عين صينية < الرئيسية

التحديث الصيني النمط

: مشاركة
2023-04-06 15:27:00 الصين اليوم:Source كانغ كاي:Author

في مارس 2023، عقدت الدورة الأولى للمجلس الوطني الرابع عشر لنواب الشعب الصيني، والدورة الأولى للمجلس الوطني الرابع عشر للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني (الدورتان) ، بعد نحو خمسة أشهر من انعقاد المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني بنجاح في بكين.

خلال "الدورتين" هذا العام، كان "التحديث الصيني النمط" عبارة ساخنة عالية التردد. فهو تحديث لعدد هائل من السكان، وتحديث الرخاء المشترك لكل الشعب، وتحديث التناغم بين الحضارتين المادية والروحية، وتحديث التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة، وتحديث التنمية السلمية. التحديث الصيني النمط يجلب إلهاما جديدا ويوفر فرصا جديدة للعالم.

التجذر في الثقافة الصينية

التحديث الصيني النمط، هو تحديث متجذر في تربة الثقافة التقليدية الصينية الممتازة. ونظريته الصينية النمط تجسد حكمة الصين القديمة والحديثة، لا تشتمل على العناصر المشتركة لعملية التحديث لجميع دول العالم فحسب، وإنما أيضا تشتمل على الخصائص الذاتية للصين.

استمرت الحضارة الصينية الممتدة لأكثر من خمسة آلاف عام في نهر التاريخ الطويل بلا انقطاع، وشكلت الأخلاق الروحية ونظام القيم الفريد للأمة الصينية

من فكرة "اتخاذ الشعب أساسا" المستوحاة من الثقافة الكونفوشية التي يمثلها كونفوشيوس ومنشيوس وشيون تسي، إلى "خدمة الشعب بكل أمانة وإخلاص" في فترة ماو تسي تونغ، إلى "الجماهير منبع قوتنا" في فترة دنغ شياو بينغ، إلى "ترسيخ فكرة التنمية المتمحورة حول الشعب"، ثم إلى اقتراح "التحديث الصيني النمط هو تحديث مع عدد ضخم من السكان"؛

من فكرة "في كل طريق لحوكمة البلاد يجب وضع إثراء الشعب كأولوية" المستوحاة من ((قوان تسي.. إدارة البلاد)) وفكرة "عدم الخوف من القليل، بل الخوف من عدم الإنصاف" المتعلقة بمعيشة الشعب والمقتبسة من كتاب ((الحوار)) لكونفوشيوس، إلى اقتراح "التحديث الصيني النمط هو تحديث الرخاء المشترك لجميع الشعب"؛

من فكرة "التناغم التقليدي بين الإنسان والطبيعة" و"الطاو يتبع الطبيعة" التقليديتين، إلى فكرة الحضارة الإيكولوحية لشي جين بينغ التي تؤمن بأن "الجبال الخضراء والمياه النقية هي جبال من الذهب وجبال من الفضة"، إلى اقتراح "التحديث الصيني النمط هو تحديث التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة"؛

من فكرة وئام العالم التقليدية المتمثلة في "عندما ساد الطاو العظيم، كان العالم كله مجتمعا واحدا" وثقافة الانسجام المتمثلة في "اللطف مع الجيران، والتوحد مع كل الأمم"، إلى "بناء رابطة المصير المشترك للبشرية" لشي جين بينغ، ثم إلى اقتراح "التحديث الصيني النمط هو تحديث التنمية السلمية"..

التحديث الصيني النمط هو نتيجة توارث وتطوير الحضارة الصينية لأكثر من خمسة آلاف عام، وخلاصة حتمية لاتباع المنطق التاريخي العميق.

في السابع عشر من شهر أكتوبر 2022، قال الأمين العام للحزب شي جين بينغ، عندما شارك في مناقشة وفد قوانغشي في المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني: "شروع الصين في هذا الطريق، لا ينفصل عن الثقافة الصينية. نسير في طريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، وسببه الداخلي متأصل في جينات الثقافة التقليدية الصينية الممتازة."

وباستعراض تاريخ العالم، فإن كل تغيير مهم عصري يؤدي حتما إلى نظام حضاري جديد.

بالنظر إلى عالم اليوم، وفي مواجهة التحديات الناجمة عن الوضع العالمي الشديد الخطورة، والتفشي المتزايد للعنصرية والحمائية والأحادية، فإن الممارسة الحضارية التي شكلتها الصين في فتح طريق التحديث لها مغزى عملي خاص.

تحترم الممارسة الحضارية الصينية تاريخ وتقاليد مختلف البلدان، وتحترم اختياراتها في طرق التنمية ونماذج التحديث. ​​وفي الوقت نفسه، تفكر وتستكشف كيفية تحقيق التبادل والتعلم من بعضها البعض، والتعايش المتناغم بين الحضارات المختلفة، وتحقيق تقدم وتجديد الحضارات. التحديث الصيني النمط هو شكل جديد تماما من الحضارة الإنسانية، يفتح طريقا مستقلا نحو التحديث، وهو مساهمة في الحضارة الإنسانية. يكسر التحديث الصيني النمط أسطورة "التحديث= التغريب"، ويقدم صورة جديدة مختلفة عن نموذج التحديث الغربي. يقدم رؤية جديدة للحضارة بينما يستفيد من جميع الإنجازات البارزة للحضارة الإنسانية.

تعزيز التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة

التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة من السمات المهمة للتحديث الصيني النمط. وقد أشار التقرير المقدم للمؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني، إلى أن احترام الطبيعة والتوافق معها وحمايتها مطلب متأصل لبناء دولة اشتراكية حديثة بشكل شامل.

الصين دولة نامية عدد سكانها هائل، يتجاوز مليارا وأربعمائة مليون نسمة، وقدرة مواردها البيئية على التحمل ضعيفة ومحدودة. للدخول إلى المجتمع الحديث بالكامل، ليس من المجدي اتخاذ طريق الانبعاث الهائل للملوثات والاستهلاك الهائل للموارد الطبيعية والتنمية الانتشارية المنخفضة المستوى، والذي أدى إلى ضعف قدرة تحمل الموارد والبيئة غير المستدامة، بل لا بد من اتخاذ الطريق الحديث للتعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة.

منذ المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، أخذت حماية البيئة الإيكولوجية في الصين منعطفا تاريخيا شاملا. تدل عشر سنوات من الممارسة، على أن التحديث الذي يعيش فيه الإنسان والطبيعة في وئام يعكس الاختلاف الجوهري بين التحديث الصيني النمط والتحديث الغربي النمط.

- من حيث المفهوم، تتمسك الصين بمفهوم "الجبال الخضراء والمياه النقية هي جبال من الذهب وجبال من الفضة"، واحترام الطبيعة والتوافق معها وحمايتها كمطلب متأصل للتنمية؛

- من حيث اختيار الطريق، تتمسك الصين بالحماية في التنمية والتنمية في الحماية، والالتزام بالأولوية البيئية والتنمية الخضراء؛

- من حيث الأسلوب، تؤكد الصين على مفهوم النظام، وتتمسك بالحماية المتكاملة والحوكمة المنهجية للجبال والأنهار والغابات والحقول والبحيرات والعشب والرمل، وتنسيق تعديل الهيكل الصناعي ومكافحة التلوث وحماية البيئة ومواجهة تغير المناخ.

أظهرت الممارسة أن حماية البيئة الإيكولوجية لا تعيق التنمية الاقتصادية، بل تضيف زخما جديدا للتنمية الاقتصادية وتعزز التنمية العالية الجودة. الحماية البيئية الإيكولوجية العالية المستوى هي أيضا المعنى الصحيح لبناء تحديث التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة ودفع التنمية العالية الجودة. في السنوات العشر الماضية، أصبح السير في طريق التنمية الخضراء رؤية مشتركة وسعيا للمجتمع بأسره.

بحلول نهاية عام 2022، تم تشغيل جميع وحدات محطة بايخهتان للطاقة الكهرومائية في الروافد السفلى لنهر جينشا التي تحتل المرتبة الثانية في العالم من حيث إجمالي سعة أجهزة توليد الطاقة. وأصبحت المحطات الست المتتالية العملاقة للطاقة الكهرومائية على المجرى الرئيسي لنهر اليانغتسي مرتبطة معا، فشكلت أكبر "ممر للطاقة النظيفة" في العالم.

لقد تغير هيكل الطاقة التقليدي القائم على الاعتماد الكلي على "الفحم" في الصين. في شمال غربي الصين، تمتص آلاف الألواح الكهروضوئية أشعة الشمس؛ على سطح البحر الشاسع، ترتفع طواحين الهواء الكبيرة بين البحر الأزرق والسماء الزرقاء لتوليد الكهرباء بطاقة الرياح.

في عام 2022، بلغت نسبة الأيام ذات جودة الهواء الممتازة والجيدة في المدن على مستوى المحافظة وما فوق في الصين 5ر86%، وانخفضت نسبة الأيام الشديدة التلوث إلى أقل من 1% لأول مرة، لتصبح الصين أول دولة تتحسن جودة هوائها بسرعة في العالم؛ اقتربت نسبة أسطح المياه ذات نوعية المياه الممتازة والجيدة من مستوى الدول المتقدمة.

تطلعا إلى المستقبل، ستكون الصين بالتأكيد أجمل بفضل تخطيط التنمية على أساس التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة.

- بحلول عام 2025، من المتوقع أن تنخفض ​​كثافة الجسيمات الدقيقة (PM2.5) في المدن على مستوى المحافظة وما فوق في الصين بنسبة 10%، وأن تصل نسبة المياه السطحية من الفئة الأولى إلى الثالثة 85٪، وأن يتم القضاء على الطقس الشديد التلوث والمياه الداكنة وذات الرائحة في المناطق الحضرية بشكل أساسي، وأن تتم السيطرة على مخاطر تلوث التربة بشكل فعال، وأن تصل نسبة تغطية الغابات إلى 1ر24%، وأن تبلغ نسبة حماية الأراضي الرطبة 55%؛

- بحلول عام 2035، ستنجز الصين بشكل أساسي بناء نظام حدائق وطنية، بأكبر نطاق للحماية، وأكثر أنواع الحماية الإيكولوجية والتنوع البيولوجي، وأوسع الفوائد في العالم.

تنبسط لفيفة الرسم للصين الجميلة ببطء، وستصبح العلاقة بين الإنسان والطبيعة أكثر انسجاما.

إنّ الصين، بصفتها مشاركة ومساهمة وقائدة في بناء الحضارة الإيكولوجية العالمية، تعزز بقوة التنمية الخضراء، وأعلنت أنها ستسعى جاهدة لتحقيق ذروة انبعاثات الكربون بحلول عام 2030 والحياد الكربوني بحلول عام 2060، ودفع بناء رابطة الحياة المشتركة للبشرية والطبيعية.

التمسك بطريق التنمية السلمية

التحديث الصيني النمط هو تحديث التنمية السلمية.

بالنظر إلى العالم، فإنه ليس في سلام، حيث تتشابك وتتداخل مختلف التهديدات الأمنية التقليدية وغير التقليدية مثل الصراعات الجيوسياسية والمجابهة بين المعسكرات، والإرهاب والتدمير الإيكولوجي، ويزداد ضرر الهيمنة مثل التنمر وسياسة القوة. أما بالنسبة للصين، فتتصاعد وتيرة الكبح والاحتواء الخارجيين لها، مما يشكل تهديدا خطيرا لسيادة الصين وأمنها.

في مواجهة الفوضى والتغيرات العالمية المتشابكة، تتخذ الصين تعددية الأطراف لدفع بناء رابطة المصير المشترك للبشرية، وتعزيز دمقرطة العلاقات الدولية، ودفع الحوكمة العالمية نحو اتجاه أكثر عدلا ومعقولية، الأمر الذي يلبي توقعات العالم ويضخ المزيد من الاستقرار في العالم.

نعارض بحزم جميع أشكال الهيمنة وسياسات القوة، ونعارض بحزم عقلية الحرب الباردة والمجابهة بين المعسكرات، ونعارض بحزم أي تدخل من القوى الخارجية في الشؤون الداخلية للصين، ونحافظ بحزم على سيادة الدولة وأمنها ومصالح تنميتها والعدالة والإنصاف الدوليين.

طرحت الصين رسميا مبادرة الأمن العالمي، حيث تلتزم بمفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام، وتدعو إلى الطريق الأمني الجديد وجوهره "الحوار بدلا من المجابهة، والشراكة بدلا من التحالف، والفوز المشترك بدلا من لعبة المحصلة الصفرية". تجسد المبادرة المغزى الجوهري لمفهوم رابطة المصير المشترك للبشرية، وقد أعربت حتى الآن أكثر من ثمانين دولة ومنظمة إقليمية عن تقديرها ودعمها لها.

في فبراير من هذا العام، أصدرت وزارة الخارجية الصينية رسميا ((ورقة مفاهيم بشأن مبادرة الأمن العالمي)). تشرح الورقة المفاهيم والمبادئ الجوهرية لمبادرة الأمن العالمي، وتوضح اتجاهات التعاون الرئيسية وآليات المنصات، وتجسد مسؤولية الصين في المحافظة على السلام العالمي وقرارها الراسخ لحماية الأمن العالمي.

الأمن حق لجميع دول العالم، وليس حقا حصريا لبعض البلدان، ناهيك عن إقراره من قبل دول منفردة. تخدم مبادرة الأمن العالمي مصالح الشعوب في جميع أنحاء العالم وتصون سلام الشعوب في جميع أنحاء العالم، وتتطلب تضامن وتعاون المجتمع الدولي لتعزيزها بشكل مشترك.

تتصاعد الأزمة الأوكرانية على نحو شامل منذ أكثر من عام، وتظهر وتتفاقم آثارها السلبية غير المباشرة على العالم باستمرار. يتطلع المجتمع الدولي بشكل عام إلى إخماد نيران الحرب وتحقيق السلام. في نهاية فبراير من هذا العام، أصدرت الحكومة الصينية وثيقة ((موقف الصين من الحل السياسي للأزمة الأوكرانية))، والتي طرحت حلا شاملا وكاملا وعمليا للأزمة، مما يدل على دور الصين كدولة رئيسية مسؤولة ومدافعة عن السلام العالمي.

في مساء العاشر من مارس بتوقيت بكين، تم الإعلان عن المصالحة الكبرى للقرن في بكين، إذ أصدرت الصين والسعودية وإيران بيانا مشتركا، حيث توصلت السعودية وإيران إلى اتفاق يشمل الموافقة على إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين. السعودية وإيران قوتان مهمتان في الشرق الأوسط، فالمصالحة بينهما لها تأثير بعيد المدى على الوضع الإقليمي بأسره. هذا الحدث هو بداية ومثال في الشرق الأوسط لـ"مبادرة الأمن العالمي" و"مبادرة التنمية العالمية" التي ذكرها القادة الصينيون في العديد من المناسبات الدولية، والطريق الجديد لحل النزاعات الإقليمية من خلال المفاوضات السلمية، له أهمية كبيرة.

مهما تغيرت الأوضاع الدولية، تقف الصين دائما في الجانب الصحيح من التاريخ، وتقدم الحضارة الإنسانية، وتقرر دائما موقفها السياسي حسب صواب وخطأ الأحداث، وتحافظ على المبادئ الأساسية للعلاقات الدولية والعدالة والإنصاف الدوليين، وتسعي إلى التنمية الذاتية في المحافظة على سلام وتنمية العالم، بينما تحافظ على سلام وتنمية العالم بشكل أفضل من خلال التنمية الذاتية.

التحديث الصيني النمط ليس منسوخا من صعود القوى العظمى التقليدية، وليس طبعة أخرى لهيمنة دولة قوية، بل هو الطريق الصحيح لإفادة الصين والعالم. تتطلع الصين إلى العمل مع دول العالم واتباع الاتجاه الذي أشارت إليه مبادرة الأمن العالمي، وتسعى إلى التكاتف والوحدة والتعاون للتقدم نحو مستقبل مشرق يعمه السلام الدائم والأمن الشامل.

----

كانغ كاي، معلق خاص لمجلة ((الصين اليوم)).

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4