عين صينية < الرئيسية

من التعاون التنافسي إلى المنفعة المتبادلة.. إجابة الصين عن الانفتاح على العالم

: مشاركة
2025-09-15 11:50:00 الصين اليوم:Source جيانغ شياو جيوان:Author

يشهد الاقتصاد العالمي اليوم تحولات واضطرابات عميقة، حيث تتصاعد الحمائية و"فك الارتباط وقطع سلاسل التوريد". في هذا السياق، يصبح من الأهمية بمكان توضيح المنطق الجوهري للعولمة، وفهم الأهمية العالمية لانفتاح الصين وتنميتها، واستكشاف سبل التعايش المستقبلي على أساس حكمة الحضارة الحديثة. أكد الرئيس شي جين بينغ مرارا أن "باب انفتاح الصين لن يغلق، بل سيتسع أكثر فأكثر"، وهو ليس قرارا إستراتيجيا للتنمية الذاتية فحسب، وإنما أيضا يمثل وعدا صينيا بتوفير اليقين لعالم يفتقر إليه. دخل الانفتاح الصيني على العالم مرحلة جديدة، جوهرها هو تحويل العلاقات الاقتصادية العالمية من نمط "التكامل" السابق إلى الوضع الطبيعي الجديد القائم على "التعاون التنافسي" وتحقيق المنفعة المتبادلة.

العولمة طريق لا رجعة فيه للمنفعة المتبادلة

إن انفتاح الصين على العالم والعولمة قادران على إطلاق طاقات إنتاجية هائلة، جوهرها ثلاثة قوانين اقتصادية راسخة: أولا، التخصيص الحر العابر للحدود لعناصر الإنتاج، الذي يحطم قيود الحدود الوطنية على الموارد ورأس المال والأكفاء، موجها عناصر الإنتاج إلى حيث تحقق أعلى كفاءة وأعلى عائد، مما يعزز بشكل كبير كفاءة تخصيص الموارد عالميا. ثانيا، التقسيم الدولي العميق لعملية الإنتاج، الذي يمكن للشركات من مختلف الدول من تحديد موقعها الأمثل في سلاسل القيمة العالمية الأكثر تعقدا بناء على المزايا النسبية لكل منها، لخلق منتجات وخدمات أكثر تنافسية عن طريق التعاون التخصصي واقتصادات الحجم. ثالثا، التعاون التكنولوجي العالمي المفتوح، الذي يسرع انتشار المعرفة وتبادل الأفكار وإطلاق الابتكارات، ففي عصرنا الحالي، لم تعد أي دولة قادرة على أن تكون "جزيرة مبتكرة" منعزلة، إذ أصبح الاستيعاب والاندماج وإعادة الابتكار السمة السائدة للتقدم العلمي. تشكل هذه القوانين الثلاثة معا الأساس المتين لاقتصاد عالمي منفتح، وهي أيضا مصدر الثقة النظرية لمثابرة الصين على الانفتاح من دون تردد.

الصين المنفتحة تبث اليقين في الاقتصاد العالمي

إذا كانت المبادئ الاقتصادية ترسم المخططات، فإن انفتاح وتنمية الصين على مدى أكثر من الأربعين عاما المنصرمة قد قدم أصدق الشروح العملية لهذه المخططات. منذ دخول مرحلة التنمية العالية الجودة، تعمل الصين بمفهوم التنمية الشاملة القائمة على "الابتكار والتنسيق والخضرة والمشاركة"، على ضخ قوة استقرار متدفقة وزخم نمو متواصل لاقتصاد عالمي يفتقر إلى اليقين.

إن الصين، التي تشهد تطورا مبتكرا، تتحول على نحو سريع من "مصنع العالم" إلى أحد "منابع الابتكار العالمية"، مع إسهامات فاعلة في تقديم منتجات التكنولوجيا العامة للعالم. في عام 2024، بلغ إجمالي استثمار المجتمع الصيني في الإنفاق على البحث والتطوير 6ر3 تريليونات يوان (الدولار الأمريكي يساوي 2ر7 يوانات تقريبا حاليا)، ما يمثل 68ر2% من الناتج المحلي الإجمالي الصيني. تتحول هذه الاستثمارات الهائلة إلى ثمار ابتكارية وفيرة، حيث حققت الصين اختراقات، ليس فقط في مجالات مثل اتصالات الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والطب الحيوي وتقنيات الطاقة الجديدة، ولكن الأهم أن الصين، بروح العلم المنفتحة، تظهر استعدادا لمشاركة إنجازاتها الابتكارية. على سبيل المثال، يقدم النموذج الضخم التوليدي المفتوح المصدر "ديب سيك" تذكرة دخول للباحثين والمطورين في الدول النامية خاصة، إلى مجالات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، مما يخفض بشكل كبير عتبة التكنولوجيا. هذا هو خير دليل على رد الصين الجميل للعالم من خلال الابتكار التكنولوجي، وإسهامها الفاعل في النظام العالمي لتبادل المعارف.

توفر الصين ذات التنمية المتوازنة، عبر سوقها الداخلية الضخمة، طلبا مستقرا يشبه "ثقل الاستقرار" للاقتصاد العالمي. تمتلك الصين سوقا استهلاكية فريدة من نوعها تضم 4ر1 مليار نسمة، بينهم أكثر من 400 مليون فرد من فئة متوسطي الدخل التي لا تزال في توسع مستمر، مما يشكل سوقا استهلاكية لا نظير لها على مستوى العالم. في السنوات الأخيرة، عملت الحكومة الصينية على تعزيز التداول الاقتصادي المحلي. ويعد تعزيز الطلب المحلي وتحفيز الاستهلاك محركا أساسيا للتنمية. تقدم السوق الصينية المتصاعدة باستمرار "مساحة نمو" شاسعة ومستقرة وقابلة للتوقع للشركات العالمية، مما يشكل عنصر يقين لا يقدر بثمن في ظل تراجع الطلب العالمي.

تعمل الصين ذات التنمية الخضراء، بتحولها القوي وقدراتها الصناعية الهائلة، على تقديم دعم حاسم لمواجهة التغير المناخي وتحقيق التنمية المستدامة عالميا. تشهد الصين دفعا بقوة غير مسبوقة لثورة الطاقة، حيث يأتي نحو نصف الزيادة في استهلاك الطاقة من مصادر نظيفة. الأهم، أن الصين تنتج عبر سلسلة صناعية متكاملة ومزايا حجمية ضخمة، الغالبية العظمى من الألواح الشمسية وتوربينات الرياح وبطاريات الطاقة عالميا. لا يلبي هذا الطلب المحلي الضخم فحسب، وإنما أيضا يخفض تكاليف التحول الأخضر عالميا عبر التصدير الواسع النطاق، الأمر الذي يجعل المزيد من الدول تستخدم الطاقة النظيفة بأسعار معقولة. يمكن القول إن القدرات الإنتاجية الخضراء الصينية أصبحت مسرعا لا غنى عنه لتحقيق أهداف ((اتفاق باريس)).

تتخذ الصين، التي تشارك فرص تنميتها مع دول العالم، موقفا أكثر نشاطا وشمولا لدفع بناء هيكل اقتصادي عالمي جديدة أكثر منفعة عامة وتوازنا. في ظل تيارات معاكسة للعولمة، ترفع الصين راية تعددية الأطراف، وتفي بوعود الانفتاح عبر أفعال عملية. أصبحت صناعات الصين مفتوحة بالكامل للاستثمار الأجنبي، مع تسريع وتيرة انفتاح قطاعات الخدمات الحديثة مثل التمويل والاتصالات والرعاية الصحية والتعليم. لا تعمل الصين على تعميق الروابط التقليدية مع الاقتصادات المتقدمة فحسب، وإنما أيضا تشارك فرص تنميتها ومكاسبها مع الدول النامية، عبر منصات مثل مبادرة "الحزام والطريق".

التعلم المتبادل بين الحضارات في إطار "التعاون التنافسي"

مع الارتقاء الملحوظ لمستويات التكنولوجيا الصناعية الصينية، تشهد العلاقات الاقتصادية بين الصين والعالم، خاصة مع الدول المتقدمة، تحولا هيكليا عميقا. يجب أن ندرك بوضوح أن العلاقات الاقتصادية والتجارية التي اتسمت لعقود من الزمن بـ"التكامل الرأسي" كانت نتاج مرحلة تاريخية خاصة. اليوم، نخطو نحو واقع جديد يجمع بين "التنافس الأفقي" و"التعاون المتعمق" في إطار ما يعرف بـ"التعاون التنافسي" كوضع طبيعي جديد.

الدول اللاحقة التي تسارع من أجل اللحاق بالدول الرائدة تتنافس مع الدول الرائدة، وهذا مشهد اقتصادي متكرر منذ الثورة الصناعية. لا شك أن النمو السريع للصين على مدار أكثر من أربعة عقود من الزمن أدى إلى تعزيز المنافسة الصناعية مع الدول المتقدمة. قد يشعر البعض في بعض الدول بعدم الارتياح حيال هذا الواقع، بل وقد يولد سوء فهم وشكوكا. هذا الاغتراب، إذا تم تضخيمه أو تشويهه عن قصد، قد يتحول إلى خطاب وسلوك عدائي.

ومع ذلك، لا ينبغي أن يكون هذا هو السمة الحضارية للتبادلات الدولية في العصر الحديث. يتمثل جوهر الحضارة المعاصرة في الاعتراف بالاختلافات واحترام المنافس والسعي نحو التعاون في المنافسة، وتحقيق المنفعة المتبادلة عبر التفاعلات التنافسية. لطالما قامت الاقتصادات المتقدمة بتعاون واسع في ظل منافسة شرسة، وهذا يمثل الوضع الطبيعي للعلاقات الاقتصادية الناضجة.

في مواجهة هذا الوضع الطبيعي الجديد، لم يكن اختيار الصين هو التجنب، بل اعتناقه والتكيف معه بحزم أقوى وإخلاص أعمق. ندرك بعمق أن مفتاح تخفيف حالة عدم الارتياح والتحديات يكمن في تعزيز الذات والاندماج بشكل أفضل مع العالم. لهذا الغرض، طرحت الصين إجراءات مهمة تتمثل في "توسيع الانفتاح المؤسسي". تعمل الصين بنشاط على مواءمة المعايير الدولية العالية في القواعد الاقتصادية والتجارية، وفي مجالات مثل حماية حقوق الملكية الفكرية والمنافسة العادلة والمعايير الإيكولوجية والمشتريات الحكومية وتداول البيانات العابرة للحدود، من أجل دفع الاندماج بين القواعد والأنظمة والإدارة والمعايير.

--

جيانغ شياو جيوان، رئيسة الجمعية الصينية للاقتصاد الصناعي.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4