عين صينية < الرئيسية

التمسك بـ"حل الدولتين" من أجل السلام والعدالة في الشرق الأوسط

: مشاركة
2025-11-21 12:15:00 الصين اليوم:Source تانغ تشي تشاو:Author

في الثاني والعشرين من سبتمبر 2025، عقد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى حول التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ "حل الدولتين" بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، برئاسة مشتركة للسعودية وفرنسا. حيث دعا قادة ورؤساء الدول الحاضرون إلى ضرورة حل قضية فلسطين سلميا وإحياء "حل الدولتين". بالإضافة إلى ذلك، ظهرت مؤخرا جولة جديدة من تيار دولي للاعتراف بدولة فلسطين، مما أثار اهتماما واسعا لدى الرأي العام الدولي.

في ظل ازدياد خطورة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، أرسل انعقاد هذا المؤتمر رسالتين واضحتين، الأولى: أن دعم حق فلسطين في تقرير مصيرها، وتحقيق وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أسرع وقت ممكن وتخفيف الأزمة الإنسانية به، يعد إجراء عادلا وإرادة شعبية. الثانية: أن تنفيذ "حل الدولتين"، ودفع إقامة دولة فلسطين، وتحقيق التعايش السلمي بين فلسطين وإسرائيل، هو الاختيار الوحيد لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.

"تيار الاعتراف" يشجع ثقة السلام لفلسطين وإسرائيل

يرتبط الاعتراف بدولة فلسطين ارتباطا وثيقا بـ"حل الدولتين". في الحقيقة، يعبر الاعتراف بدولة فلسطين عن الموافقة على "حل الدولتين"، وتقديم الدعم من خلال الإجراءات الملموسة. منذ إعلان إقامة دولة فلسطين في عام 1988 حتى الآن، ظهرت ثلاث جولات من تيار الاعتراف بدولة فلسطين. كانت الجولة الأولى في عام 1988، عندما تم إعلان تأسيس دولة فلسطين. وفي نفس العام، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 43/ 177 باستعمال اسم "فلسطين" بدلا من "منظمة التحرير الفلسطينية" في منظومة الأمم المتحدة. وفي ظل التفاؤل بآفاق مفاوضات السلام الفلسطينية- الإسرائيلية، أعلنت دول مختلفة الاعتراف بدولة فلسطين، حيث أصبحت الجزائر أول دولة اعترفت بدولة فلسطين، ثم أعلنت الصين والاتحاد السوفيتي والدول العربية وغيرها من أكثر من ثمانين دولة اعترافها بدولة فلسطين. كانت الجولة الثانية في الفترة من عام 2010 إلى عام 2014، نتيجة لتوقف مفاوضات السلام الفلسطينية- الإسرائيلية وتزايد جهود فلسطين من أجل اعتراف المجتمع الدولي بها وحصولها على صفة "دولة مراقبة غير عضو" في الأمم المتحدة في عام 2012. وكانت معظم الدول التي اعترفت بدولة فلسطين في هذه الجولة من أمريكا اللاتينية، ومن بينها الأرجنتين وتشيلي والبرازيل وفنزويلا وهندوراس وباراغوي وبيرو والإكوادور. أما الجولة الثالثة فبدأت منذ عام 2023 ومستمرة حتى الآن، حيث اندلعت جولة جديدة من الصراع بين فلسطين وإسرائيل في أكتوبر عام 2023، فقامت إسرائيل بعمليات عسكرية في قطاع غزة، مما أحدث أزمة إنسانية على نطاق واسع، وصار "حل الدولتين" يواجه تهديدا خطيرا. في عام 2024، أعلنت إسبانيا والنرويج وأيرلندا وسلوفينيا والمكسيك وجزر البهاما وباربادوس وجامايكا اعترافها بدولة فلسطين. وفي يومي 21 و22 سبتمبر عام 2025، أعلنت بريطانيا وفرنسا وأستراليا وكندا والبرتغال انضمامها إلى صفوف الدول التي اعترفت بدولة فلسطين. معظم الدول في هذه الجولة الجديدة من "تيار الاعتراف" هي دول أوروبية. حتى الثاني والعشرين من سبتمبر 2025، بلغ عدد الدول التي أعلنت اعترافها بدولة فلسطين 157 دولة من بين الدول المائة والثلاث والتسعين الأعضاء في الأمم المتحدة. الدول التي لم تعترف بدولة فلسطين حتى الآن، هي: الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإيطاليا واليونان واليابان وجمهورية كوريا وسنغافورة وقليل من الدول الأفريقية ودول جزر المحيط الهادئ. ومن بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن للأمم المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الوحيدة التي لم تعترف بدولة فلسطين.

يعد انضمام عدد متزايد من الدول إلى صفوف الدول التي اعترفت بدولة فلسطين قضية مهمة في التطورات السياسية الدولية حاليا، ويتميز بأهمية عظيمة دبلوماسيا وقانونيا ومن ناحية العدالة. أولا، تعزيز ارتفاع المكانة الدولية والقانونية لدولة فلسطين، وتعزيز قوة الحشد الوطنية لفلسطين وثقتها بتقرير مصيرها في الظروف الحالية. ثانيا، زيادة حدة العزلة الدبلوماسية لإسرائيل، وفرض المجتمع الدولي ضغوط كبيرة على إسرائيل لوقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن واستئناف عملية السلام، والعودة إلى مسار "حل الدولتين". أخيرا، إن جرأة عدد متزايد من الدول الغربية على الاعتراف بدولة فلسطين من دون الاكتراث لمعارضة الولايات المتحدة الأمريكية، لا تعني أن الشعب الفلسطيني حقق اختراقا مهما في كسب اعتراف الدول الغربية بها فحسب، وإنما أيضا تعكس الاختلافات الشديدة بين الدول الغربية حول القضية الفلسطينية- الإسرائيلية.

"حل الدولتين".. المخرج الوحيد لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي

يرمز "تيار الاعتراف" الجديد في المجتمع الدولي إلى الدعم الثابت والواسع النطاق من قبل المجتمع الدولي لتسوية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي من خلال "حل الدولتين"، ويوفر زخما جديدا لإعادة إحياء "حل الدولتين". أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رفض أي تغيير جغرافي أو ديمغرافي في قطاع غزة، وفقا للقانون الدولي وموقف مجلس الأمن للأمم المتحدة.

في الوقت الراهن، تواصل قوى اليمين المتطرف في إسرائيل توسيع تأثيرها، وأصبح موقفها من تحقيق السلام بين فلسطين وإسرائيل وإقامة دولة فلسطين فاترا يوما بعد يوم، بل أصبحت فكرتها في ابتلاع فلسطين أشد فأشد. وقد غيرت الحكومة الأمريكية موقفها تجاه القضية الفلسطينية- الإسرائيلية تغييرا تاما، وألغت سياساتها السابقة إزاء القدس والمستوطنات اليهودية وهضبة الجولان، وأبدت شكوكها بشكل علني في تفسير مبدأ "الأرض مقابل السلام"، الأمر الذي يوفر بيئة خارجية مريحة لإسرائيل. يمكن القول إن عملية السلام في الشرق الأوسط تمر بمرحلة حاسمة تاريخية، وإن "حل الدولتين" في خطر داهم. وفي ظل الوضع الخطير الحالي، دعا هذا المؤتمر الرفيع المستوى للأمم المتحدة إلى الحاجة الملحة لاتخاذ "عمليات جماعية" من أجل حل قضية فلسطين سلميا وتنفيذ "حل الدولتين"، وطرح حلا قابلا للتنفيذ.

كان ((اتفاقية أوسلو)) مخرجا سعى إليه الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي معا بعد جولات عديدة من الصراع. إن إقامة دولة فلسطين لا تستند إلى احترام حق فلسطين في تقرير مصيرها الوطني فحسب، وإنما أيضا تستند إلى القانون الدولي والقرارات المعنية لمجلس الأمن للأمم المتحدة. ويعد تنفيذ "حل الدولتين" حماية قوية لمصداقية الأمم المتحدة والقانون الدولي. والحقيقة أن "حل الدولة الواحدة" على أي نحو يعد احتلالا وابتلاعا من جانب إسرائيل لفلسطين.

"حل الدولتين" إجراء فعال يحافظ على استقرار المنطقة ويمنع وقوع المنطقة في هاوية الصراع الطويل الأجل. ويشكل "حل الدولتين" حجر الأساس لتطبيع العلاقات الإسرائيلية- العربية وتحقيق السلام. بدون دولة فلسطين، سيكون من الصعب المحافظة على السلام بين إسرائيل ودول المنطقة. التخلي عن "حل الدولتين" هو التخلي عن القانون الدولي والإنصاف والعدالة، والتخلي عن حق فلسطين في تقرير مصيرها الوطني، والتخلي عن السلام في الشرق الأوسط.

دفع تنفيذ "حل الدولتين" بإجراءات عملية

النقطة المهمة لـ"حل الدولتين" هي تنفيذه. في الوقت الحالي، المهمة الأكثر إلحاحا للمجتمع الدولي هي اتخاذ إجراءات عملية لتنفيذ "حل الدولتين". إن الاعتراف بدولة فلسطين ليس دعما لـ"حل الدولتين" فحسب، وإنما أيضا عملية جيدة لتنفيذ "حل الدولتين". ومن المنظور الموضوعي، ما زالت هناك عراقيل كثيرة أمام تنفيذ "حل الدولتين". ولكنه خطة جاءت من خلال النضال والممارسات الطويلة الأجل، ولذا تصمد أمام اختبار التاريخ والواقع. في الوضع الحالي، لا يعد التمسك بتنفيذ "حل الدولتين" ودفعه واجبا أخلاقيا لمختلف الدول فحسب، وإنما أيضا هو مسؤولية سياسية. رغم أن بريطانيا وفرنسا وغيرهما من الدول الأوروبية تأخرت في الاعتراف بدولة فلسطين، فإنها على أي حال بدأت خطوتها الثمينة. يجب فرض مزيد من الضغوط على الولايات المتحدة الأمريكية في المستقبل، وتعبئة الدول الغربية والقوة الداعمة للسلام داخل إسرائيل وغيرها من الأطراف لاتخاذ مزيد من الإجراءات. بينما يجب على الدول الداعمة لـ"حل الدولتين" أن تبذل جهودا متزايدة في التضامن والتعاون وتنفيذ العمليات الجماعية والتركيز على تسوية الصراع الحالي وتقديم حلول فعالة وقابلة للتنفيذ.

--

تانغ تشي تشاو، مدير مركز أبحاث التنمية والحوكمة في الشرق الأوسط بمعهد دراسات غربي آسيا وأفريقيا التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4