أخبار < الرئيسية

تحديث الحوكمة.. تحديات مشتركة وآفاق واعدة للتعاون الصيني- العربي

: مشاركة
2025-09-26 20:53:00 الصين اليوم:Source :Author

على هامش ندوة شبكة التعاون الصيني- العربي في مجال أبحاث السياسات وبناء القدرات التي عُقدت في بكين يوم 25 سبتمبر 2025، أجرت مجلة ((الصين اليوم)) حوارا مشتركا مع كل من الأستاذة رحمة البلوشي مديرة دائرة الدراسات واستشراف المستقبل في الأكاديمية السلطانية للإدارة بسلطنة عُمان، والأستاذ محمد أزروال، الباحث في الاقتصاد بالمدرسة الوطنية العليا للإدارة في المغرب، لمناقشة رؤاهما حول تحديث الحوكمة والتحديات العربية المشتركة، وما يمكن أن يتعلمه العرب من التجربة الصينية. خلال الحوار، سلط الضيفان الضوء على التحديات البنيوية التي تواجه الدول العربية في مسار تحديث الحوكمة، مثل قضايا التنمية الاقتصادية والرقمنة وتمكين الشباب. كما توقفا عند التجربة الصينية في مكافحة الفقر والإدارة الرقمية، باعتبارها مصدر إلهام للدول العربية، مع التأكيد في الوقت نفسه على ما يمكن أن تقدمه التجارب العربية من زوايا مختلفة تفيد الصين. وفيما يلي نص الحوار:

((الصين اليوم)): ما هي التحديات المشتركة التي تواجه الدول العربية والصين في مجال تحديث الحوكمة الوطنية؟ وما الجوانب الجديرة بالتعلم من كلا الجانبين الصيني والعربي؟

رحمة البلوشي: من خلال زيارتي إلى الصين واطلاعي على تجربتها، وبحكم أنني عربية، لا أرى أن هناك تحديات كثيرة مشتركة، باستثناء بعض القضايا الكبرى مثل العولمة ووكيفية دمج الشباب في المجتمع والمحافظة على القيم والأخلاقيات. فالعصر الحالي متسارع والتحولات كثيرة، مما يجعل السيطرة على هذه الجوانب شاغلا مشتركا بين الصين والدول العربية.

محمد أزروال: هناك تحديات أساسية مشتركة، أهمها التنمية الاقتصادية عبر الاستثمار في الصناعات والتكنولوجيا وتحديث الزراعة لضمان الأمن الغذائي، إلى جانب الرقمنة والذكاء الاصطناعي. كما أن العولمة والليبرالية أصبحتا تحديا، إذ لم تعد الليبرالية في مصلحة الدول، وأصبح الاعتماد على الاقتصاد الداخلي والصناعة والزراعة ضرورة لضمان السيادة الوطنية.
الصين نجحت في استثمار مواردها البشرية، وخاصة الشباب، وهو قاسم مشترك بيننا وبينها. الصين جعلت الشباب قوة دافعة للتنمية الوطنية، بينما لا تزال الدول العربية عاجزة عن استغلال هذا "الكنز الذهبي". كذلك، تجارب الصين في الرقمنة والذكاء الاصطناعي، كما رأينا في هانغتشو، ملهمة للغاية.
من جانب آخر، تمتلك الدول العربية ميزة الموقع الجغرافي. فالمغرب وتونس والجزائر تشكل جسرا بين أفريقيا وأوروبا وآسيا، ما يتيح للصين فرصا كبيرة للاستثمار والانفتاح على أفريقيا الغنية بالموارد الطبيعية والبشرية.

((الصين اليوم)): كيف يمكن لتجربة الصين في مكافحة الفقر والتنمية المستدامة أن تلهم الدول العربية؟ وهل هناك تجارب عربية يمكن أن تفيد الصين؟

رحمة البلوشي: أكثر ما لفت انتباهي في التجربة الصينية هو أن الإنسان حاضر دائما في كل شي. قبل إطلاق أي مشروع تنموي، يتم التفكير أولا في أثره النفسي والاجتماعي والاقتصادي على الإنسان، وكيف سيستفيد. هناك مساران بارزان: تشكيل الوعي وبناء القدرات، وهما أساسيان في عملية التنمية.
أما من الجانب العربي، فلا أرى تجارب تنموية متقدمة يمكن أن تفيد الصين حاليا، لكن من الناحية الجغرافية يمكن أن تستفيد الصين من الممرات المائية العربية مثل الخليج العربي ومضيق هرمز وسواحل سلطنة عُمان، لما لها من قيمة اقتصادية.

محمد أزروال: الصين مصدر إلهام لأنها بنت مسارا خاصا بها مختلفا عن الغرب. لقد كافحت الفقر بالاستثمار في الشباب، وهو المورد الأهم. الشباب هو المحرك الأساسي للتغيير. شخصيا، أؤمن أن مستقبل أبنائي يجب أن يتجه نحو الصين، لا نحو الغرب، وسأوجههم للدراسة هنا.
أما عن التجارب العربية، فالقيمة المضافة تكمن أكثر في الموقع الجغرافي كجسر للتعاون الاقتصادي مع إفريقيا، أكثر من وجود نماذج تنموية يمكن تصديرها إلى الصين.

((الصين اليوم)): ما الدور الذي يمكن أن تلعبه مراكز الفكر في دعم عملية صنع القرار في الحكومات العربية والصين؟

رحمة البلوشي: في الدول العربية لا يزال الإيمان بدور البحث العلمي ومراكز الفكر محدودا، وهناك محاولات بسيطة على مستوى بعض الدول والأفراد. أما في الصين، فالوضع مختلف تماما؛ نهضة الصين قامت على البحث العلمي، إذ تُخصص نسبة كبيرة من الموازنة لهذا المجال، وهو ما نفتقده نحن. الاهتمام بالإنسان والبحث العلمي ومراكز الفكر هو أساس القوة الصينية.

((الصين اليوم)): ما أهمية "التواصل بين الشعوب" في تعزيز الفهم المتبادل إلى جانب التعاون الحكومي الرسمي؟

رحمة البلوشي: التواصل الشعبي مهم للغاية، لأنه يتيح لنا تبادل الحوار والأفكار والمعرفة. نحن جميعا نعيش في عالم واحد ونتشارك المصير، والجلوس على طاولة واحدة لتبادل الخبرات يجعلنا نكمل بعضنا البعض.

((الصين اليوم)): كيف يمكن تحويل نتائج هذه الشبكة البحثية إلى سياسات عملية تخدم الشعوب؟

رحمة البلوشي: أتمنى ألا تكون هذه الزيارة الأخيرة للدول العربية إلى الصين، بل أن تتوج بشراكات في البحوث والدراسات، وزيارات متبادلة، وربما بإنشاء مرصد فكري مشترك بين الجانبين. الصين اليوم تقف على قدم المساواة مع الدول الكبرى، والاستمرارية في التعاون هي الأهم حتى نرى نتائج هذه الحوارات على أرض الواقع.

((الصين اليوم)): ما أبرز أولويات بلدانكم في مجال بناء القدرات والحوكمة في المرحلة الحالية؟

رحمة البلوشي: في سلطنة عمان، هناك توجه نحو تنمية المحافظات وتعزيز اللامركزية، لأن المركزية تسبب البيروقراطية وتعطل الكثير من المشروعات. لذلك أسست الأكاديمية السلطانية للإدارة منذ أربع سنوات أكاديمية خاصة للقيادة والإدارة، نستهدف بها القطاعين الحكومي والخاص، ونعمل على برامج عديدة في مجال التعلم التنفيذي.

((الصين اليوم)): كيف يمكن للدول العربية أن تستفيد من التجربة الصينية في مجال الإدارة الرقمية والحكومة الإلكترونية؟

محمد أزروال: الصين قطعت أشواطا متقدمة في هذا المجال، كما رأينا في هانغتشو، حيث تُدار مدينة بأكملها عبر الذكاء الاصطناعي. الدول العربية لا تزال بعيدة عن هذا المستوى من الرقمنة. من المهم أن نستفيد من خبرة الصين، التي تقف اليوم إلى جانب الولايات المتحدة والدول الأوروبية في الريادة الرقمية.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4