عين صينية < الرئيسية

هيكل النظام العالمي يشهد تغيرات سريعة بالمصير المشترك، البشرية تتقدم إلى الأمام يدا بيد

: مشاركة
2021-03-04 10:00:00 الصين اليوم:Source وو سي كه هو يوي شيانغ:Author

يعتبر عام 2020 عاما غير عادي. في ذلك العام، واجه العالم أخطر كارثة صحية على الإطلاق منذ الحرب العالمية الثانية بسبب الانتشار العالمي المفاجئ لفيروس كورونا الجديد، كوفيد-١٩. وفي الوقت الحاضر، يتجاوز أثر الوباء نطاق الصحة العامة ليشمل مختلف مجالات الإنتاج والحياة في المجتمع البشري، ويصاحبه ألعاب سياسية واقتصادية وعسكرية وتكنولوجية وثقافية وأبعاد أخرى متعددة، ومع وجود دينامية متعددة الأوجه ومتداخلة، تظهر عوامل ومخاطر مختلفة غير مؤكدة. في التاريخ، غالبا ما كان تغير هيكل النظام العالمي يأتي مصحوبا بحروب واضطرابات واسعة النطاق. وبالإضافة إلى الحرب، فإن الأوبئة والأزمات بمختلف أنواعها قد أثرت في كثير من الأحيان على مسيرة الحضارة الإنسانية. إن فيروس كورونا الجديد الذي أحدث تغيرا في الوضع العالمي لا مثيل له على مدى مائة سنة، لا شك أنه سوف يسرع من التغيير الحاد لهيكل النظام العالمي بصورة مكثفة.

النظام الأحادي أو النظام التعددي؟

ينتشر فيروس كورونا الجديد في جميع أنحاء العالم، مما يؤدي إلى تشابك وتصادم تغييرات غير مسبوقة مع النظام العالمي. وفي مواجهة الفيروس، فإن الجميع ضحية، ولا يمكننا التغلب على هذا العدو إلا من خلال العمل معا. ومع ذلك، فإن الصراع بين النظام التعددي والنظام الأحادي مستمر بلا هوادة، والتعاون بين القوى الكبرى يتحول إلى تنافس، بل إلى صراع. أساس النظام التعددي هو الوعي المجتمعي، ولا يمكن حل المشكلات العالمية إلا عن طريق التعددية؛ وأساس النظام الأحادي هو هيمنة عائلة واحدة، والصلف والغرور بالنفس، ورمي المشكلات الذاتية على كاهل الآخرين، وقانون الغاب ولعبة المحصلة الصفرية. سيحدد الصراع بين النظامين الاتجاه المستقبلي للعالم.

عبر تاريخ الحضارة العالمية، شهد البشر ثورة زراعية وثورة صناعية وثورة معلومات. ولكل ثورة صناعية وتكنولوجية تأثير هائل وعميق على الحياة الإنتاجية للبشر. منذ بداية القرن الحادي والعشرين، تسارعت موجة جديدة من الثورة العلمية والتكنولوجية والتحولات الصناعية، ومع إدخال تعديلات كبيرة على أنماط التجارة والصناعة على الصعيد العالمي، يقع الاقتصاد العالمي في مفترق طرق بين الدورات القديمة والجديدة، ويمر بفترة انتقالية من الطاقة المحركة القديمة إلى طاقة محركة جديدة، وقد شهد ميزان القوى الدولي اتجاه التغيرات. إن بزوغ فجر عصر المعلوماتية قد أسهم فعليا في الترابط العالمي والتدفقات البشرية وترابط التجارة، وفي ظل ذلك ظهر مفهوم "القرية العالمية". ومن المؤكد، أن الاتجاه نحو العولمة هو وجود موضوعي لا يتحول حسب الإرادة البشرية، ولا يمكن لأي قوة إعاقته.

إن الانتشار المفاجئ لفيروس كورونا الجديد في عام 2020، لم يكن اختبارا رئيسيا لقدرات الحوكمة لبلدان العالم فحسب، وإنما كان أيضا فحصا لنظام الحوكمة العالمية، الذي كان ينبغي أن يدفع البلدان إلى إعادة التفكير في منطق العولمة الداخلي وتوجهها، وإلى إعادة فهم الأهمية الحيوية للحوكمة العالمية. ومن المؤسف حقا، أن النزعة الانفرادية والحمائية والتنمر قد أدت إلى تعقيد الحوكمة العالمية. ومما لا شك فيه، أن عكس الواقع المتزايد لعجز الحوكمة وعجز الثقة وعجز التنمية وعجز السلام، وإصلاح وتحسين نظام الحوكمة العالمية هي أمور ملحة تواجه البشرية.

وبدلا من السعي بنشاط إلى الارتقاء بـ"العولمة" وتعزيز بناء القدرات في مجال الحوكمة العالمية، فإن شخصيات سياسة في بعض البلدان، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، تقول منتقدة إن العولمة قد تجاوزت الحدود؛ وبدلا من استخدام تفشي الوباء على الصعيد العالمي كمرآة لتعزيز الحوكمة العالمية، سارعت من وتيرة السياسات المناهضة للعولمة؛ وبدلا من السعي إلى التعاون الدولي لحل مشكلات من قبيل نقص المواد الطبية، اعتبرت تحقيق "الأقلمة" و"المحلية" للصناعات المتعلقة بمصالحها الوثيقة هي السبيل الصحيح، ودفعت عودة الصناعة إلى بلدانها؛ وبدلا من التفكير في تعزيز قدرات المنظمات الدولية، سحبت الأموال من منظمة الصحة العالمية، وتشوه سمعة ومساهمة منظمة التجارة العالمية، ما أدى الى وقوع الحوكمة العالمية في ورطة لم يسبق لها مثيل. الأحادية أو تعددية الأطراف، لا تزال القوتان تدحضان بعضهما البعض، وتصبحان محور اهتمام العالم. ولكن في ضوء الاتجاهات الإنمائية العامة، تظل تعددية الأطراف والعولمة هما التيار الرئيسي لعصرنا. لقد أثبت التاريخ والحقائق مرارا وتكرارا أن تعددية الأطراف هي أكثر الطرق عقلانية للحوكمة العالمية حتى الآن، وأن التعاون المتعدد الأطراف هو أنجع السبل لحل المشكلات العالمية والتصدي للتحديات العالمية.

الصين لا تتردد في الدفاع عن تعددية الأطراف

وفي ضوء التاريخ، تضطلع تعددية الأطراف بدور رئيسي في علاج جروح الحرب، وتعزيز التنمية العالمية، وتجنب تكرار الحرب العالمية. إن الأمم المتحدة، بوصفها نتيجة هامة لتعددية الأطراف، اضطلعت منذ تأسيسها بدور هام في بناء توافق عالمي في الآراء، وحشد الموارد العالمية، وتنسيق الإجراءات العالمية، في تحقيق السلام والتنمية في العالم، وأصبحت الآلية الأساسية للتعاون في الشؤون الدولية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. وحتى الآن، انضم 193 بلدا إلى هذه المنظمة الدولية الأكثر عالمية وتمثيلا ومصداقية، التي تشارك في وضع القواعد الدولية، والإدارة المشتركة للشؤون العالمية، وتتقاسم نتائج التنمية. والصين، بوصفها أول دولة موقعة على ميثاق الأمم المتحدة، تدافع بقوة عن سلطة الأمم المتحدة، وتدعم بنشاط عمليات الأمم المتحدة، سواء من خلال المشاركة االنشيطة في عمليات حفظ السلام أو من خلال دعم وتنفيذ ((اتفاق باريس))، ومن خلال التعاون النشيط في مجال البحث والتطوير في مجال اللقاحات. لقد ظلت الصين دائما مدافعا قويا عن تعددية الأطراف وممارسا نشيطا لها. فهي طرف في أكثر من 500 اتفاقية دولية، أي طرف في جميع المنظمات الحكومية الدولية تقريبا، وتتمسك بقوة بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. قبل خمس سنوات، عندما حضر الرئيس شي جين بينغ مجموعة من مؤتمرات قمة الأمم المتحدة بمناسبة الذكرى السنوية السبعين لإنشائها، قال: "دعونا نوحد صفوفنا ونعمل معا لبناء شراكات جديدة للتعاون والفوز المشترك، ولنخلق مجتمعا ذا مصير مشترك للبشرية". إن مقترحات الرئيس شي هذه تتفق إلى حد كبير مع مبادئ تعددية الأطراف وتتوافق مع اتجاه ((خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030))، فورد ذكرها في الوثائق الدولية، مثل قرارات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن.

يعتقد الصينيون دائما أن العالم الجيد مفيد للصين والصين الأفضل تفيد العالم. إن سلوك الصين يتفق دائما مع دعوتها ومبادرتها في الدفاع عن تعددية الأطراف.

والدفاع عن التعددية هو الدفاع عن القواعد الدولية المقبولة على نطاق واسع. يجب على كل دولة اتباع مبادئ الصدق في التعاملات مع غيرها، لا تخلف وعدها؛ ويجب عليها الالتزام بالنظام والقواعد، وليس الإصرار على طريقها الخاص. إن المضمون الهام لممارسة تعددية الأطراف يتجسد أولا في المحافظة على ميثاق الأمم المتحدة، واتباع القوانين الدولية والأعراف الأساسية للعلاقات الدولية، والالتزام بالاتفاقيات الدولية المتفق عليها بشكل متبادل. ومع ذلك، فإن بعض الدول تتخذ في السنوات الأخيرة، مبدأ "أخذ ما يتفق مع مصالحها، وترك ما يخالف نيتها"، وكثيرا ما "تخل بالعقود"، و"تنسحب من المجموعة" وتتنمر، مما يضر بشكل خطير بسلطة القانون الدولي والمصالح المشتركة لجميع البلدان. لا يمكن تنسيق علاقات ومصالح الدول المختلفة إلا من خلال النظم والقواعد، ولا يمكن في ذلك مجرد الاستماع إلى من لديه القبضة الأقوى. وبدلا من ذلك، ينبغي للدول الكبرى أن تأخذ زمام المبادرة في الدفاع عن سيادة القانون على الصعيد الدولي، وأن تلتزم بوعودها ولا تنخرط في المعايير الاستثنائية والمزدوجة، وأن لا تحرف القانون الدولي وتنتهك الحقوق المشروعة للدول الأخرى وتقوض السلام والاستقرار الدوليين باسم سيادة القانون.

إن بناء رابطة المصير المشترك للبشرية هدف رائع، يحتاج إلى جهود جيل بعد جيل لتحقيقه. وعالم اليوم ليس آمنا، حيث صوت البنادق لم ينحسر، والمشكلات العالمية مثل الإرهاب وتغير المناخ آخذة في الازدياد، والفجوة بين الشمال والجنوب ما زالت شاسعة، وسياسات القوة لا تزال قائمة. إن الوباء هذه المرة يجعل الناس يدركون من جديد أن مصائر الأمم ترتبط ارتباطا وثيقا، وأنه لا يمكن التصدي للتحديات معا إلا بتجاوز الخلافات، وتوحيد الجهود، وتعزيز وتحسين الحوكمة العالمية، وبناء مجتمع المصير المشترك للبشرية حقيقيا. وهذا هو السبيل الأساسي للتنمية البشرية والهدف النهائي لتعددية الأطراف. إن الصين مستعدة للتعاون مع دول العالم، بما في ذلك الدول العربية، للتقدم يدا بيد على هذا الطريق!

هو يوي شيانغ، رئيس معهد الشرق الأوسط في جامعة الدراسات الدولية ببكين.

وو سي كه، المبعوث الصيني الخاص الأسبق للشرق الأوسط ودبلوماسي مخضرم.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4