مسلمون صينيون < الرئيسية

وانغ لان هوا تجعل روح التطوع تسود الدنيا

: مشاركة
2021-09-24 14:26:00 الصين اليوم:Source هناء لي ينغ:Author

في مدينة ووتشونغ بمنطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي عجوز مشهورة، اسمها وانغ لان هوا، عمرها واحد وسبعون عاما. السيدة وانغ، التي تبدو مفعمة بالنشاط، ترتدي دائما صدرية حمراء، كرمز لصفتها كمتطوعة. هي "سند" المحليين الذين يتجاذبون أطراف الحديث معها؛ ويعتبرونها "لي فنغ الحي" (كان لي فنغ جنديا في جيش التحرير الشعبي وعُرف بمساعداته غير الأنانية للآخرين)، فهي تمد يد المساعدة إليهم كلما وقعوا في صعوبات ومشكلات؛ ويتخذها المتطوعون قدوة لهم، فيقومون بالأعمال التطوعية بدون مقابل تحت قيادتها يوما بعد يوم.

في التاسع والعشرين من يونيو عام 2021، منح الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ "وسام الأول من يوليو" للسيدة وانغ لان هوا في احتفال أقيم بقاعة الشعب الكبرى في بكين، تكريما لمساهمتها في الأعمال التطوعية.

الجسد تقاعد عن العمل، لكن القلب لم يتقاعد

كانت السيدة وانغ لان هوا مديرة لجنة السكان بتجمع يويشي السكني في حي ليتونغ بمدينة ووتشونغ التابعة لمنطقة نينغشيا لمدة عشرين سنة تقريبا، وقد عرفت بعطفها وحماستها لحل مشكلات السكان في الحياة اليومية. بعد تقاعدها من عملها، ظلت مشغولة بشؤون السكان. أما سكان التجمع السكني، فلم ينسوها، بل ويثقون بها، فكلما واجهوا صعوبات في حياتهم اليومية، مثل انسداد مواسير الصرف الصحي أو تعطل المدفئة ومشاجرات الأزواج وحاجة المسنين الوحيدين إلى الرعاية، يلجأون إلى السيدة وانغ لان هوا في مكتب التجمع السكني. وبعد أن تقاعدت من العمل في المكتب، صاروا يتصلون بها هاتفيا أو يذهبون إلى بيتها مباشرة لطلب المساعدة. قالت السيدة قوه شو لينغ، وهي صديقة قديمة للسيدة وانغ لان هوا: "قبل ست عشرة سنة، عندما كانت وانغ لان هوا في عمر ستة وخمسين عاما، كنت أراها دائما مشغولة بعد التقاعد (سن التقاعد للنساء في الصين خمسة وخمسون عاما). ذات مرة، رأيتها في الشارع، مشمّرة سروالها وتحمل شريحة من الخيزران، طولها حوالي مترين. وقد أخبرتني أنها ذاهبة بسرعة لتسليك ماسورة الصرف الصحي لبيت أحد الجيران. وأيضا كنت رأيتها تساعد العجوز ما شيوي ينغ، التي تجاوز عمرها سبعين سنة، وتعيش بمفردها في تجمعنا السكني، وكانت تعاني من مرض يعيقها عن الحركة، فكانت وانغ لان هوا تزورها كل يوم. بعد دخول بيت العجوز ما شيوي ينغ، يبدو وكأن وانغ لان هوا هي ربّة هذا البيت، قتقوم بتنظيف الغرف بالمكنسة، وتغسّل الملابس وتتجاذب أطراف الحديث مع العجوز وتسامرها، ثم تبدل ملاءة السرير وكيس اللحاف وتعد لها الطعام. وبعد أن تتناول العجوز طعامها، تساعدها وانغ لان هوا على الاستحمام، ثم تقلّم أظافرها. بعد رؤية ذلك، تأثرت كثيرا بأعمالها الخيرية وروحها، فقررت أن أشاركها في الأعمال التطوعية."

من أجل مساعدة مزيد من الناس، أسست السيدة وانغ لان هوا في عام 2005، مع ستة كوادر متقاعدين وأشخاص عطوفين متحمسين، "فريق وانغ لان هوا للخدمة التطوعية" الذي كان أول فريق للخدمة التطوعية داخل تجمع سكني في مدينة ووتشونغ. في ذلك الوقت، لم يكن هناك مقر للفريق، فأخلت وانغ لان هوا غرفة في منزلها الصغير ليكون مقرا للفريق، وأصبح هاتف نقالها الخط الساخن للفريق. قالت وانغ لان هوا: "في تلك الغرفة الصغيرة، نعقد الاجتماعات لمناقشة خطط الأعمال التطوعية ونحسب أموال التبرعات ونلخص تجارب تنظيم النشاطات التطوعية. نتجول في أنحاء التجمع السكني كل يوم لرعاية المسنين الذين يعيشون بمفردهم والأطفال الذين يعيشون بدون والديهم، ونحل النزاعات بين الجيران ونقوم بدوريات الحراسة الأمنية. إذا لجأ إلينا أحد من السكان، نبذل كل جهودنا لمساعدتهم سواء كانوا من أبناء قومية هوي أو أبناء قومية هان. طالما لدي القدرة على الحركة، أود أن أساعد الآخرين. رغم أنني تقاعدت جسديا عن العمل، فإن قلبي لم يتقاعد، ولن أنسى الأمنية الأصلية للمتطوعين وهي خدمة الجماهير."

 

"اقترب مني لأمنحك الدفء"

قالت السيدة وانغ لان هوا: "شعار فريقنا هو ’’اقترب مني لأمنحك الدفء‘‘، وقد ساعدنا السكان على معالجة آلاف الأمور. قد تبدو أشياء متنوعة صغيرة لا تذكر، ولكن بالنسبة للأسر التي تتلقى المساعدات تعد هذه الأمور مشكلات ملحة هامة." إن مشاغل التجمع السكني كثيرة ومتعددة الأشكال والألوان. يسجل أعضاء وانغ لان هوا للخدمة التطوعية عدد المسنين الذين يعيشون بمفردهم وعدد النساء والأطفال في تقارير العمل اليومية، وهم بذلك يعرفون بوضوح قائمة المسنين الذين يحتاجون إلى الزيارة حينا بعد حين، ومشكلات السكان التي تحتاج إلى حلها. وقد جمعت وانغ لان هوا أكثر من عشرة دفاتر من التقارير اليومية خلال السنوات الماضية. وحظي فريقها بتقدير كبير من الناس.

في مارس عام 2008، اتصلت ها شياو لان ابنة قرية توانتشوانغ ببلدة جينينتان التابعة لحي ليتونغ في مدينة ووتشونغ بالسيدة وانغ لان هوا، بعد معرفة أعمال فريقها للخدمة التطوعية من خلال التلفزيون، وقالت في المكالمة باكية: "يا عمة وانغ، أرجوك، أرجوك، أنقذي ابني!" ابنها تيان له طفل في الخامسة من العمر، وأصيب باللوكيميا، وكان في حالة حرجة. اقترض والداه الأموال من كل الأقرباء، وباعا كل ما يمكن بيعه في المنزل، ولكنهما لم يجمعا المبلغ الكافي لدفع نفقات العلاج، فاضطرا إلى إيقاف العلاج. قالت وانغ لان هوا: "عندما رأينا هذا الطفل، وجدنا أنه لم يأكل أي شيء لمدة أحد عشر يوما، وكلما شرب الماء، تقيأ فورا، وشحب وجهه. ذرفت دموعي، لأنه ولد محبوب مثل حفيدي، غير أنه يعاني من الألم، وشعرت وكأن سكينا يخزّ  قلبي، فكيف لا أنقذه؟" بدأ أعضاء فريق الخدمة التطوعية يتبرعون بالأموال، ثم نقلوا الطفل إلى مستشفى في ينتشوان حاضرة منطقة نينغشيا. بعد العودة من المستشفى في منتصف الليل، صنعت وانغ لان هوا صندوق تبرعات. في اليوم التالي، قادت المتطوعين للمرور على كل المحلات وتحدثوا مع كل المارّة عن مصيبة الطفل تيان لجمع التبرعات له، ومعهم صندوق التبرعات. في نفس الوقت، اتصلت باتحاد النساء في حي ليتونغ ومحطة التلفزيون والصحيفة المحلية لكسب اهتمام المجتمع على نطاق أوسع وحث القوى الاجتماعية على التبرع. تحت تأثير روح فريق الخدمة التطوعية، تبرع الأطباء والممرضات في المستشفى أيضا. كانت وانغ لان هوا ترسل أموال التبرعات لأم الطفل فورا، كلما بلغت كمية ألف  أو خمسة آلاف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 5ر6 يوانات). خلال أربعة عشر شهر، نجحت السيدة وانغ لانغ هوا في قيادة المتطوعين لجمع 2ر131 ألف يوان، وهو مبلغ كاف لدفع نفقات العلاج. وبفضل جهود الأطباء والممرضات، شفى الطفل من مرضه. مضت ثلاث عشرة سنة، وأصبح تيان له شابا وسيما، ويهاتف السيدة وانغ لان هوا دائما للحديث عن أحوال دراسته والطرائف في الحياة.

في بداية عام 2020، تفشي وباء كوفيد- 19. قادت وانغ لان هوا أعضاء فريقها لتشكيل فريق مكافحة الوباء فورا، والذي يتكون من أكثر من خمسين شخصا، فانهمكوا في مساعدة عاملي التجمع السكني على تسجيل فحص الزوار وأعمال التطهير في الأماكن العامة.

بالإضافة إلى ذلك، وزّع أعضاء فريق وانغ لان هوا للخدمة التطوعية أكثر من ثلاثين ألف بطاقة خدمات السكان، مكتوب عليها: "إذا تواجهكم صعوبات، فمرحبا بكم للجوء إلينا. لدينا المحبة والحماسة والصدق، نود أن نساعدكم"، مع رقم هاتف وانغ لان هوا. خلال البضع عشرة سنة الماضية، قام فريق الخدمة التطوعية بحل أكثر من سبعة آلاف مشكلة مختلفة، وجمع تبرعات مالية بلغت نحو 980 ألف يوان لمساعدة 1449 فردا من السكان الفقراء، والتوسط في أكثر من ستمائة نزاع عائلي تمسكا بمفهوم "استقبال الجماهير بحماسة والتحقيق في الأمور بدقة والتعليم بصدق والتوسط في النزاع بصبر ومعالجة المشكلات بعدالة"، وإقامة أكثر من سبعة آلاف نشاط خيري مثل تنظيف الأماكن العامة والقيام بدوريات الحراسة الأمنية ونشر سياسات الحكومة، ودعم الجيش والعناية بعائلات العسكريين من خلال تقديم هدايا التهنئة والحفلات التكريمية وتصليح وغسل الثياب وملاءات الفراش والأغطية التي لا يُحصى عددها.

من خلال الأعمال الخيرية، أثرت وانغ لان هوا على المجتمع، ولقيت حبا وتأييدا من السكان، وكسبت عشرات الجوائز على المستوى الوطني، مثل "قدوة حامل الراية الحمراء للثامن من مارس" على المستوى الوطني و"مرشح للجائزة الوطنية للشخص النموذجي الأخلاقي" والجائزة الوطنية لـ"نموذج تقدم وتضامن القوميات" والجائزة الوطنية لـ"نموذج محبة الوطن ودعم الجيش" والجائزة الوطنية لـ"المتطوع الممتاز" والجائزة الوطنية لـ"عامل التجمع السكني الممتاز" و"الجائزة الصينية للأعمال الخيرية".

 

تنمية صفوف المتطوعين

تؤثر حماسة ومحبة وانغ لان هوا على الجماهير حولها وكثير من الناس الذين ساعدتهم. إنها تشبه قطعة من المغنطيس، تجذب عددا متزايدا من الناس للمشاركة في النشاطات التطوعية.

كانت تشانغ جين شيا متضايقة بعد أن فقدت عملها، وغادرت مسقط رأسها من أجل العمل تاركة أمها البالغة من العمر ثمانين سنة وطفلا صغيرا عمره عشر سنوات. قادت وانغ لان هوا أعضاء فريق الخدمة التطوعية لتحمل مسؤولية رعاية الأم العجوز والطفل الصغير من خلال زيارتهما في الأعياد وتقديم طلب لمنحهما المعونة الخيرية وشراء الأطعمة والأدوية لهما. بعد سنتين، عادت تشانغ جين شيا إلى مسقط رأسها، وقد تأثرت برعاية فريق الخدمة التطوعية لأسرتها، فشاركت في الأعمال التطوعية بنشاط، وتحملت المسؤولية عن رعاية المسنتين آن مينغ شيانغ وليان يويه شين في التجمع السكني. وقد وجدت وانغ لان هوا وظيفة خدمة عامة للسيدة تشانغ، لتكسب دخلا ثابتا وتعيش مع أسرتها. قالت تشانغ جين شيا: "العمة لان هوا سيدة طيبة وساعدت عددا كبيرا من الناس، لن أنساها طوال حياتي!"

شو هونغ يونغ وشقيقه الصغير صبيان مسكينان من قومية هان، حيث انفصل والداهما منذ صغرهما، وتوفي أبوهما قبل سنوات. يعيش الشقيقان بمفردهما ويعانيان من قسوة الحياة. تزور وانغ لان هوا الشقيقين حينا بعد حين لتقديم الأطعمة وغسل ملابسهما، وقدمت طلبا لإعفائهما من الرسوم الدراسية ومنحهما معونة اجتماعية. بعد أكثر من عشر سنوات، ترعرع الصبيان وفتحا محلا لإصلاح أجهزة التدفئة ويقدمان خدمة الإصلاح المجانية للمسنين الوحيدين والمعاقين.

ما جينغ، شابة من مواليد ما بعد التسعينات، كانت معلمة، وعندما شاهدت في برنامج تلفزيوني أعمال وانغ لان هوا وأعضاء فريقها خلال أيام مكافحة وباء كوفيد- 19، قررت الانضمام الى فريق الخدمة التطوعية، وشاركت في نشاطات مساعدة المعاقين والحراسة التطوعية وتخطيط النشاطات الخيرية. قالت: "إنجاز العمل الخيري الواحد سهل، غير أن القيام بالأعمال الخيرية طوال الحياة أمر صعب. أود أن أثابر على ذلك مثل العمة لان هوا." وقالت وانغ هوي شيا، الابنة الأكبر للسيدة وانغ لان هوا: "نعتز بأمي، وهي نموذج لنا! قد أثرت أعمالها على كثير من الناس، وشارك كثير من أولادها وأحفادها وأقربائها وأصدقائها في صفوف المتطوعين."

مع زيادة عدد المتطوعين، خصص تجمع يويشي السكني في عام 2010 قاعة مساحتها 230 مترا مربعا لتكون مقرا لفريق وانغ لان هوا، وعُلقت على بابها لوحة "دار لان هوا للخدمة التطوعية". تضم القاعة غرفة الخدمة ومعرض مسيرة تطور فريق وانغ لان هوا للخدمة التطوعية ومحطة العلاج الطبيعي لاستعادة الصحة وغيرها من الأجهزة المتعددة الوظائف. وفي عام 2012، انضم إلى فريق الخدمة التطوعية اتحاد المتطوعين بمنطقة نينغشيا وقافلة لي فنغ للسيارات وغيرهما من سبع منظمات اجتماعية وشركات تعمل في المجالات الخيرية، فتشكلت عشرات الفرق للخدمة التطوعية لمنع التصرفات غير اللائقة والقيام بدوريات الحراسة الأمنية والتوسط في النزاعات وغيرها. ومع تعاظم شهرة فريق وانغ لان هوا للخدمة التطوعية، تتطور الأعمال التطوعية من تجمع يويشي إلى كل حي ليتونغ، وتم إنشاء فرق لان هوا للأعمال التطوعية على مختلف المستويات في 28 تجمعا سكنيا في حي ليتونغ، وزاد عدد المتطوعين المسجلين من سبعة أشخاص في البداية إلى أكثر من ستين ألف شخص الآن، من بينهم كوادر وعمال متقاعدون وموظفون وطلاب من مختلف فئات الأعمار. أصبحت "لان هوا" علامة مشهورة في مدينة ووتشونغ ومنطقة نينغشيا. قالت وانغ لان هوا، إنها تأمل أن يشارك المزيد من الشباب في فريقها لخدمة المجتمع وخدمة التجمعات السكنية وتوراث روح التطوع جيلا بعد جيل.

في الثامن من يونيو عام 2020، قام الرئيس شي بجولة تفقدية في منطقة نينغشيا، حيث زار تجمع جينهوايوان السكني في حي ليتونغ بمدينة ووتشونغ، وتبادل الحوار مع وانغ لان هوا مشيدا بالتجربة الجيدة لعمل المتطوعين المجتمعيين، وأعرب عن سعادته عندما علم أن عددا متزايدا من السكان المحليين قد شاركوا في الخدمة التطوعية مؤكدا أن "الأفعال أفضل من الأقوال"، وقال إن نجاح الاشتراكية يتحقق من خلال العمل الجاد ويتطلب جهودا متضافرة من الجماهير من مختلف القوميات. وحث المتطوعين على إفساح المجال كاملا لدورهم في هذا الصدد، معربا عن شكره لجهودهم ومساهمتهم.

في مراسم منح "وسام الأول من يوليو"، قابل الرئيس شي جين بينغ السيدة وانغ لان هوا للمرة السادسة. وأشار في كلمته إلى أن كل المكرّمين بـ"وسام الأول من يوليو" من الشعب، وهم أبطال عاديون يجسدون الروح المتمثلة في وضع الشعب في صميم قلوبهم وخدمة الشعب بإخلاص، وتستحق أعمالهم المجيدة أن نتعلم منها. السيدة وانغ لان هوا شمس تمنح الدفء للآخرين بنورها وحرارتها وتجعل روح التطوع تسود الدنيا.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4