أعرب خبراء عرب عن تفاؤلهم بمزيد من فرص التعاون الصيني- العربي خلال السنوات الخمس القادمة، وهي فترة الخطة الخمسية الخامسة عشرة للصين، التي تم الكشف عن خطوطها العريضة في بيان الجلسة الكاملة الرابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني، الصادر في الثالث والعشرين من أكتوبر 2025.

وقال أحمد سلام، المستشار الإعلامي الأسبق بسفارة مصر لدى الصين وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية: "من خلال متابعتي عن قرب للتجربة الصينية، وما لمسته من تطور متسارع في المشروعات الصينية داخل مصر، أرى أن ما تحققه الصين اليوم يمثل فرصة تاريخية لمصر والدول العربية والأفريقية، لإعادة بناء شراكتها مع بكين على أسس جديدة، تركز على نقل المعرفة والتكنولوجيا وبناء الإنسان، وليس الاكتفاء بمجرد تبادل السلع أو استيراد المنتجات." واستشهد سلام بمنطقة التعاون الاقتصادي المصرية- الصينية في خليج السويس، التي تعد نموذجا عمليا ناجحا، حيث تضم ما يقرب من مائتي شركة صينية، باستثمارات تتجاوز ثلاثة مليارات دولار أمريكي، وتوفر عشرات الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة. وأشار إلى أن هناك حوالي ألفين وثمانمائة شركة صينية تعمل في أنحاء مصر، ويمكن لمصر، التي تمثل قلب مبادرة "الحزام والطريق" في أفريقيا، أن تلعب دور الجسر بين آسيا وأفريقيا والعالم العربي، بل وأوروبا أيضا، موضحا أن التقاء رؤية مصر 2030 مع رؤية الصين 2035 في أهداف التنمية المستدامة والتحول الأخضر يفتح الباب لشراكة متوازنة تحقق المنفعة المتبادلة وتدعم بناء "مجتمع المستقبل المشترك للبشرية" الذي تطرحه الصين كمفهوم حضاري جديد للعلاقات الدولية.

وأكدت الدكتورة خديجة عرفة، رئيسة الإدارة المركزية للتواصل المجتمعي بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مجلس الوزراء المصري، أن العالم تابع باهتمام بالغ الإشارات الصادرة عن بيان الجلسة الكاملة الرابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني الذي حدد ملامح خطة التنمية المستقبلية للصين، والتي تتضمن الرؤية الصينية للحوكمة العالمية والرؤية الصينية للتنمية العالمية وكيفية تعزيز التعاون لضمان تحقيق هذا الهدف. وأشارت إلى البيان يبرز توجهات القيادة الصينية نحو المسار السلمي للتنمية، والتأكيد على مكانة ودور الصين المحوري في تعزيز التنمية العالمية والانفتاح على العالم الخارجي، وخلق فرص جديد لنمو الاقتصاد العالمي. ولذا، تنظر الدول العربية بتفاؤل كبير لتعزيز التعاون مع الصين في مختلف المجالات، مستفيدة مما حققته الصين من اختراقات في العديد من المجالات.

وقال محمد الهادي عبدلاوي، الصحفي بصحيفة ((لابراس)) التونسية، إن كل المؤشرات والوقائع وتحليلات أبرز المحللين العالميين تؤكد أن الدول النامية يمكن أن تجد في التجربة الصينية مصدر إلهام عمليا. فنجاح العملاق الآسيوي لم يكن وليد المصادفة، بل نتيجة تراكم خبرة في التخطيط المنهجي، وتناغم بين الدولة والسوق، واستثمار ممنهج في التعليم والتكنولوجيا والبنية التحتية. وأوضح أن الدروس الأبرز التي يمكن استخلاصها، تشمل الاستمرارية في السياسات كضمانة للثقة والاستثمار، اعتماد التخطيط العلمي الطويل الأمد بعيدا عن الارتجال السياسي، الربط بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لضمان استدامة النمو، وإشراك المجتمع في أهداف التنمية ضمن رؤية وطنية شاملة.

وقال حسين إسماعيل، الخبير في الشؤون الصينية، إن البيان الصادر عن "الجلسة الكاملة"، وثيقة مهمة لفهم منطق التنمية في الصين واستشراف مسارها المستقبلي. ومن خلاله، يمكن لأي مراقب أن يدرك بوضوح فلسفة الصين التوجيهية وأهدافها ونهجها ومسار تنميتها. هذه الفلسفة المتمحورة حول الإنسان تشكل أساس التنمية الصينية، وتضمن أن تتقاسم الغالبية العظمى من الشعب الصيني ثمار التقدم الاقتصادي والاجتماعي، كما توجه جهودها الخارجية لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. ومن هنا فإن الخطة الخمسية الخامسة عشرة للصين تمثل فرصة جديدة لتعاون صيني- عربي أوسع، خاصة وأنها تلتقي في العديد من الجوانب مع إستراتيجيات العديد من الدول العربية، ومنها "رؤية مصر 2030" و"رؤية السعودية 2030" و"رؤية قطر الوطنية 2030" و"رؤية نحن الإمارات 2031"، إلخ.

وأشار محمد صلاح الدين علام، الكاتب والباحث القانوني المصري، إلى أن الخطة الخمسية الخامسة عشرة للصين تفتح الباب واسعا لمزيد من التعاون الصيني- العربي في مجالات غير تقليدية، من الفضاء إلى الاقتصاد الأزرق والذكاء الاصطناعي ومركبات الطاقة الجديدة والمدن الذكية وغيرها. وأوضح أن الصين لديها خبرة واسعة في هذه المجالات، والدول العربية لديها القدرة والرغبة والإمكانيات التي تجعلها شريكا مثاليا للصين، فضلا عن توفر الإرادة السياسية لدى الجانبين لتعزيز التعاون، خاصة وأننا مقبلون على الاحتفال بالذكرى السنوية السبعين لإقامة العلاقات الصينية- المصرية في عام 2026.