحزام والطريق" بشكل معمق وعملي، وفي هذا الإطار:

- دعت إلى بناء "الحزام والطريق"، وبناء طريق للتعاون عبر المحيط الهادئ، لربط الأراضي الخصبة في الصين وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي معا بشكل أوثق وفتح عهد جديد للعلاقات بين الجانبين.

- أعلنت الاتفاق مع الجانب العربي على إقامة الشراكة الإستراتيجية الصينية العربية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة لمستقبل أفضل. حيث يحرص الجانب الصيني على تعزيز ربط الإستراتيجيات والأعمال مع الجانب العربي، ودفع بناء "الحزام والطريق" يدا بيد.

5- هدف تحول الصين إلى مركز عالمي رئيسي للابتكار:

لتحقيق هذا الهدف، يجب أن تشارك الصين في الحوكمة العلمية والتكنولوجية العالمية، وتقديم الحكمة الصينية، وتركيز القوة على بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية. وإنطلاقا من رؤيته بعالمية وعصرية العلوم والتكنولوجيا، ما يعني ضرورة وجود رؤية عالمية لتنمية العلوم والتكنولوجيا، يذهب شي جين بينغ إلى ضرورة تعميق التبادل والتعاون العلمي والتكنولوجي الدولي، وضرورة بناء "الحزام والطريق" كطريق للابتكار، من خلال التعاون مع الجهات المعنية في بناء تحالف للابتكار العلمي والتكنولوجي وقاعدة للابتكار العلمي والتكنولوجي للبلدان على طولهما، لخلق فرصة ومنصة للتنمية المشتركة للبلدان المختلفة.

6- هدف تعزيز بناء دولة قوية في مجال الفضاء السيبراني، ودفع إصلاح منظومة حوكمة الانترنت العالمية:

يتطلب تحقيق هذا الهدف:

- ضرورة التزام الحوكمة الدولية للفضاء السيبراني بالمشاركة المتعددة الأطراف، وتوظيف أدوار كيانات رئيسية مختلفة منها الحكومات والمنظمات الدولية وشركات الانترنت والمجتمعات الفنية والمؤسسات الخاصة والمواطنون الأفراد.

- ضرورة تعزيز حوكمة الانترنت في إطار الأمم المتحدة، وكذلك ضرورة إظهار أدوار إيجابية للعديد من الجهات الفاعلة غير الحكومية.

- ضرورة إتخاذ بناء "الحزام والطريق" كفرصة لتعزيز التعاون مع البلدان على طولهما، وخاصة البلدان النامية، في بناء البنية التحتية للانترنت والاقتصاد الرقمي والأمن السيبراني، وبناء طريق حرير رقمي في القرن الحادي والعشرين.

7- هدف توسيع انفتاح التعليم، وتعزيز تأثير التعليم الصيني في العالم:

يتطلب دفع تحديث التعليم في الصين التمسك بالانفتاح على الخارج، وتعزيز التسامح المتبادل والتعلم المتبادل والتواصل المتبادل مع دول العالم. وضرورة تعزيز قدرة التعليم على خدمة دبلوماسية البلاد، ومواصلة تشغيل وإدارة معاهد كونفوشيوس وفصول كونفوشيوس في أنحاء العالم من خلال التبادل والتعاون التعليمي.

8- هدف السعي لبناء الحضارة الإيكولوجية العالمية في العصر الجديد بالتعاون مع دول العالم:

في سبيل تحقيق هذا الهدف، تدعو الصين إلى:

- تسريع بناء منظومة إيكولوجية تحترم الطبيعة وتسعى للتنمية الخضراء، وبناء عالم نظيف وجميل.

- ضرورة المشاركة المؤثرة في منظومة حوكمة البيئة العالمية، وقيادة اتجاه تغير النظام الدولي بنشاط، وتشكيل حل لحماية البيئة العالمية وتحقيق التنمية المستدامة.

- ضرورة التمسك بالصداقة مع البيئة، وتوجيه التعاون الدولي في مواجهة تغير المناخ.

- ضرورة تعزيز بناء "الحزام والطريق" وجعل مفاهيم وممارسات الحضارة الإيكولوجية تحقق منافع لشعوب البلدان الواقعة على طولهما.

خامسا، نتائج تطبيق دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية:

ترتب على تطبيق الأفكار والمفاهيم الدبلوماسية الجديدة التي طرحها الرئيس شي جين بينغ تحقيق إنجازات كبرى للدبلوماسية الصينية على الساحة الدولية. يمكن الإشارة إلى أبرزها في النقاط التالية:

1- على المستوى السياسي الدولي:

- نجحت الصين في دفع دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية على نحو شامل، وتشكيل الدبلوماسية الشاملة الاتجاهات والمتعددة المستويات والثلاثية الأبعاد، الأمر الذي ترتب عليه خلق الظروف الخارجية الملائمة لتحقيق التنمية في الصين.

- نجحت الصين في تبؤو مكانة متقدمة في النظام الدولي الحالي وتنامى تأثيرها بدرجة كبيرة، وأصبحت تساهم بشكل كبير في تحقيق السلام والتنمية في العالم.

- نجحت الصين في توطيد علاقاتها مع مختلف دول العالم، سواء القوى الدولية الكبرى (روسيا، الولايات المتحدة، أوروبا)، أو الدول النامية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

- تشارك الصين بدور محوري وفاعل في عملية التسوية السياسية للقضايا الدولية الساخنة والصعبة. حيث أصبحت دولة رئيسية مساهمة في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بالقوات والأموال. ويوجد أكثر من 2500 ضابط وجندي من قوات حفظ السلام الصينية في 8 مناطق لحفظ السلام.

- تشارك الصين بنشاط في بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية وفي إصلاح وبناء منظومة الحوكمة العالمية، وتدفع النظام السياسي والاقتصادي الدولي ليتطور في اتجاه أكثر عدلا ومنطقية.

- أصبحت منظمة شانغهاي للتعاون، التي تضم في عضويتها الصين، أكبر منظمة تعاون إقليمية شاملة من حيث المساحة والاتساع وعدد السكان في العالم.

- نجحت الصين في الحصول على اعتراف عالمي يكاد يصل إلى الإجماع، بشأن ممارساتها ذات الصلة بمبدأ "دولة واحدة ونظامان" ومبدأ "الصين الواحدة" و"توافق 1992"، والتي ترتبط بالأوضاع في كل من هونغ كونغ وماكاو وتايوان. حيث نجحت الصين في إدارة السلطة وحوكمتها بشكل شامل في هونغ كونغ وماكاو، وكذلك نجحت في التعامل بشكل مناسب مع تغيرات الوضع في تايوان.  

- نجحت الدبلوماسية الصينية في حماية مصالح الأمة الصينية، وحماية سيادة الدولة ووحدة أراضيها بحزم، وتوحيد جميع أبناء الشعب الصيني، وأحبطت بحزم محاولات اختلاق "دولتين للصين" و"دولة للصين ودولة لتايوان" و"استقلال تايوان"، وحققت انتصارات هامة في سلسلة النضالات ضد قوى "استقلال تايوان" والانفصاليين. وأصبح الالتزام بمبدأ "الصين الواحدة" قاعدة معترف بها للعلاقات الدولية وتوافق عام للمجتمع الدولي. ويشدد شي على أن مسألة تايوان شأن داخلي للصين، وهي تتعلق بالمصالح الجوهرية للصين والمشاعر الوطنية للشعب الصيني، ولن يسمح بأي تدخل خارجي فيها.

- تأكيد أن معالجة شؤون هونغ كونغ وماكاو اللتين تعدان منطقتين إداريتين خاصتين بعد عودتهما إلى الوطن الأم، قد أصبحت تماما من الشؤون الداخلية للصين، ولن تسمح لأي قوة خارجية بالتدخل في شؤونهما.

2- على المستوى الاقتصادي الدولي:

- تنامي دور الصين في إدارة الحوكمة الاقتصادية العالمية: حيث أطلقت ونفذت مبادرة التشارك في بناء "الحزام والطريق"، وأطلقت مبادرة إنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية، وأنشأت صندوق طريق الحرير، ودعت إلى مفهوم التعاون والفوز المشترك، وهو ما ترتب عليه توسيع مجال تنمية الصين، واستضافت الدورتين الأولى والثانية لمنتدى قمة "الحزام والطريق" للتعاون الدولي، والاجتماع غير الرسمي لقادة منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والباسيفيك (أبيك)، وقمة هانغتشو لقادة مجموعة العشرين، ولقاء شيامن لقادة دول بريكس.

- تجاوز إجمالي حجم تجارة السلع مع الدول ذات الصلة على طول "الحزام والطريق" 5 تريليونات دولار أمريكي، وتجاوز الاستثمار المباشر في الخارج 60 مليار دولار أمريكي، مما خلق أكثر من 200 ألف فرصة محلية للعمل، وأصبح الاستثمار الصيني في الخارج محركا هاما لنمو الاستثمار الخارجي المباشر العالمي.

- ترحيب الصين بالدول الراغبة في التشارك في بناء مبادرة "الحزام والطريق"، باعتبارها مبادرة للتعاون الاقتصادي وليست تحالفا جيوسياسيا أو تحالفا عسكريا. وحتى الآن، وقعت الصين ما يزيد عن 200 وثيقة للتعاون بشأن المبادرة مع 147 دولة و32 منظمة دولية. وقد أدت المبادرة إلى إثراء مفهوم التعاون الاقتصادي الدولي ودلالة تعددية الأطراف، ووفرت وسيلة مهمة لتعزيز النمو الاقتصادي العالمي وتحقيق التنمية المشتركة.

- نجحت الصين في الوفاء بتعهداتها فيما يتصل بتوسيع نطاق الانفتاح على الخارج. حيث قامت بإنشاء منطقة لينقانغ الجديدة لمنطقة شانغهاي التجريبية للتجارة الحرة بشكل رسمي، وأقامت ست مناطق تجريبية جديدة للتجارة الحرة في المقاطعات الصينية الأخرى. وأطلقت لوحة الابتكار العلمي والتكنولوجي في بورصة شانغهاي للأوراق المالية مع تطبيق تجربة التسجيل للشركات المدرجة عليها. وتنفيذ خطة التنمية المتكاملة لدلتا نهر اليانغتسي بوصفها إستراتيجية وطنية، ودخول قانون "الاستثمار الأجنبي" حيز التنفيذ في أول يناير عام 2020. وطبقت نظام إدارة المعاملة الوطنية قبل السماح بالنفاذ والقائمة السلبية على نحو شامل، وحققت تقدما كبيرا في تحفيز الاستهلاك بتوسيع الاستيراد وتخفيف الرسوم الجمركية، ونظمت أربعة دورات لمعرض الصين الدولي للاستيراد بشانغهاي حتى الآن. وخلال الفترة من 2018 إلى 2020، بلغ حجم التداول في معارض الواردات الثلاثة السابقة حوالي 6ر201 مليار دولار أمريكي، مما ساهم بشكل كبير في نمو التجارة العالمية والتنمية الاقتصادية العالمية.

- تمتعت التجارة الخارجية واستخدام الاستثمار الأجنبي بالاستقرار. وتم إدراج العملة الصينية الرنمينبي في سلة عملات حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي، وبذلك خطا تدويل الرنمينبي خطوات هامة. وظلت الصين ترفع راية تحرير التجارة والاستثمار وتيسيرهما عاليا، وتوجه بنشاط العولمة الاقتصادية لتتطور في الاتجاه الصحيح. كل ذلك أدى إلى تعزيز تأثير الصين على التنمية الاقتصادية العالمية وصوتها في الحوكمة الاقتصادية العالمية بشكل كبير. وأصبحت تنمية الصين ترتبط بمصالح مختلف دول العالم.

3- في مجال حماية البيئة ومكافحة الظواهر المناخية:

- تقوم الصين بلعب دور مهم في تعزيز التعاون الدولي في مجال حماية البيئة ومواجهة تغير المناخ، وأصبحت تشارك وتساهم بصورة رائدة في بناء الحضارة الإيكولوجية العالمية.

- تشارك الصين في وضع وتنفيذ آليات الحوكمة البحرية وقواعدها المعنية في إطار الأمم المتحدة، لتحقيق أهداف التنمية البحرية المستدامة.

4- في مجال التعليم:

أصبحت الجامعات الصينية تحظى بمكانة متقدمة في التصنيفات العالمية للجامعات، كما تجاوز عدد معاهد كونفوشيوس لتعليم اللغة الصينية 500 معهد على مستوى العالم.

خاتمة:

تتجه الصين بقوة وثبات نحو تحقيق حلم النهضة العظيمة للأمة الصينية، وتَبَوّء صدارة المشهد العالمي. في ضوء نجاحها في التغلب على التحديات العديدة التي واجهتها، وتحقيقها إنجازات كبرى وفتح آفاق جديدة للدبلوماسية الصينية. ونقتبس هنا ما جاء في كلمة عضو مجلس الدولة، وزير خارجية الصين وانغ يي في مراسم افتتاح إنشاء مركز الدراسات لفكر شي جين بينغ بشأن الدبلوماسية، في 20 يوليو عام 2020، "بفضل القيادة القوية من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني والتوجيه الشخصي من الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ، تغلبنا على الصعوبات بروح المبادرة والإنجاز استرشادا بفكر شي جين بينغ بشأن الدبلوماسية، وحققنا إنجازات تاريخية، وفتحنا أفقا جديدا للدبلوماسية الصينية. نعمل على إقامة شبكة الشراكة العالمية والمعادلة الدبلوماسية الشاملة الأبعاد والمتعددة المستويات والواسعة النطاق، مما شكل "دائرة الأصدقاء" في كل أنحاء العالم. وندعو إلى التعاون في بناء "الحزام والطريق"، وإقامة أكبر منبر التعاون الدولي، وننفذ مفهوم التشاور والتعاون والمنفعة للجميع، بما يحقق المنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة لشركاء التعاون. ونبادر إلى ريادة عملية الإصلاح لمنظومة الحوكمة العالمية ودفع العولمة نحو اتجاه أكثر شمولا ونفعا للجميع ودفع النظام الدولي نحو اتجاه أكثر عدالة وإنصافا. ونعمل بكافة طاقتنا على إجراء التعاون الدولي في مكافحة الجائحة والدعوة إلى إقامة مجتمع الصحة المشتركة للبشرية وتحمل المسؤولية المطلوبة لمكافحة الجائحة في العالم".

--

عادل علي، إعلامي وباحث متخصص في الشؤون الصينية- مصر.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4