على هامش ندوة شبكة التعاون الصيني- العربي في مجال أبحاث السياسات وبناء القدرات التي عُقدت في بكين يوم 25 سبتمبر 2025، أجرت مجلة ((الصين اليوم)) حوارا مشتركا مع كل من الأستاذة رحمة البلوشي مديرة دائرة الدراسات واستشراف المستقبل في الأكاديمية السلطانية للإدارة بسلطنة عُمان، والأستاذ محمد أزروال، الباحث في الاقتصاد بالمدرسة الوطنية العليا للإدارة في المغرب، لمناقشة رؤاهما حول تحديث الحوكمة والتحديات العربية المشتركة، وما يمكن أن يتعلمه العرب من التجربة الصينية. خلال الحوار، سلط الضيفان الضوء على التحديات البنيوية التي تواجه الدول العربية في مسار تحديث الحوكمة، مثل قضايا التنمية الاقتصادية والرقمنة وتمكين الشباب. كما توقفا عند التجربة الصينية في مكافحة الفقر والإدارة الرقمية، باعتبارها مصدر إلهام للدول العربية، مع التأكيد في الوقت نفسه على ما يمكن أن تقدمه التجارب العربية من زوايا مختلفة تفيد الصين. وفيما يلي نص الحوار:
((الصين اليوم)): ما هي التحديات المشتركة التي تواجه الدول العربية والصين في مجال تحديث الحوكمة الوطنية؟ وما الجوانب الجديرة بالتعلم من كلا الجانبين الصيني والعربي؟
رحمة البلوشي: من خلال زيارتي إلى الصين واطلاعي على تجربتها، وبحكم أنني عربية، لا أرى أن هناك تحديات كثيرة مشتركة، باستثناء بعض القضايا الكبرى مثل العولمة ووكيفية دمج الشباب في المجتمع والمحافظة على القيم والأخلاقيات. فالعصر الحالي متسارع والتحولات كثيرة، مما يجعل السيطرة على هذه الجوانب شاغلا مشتركا بين الصين والدول العربية.
((الصين اليوم)): كيف يمكن لتجربة الصين في مكافحة الفقر والتنمية المستدامة أن تلهم الدول العربية؟ وهل هناك تجارب عربية يمكن أن تفيد الصين؟
((الصين اليوم)): ما الدور الذي يمكن أن تلعبه مراكز الفكر في دعم عملية صنع القرار في الحكومات العربية والصين؟
رحمة البلوشي: في الدول العربية لا يزال الإيمان بدور البحث العلمي ومراكز الفكر محدودا، وهناك محاولات بسيطة على مستوى بعض الدول والأفراد. أما في الصين، فالوضع مختلف تماما؛ نهضة الصين قامت على البحث العلمي، إذ تُخصص نسبة كبيرة من الموازنة لهذا المجال، وهو ما نفتقده نحن. الاهتمام بالإنسان والبحث العلمي ومراكز الفكر هو أساس القوة الصينية.
((الصين اليوم)): ما أهمية "التواصل بين الشعوب" في تعزيز الفهم المتبادل إلى جانب التعاون الحكومي الرسمي؟
رحمة البلوشي: التواصل الشعبي مهم للغاية، لأنه يتيح لنا تبادل الحوار والأفكار والمعرفة. نحن جميعا نعيش في عالم واحد ونتشارك المصير، والجلوس على طاولة واحدة لتبادل الخبرات يجعلنا نكمل بعضنا البعض.
((الصين اليوم)): كيف يمكن تحويل نتائج هذه الشبكة البحثية إلى سياسات عملية تخدم الشعوب؟
رحمة البلوشي: أتمنى ألا تكون هذه الزيارة الأخيرة للدول العربية إلى الصين، بل أن تتوج بشراكات في البحوث والدراسات، وزيارات متبادلة، وربما بإنشاء مرصد فكري مشترك بين الجانبين. الصين اليوم تقف على قدم المساواة مع الدول الكبرى، والاستمرارية في التعاون هي الأهم حتى نرى نتائج هذه الحوارات على أرض الواقع.
((الصين اليوم)): ما أبرز أولويات بلدانكم في مجال بناء القدرات والحوكمة في المرحلة الحالية؟
رحمة البلوشي: في سلطنة عمان، هناك توجه نحو تنمية المحافظات وتعزيز اللامركزية، لأن المركزية تسبب البيروقراطية وتعطل الكثير من المشروعات. لذلك أسست الأكاديمية السلطانية للإدارة منذ أربع سنوات أكاديمية خاصة للقيادة والإدارة، نستهدف بها القطاعين الحكومي والخاص، ونعمل على برامج عديدة في مجال التعلم التنفيذي.
((الصين اليوم)): كيف يمكن للدول العربية أن تستفيد من التجربة الصينية في مجال الإدارة الرقمية والحكومة الإلكترونية؟
محمد أزروال: الصين قطعت أشواطا متقدمة في هذا المجال، كما رأينا في هانغتشو، حيث تُدار مدينة بأكملها عبر الذكاء الاصطناعي. الدول العربية لا تزال بعيدة عن هذا المستوى من الرقمنة. من المهم أن نستفيد من خبرة الصين، التي تقف اليوم إلى جانب الولايات المتحدة والدول الأوروبية في الريادة الرقمية.