عين صينية < الرئيسية

مساهمة الصين في الحفاظ على الأمن الغذائي العالمي

: مشاركة
2025-05-16 15:06:00 :Source تشانغ جياو لونغ:Author

في عالم يشهد تحولات عميقة، يظل الأمن الغذائي حجر الزاوية للسلام والتنمية وأساسا مهما لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. في هذا السياق، عمّقت الصين شراكاتها مع دول "الجنوب العالمي"، وانخرطت في الحوكمة العالمية للأمن الغذائي.

أطلق الرئيس شي جين بينغ مبادرة "التنمية العالمية" في عام 2021، والتي تدعو إلى توجيه التنمية العالمية نحو مرحلة جديدة من النمو المتوازن والمتناسق والشامل. ومن خلال تعزيز التعاون، أصبحت الصين عنصرا أساسيا في الجهود الجماعية لضمان الأمن الغذائي العالمي.

قوة استقرار في عالم مضطرب

في السنوات الأخيرة، واجه الأمن الغذائي العالمي تحديات ناجمة عن النزاعات التجارية وتعطّل سلاسل التوريد وعوامل أخرى. وقد أدت هذه العوامل إلى جعل الأسواق الزراعية العالمية أكثر تقلبا ومخاطرة.

حاليا، يقوم عدد محدود من الدول بإنتاج وتصدير غالبية الغذاء العالمي، بينما تعتمد دول كثيرة أخرى على الواردات لتلبية احتياجاتها. ويخلق هذا الاعتماد اختلالا يجعل الإمداد الغذائي العالمي عرضة للتوترات الجيوسياسية، مما يزيد من مخاطر انعدام الأمن الغذائي. وقد أدت النزاعات المستمرة بين إسرائيل وفلسطين والأزمة الأوكرانية، إلى تعطيل شديد لسلاسل التوريد الغذائي العالمية. وقد أثارت هذه الاضطرابات موجة من الحمائية الغذائية، حيث تستخدم الدول الغذاء بشكل متزايد كأداة سياسية.

مع تآكل الأساس السياسي للتعاون الدولي في مجال الأمن الغذائي، يتفاقم انعدام الأمن الغذائي العالمي. وفقا لتقرير الأمم المتحدة لعام 2024 عن حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم، تراجع الوضع 15 عاما إلى الوراء، حيث أصبحت مستويات نقص التغذية مماثلة لما كانت عليه في عامي 2008 و2009.

شاركت الصين، منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001، بنشاط في المفاوضات الزراعية لإصلاح الممارسات التجارية غير العادلة. وتدعم الصين بقوة نظاما تجاريا متعدد الأطراف محوره منظمة التجارة العالمية، وتستضيف العديد من المعارض والمؤتمرات التجارية الزراعية الدولية كل عام. واليوم أصبحت الصين واحدة من الدول التي لديها أقل تعريفات جمركية زراعية، مما يسهم في استقرار الأسواق الغذائية العالمية وتعزيز سلاسل التوريد الزراعية. علاوة على ذلك، تدعو الصين إلى إصلاح نظام الحوكمة العالمي للأمن الغذائي وتعزز دور منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) في هذا المجال. وقد زادت الصين من تبرعاتها للفاو، كما تدعم تعاونها مع مجموعة العشرين وغيرها من المنصات الدولية لإطلاق وتنفيذ برامج ومبادرات الأمن الغذائي. كما أنشأت الصين مستودعا ومركزا عالميا لاستجابة الأمم المتحدة للاحتياجات الإنسانية، وساعدت برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في إنشاء مركز التميز التابع للبرنامج في الصين، بهدف تعزيز مشروعات التعاون الزراعي مع الدول النامية.

ابتداء من 1 ديسمبر 2024، منحت الصين جميع البلدان الأقل نموا التي تربطها بها علاقات دبلوماسية، بما في ذلك 33 دولة أفريقية، معاملة التعريفة الجمركية الصفرية لخطوط التعريفة الجمركية بنسبة 100%. ومن المتوقع أن تعزز هذا السياسة وصول هذه الدول إلى الأسواق الصينية وتحسن من أمنها الغذائي.

التحديث الزراعي

لا يزال الأمن الغذائي تحديا ملحا للعديد من دول "الجنوب العالمي"، التي تعد من بين أكثر الدول عرضة لانعدام الأمن الغذائي، كونها ذات قطاعات زراعية كبيرة واقتصادات تعتمد بشكل كبير على الزراعة. وفقا لتقرير الأمم المتحدة لعام 2024 المذكور أعلاه، عانى حوالي 733 مليون شخص من الجوع في جميع أنحاء العالم في عام 2023، والغالبية العظمى منهم في دول "الجنوب العالمي".

تعمل الصين، كعضو رئيسي في "الجنوب العالمي"، مع الدول النامية الأخرى لتحديث الزراعة وزيادة الإنتاج الغذائي من أجل تعزيز الأمن الغذائي العالمي. وتدعو الصين دائما إلى برامج تركز على التنمية في المنصات المتعددة الأطراف لدعم النمو العالمي الشامل والمستدام.

جدير بالذكر أنه في قمة مجموعة العشرين التي عقدت في هانغتشو عام 2016، وضعت الصين التنمية لأول مرة في صلب تنسيق السياسات الاقتصادية الكلية للمجموعة. واعتمدت القمة ((خطة عمل مجموعة العشرين لتنفيذ أجندة 2030 للتنمية المستدامة)) و((مبادرة مجموعة العشرين لدعم التصنيع في أفريقيا والبلدان الأقل نموا)). وفي الدورة التاسعة عشرة لقمة مجموعة العشرين التي عقدت في ريو دي جانيرو بالبرازيل في نوفمبر 2024، دعت الصين إلى بناء عالم عادل من التنمية المشتركة، حيث تم وضع مكافحة الجوع والفقر على رأس جدول الأعمال. كما قررت الصين الانضمام إلى "التحالف العالمي لمكافحة الجوع والفقر"، بهدف تسريع الجهود لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.

في الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2021، أطلقت الصين مبادرة "التنمية العالمية"، والتي عملت منذ ذلك الحين على تعزيز شراكات عالمية فعّالة. وبالتعاون مع الأمم المتحدة، أطلقت الصين خمسين مشروعا تعاونيا ضمن "حزمة مشروعات مبادرة التنمية العالمية" في مجالات الأمن الغذائي والحد من الفقر والتصنيع.

تبرز التزامات الصين في شراكتها مع أفريقيا بشكل واضح. فبوصفها شريكا رئيسيا في مساعي أفريقيا لتأمين إمدادات الغذاء، أصدرت الصين، خلال "حوار القادة الصينيين والأفارقة" في جمهورية جنوب أفريقيا في عام 2023، ((خطة دعم الصين لتحديث الزراعة الأفريقية)). وفي قمة منتدى التعاون الصيني- الأفريقي ببكين عام 2024، أطلقت الصين مبادرة "الشراكة من أجل تنمية الريف وتحسين معيشة الشعوب"، موضحة سلسلة من الإجراءات الموجهة.

لا تقتصر جهود التعاون الزراعي الصيني على أفريقيا، بل تمتد إلى أوراسيا. فقد أنشأت الصين "القاعدة النموذجية للتبادل والتدريب الزراعي التابعة لمنظمة شانغهاي للتعاون"، وبالشراكة مع أكثر من ستين دولة، شاركت الصين بتقنيات زراعية متطورة، وقدمت أصنافا جديدة من المحاصيل، وعززت ممارسات زراعية مبتكرة.

في إطار تعاونها مع الدول العربية من خلال منتدى التعاون الصيني- العربي، أطلقت الصين "الأعمال الثمانية المشتركة" لتعزيز الشراكات الزراعية. تشمل هذه الأعمال بناء خمس مختبرات زراعية مشتركة عصرية، وإطلاق خمسين مشروعا نموذجيا تعاونيا في مجال التكنولوجيا الزراعية، وإرسال خمسمائة خبير زراعي لدعم الابتكار الزراعي في الدول العربية.

كما يتعزز التعاون الزراعي الصيني في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بشكل مطرد. وقد أنشأت الصين آليات تعاون زراعي ثنائي مع تسع عشرة دولة في مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. وفي الدورة الثالثة لمنتدى الصين- مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي حول الزراعة في عام 2024، تم الإعلان عن اتفاقيتين بارزتين: ((التوافق الوزاري بين الصين ومجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي حول مجالات الزراعة ذات الأولوية)) و((خطة العمل لتعزيز التعاون الزراعي بين الصين ومجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي)). ترسم هذه الأطر الإستراتيجية اتجاهات واضحة للتعاون المستقبلي في مجال التنمية الزراعية المستدامة ونقل التكنولوجيا.

من خلال التعاون المستمر والابتكار والدعم المتبادل، تقوم الصين وشركاؤها بتمهيد الطريق نحو تحقيق مستقبل يتمتع فيه الجميع بالأمن الغذائي والتنمية المستدامة. 

--

تشانغ جياو لونغ، باحث مساعد في معهد الإستراتيجيات الدولية التابع للأكاديمية الصينية لدراسات القضايا الدولية.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4