حلم عظيم للبشرية أن يتمتع كل إنسان يعيش على هذا الكوكب بحقوق كافية، كما أنه حلم سعى الزعماء العظماء في تاريخ البشرية إلى تحقيقه. منذ ولادة أول حضارة، عاش البشر في عالم متنوع وملون، واجتمعت مختلف الأفكار والآراء لتكون جزءا من معارف البشرية. وبينما تتغنى البشرية بأنشودة السلام والتناغم على هذه الكرة الأرضية، فإن مشاهد الوحشية والذبح بين البشر تغمر هذا العالم. بعد مرور عدد لا يُحصى من العصور مثل ذلك، أدركت البشرية احترام الطبيعة الإنسانية وحقوق الإنسان. لكل عصر متطلباته، فاختلف مفهوم حقوق الإنسان في مختلف العصور والمناطق، واختلف رأي كل حضارة في حقوق الإنسان أيضا.

منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، واصلت حكومة الصين بذل جهود كبيرة لضمان حقوق الإنسان ورفاه الشعب تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني. يشرح كتاب ((شي جين بينغ.. احترام حقوق الإنسان وضمانها)) للرئيس الصيني شي جين بينغ والذي صدر مؤخرا، آراء الحزب الشيوعي الصيني وحكومة الصين والأمة الصينية بشأن حقوق الإنسان. يتضمن هذا الكتاب كلمات وأحاديث ورسائل تهنئة وتعليمات شي جين بينغ في مناسبات مختلفة في الفترة ما بين 15 نوفمبر 2012 و30 أكتوبر 2021، موزعة على 335 فقرة من التفسيرات في تسعة فصول. أصدرت دار النشر باللغات الأجنبية الطبعات العربية والبرتغالية والألمانية والسواحلية والأردية والفيتنامية لهذا الكتاب، فيمكن للناس من مختلف الدول والمناطق أن يعرفوا مفهوم حقوق الإنسان للصين بشكل أفضل.

يعرض الفصل الأول لهذا الكتاب تعهد الحزب الشيوعي الصيني وحكومة الصين باحترام حقوق الإنسان وضمانها، ويشرح شي جين بينغ فيه على نحو شامل جهود الحزب الشيوعي الصيني في مجال تعزيز حقوق الإنسان. ويجمع الفصل الثاني كلمات وأحاديث ورسائل تهنئة وتعليمات شي جين بينغ التي ترشد الناس للبحث عن طريق لتطوير حقوق الإنسان يتوافق مع الظروف الصينية. ويعرض الفصل الثالث تطبيق مفهوم حقوق الإنسان المتمحور حول الشعب. ويؤكد الفصلان الرابع والخامس على أن الحق في البقاء والتنمية من أهم حقوق الإنسان الأساسية، ويشرحان الأعمال الهادفة لتحقيق الرخاء المشترك، ومفهوم وضع سلامة أرواح أبناء الشعب وصحتهم في المقام الأول. ويعرض الفصل السادس جهود تحسين الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية. ويعرض الفصل السابع وجهات نظر وتعليمات شي جين بينغ في ضمان حقوق ومصالح فئات محددة، مثل الأقليات القومية والنساء والأطفال والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة. ويشتمل الفصل الثامن على موضوعات ضمان حقوق الإنسان بسيادة القانون. أما الفصل التاسع، فيعرض تقديم مساهمات في إثراء التنوع الحضاري للبشرية وتعزيز تطور القضية العالمية لحقوق الإنسان.

ينقل هذا الكتاب رسالة بسيطة واضحة، ألا وهي: الحق الأول لكل فرد هو التمتع بحياة كريمة وميسورة وتحقيق التقدم. تعمل حكومة الصين تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني على تحقيق رفاه وتنمية الشعب، ويسعى كل فرد إلى الرخاء. قبل تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تحولت الصين إلى مجتمع شبه مستعمر وشبه إقطاعي تدريجيا، بسبب غزو القوى الكبرى الغربية وفساد الحكم الإقطاعي، وتعرضت للاضطهاد والشقاء. وقفت الأمة الصينية على قدميها للمقاومة ضد الاضطهاد والاستبداد، ثم رأى العالم الشعب الصيني وهو يبدع عجيبة نادرة في تاريخ البشرية بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية.

قال الرئيس شي جين بينغ في رسالة تهنئة إلى منتدى بكين لحقوق الإنسان لعام 2015: "في العصر الحديث، مرّ الشعب الصيني بالكثير من المصاعب والمتاعب، فأدرك جيدا الأهمية الكبرى لقيم الإنسان وحقوق الإنسان الأساسية والكرامة الإنسانية في التطور والتقدم الاجتماعيين، وحرص على بيئة التنمية السلمية التي تم الوصول إليها بشق الأنفس، وسوف يتبع طريق التنمية السلمية بثبات ويمضي قدما بالقضية الصينية والعالمية لحقوق الإنسان بثبات."

بالنسبة للطلاب المتخصصين في علم السياسة، هذا كتاب ممتع، لأنه يعرض مفهوم حقوق الإنسان للصين بطرق متنوعة وواضحة. بعد التفكير الناضج، وضع شي جين بينغ قضية حقوق الإنسان أمام عيون الناس. وشرح هدف تحقيق حقوق الإنسان في مناسبات عديدة، واعتبره واحدا من المنجزات المهمة لحكومة الصين والحزب الشيوعي الصيني. في السنوات الماضية، انتشلت الصين ملايين الناس من الفقر ليعيشوا حياة ميسورة. قال شي جي بينغ إن تقييم ما إذا كانت دولة ما ديمقراطية أم لا يكون من قبل شعبها، وليس من قبل عدد قليل من غير المعنيين. وإذا تم قياس الأنظمة السياسية المتنوعة في العالم بمعيار واحد، أو النظر إلى الحضارات السياسية المتنوعة للبشرية من منظور رتيب، فهذا بحد ذاته ليس ديمقراطيا. وقال، "إن الحزب الشيوعي الصيني وحكومة الصين يحترمان حقوق الإنسان ويضمنانها على الدوام. لفترة طويلة، تمسكت الصين بالجمع بين مبدأ عمومية حقوق الإنسان والظروف الواقعية للصين، وعملت على تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية باستمرار، وتحسين رفاه الشعب، وتعزيز الإنصاف والعدالة الاجتماعيين، وتعزيز ضمان حقوق الإنسان بسيادة القانون، والسعي لتعزيز التنمية الشاملة والمنسقة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق المدنية والسياسية، مما حسن مستوى ضمان حق الشعب في البقاء والتنمية بشكل كبير، وشق طريقا لتطوير حقوق الإنسان يتناسب مع الظروف الصينية الوطنية."

يمكن لمن يتابعون تنمية الصين أن يجدوا أن الصين تحت قيادة الرئيس شي جين بينغ تولي اهتماما بالغا لضمان وتعزيز حقوق الإنسان، وتطبق مفهوم حقوق الإنسان المتسم بوضع الإنسان في المقام الأول ومنح الأسبقية لمعيشة الشعب ومنح الأولوية لإيلاء الاهتمام للحق في التنمية، وتعزيز حقوق الإنسان في مختلف الجوانب لتنمية البشرية. أشار الرئيس شي في هذا الكتاب إلى أن الصين تتمسك بمبدأ حقوق الإنسان المتسم بوضع الإنسان في المقام الأول. الشعب هو مبدع التاريخ، ويتمثل الهدف الأساسي للحزب الشيوعي الصيني في خدمة الشعب بكل أمانة وإخلاص. وقد أشار الرئيس شي إلى أن أساس الحزب الشيوعي الصيني يكمن في الشعب، وهو أكبر قوة لممارسة الحزب الشيوعي الصيني لحكمه، وأن الحزب يحترم إرادة الشعب. بالإضافة إلى ذلك، أكد على ضرورة العمل على تلبية متطلبات وتطلعات الشعب، وجعله يكسب الثمار الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية والبيئية والتنموية، ويتمتع بمزيد من السعادة والأمن.

أعتقد أن شرح شي جين بينغ حول احترام حقوق الإنسان وضمانها، يعكس فكرا ساميا ويستشرف المستقبل. قال الرئيس شي إن التنمية موضوع دائم للمجتمع البشري، كما أكد ((إعلان الأمم المتحدة بشأن الحق في التنمية)) على ذلك. وأكد شي جين بينغ على ضرورة وضع حماية حياة وصحة الشعب في المقام الأول، وأن الحياة هي أثمن ما يمتلكه الإنسان، ولكل فرد حياة واحدة فقط، إذا فُقدت فلن تعود أبدا. فلا بد لنا من فعل كل ما يلزم لحماية سلامة حياة الشعب، وأيضا يمكننا فعل كل ما يلزم، هذا لأن الهدف الأساسي للحزب الشيوعي الصيني هو خدمة الشعب بكل أمانة وإخلاص.

أكد شي جين بينغ على ضرورة التمسك بسياسة الدولة الأساسية بشأن المساواة بين الجنسين، وحماية الحقوق والمصالح المشروعة للنساء والأطفال، وتحسين منظومة الضمان والخدمات. كما أكد شي جين بينغ على ضرورة تعزيز حماية حقوق الإنسان بالقانون. إن سيادة القانون ضمان مهم لحقوق الإنسان. أشار شي جين بينغ إلى أن الهدف الرئيسي لدفع حوكمة الدولة وفقا للقانون على نحو شامل هو ضمان حقوق ومصالح الشعب وفقا للقانون.

يكافح الحزب الشيوعي الصيني من أجل قضية الشعب وتنمية البشرية، ويتخذ خدمة البشرية كمسؤولية له. في الفصل التاسع لهذا الكتاب، يشرح شي جين بينغ ذلك. حيث أشار إلى أنه نظرا لاختلاف الثقافات والنظم والطرق، يختلف فهم شعوب العالم لحقوق الإنسان، ولكن جمال الحضارة البشرية يكمن في التنوع. والتنوع في حد ذاته لا يدعو إلى القلق، وإن ما يثير الهواجس هو الغطرسة والتحيز والكراهية وفرض التاريخ والثقافة والنظام الاجتماعي على الآخرين. كما قال إن الصين تدعو إلى تعزيز التبادل بين مختلف الحضارات والتبادلات، والتعاون في قضية حقوق الإنسان بين مختلف الدول، لدفع تطور حقوق الإنسان لمختلف الدول بشكل أفضل. وأكد على أن السلام والتنمية هدفنا المشترك، والعدالة هي الأيديولوجيا المشتركة لنا، والديمقراطية والحرية هما سعينا المشترك. يجب علينا أن نستوعب مفاهيم القيم لمختلف الحضارات بصدر واسع. من المستحيل أن تبنى التنمية العالمية الطويلة الأجل على أساس أن تصبح مجموعة من الدول غنية أكثر فأكثر، بينما تصبح مجموعة أخرى من الدول فقيرة ومتخلفة لفترة طويلة. كلما تتطور مختلف الدول معا، يمكن للعالم أن يتطور بصورة أفضل. يدعو السيد شي إلى المحافظة على روح الانفتاح وتعزيز التعاون والسعي إلى التنمية على أساس المساواة، لتحقيق تكافؤ فرص التنمية وجعل ثمار التنمية تفيد شعوب العالم على أساس المساواة. ويحثّ المجتمع الدولي على بذل الجهود في شق طريق تنمية متسم بالإنصاف والانفتاح والتسامح.

أكد شي جين بينغ غير مرة في هذا الكتاب، على أن الحزب الشيوعي الصيني لا يكن مشاعر عميقة للشعب الصيني فحسب، وإنما أيضا يمتلأ صدره بمشاعر عميقة لشعوب العالم. تعيش البشرية في مجتمع ذي مستقبل مشترك تتقاسم فيه السراء والضراء. علينا أن نعزز قضية حقوق الإنسان وفقا لظروف مختلف الدول ومتطلبات شعوبها. ونعارض بشدة التدخل في شؤون الدول الأخرى بلا وازع تحت ستار ما يسمى بـ"الديمقراطية" و"الحرية" و"حقوق الإنسان".

هذا الكتاب وثيقة مهمة بشأن احترام حقوق الإنسان وضمانها، ويمتلئ بنظرة ثاقبة ومعرفة حقيقية وفكرة عميقة. أرجو أن يساعد هذا الكتاب القراء على معرفة مفهوم حقوق الإنسان للصين ويقدم لهم زاوية نظر جديدة لفهم حقوق الإنسان.