مسلمون صينيون < الرئيسية

الدكتور مين جيون تشينغ: مجلة ((المسلم الصيني)) جسر ونافذة ومنارة

: مشاركة
2022-05-07 14:29:00 الصين اليوم:Source طه بنغ تشو يون:Author

((الصين اليوم)): السلام عليكم الدكتور مين، شكرا لكم على قبول هذا الحوار. نرجو في البداية أن تقدم نبذة عنك وعن مجلة ((المسلم الصيني)).

الدكتور مين: وعليكم السلام ورحمة الله. يسعدني كثيرا الحوار مع مجلة ((الصين اليوم))، اسمي مين جيون تشينغ، من أبناء محافظة لينتان بمقاطعة قانسو في شمال غربي الصين. في يونيو عام 2009، حصلت على شهادة الدكتوراه في تخصص علم القوميات بالجامعة المركزية للقوميات، وفي الفترة ما بين نوفمبر 2010 ويناير 2015، قمت بدارسات ما بعد الدكتوراه في تخصص الفلسفة في مركز دراسات الأديان الدولية بأكاديمية الصين للعلوم الاجتماعية. أعمل في الجمعية الإسلامية الصينية منذ يونيو 2009، وتوليت منصب رئيس تحرير مجلة ((المسلم الصيني)) في نوفمبر عام 2017. كما تشرفت بانتخابي في عام 2021 عضوا بالمؤتمر الاستشاري السياسي لحي شيتشنغ في بكين. منذ بضع عشرة سنة، أركز جهودي العلمية في دراسات القوميات والأديان، خصوصا دراسة الإسلام في الصين، كما صدرت لي بعض الكتب الأكاديمية في هذا المجال، ومنها ((دراسات حول التجار من قومية هوي في محافظة لينتان))، و((دراسات حول الإسلام والتمسك بتطويره في السياق الصيني)) بمشاركة باحث آخر. وأنا حاليا المسؤول عن أحد فروع مشروع "دراسة في التواصل الفكري بين الإسلام والكونفوشية" باعتباره من المشروعات الرئيسية للصندوق الوطني للعلوم الإجتماعية في الصين.

((المسلم الصيني))، مجلة إسلامية ثقافية علمية جامعة، يتم توزيعها في داخل الصين وخارجها.  تأسست في عام 1957، وتصدرها الجمعية الإسلامية الصينية تحت إدارة المصلحة الوطنية للشؤون الدينية. يتكون فريق التحرير من 5 محررين متخصصين في علوم الأديان والقوميات والتاريخ، وغيرها من العلوم.

((الصين اليوم)): بمناسبة مرور 65 سنة على تأسيس مجلة ((المسلم الصيني))، نرجو منكم إلقاء الضوء على الهدف من تأسيسها ومسيرتها التاريخية وإنجازاتها.

الدكتور مين: في يونيو عام 1957، قبيل العيد الوطني الثامن لجمهورية الصين الشعبية، تأسست مجلة ((المسلم الصيني)) بطبعتيها باللغة الصينية واللغة الويغورية. منذ ذلك الحين، تحمل هذه المجلة أمنيات المسلمين الصينيين بمختلف القوميات في أنحاء البلاد، وأصبحت منصة جديدة لإعلان سياسات حكومة الصين بشأن حرية الاعتقاد الديني وإبراز التقاليد الإسلامية الحميدة، وتفسير القيم والأفكار الإسلامية، وتبادل وجهات النظر الأكاديمية حول الموضوعات الإسلامية، وسرد قصص مسلمي الصين في حب الوطن والإسلام.

منذ تأسيسها، تلتزم ((المسلم الصيني)) بشعار حب الوطن والإسلام والحديث عن الإسلام في إطار المعنيين بالإسلام. فارتبط مصيرها بمصير الوطن وواكبت خطوات العصر بشكل وثيق. وقد قال المرحوم برهان شهيدي أول رئيس للجمعية الإسلامية الصينية في كلمة بمناسبة تأسيس المجلة: "إن ما يريد أن يقوله مسلمو الصين، هو ما تقوله هذه المجلة. إن التنمية التي يعمل مسلمو بلادنا على تحقيقها هي منهج ومرشد تحرير المجلة." وتمنى أيضا أن "يغرس ويسقي الجميع بستان المجلة لتتفتح فيها الزهور الملونة في حديقة الوطن، ولتقدم المجلة مساهمات ضرورية في بناء الوطن وتعزيز قضية السلام العالمي."

على مدار الخمسة وستين عاما الماضية، لم ينفصل تطور مجلة ((المسلم الصيني)) عن الاهتمام والجهود المستدامة من قِبَل أجيال من المسؤولين والمحررين والأصدقاء، ومن بينهم الرؤساء المتعاقبون للجمعية الإسلامية الصينية، وهم السيد برهان شهيدي، والسيد تشانغ جيه والسيد شن شيا شي والشيخ آن شي وي (صالح) والشيخ تشن قوانغ يوان (هلال الدين) والشيخ يانغ فا مينغ (حسن)، والمدراء المتعاقبون للطبعة الويغورية وهم برهان شهيدي وشمس الدين محمود، وعادل الحاج كريم. اليوم، من يتصفح أعداد ((المسلم الصيني)) على مدار الخمسة وستين عاما، كأنه يفتح لوحة تارخية ملونة وعظيمة، تسجل مشاركة مسلمي الصين في تنمية وطنهم جنبا إلى جنب مع إخوتهم من القوميات المختلفة الذين يجمع بينهم المصير المشترك.

شهدت ((المسلم الصيني)) في مسيرة تطورها، تحولات كثيرة من الشكل إلى المحتوى، من بساطة العدد الأول إلى جمال العدد الحالي في التصميم والألوان، ومن الحجم الصغير باثنتين وثلاثين صفحة في البداية إلى الحجم الكبير حاليا بست وتسعين صفحة، ومن الطبعتين الصينية والويغورية، وإلى الطبعات الصينية والويغورية والإنجليزية والعربية وغيرها. كل ذلك يبرز تطور المجلة وخصائصها المميزة المتمثلة في مواكبة احتياجات العصر. حاليا، تصدر الطبعة الصينية من ((المسلم الصيني)) كل شهرين، وتصدر طبعتها الويغورية كل ثلاثة شهور.

تلعب ((المسلم الصيني)) دورا متعدد الأوجه، لكن أهم وظيفة لها هي تحليل سياسة البلاد بشأن حرية الاعتقاد الديني بشكل صحيح، وتوضيح عقائد الإسلام وقيمه النفيسة، ودراسة الثقافة الأكاديمية الإسلامية من أجل دفع الحوار المتعمق بين الحضارات المختلفة، وإرشاد مسلمي الصين في التمسك بوسطية الإسلام ودعوة السلام.

بفضل جهود أجيال من المحررين والناشرين، حظيت المجلة بمحبة القراء، وصار لها ثأثير في الأوساط الأكاديمية أيضا، إضافة إلى الحصول على بعض الجوائز والتقديرات، فقد منح مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني، طبعة المجلة الموجهة للخارج، الجائزة الثالثة في فئة الدوريات النموذجية الموجهة للخارج. كما أُدرجت مجلة ((المسلم الصيني)) عدة مرات في قائمة الدوريات المركزية باللغة الصينية على مستوى البلاد وتم إدراجها أيضا في فهرس الاقتباس في العلوم الاجتماعية الصينية.

((الصين اليوم)): بعد توليكم رئاسة تحرير ((المسلم الصيني))، كيف توازن بين الطبيعة الأكاديمية للمجلة وتحقيق انتشارها جماهيريا؟

الدكتور مين: بصفتها مجلة جامعة، لا تتميز ((المسلم الصيني)) بجودة أكاديمية عالية فحسب، وإنما أيضا تأخذ في الحسبان طابع الإعلام الجماهيري. ويتحدد ذلك من هوية مجلتنا والجمهور المستهدف. خلال السنوات المنصرمة، على أساس مواصلة التقاليد الجيدة المتمثلة في إبراز الثقافة الإسلامية وخدمة الجماهير المسلمة، قمنا بإجراء التعديلات المناسبة في أبواب المجلة، لتعزيز انفتاحها للموضوعات وقابليتها للقراءة. يغطي محتوى المجلة الأخبار والعلوم الإسلامية والآراء الأكاديمية والتاريخ والشخصيات والحياة وغيرها من الأبواب. أما عن كيفية تحقيق التوازن بين الناحيتين الأكاديمية والجماهيرية، فنعكسه بشكل أساسي من جانبي اختيار الموضوعات وعدد صفحات المقالات، ليكون ثمة توازن بين الاثنين بقدر المستطاع. إن قراء مجلة ((المسلم الصيني)) المستهدفين في الأساس هم رجال الدين الإسلامي وجماهير المسلمين، والمجلة تضع الجماهير في المقام الأول، ويتجلى ذلك في باب المقالات الخاصة الذي تُنشر فيه الأخبار المهمة ومقالات تحليل سياسات الدولة المتعلقة بالدين. في الوقت نفسه، تتمسك المجلة بـ"الحديث عن الإسلام في إطار المعنيين بالإسلام"، وتنشر بشكل أساسي النصوص النموذجية لخطبة الوعظ حول حب الوطن ودعوة السلام والتسامح والوئام، والوسطية ومواجهة التطرف والتشدد. مثل هذا النوع من المقالات المعززة بالاقتباسات من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والتي يكتبها العلماء وأئمة المساجد الصينيون، مناسبة للمسلمين العاديين للقراءة والتعلّم.

الجانب الأكاديمي لمجلة ((المسلم الصيني)) يتجلى في العمق الفكري والذوق الثقافي، حيث تنشر المجلة باستمرار مقالات رفيعة المستوى في مجالات البحوث الإسلامية التقليدية مثل الفلسفة، والفكر والتاريخ والمؤلفات الكلاسيكية. وفي نفس الوقت، تولي المجلة أهمية كبيرة بالمتابعة والاستجابة لبعض الموضوعات الأكاديمية الساخنة والقضايا العملية. حيث خططنا سلسلة من الموضوعات الخاصة لإجراء المناقشات، بما فيها "تطوير الإسلام في السياق الصيني" و"التواصل بين الإسلام والكونفوشية" وتعزيز الشعور بالانتماء للأمة الصينية، وتقديم المساهمة في بناء "الحزام والطريق" وغيرها من الموضوعات. مما يجعل موضوعات المجلة البحثية تغطي القضايا الهامة نظريا وعمليا في بلادنا.

ومن أبرز الأحداث الأكاديمية الأخرى، خططنا سلسلة من المقالات التي تتناول مسيرة وخصائص وتجربة توطين الإسلام في مختلف البلدان، مما يوفر مرجعية دولية لتطوير الإسلام في السياق الصيني. كما قمنا بترجمة وتقديم بعض النتائج الفكرية الأكاديمية النموذجية في الأوساط الإسلامية الدولية وذات السمات العقلانية والاعتدال والحوار، من أجل خلق جو التفاعل الإيجابي بين الأوساط المحلية والدولية في البحث الأكاديمي الإسلامي. كما أن كل الباحثين المشاهير في أوساط الدراسات الإسلامية في الصين بمختلف المجالات، قد نشروا مقالات لهم في مجلة ((المسلم الصيني))، وقدمت إنجازاتهم العلمية مساهمات قوية في المحافظة على مستوى المجلة الأكاديمي الرفيع.

جدير بالذكر أن ((المسلم الصيني)) نشرت منذ تأسيسها، العديد من التقارير حول التبادلات الودية بين الصين والدول العربية، وأحوال تنمية الدول العربية، إضافة إلى مقالات وأعمال لعلماء ومفكرين وأدباء عرب كبار، كما أن الأساتذة والباحثين في مراكز دراسات الدول العربية بكل من جامعة بكين وجامعة الدراسات الأجنبية ببكين وجامعة الدراسات الدولية بشانغهاي وجامعة شمال غربي الصين وغيرها من الجامعات المشهورة في الصين، تنشر أعمالهم البحثية القيّمة في المجلة، وهذا يلعب دورا مستحقا في تعزيز العلاقات الصينية- العربية ودراسات الدول العربية.

((الصين اليوم)): ما هي خطة عمل ((المسلم الصيني)) في المستقبل من أجل تعزيز التواصل والترابط بين الحزب الشيوعي الصيني وجماهير المسلمين، وتعميق التعارف بين مسلمي الصين ومسلمي الدول الأخرى وتقوية التفاهم والصداقة بين مسلمي الصين وغيرهم من أبناء القوميات المختلفة في الصين؟

الدكتور مين: تحسين إدارة المجلة بالنسبة لنا، يعني بناء جسر وفتح نافذة وإضاءة منارة؛ أي بناء جسر للتواصل بين الحزب وجماهير مسلمي الصين، وفتح نافذة تعارف بين مسلمي الصين ومسلمي الدول الأخرى، وإضاءة منارة الصداقة بين مسلمي الصين وغيرهم من القوميات المختلفة. بناء على هذه النية الأصلية، وتحت منهج إدارة المجلة المتمثل في "توارث تقاليد حب الوطن والإسلام، وإبراز روح السلام والوسطية، وبناء منصة أكاديمية وثقافية، وعرض الملامح العصرية للمسلمين الصينيين"، نعمل باستمرار على تحسين أعمال التغطية والتحرير واختيار الموضوعات، من أجل تعزيز أعمال ترويج سياسات الوطن الدينية، وسرد قصص مسلمي الصين في عصرها الجديد، إضافة إلى تقوية التفاعلات مع الأوساط الأكاديمية المختلفة لتقديم المزيد من المقالات ذات العمق النظري والرؤية الواسعة والمحتوي القيم، لتكون ((المسلم الصيني)) مجلة مميزة تتمتع بالخصائص الوطنية والثقافية والعصرية.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4