عين صينية < الرئيسية

التكاتف لبناء رابطة حياة للإنسان والطبيعة

: مشاركة
2021-06-07 13:44:00 الصين اليوم:Source هو يوي شيانغ وو سي كه:Author

في الثاني والعشرين من إبريل 2021، حضر الرئيس الصيني شي جين بينغ "قمة القادة حول المناخ" عبر تقنية الفيديو وألقى كلمة فيها، انطلاقا من مفاهيم السعي وراء التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة، الذي تدعو إليه الحضارة الصينية منذ القدم. شرح الرئيس شي اقتراح الصين بشأن التصدي لتغير المناخ، وأكد مجددا دعم بلاده القوي للتعددية، ودعا المجتمع الدولي إلى الاستجابة المشتركة لتحديات الإدارة البيئية العالمية الحالية بطموحات وإجراءات غير مسبوقة، واقترح بناء رابطة حياة للإنسان والطبيعة.

أولا

في العالم الحالي، يفرض تغير المناخ تحديات خطيرة وتهديدات حقيقية لبقاء الإنسان وتنميته، وتواجه الإدارة البيئية العالمية صعوبات غير مسبوقة. كيف نحقق التنمية المستدامة؟ ما هو نوع المستقبل الذي يجب أن نخلقه للأجيال القادمة؟ هذا هو الموضوع الرئيسي الذي يواجه العالم. وقد قام الرئيس شي في القمة بالرد عليه وقدم حل الصين للمشكلة: بناء رابطة حياة للإنسان والطبيعة، وبناء رابطة المصير المشترك للبشرية.

وفي كلمته، أوضح الرئيس شي المعنى الثري والجوهر الأساسي لمفهوم "بناء رابطة حياة للإنسان والطبيعة" بشكل شامل ومنهجي. إنها أيضا الخطة المنهجية التي اقترحتها الصين للتعامل مع تغير المناخ العالمي: أولا، التمسك بالتعايش المتناغم بين البشرية والطبيعة. يجب على البشر أن يأخذوا الطبيعة كجذر، وأن يحترموا الطبيعة، وأن يتوافقوا مع الطبيعة، وأن يحموا الطبيعة. من الضروري حماية الطبيعة والبيئة الإيكولوجية مثل حماية العينين، والتشجيع على تشكيل نمط جديد من التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة. والثاني هو التمسك بالتنمية الخضراء. إن حماية البيئة الإيكولوجية تعني حماية القوة المنتجة، وتحسين البيئة الإيكولوجية يعني تطوير القوة المنتجة. من الضروري التخلي عن نموذج التنمية الذي يضر بل ويدمر البيئة الإيكولوجية، والتخلي عن النهج القصير النظر المتمثل في التضحية بالبيئة مقابل التنمية المؤقتة. يجب التشجيع بقوة على التحول والارتقاء بهياكل الاقتصاد والطاقة والصناعة، وجعل البيئة الإيكولوجية الجيدة تدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة في العالم. والثالث هو التمسك بإدارة المنظومة. الجبال والأنهار والغابات والحقول والبحيرات والأعشاب والرمال هي نظام بيئي غير قابل للتجزئة. يجب مراعاة العناصر المختلفة للبيئة الطبيعية ككل، وفقا للقوانين المتأصلة في النظام البيئي، وذلك لتحقيق هدف تعزيز قدرة الدورة الحيوية للنظام البيئي والحفاظ على التوازن البيئي. والرابع هو التمسك بمبدأ وضع الشعب في المقام الأول. من الضروري استكشاف أوجه التآزر لحماية البيئة وتنمية الاقتصاد وخلق فرص العمل والقضاء على الفقر، والسعي لتحقيق الإنصاف والعدالة الاجتماعية في عملية التحول الأخضر، وزيادة الشعور بالكسب والسعادة والأمن لشعوب جميع البلدان. والخامس هو التمسك بالتعددية. من الضروري المحافظة على النظام الدولي باعتبار الأمم المتحدة جوهره، وذلك على أساس مبادئ القانون الدولي، والالتزام بالإنصاف والعدالة كالهدف، والعمل الفعال كالمرشد. يجب اتباع أهداف ومبادئ ((اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ))  و((اتفاقية باريس)) التابعة لها. والسادس هو التمسك بمبدأ المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة. من الضروري التأكيد بشكل كامل على مساهمة البلدان النامية في معالجة تغير المناخ والاهتمام بصعوباتها وشواغلها الخاصة. يجب على البلدان المتقدمة أن تظهر طموحات وإجراءات أكبر، وأن تقدم في الوقت نفسه الدعم المالي والفني ودعم بناء القدرات للبلدان النامية لمساعدتها على تحسين قدرتها ومرونتها للاستجابة لتغير المناخ، وعلى وجه الخصوص، من الضروري تجنب مسار التطور القديم المتمثل في التلوث أولا ومعالجته بعد ذلك.

في مواجهة قضية تغير المناخ التي تواجهها البشرية، فإن "التمسكات الستة " المذكورة التي اقترحها الرئيس شي، تشير إلى المفهوم الأساسي لرابطة حياة للإنسان والطبيعة، وتجسد رؤية الصين لاستجابة البشرية لتغير المناخ، وللتعامل بشكل صائب مع العلاقة بين الإنسان والطبيعة، ولتحقيق التنمية المستدامة للبشرية جمعاء، ويوضح النمط الواسع لمشاركة الصين في إصلاح نظام الحوكمة العالمي، ويزيد من إثراء دلالة مفهوم رابطة المصير المشترك للبشرية.

ثانيا

منذ دخلت البشرية مرحلة التصنيع، جلب تغير المناخ تحديات خطيرة للعالم، كما تأثرت الصين به بشدة أيضا. عندما أدركت الدول خطورة المشكلة وبدأت في معالجة تغير المناخ العالمي، لم تكن الصين غائبة أبدا، وكمشاركة ومساهمة ورائدة في بناء الحضارة الإيكولوجية العالمية، بذلت الصين جهودا دؤوبة لبناء رابطة حياة للإنسان والطبيعة من خلال إجراءات عملية. أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ رسميا أن الصين ستسعى جاهدة لتحقيق ذروة انبعاثات الكربون بحلول عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060. إن الفترة من ذروة انبعاثات الكربون إلى الحياد الكربوني، التي التزمت الصين بتحقيقها، أقصر بكثير من الوقت الذي تستغرقه الدول المتقدمة، وذلك يعكس عزيمة الصين القوية ومسؤوليتها للتعامل مع تغير المناخ. لقد افتتحت كلمة الرئيس شي الهامة في "قمة القادة حول المناخ" رحلة جديدة للصين لتنفيذ مفهوم رابطة حياة للإنسان والطبيعة، وتعزيز عملية الحوكمة البيئية العالمية.

يعيش البشر في نفس القرية العالمية، ويشكل تغير المناخ تهديدا ملحا وخطيرا لبقاء الإنسان وتنميته وأمنه، ويتطلب من جميع دول العالم العمل معا للتعامل معه. تولي الصين أهمية كبيرة للعمل في مجال تغير المناخ والتعاون الدولي، وقد لعبت دورا هاما في عملية الوصول الى ((اتفاقية باريس)) ودخولها حيز التنفيذ وتنفيذها. في السنوات الأخيرة، نفذت الصين إستراتيجية وطنية للاستجابة بفعالية لتغير المناخ وتواصل تعزيز التنمية الخضراء والتحول المنخفض الكربون، مما أرسى أساسا متينا لتنفيذ ((اتفاقية باريس)). في عام 2020، استمر تفشي وباء "كوفيد- 19"، والاقتصاد في حالة ركود، فواجهت معيشة الشعب تحديات ضخمة. ورغم ذلك اقترحت الصين هدف ذروة انبعاثات الكربون ورؤية الحياد الكربوني، مما يدل على حزم الصين الراسخ وموقفها الثابت بشأن قضية تغير المناخ. كما ستستضيف الصين المؤتمر الخامس عشر للأطراف المعنية بـ((اتفاقية التنوع البيولوجي)) في أكتوبر 2021. ستعمل الصين مع جميع الأطراف المعنية على تعزيز حوكمة التنوع البيولوجي العالمي ودفعها إلى خطوة جديدة، وتدعم المؤتمر السادس والعشرين للأطراف المعنية بـ((اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ)) لتحقيق نتائج إيجابية.

في الاستجابة لتغير المناخ العالمي، تتمسك الصين بمفهوم رابطة المصير المشترك للبشرية وأصرت على الوفاء بوعودها. فقد أدرجت الصين ذروة انبعاثات الكربون والحياد الكربوني في خطة الصين الشاملة للتنمية المستدامة والتخطيط العام لبناء الحضارة الإيكولوجية، وتعمل بجدية على صياغة خطة ذروة انبعاثات الكربون للسيطرة الصارمة على زيادة استهلاك الفحم خلال فترة "الخطة الخمسية الرابعة عشرة" وتقليل استهلاكه تدريجيا خلال فترة "الخطة الخمسية الخامسة عشرة". بالإضافة إلى ذلك، قررت الصين قبول ((تعديل كيغالي لبروتوكول مونتريال)) لتعزيز السيطرة على غازات الاحتباس الحراري غير ثاني أكسيد الكربون، وستبدأ أيضا في بناء سوق تجارة الكربون.

تولي الصين دائما أهمية كبيرة للتعاون الدولي في معالجة تغير المناخ، وتلتزم بمفهوم المساعدة المتبادلة، وتمارس التعددية، وتبذل الجهود لتشجيع إنشاء نظام إدارة بيئية عالمي عادل ومعقول ومربح للجميع. على مر السنين، بذلت الصين أيضا كل ما في وسعها لمساعدة البلدان النامية على تحسين قدرتها على التعامل مع تغير المناخ. من الأقمار الاصطناعية للاستشعار عن بعد للمناخ في أفريقيا، إلى المناطق النموذجية المنخفضة الكربون في جنوب شرقي آسيا، إلى المصابيح الموفرة للطاقة في البلدان الجزرية الصغيرة، فإن تعاون الصين فيما بين بلدان الجنوب في معالجة تغير المناخ ملموس وفعال. وهذا مثال عملي لمفهوم بناء رابطة حياة للإنسان والطبيعة.

ثالثا

هناك مجال واسع للتعاون بين الصين والدول العربية في معالجة التغير المناخي والتنمية الخضراء. منذ بداية الإصلاح والانفتاح في الصين، بدأت الصين والدول العربية التبادلات والتعاون في تثبيت الرمال والسيطرة عليها وتوفير المياه، إلخ. يسعدنا أن نلاحظ أنه في مارس 2021، طرح ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان مبادرتين: "الشرق الأوسط الأخضر" و"السعودية الخضراء"، هذه خطة جديدة قدمتها المملكة العربية السعودية للحوكمة الإقليمية والعالمية والتنمية المستدامة بعد استضافة قمة الرياض لمجموعة العشرين في عام 2020، التي اقترحت فيها مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون وتعزيز إصدار الإعلانات البيئية، وتجسد مفهوم التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة، والهدف الطموح لـ "رؤية 2030"، كما فتحت آفاقا جديدة للتعاون بين الصين والمملكة العربية السعودية والدول العربية.

تتحمل كل من الصين والدول العربية مسؤوليات تاريخية، في مواجهة التحديات التي يفرضها تغير المناخ على البشرية، وتحقيق التنمية المستدامة وحماية كوكب الأرض بشكل مشترك مع إفادة شعوبها. في عملية تعزيز بناء "الحزام والطريق" الفعالة، أصبح التعاون في مجال الحضارة الإيكولوجية محتوى رئيسيا. للتمسك بمفهوم التنمية الخضراء، تقترح الصين أن تتبنى بشكل مشترك البنية التحتية الخضراء، والطاقة الخضراء، والنقل الأخضر، والتمويل الأخضر، وغيرها من التدابير مع شركاء مختلفين لمواصلة إفادة شعوب جميع البلدان المشاركة في بناء "الحزام والطريق". إن مفهوم "المياه الخضراء والجبال الخضراء هي جبال من الذهب وجبال من الفضة" المعروف في الصين هو وجهة نطر ذات رمزية عالية والأطروحة التمثيلية لأفكار شي جين بينغ حول الحضارة الإيكولوجية. بتوجيه من هذا المفهوم، استمر بناء الحضارة البيئية في الصين في اتخاذ خطوات قوية، وحققت التنمية الخضراء نتائج ملحوظة. إن  الصين على استعداد تام للمشاركة مع الدول العربية في التقنيات والخبرة الصينية في مكافحة التصحر وحماية البيئة الإيكولوجية وزيادة الغطاء النباتي وتطوير طاقة جديدة، لتعزيز التنمية العالية الجودة والمستدامة للتعاون العملي في مجال بناء الحضارة الإيكولوجية، وتقديم المساهمة بشكل مشترك في الحلول والحكمة للإدارة البيئية العالمية. كما تثمن الصين عاليا مبادرات "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر" التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان وجهود الدول العربية في التنمية الخضراء، لا سيما الجهود الجبارة في تطوير الطاقة الجديدة.

لا يزال الطريق طويلا للتعامل مع تغير المناخ العالمي، فهو يتطلب من جميع الدول أن تساعد بعضها البعض، وأن تواجه التحديات بمفهوم رابطة حياة للإنسان والطبيعة، وذلك لترك بيئة نظيفة وعالم أفضل للأجيال القادمة.

--

هو يوي شيانغ، رئيس معهد الشرق الأوسط في جامعة الدراسات الدولية ببكين.

وو سي كه، المبعوث الصيني الخاص الأسبق للشرق الأوسط ودبلوماسي مخضرم.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4